دبلوماسية »الرقم الصعب« الطموح والواقع سياسات إيران الخارجية الصهيونية تحو الت الحركة استراتيجية األمن القومي األمريكي مزيج من الواقعية والمثالية

Transkript

1 06 السنة األولى يوليو/ أغسطس 2010 مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر عن»مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية«السنة األولى يوليو/ أغسطس 2010 سياسات إيران الخارجية دبلوماسية»الرقم الصعب«الطموح والواقع تحو الت الحركة الصهيونية استراتيجية األمن القومي األمريكي مزيج من الواقعية والمثالية مهاتير محمد: اتجهوا شرقا عقلية الجاليات اإلسالمية في الغرب تركيا.. توترات متوق عة وصدام مستبعد مزيد من األزمات المالية في انتظار الدول الكبرى عن انهيار المؤسسات الصحافية العربية رحلة محمد عابد الجابري مؤتمر مراجعة»معاهدة انتشار األسلحة النووية«أزمة مياه النيل التعليم بين»الوطنية«و»الكونية«اإلمارات 10 دراهم السعودية 10 رياالت 1 ع م ان 1 ريال البحرين 1 دينار قطر 10 رياالت الكويت 1 دينار مصر 5 جنيهات لبنان 3000 ليرة الدول العربية األخرى ما يعادل دوالرين 06

2 ..في عامها األول فاكس: مجلة هاتف: editors@ecssr.ae مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية هاتف: فاكس: ص.ب: 4567 أبوظبي-اإلمارات العربية المتحدة السنة األولى يوليو/ أغسطس 2010 مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر عن»مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية«سياسات إيران الخارجية دبلوماسية»الرقم الصعب«الطموح والواقع استراتيجية األمن القومي األمريكي مزيج من الواقعية والمثالية اإلمارات 10 دراهم السعودية 10 رياالت 1 ع م ان 1 ريال البحرين 1 دينار قطر 10 رياالت الكويت 1 دينار مصر 5 جنيهات لبنان 3000 ليرة الدول العربية األخرى ما يعادل دوالرين 06 مهاتير محمد: اتجهوا شرقا عقلية الجاليات اإلسالمية في الغرب تركيا.. توترات متوق عة وصدام مستبعد مزيد من األزمات المالية في انتظار الدول الكبرى عن انهيار المؤسسات الصحافية العربية رحلة محمد عابد الجابري مؤتمر مراجعة»معاهدة انتشار األسلحة النووية«أزمة مياه النيل التعليم بين»الوطنية«و»الكونية«تحو الت الحركة الصهيونية السنة األولى العدد 06 يوليو/ أغسطس 2010 مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر كل شهرين عن»مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية«رئيس مجلس اإلدارة جمال سند السويدي رئيس التحرير محمد عبد اهلل آل علي مدير التحرير أحمد جميل عزم سكرتير التحرير عمار الجندي التصميم واإلخراج الفني غسان دردير هيئة التحرير محمد المهدي عبد الوهاب بشار حميض حسين الريدي عزت أبو سعودية المستشار العلمي ممدوح أنيس فتحي المشرف المالي واإلداري أحمد سيف عبد اهلل التصوير علي الجنيبي اإلعالنات سلمى سالم الساعدي االشتراكات ممدوح فايز حرارة وكالء التوزيع: لبنان: موؤ س سة نعنوع للتوزيع م صر: موؤ س سة الأهرام للتوزيع البحرين: موؤ س سة الهالل للتوزيع الكويت: املجموعة الإعالمية العاملية سلطنة ع مان: موؤ س سة العطاء للتوزيع قطر: دار الثقافة للن شر والتوزيع مت ت الطباعة يف»املتحدة للطباعة والن شر«والتوزيع عن طريق «أابو ظبي لالإعالم«أابوظبي-الإمارات العربية املتحدة ص.ب: املواد املن شورة يف جملة» آفاق امل ستقبل«تعبر عن آراء أ صحابها ولي س بال ضرورة عن مواقف املجلة أو املركز. وجميع احلقوق حمفوظة إذ ال ي سمح باإعادة ن شر أو حفظ أو تخزين أو نقل أو ا ستخدام أي من حمتويات املجلة باأي شكل من الأ شكال من دون إذن م سبق. ويعتذر النا شر عن عدم حتمر ل م ض ؤوولية أي أخطاء ترد يف املجلة. جمال سند السويدي * ب صدور ه ذا ال ع دد ي ك ون ق د انق ضى ال ع ام الأول م ن عمر جملة» آف اق امل ستقبل«وبرغم ال شوط الذي ق طع يف تاأ سي س تقاليد لها وتر سيخها فاإنر م سريتها ال تزال -بال شكر - يف بداياتها. و ضعنا يف مركز الإمارات للدرا سات والبحوث اال سرتاتيجية ن صب أعيننا أن نقدر م إىل القارئ العربي دورير ة تعنى بتحليل الق ضايا الراهنة مع االجتهاد يف ا ست شراف امل ستقبل مع إدراكنا امل سبق ل صعوبة املهمر ة خا صة مع حمدودير ة االهتمام و الإدراك ملفهوم»امل ستقبلير ات«يف الو سطني الأكادميي والبحثي العربيني. امل سرية ال تزال طويلة أمامنا حتى ن صل إىل هدفنا اال ست شرايف هذا ولكن ذلك ال يزيدنا إال إ صرارا على اال ستمرار يف هذا امل سعى. ممر ا جنحت فيه املجلة ه ذا ال ع ام يف ر أي ن ا ه و ب داي ة تر سيخ ه وير تها وتو ضيحها للقارئ فهي تن شد اجلمع بني الر صانة البحثية و الأكادميية التخ ص صية واللغة الب سيطة املتاحة للقارئ املثقف العام ولي س صاحب التخ ضر ص الدقيق. لهذا الغر ض يجد القارئ أننا منزج بني الأدوات البحثية وال صحافية. كما جنحنا يف إثرائها مبو ضوعات متنور عة من خالل ا ستكتاب كتر اب وباحثني و صحافيني من خلفيات عديدة وجن سير ات عربية و أجنبية ما أعطاها متير زا خا صا كما يوؤكر د قر وؤنا لنا. وتفتخر املجلة باأنر ها و صلت إىل أهل التخ ضر ص يف البلدان املختلفة يف أمريكا الالتينية و آ سيا و أوروبا والواليات املتحدة و أفريقيا وا ستفادت من كتر اب عامليني بع ضهم كتب لنا باللغة العربية برغم أنر ه من الناطقني بغريها. و إذا كانت املجلة قد لقيت قبوال يف أو ساط عاملية بحثية ور سمية ا ستنادا إىل سمعة مركز الإمارات للدرا سات والبحوث اال سرتاتيجية ومكانته اللتني تر ضر ختا منذ تاأ سي سه عام 1994 فاإنر ال سمة اخلا صة للمجلة كونها تخاطب النخبتني العربيتني البحثية والر سمية سهر لت مهمة ا ستقطاب باحثني كبار وم ضوؤولني دوليني وعرب إالجراء حوارات مع املجلة أو الكتابة فيها. ال شك يف أنر إطالق جملة يف عاملنا العربي لي س مهمة سهلة ويجد القائمون على م شروع كهذا أنف سهم من شغلني أحيانا بق ضايا إداري ة ولوج ستية يتمنون لو كانت أكرث سهولة ليتفرر غوا جلوهر عمليهم البحثي وال صحايف. فم شكالت الن شر والتوزيع والدخول إىل الأ سواق املختلفة ت ستنزف يف عاملنا العربي أكرث ممر ا هو ضروري. ولكننا م سرورون بتمكر ننا من التغلب على كثري من هذه العقبات وبدخولنا إىل الأ سواق العربية الرئي سية كما أن االرتفاع التدريجي يف قوائم امل شرتكني والراغبني يف احل صول على املجلة أعطانا ثقة باأن تاأ سي س العالقة الإيجابية مع القارئ مي ضي يف االجتاه ال صحيح. يف العام الثاين من عمر املجلة نتطلع إىل متابعة حتقيق أهدافها وتر سيخ ه وير تها والتعلر م من درو س العام الأول والتو سع يف قاعدة كتر ابها وجذب املزيد من املتميزين يف التخ ص صات املختلفة للكتابة فيها. و ستويل جهدا خا صا لتعزيز مفهوم الكتابات امل ستقبلية ولتمثل هذا املفهوم يف مو ضوعاتها ويف حفز كتر ابها على جعل م ساهماتهم يف املجلر ة من سجمة معه. و ستبقى ترحب باأفكار قرائها ومقرتحاتهم مع ا ستمرارها يف سيا سات التحرير القائمة على خطط معدر ة م سبقا داخل املركز لكل عدد من الأع داد والبحث عن كتر اب ميكن أن يقدموا إ ضافة نوعية يف تلك املو ضوعات. * مدير عام»مركز الإمارات للدرا سات والبحوث اال سرتاتيجية«يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

3 X8 عن م ؤمتر مراجعة معاهدة منع االنت شار النووي عقلية اجلاليات امل سلمة يف الغرب حقائق أزمة مياه النيل وم ستقبلها تركيا.. توترات متوقعة و صدام م ستبعد بريطانيا على طريق التغيري اجلذري ملك تايالند.. صمته حمي وعود الرئي س الفلبيني اجلديد للعمالة املهاجرة سعي إىل جتن ب احلرب يف شبه اجلزيرة الكورية آفاق امل ستقبل يف عامها الأول نحن والعالم حتوالت يف احلركة ال صهيونية حول العامل تراجع ت أثري أفكار الهولوكو ست والتمييز العن صري حراك يهود أوروبا الدين يف إ سرائيل امل ؤرخون اجلدد يف إ سرائيل يوليو / أغسطس العدد اقتصاد مهاتري بن حممد : اجتهوا شرق ا مي ل إىل ت أجيل العملة اخلليجية املوح دة مزيد من الأزمات.. اليونان لي ست سوى البداية استراتيجيا عن ا سرتاتيجية أوباما للأمن القومي الأمريكي علوم وبيئة مديرة «إيرينا» : تناف س عاملي على «العنا صر النادرة» غي النظرة إىل ح صانة الآلة «أ سبوع الرماد» ر إعالم أ سباب انهيار امل ؤ س سات ال صحافية العربية ثقافة رحلة حممد عابد اجلابري يف أعماق الفكر العربي كتاب م سارات التعليم يف العامل العربي.. املرياث والتحديات «الن سوي ة الإ سالمي ة الراف ضة».. حرية بال سقف شهادة 42 حافظ املريازي : كوندليزا راي س كانت كمن يتذو ق الطعام قبل الرئي س ملف العدد مدخل طموحات إيران وحمد دات القدرة الذاتية عن إيجابيات العالقة العربية - الإيرانية من «ت صدير الثورة» إىل حماية الدولة دبلوما سية «الرقم ال صعب» امل شروع ال صاروخي الإيراين خطط التوازن ال صاروخي بني وا شنطن ومو سكو االقت صاد الإيراين يف ظل العقوبات من ك تاب العدد ومقابالته مهاتير محمد رشيد الخالدي هيلين بيلوسي عبدالخالق عبداهلل السير ريتشارد دالتون حسام عيتاني خالد الحروب إبراهيم النور محمد خلفان الصوافي كالوس فيالرسهوف إبراهيم خياط محمد سعدي أحمد جميل عزم يوليو / أغسطس العدد 06 7

4 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع إسرائيل غاضبة من نتائجه نجاح مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار األسلحة النووية إنه واحد من المؤتمرات القليلة المتعل قة بالتسلح النووي لم يكن هناك اتفاق قبل عقده على المعايير التي يمكن على أساسها أن ي حك م عليه بأنه نجح أو فشل. بعضهم رأى أنه إذا لم يفشل المؤتمر يعد ناجحا فالمهم أال يصبح الموقف النووي أسوأ مم ا كان عليه قبله. آخرون قالوا إنه إذا حدث»توافق دولي«على الوثيقة الختامية فإن ذلك سيعد داللة فشل في ظل األوضاع الخالفية الحالية إذ إنه سيعني أن المواقف التي ست ت خذ ستبقى»عائمة«. وبغض النظر عن هذا النقاش فإن هذا التحليل يستنتج أن المؤتمر كان واحدا من المؤتمرات القليلة الناجحة ذلك أن االتجاه إلى ضبط انتشار األسلحة النووية نجح في فرض أجندته على المؤتمر بدعم من الواليات المتحدة وتجم عات إقليمية دولية أخرى فيما عبرت إسرائيل عن غضبها من نتائجه. محمد عبدالسالم* لقد كان اأحد أاهم املداخل التي جرى التفكري فيها للتعامل مع مع ضلة تقومي م ؤومتر مراجعة معاهدة منع انت شار الأ سلحة النووية هو ما ي سم ى»املدخل الإقليمي«ومفاده هو اأن الدول يف إاقليم ما لي س عليها أان تهتم كثريا مبا يطرح ب ض أان النظام العاملي ملنع انت شار الأ سلحة النووية كنزع ال سالح النووي أاو نظام ال ضمانات و إامنا يجب أان تهتم بامل شكالت التي مت س الإقليم الذي توجد فيه اأو امل صالح احليوية لها فقط وهو ما ينطبق مثال على الدول العربية يف ال شرق الأو سط التي كان من املفرت ض بالن سبة إاليها أان تهتم بق ضية اإخالء الإقليم من الأ سلحة النووية مع عدم فر ض قيود جديدة على ال ستخدامات ال سلمية للطاقة النووية وما عدا ذلك ل يعد مهما بالن سبة إاليها. وبرغم ذلك ف إانه لي س من املت صو ر اأن ت ت جاهل»التوافقات«التي حدثت ب ضاأن الق ضايا النووية الكربى التي جرى النقا ش حولها و ض م ن ت يف الوثيقة النهائية. وقد جاءت النتائج املتعلقة بهذه الق ضايا لفتة لالنتباه قيا سا على ما جرى يف املوؤمترات ال سبعة ال سابقة فقد جرى التو صل إاىل توج هات مهمة تتعلق مبا يلي: 1 نزع ال سالح: على الرغم من أان فكرة»النزع ال شامل«لل سالح النووي بدت خيالية طوال الوقت يف ظل ت صو ر اأن القوى النووية الرئي سية اخلم س )الوليات املتحدة رو سيا الحتادية ال صني بريطانيا فرن سا( التي تعرتف املعاهدة بحقها يف امتالك اأ سلحة نووية لن تنزع سالحها النووي نهائيا فاإن املقررات النهائية للموؤمتر ضغطت يف اجتاه تعه د تلك الدول ببذل»جهود جديدة للحد من أانواع الأ سلحة النووية كل ها و صول اإىل اإزالتها«. ومتثلت امل شكلة يف اأنه مل يفر ض أاي جدول زمني لتلك العملية اأي اأن العامل سيكون خاليا -من حيث املبد أا- من الأ سلحة النووية يف وقت ما لكن ل اأحد يعرف متى ميكن اأن يحدث ذلك بال ضبط. ومن الناحية العملية هناك ما ي شري اإىل أان عمليات»خف ض«نووية حتدث حاليا بني الوليات املتحدة ورو سيا الحتادية كما توجد شفافية أاعلى من جانب بريطانيا لكن فرن سا وال صني تتحركان ببطء شديد على هذا ال صعيد وتعمالن عك س الجتاه العام اأحيانا. 2 عاملية املعاهدة: يف ال سابق بدا اأن املعاهدة لن ت صبح عاملية اأبدا واأن هناك فئة من الدول النووية التي لن تن ضم اإليها. ففي عهد الرئي س الأمريكي ال سابق ج ورج بو ش ب داأت بع ض مراكز الأب ح اث الأمريكية يف التاأ سي س ملفهوم»القنبلة الدميقراطية«الذي يتيح لدول»دميقراطيةغري معادية«الن ضمام اإىل املعاهدة من دون اأن تتخل ى عن اأ سلحتها النووية مبوجب مالحق خا صة وجرى طرح الهند كاإحدى هذه الدول حينها. لكن ذلك بدا غري مطروح يف املوؤمتر الأخري حيث جرى تاأكيد» ضرورة التو ص ل إاىل التنفيذ العاملي للمعاهدة«خا صة ما يتعلق بان ضمام اإ سرائيل إاليها. ولقد اأثار ذلك احتجاجات داخ ل ال ولي ات املتحدة واإ سرائيل خا صة اأن املوؤمتر مل ي ش ر بال سم اإىل دول مثل الهند اأو باك ستان اللتني مل تن ضم ا اإىل املعاهدة اأي ضا. ولكن املهم يف املو ضوع هو أان هناك حاليا مبداأ متوافقا عليه باأن الدول التي مل تن ضم اإىل املعاهدة يجب أان تن ضم اإليها»كدول غري نووية«. ضمانات 3 الأمن: قامت معاهدة منع النت شار النووي على معادلة معق دة مفادها اأن تتخلى دول العامل )ما عدا الدول اخلم س النووية التي امتلكت تلك الأ سلحة قبل عام 1967( عن نياتها اأو قدراتها اخلا صة بامتالك تلك الأ سلحة مقابل األ تهد د اأي من ال دول املالكة لالأ سلحة النووية دولة غري مالكة لها يف ما ي سمى ضمانات الأمن ال سلبية اأو اأن توف ر لها»دعما رادعا «عرب اإجراءات جماعية اإذا تعر ضت ملثل تلك النوعية من التهديدات وهي ضمانات الأمن الإيجابية. نتائج الفتة لالنتباه قياسا على ما جرى في المؤتمرات السبعة السابقة تعه د ببذل»جهود جديدة للحد من أنواع األسلحة النووية كل ها وصوال إلى إزالتها«يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06 10

5 العالم في 8 أسابيع لقد ظلت تلك ال ضمانات حمل جدل لفرتة طويلة يف ظل اإح سا س الدول غري النووية باأنها لي ست لديها ضمانات حقيقية بل اإن ال سرتاتيجيات النووية اجلديدة التي صيغت يف الوليات املتحدة )يف ظل اإدارة الرئي س ال سابق جورج بو ش( وفرن سا ورو سيا خالل ال سنوات ال ست املا ضية اعتمدت مبداأ اإمكانية ا ستخدام الأ سلحة النووية ضد دول غري مالكة لها. هذا الو ضع دعا املوؤمتر اإىل تاأكيد اأن يبحث موؤمتر جنيف لنزع الأ سلحة النووية فورا»ترتيبات دولية فاعلة لطماأنة الدول غري النووية اإىل عدم ا ستخدام اأ سلحة نووية اأو التهديد با ستخدامها ضدها«. اإذا ل يزال هناك خالف حول اإذا ما كانت دولة نووية ميكن اأن تفكر يف ا ستخدام تلك الأ سلحة ضد دولة من سحبة من املعاهدة )مثل كوريا ال شمالية( اأو ي شك يف اأنها حتاول امتالك تلك الأ سلحة )مثل اإيران(. 4 ال ستخدامات ال سلمية للطاقة النووية: ت شعر الدول غري النووية التي ان ضمت اإىل املعاهدة اأنها قبلت»تقييد«نف سها نوويا يف ما يتعلق بالأ سلحة النووية من دون اأن حت صل على فر صة لتطوير ا ستخداماتها ال سلمية للطاقة النووية. و سيطر بني املراقبني موؤخرا شعور باأن املعاهدة بداأت تتجه اإىل فر ض قيود على ال ستخدامات ال سلمية نف سها خا صة ما يتعلق بعنا صر يف دورة الوقود النووي تقر املعاهدة بحق الدول يف امتالكها قانونيا اأو ما يتعلق مبواد ومعدات وتكنولوجيات ح سا سة جترى حماولة عرقلة توريدها من جانب التجم عات التي ت ضم املوردين النوويني الرئي سيني مثل»نادي لندن«اأو»جمموعة اأ سرتاليا«. وتعد اإي ران مثال وا ضحا لهذا التوجه. ويف هذا ال صدد دعا املوؤمتر الدول الأطراف يف املعاهدة وهي نحو 189 دولة اإىل تكثيف املحادثات»ب صورة غري متييزية و شفافة برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية اأو منتديات إاقليمية من اأجل تطوير اأ ساليب متعددة الأط راف لإمتام دورة الوقود النووي«. ويذكر اأن لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالفعل مقرتحات د ر ست لإقامة م شروعات اأو صياغة ترتيبات رمبا ت سهل جتاوز املوقف احلايل. اإ ضافة اإىل ذل ك ح اول املوؤمتر اأن يتعامل مع احل الت اخلا صة التي متثل اأو ضاعها اأزمات اأو حتديات قائمة لعملية منع انت شار الأ سلحة النووية ومتكنت تكتالت الدول من اأن تتناول باإ سهاب حالة اإ سرائيل )كما سنبني لحقا ( كما جرى التطر ق اإىل حالة كوريا ال شمالية بدعوتها اإىل التخلي التام عن اأ سلحتها النووية وبراجمها النووية كل ها و»العودة باأ سرع ما ميكن اإىل معاهدة احلد من انت شار الأ سلحة النووية والن ضمام اإىل اتفاق ال ضمانات ال شاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية«. اأما اإي ران فلم ت تخ ذ مواقف قوية ب ض أانها ذلك اأن الق ضايا املت صلة بها ل تزال خالفية لكن ي سود اعتقاد اأن م شكلتها مقبلة على تطو رات اأكرث جدية من اأن تطرح يف موؤمتر دويل عام. لقد سيطرت الأو ضاع النووية يف منطقة ال شرق الأو سط على اأعمال املوؤمتر اأو على التقارير الإعالمية التي تناولتها بطريقة بدا منها اأحيانا اأن املوؤمتر كان خم ص صا لبحث م شكالت الإقليم ولي س مراجعة املعاهدة. فقد كانت لدى الأطراف الرئي سية يف ال شرق الأو سط خا صة م صر اأجندة تتعلق بالعمل على ال ضغط يف اجتاه اإيجاد صيغة حمد دة للتعامل مع م شكلة اإ سرائيل النووية ومنع وقف اتجاه شديد الخطورة كان يتصاعد خالل العامين الماضيين يؤدي إلى االعتراف بإسرائيل كدولة أمر واقع نووية التوص ل إلى توافقات ال تؤدي إلى تقييد البرامج النووية السلمية للدول العربية اأي حماولت لتقييد الن شاطات النووية ال سلمية ويبدو اأن ذلك قد حتقق كما تو ضح النقاط التالية: حدث وقف اجتاه شديد اخلطورة كان يت صاعد خالل العامني املا ضيني يوؤدي اإىل الع رتاف باإ سرائيل كدولة اأمر واقع نووية كما فعلت الإدارة الأمريكية ال سابقة مع الهند وهو ما كان يعني عمليا ن سف مبادرة اإخالء ال شرق الأو سط من الأ سلحة النووية. ويظهر النجاح يف هذه النقطة من خالل القرار اخلا ص باإ سرائيل الذي يدعوها اإىل الن ضمام إاىل املعاهدة وو ضع من ض آاتها النووية كل ها حتت نظام ال ضمانات ال شامل لها ب صفتها»دولة غري نووية«. ويعتقد كثريون اأن هذه ال صيغة هي التي ت سببت بانفجار»الغ ضب«الإ سرائيلي ولي س احلديث عن»املنطقة اخلالية من الأ سلحة النووية«التي توافق اإ سرائيل اأ صال على إاقامتها ب شروطها اخلا صة منذ عام جرى احلديث للمرة الأوىل عن آالية لإقامة املنطقة اخلالية من الأ سلحة النووية )واأ سلحة الدمار ال شامل كل ها( يف ال شرق الأو سط. وجت سد ذلك يف موؤمتر قر ر عقده يف سنة 2012 يفرت ض اأنه سيكون موؤمترا اإقليميا حتت رعاية دولية يف إاطار الأمم املتحدة واأن»ت شارك فيه دول املنطقة جميعها ويف ضي إاىل قيام منطقة خالية من ال سالح النووي«. ولكن ي شري اجلدل الذي دار حول تلك ال صيغة والت صريحات التي صدرت يف اأعقاب املوؤمتر اإىل اأنه ل يوجد يقني لدى اأحد اأن هذا املوؤمتر سوف يعقد اأو اأن اإ سرائيل ست شارك فيه اإذا عقد اأو أانها ستقدم شيئا يختلف عن» شروطها امل سبقة«اإذا شاركت لذا فاإن الإجناز الذي ح قق هنا ل يزال على ال صعيد الدبلوما سي فح سب. جرى التو صل اإىل توافقات ل ت وؤدي إاىل تقييد الربامج النووية ال سلمية للدول العربية اأو فر ض قيود زائ دة ضدها. كذلك مل يحدث تبن ي صيغة ملزمة تتعلق بالن ضمام اإىل الربوتوكول الإ ضايف وجرى التفاهم على بدء عملية مباحثات جادة تتعل ق بكيفية تاأمني عنا صر دورة الوقود النووي. ويبدو اأن م شروعات الوكالة اخلا صة باملن ضاآت متعد دة الأطراف اخلا صة بالوقود النووي سوف متثل أاحد احللول لهذه الق ضية. وبرغم اأن»املعاهدة«مل تعد العامل املوؤثر الوحيد يف تلك ال ساحة واأن عراقيل ميكن اأن تو ضع يف طريقها من جهات اأخرى فاإن ما يدور يف اإطار مراجعتها هو الذي يعطي اأو ل يعطي ال شرعية لأي اإجراءات تت خذ خارجها. يف املح صلة النهائية ميكن القول اإن املوؤمتر كان واحدا من املوؤمترات القليلة الناجحة لي س لأن اإدارة الرئي س اأوباما كانت تريد له أان ينجح فقط لكن لأن العامل ب أاقاليمه املختلفة يقف منذ فرتة على مفرتق طرق يف ما يخ ص املو ضوع النووي اأي ضا. واأ صبحت الأط راف الرئي سية يف العامل ترى اأنه اإذا مل حتدث اإعادة الن ضباط اإىل ال ساحة النووية على اأ س س واقعية رمبا تت ضر ر ب سببها الأطراف ف إان العامل قد يتجه نحو انت شار وا سع النطاق لالأ سلحة النووية. إان ما حدث يف نيويورك هو اأن اجتاه»ال ضبط«قد تغل ب على اجتاه الرتاخي يف امل ضاألة النووية. أاما ما يتعلق بربنامج تخ صيب اليورانيوم الإيراين فما يبدو هو اأنه مل يحدث الرتكيز عليه يف نيويورك لكي ي تفر غ له يف وا شنطن لحقا. * خبري يف ال ض أان النووي يف مركز الأهرام للدرا سات ال سيا سية وال سرتاتيجية 12 يوليو/ أغسطس العدد 06

6 أسابيع العالم في 88 أسابيع العالم في 8 أسابيع الجاليات المسلمة في الغرب عقلية عابر السبيل ال المقيم تزايد مؤخرا الجدل حول واقع الجاليات المسلمة في الغرب خاصة مع إصدار قوانين في بعض البلدان تمس قضايا مثل السماح بارتداء النقاب في األماكن العامة ومنع بناء المآذن. يتجاوز الكاتب في هذا المقال العناصر الشائع التعر ض لها في واقع المسلمين في الغرب ويطرح وجهة نظر خاضعة للنقاش - يرك ز فيها على أوجه القصور لدى المسلمين في تلك الدول معتبرا أن بعض اإلجراءات التي مست حياتهم في أوروبا «ال تستهدفهم» وأن لديهم أفكارا مشو هة عن العلمانية التي يرى أنها تضمن حريات المسلمين وحقوقهم هناك. خالد الحروب* تتعقد م س ألة وجود اجلاليات امل سلمة يف الغرب وم ستقبلها يوم ا إثر يوم وتتداخل العوامل امل ؤثرة فيها وتتناوب احتالل موقع العامل الرئي سي بح سب الظرفني املحلي والدويل ال ضاغطني وكثري من ذلك معروف ونوق ش كثريا. حتاول هذه املقاربة تفادي تكرار ما هو مطروق من سجاالت يف هذه امل س ألة ونقل النقا ش إىل م ساحات جديدة تغنيه. ولهذا الغر ض من املفيد عدم التوقف طوي ال عند أبرز العوامل امل ؤثرة يف م سرية تلك اجلاليات وم صريها ونظرة املجتمعات امل ضيفة لها واملرور عليها سريعا إذ إن هذه العوامل معروفة وم ناق شة. يف مقدمة هذه العوامل ما يرتبط بال سيا سة اخلارجية الغربية يف ال شرق الأو سط خا صة الت أييد الأعمى لإ سرائيل وانعكا سات ذلك على إدراك أف راد تلك اجلاليات للغرب. ويدفع هذا الأمر اجلاليات إىل تعميم املوقف من ال سيا سة الغربية لي شمل كل اجلوانب الأخ رى للحياة يف الغرب. وي وازي ذلك العامل يف أهميته ت صاعد التطرف الإ سالمي وا ستهدافه أهداف ا غربية مدنية وما راكمه ذلك من خوف مت صاعد من الإ سالم وامل سلمني ب سبب هجمات احلادي ع شر من سبتمرب / أيلول 2001 والهجمات على القطارات يف مدريد ولندن الحقا ثم املحاوالت العديدة الفا شلة التي ا ستهدفت خطف طائرات وتفجريها و سواها. يلي ذلك عامل ازدياد معدالت الهجرة من البلدان امل سلمة التي شهدتها ال سنوات القليلة املا ضية وما قاد إليه من ت أجيج اخلوف من «الدميوغرافيا الإ سالمية» يف الغرب. هذا اخلوف هو العامل الإ ضايف الذي ا ستغله اليمني الأوروب ي على وجه التحديد يف أكرث من بلد يف القارة الأوروبية لن شر الر هاب من الإ سالم أو الإ سالموفوبيا لتحقيق أغرا ض حزبية وانتخابية وهو ما يج س د انتهازية سيا سية ذات آثار مدمرة )1(. على م ستوى اجلاليات امل سلمة نف سها ت ضر رت الغالبية ال صامتة منها ب سبب صمتها املتوا صل هذا وعدم اهتمامها بتهمي ش الفئات واملنظمات املتطر فة قليلة العدد لكن عالية ال ضجيج التي ا ستحوذت يف بع ض احلاالت على النطق با سم الإ سالم وامل سلمني يف الغرب. ورافق ذلك تلك ؤ وك سل فكريان وفقهيان يف تطوير ت صورات إ سالمية معتدلة ت ساعد على اندماج امل سلمني يف الغرب برغم مرور سنوات وأحيان ا عقود من االستقرار في البلدان الغربية والعمل فيها والحصول على جنسياتها فإننا نجد أن العائالت المسلمة وأفرادها ال يريدون حسم مشاعرهم الداخلية إزاء طبيعة اإلقامة الدائمة في تلك البلدان وحقيقتها 14 يوليو / أغسطس العدد 06 يوليو / أغسطس العدد 06 15

7 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع لو كانت سيطرة الدين في البلدان الغربية تشابه ولو من بعيد سيطرة الدين في البلدان العربية والمسلمة لما أمكن للمسلمين هناك العيش بمستوى الحرية التي يمارسونها برغم كل ما ي قال عكس ذلك وتق ضي على عقلية»الغيتو الختياري«. اأي اأن ثمة خلفيات وت صورات واأمناط تفكري جماعية تزيد من تعقيد و ضع اجلاليات امل سلمة يف الغرب ول تقد م موؤ شرات اإيجابية حول امل ستقبل. عقلية الضحية يف الغرب كما يف ال شرق ت سيطر على شرائح وا سعة من الراأيني العامني العربي وامل سلم م شاعر ال ضحية واملظلومية التاريخية. وتبعا لتلك امل شاعر فاإن العربي اأو امل سلم»م ستهدف من الغرب حتديدا والعامل عموما لتحطيمه واأ سره و سرقة ثرواته وتغيري دينه«. هناك بطبيعة احلال اأ سباب تاريخية و سياقات خمتلفة لنمو تلك امل شاعر وتر س خها لي س هذا مكان سردها. لكن من ال ضروري الإ شارة اإىل توا صل تلك العقلية وت ضخ مها يف اأو ساط اجلاليات العربية وامل سلمة يف الغرب ما يكر س اأو ضاعا اجتماعية وثقافية اأق رب إاىل القطيعة بني تلك اجلاليات واملجتمعات امل ضيفة. فاإذا اأقر قانون معين على ال صعيد الداخلي يحظر مثال لب س ما ي شري اإىل دين الأفراد يف اأماكن العمل ن ظر اإىل هذا القانون على اأن غايته ا ستهداف امل سلمني. واإذا اتخذت سيا سة معينة على ال صعيد اخلارجي مبنية على امل صلحتني ال سيا سية والقت صادية الرباغماتيتني ال صرفتني وكانت لها عالقة ببع ض البلدان امل سلمة فاإن تلك ال سيا سة ت صن ف ضمن موؤامرة ت ستهدف امل سلمني. وهكذا فاإن العوملة والقت صاد وال شركات العابرة للجن سيات واحلروب و صراعات النفوذ وحتى تدخالت جمعيات حقوق الإن سان العاملية مل صلحة بع ض الفئات املهم شة واملظلومة يف العامل الإ سالمي ت صبح كلها جزءا من ت صور اأو سع يربط كل الأح داث وال سيا سات باأهداف غربية ا ستعمارية ت ستهدف امل سلمني فقط. اأي أانه من منظور اإجمايل فاإن سيطرة عقلية ال ضحية وا ستبطانها ب شكل جماعي يوفران حالة شبه مر ضية جتعل اجلماعة املعنية غري قادرة على التفاعل الإيجابي مع ما حولها ومع ما يحدث من تغريات سيا سية وثقافية وغريها تبعا للظروف والتحولت. عقلية الخصوصية )أو االحتقارية( الثقافية اأحد نواجت عقلية ال ضحية وال شعور اجلمعي باملظلومية التاريخية ت بلور فكرة كون العرب وامل سلمني خمتلفني جوهريا من ناحيتني ثقافية ودينية وبالتايل ل ينطبق عليهم كثري من التحليالت والنظريات والتطبيقات الجتماعية وال سيا سية والثقافية التي تنطبق على غريهم. هذا الختالف املوهوم يحلو لكل من يوؤمن به عن قناعة ولكل من ي ستخدمه لأهداف انتهازية اأن يطلق عليه ت سمية جذابة هي»اخل صو صية الثقافية«. وبرغم اأن هذه العبارة تبدو يف ظاهرها حمم لة باحرتام الآخر وخ صو صياته الثقافية فاإن جوهرها يت ضم ن مقدارا كبريا من احتقار الآخر والنظر اإليه ب صفته اأقل اأهلية وكفاءة من أان يطلب منه حتمل ما ي طلب من الذات نف سها أاو تطبيقه. فبا ستخدام»اخل صو صية الثقافية«تتذر ع الأنظمة العربية لعدم تطبيق الدميقراطية ومعايري حقوق الإن سان وامل ساواة التامة بني الأفراد على قاعدة املواطنة املطلقة. وت سو غ هذه الختاللت الفا ضحة مبربرات الدين اأو التقاليد اأو الثقافة. ول تتدخل احلكومات الغربية لل ضغط على هذه الأنظمة م ستخدمة امل سوغ نف سه مرب رة بذلك تعامليها امل صلحي والنتهازي مع الدكتاتوريات العربية. أاما يف الغرب نف سه فيختبئ العرب وامل سلمون خلف مفهوم»اخل صو صية الثقافية«راف ضني الندماج يف املجتمعات الغربية امل ضيفة لهم مظهرين ح سا سية فائقة ضد كل ما قد ي فهم منه حماولة لت سهيل دجمهم. عقلية عابر السبيل تقود ت صورات ال ضحية واملظلومية التاريخية ومزاعم اخل صو صية الثقافية إاىل تطور عقلية من نوع اآخر ل تقل يف آاثارها ال سلبية عن الت صورات التي أانتجتها وهي عقلية»عابر ال سبيل«ولي ست عقلية املقيم واملواطن. وميكن الزعم أان شرائح غالبة من اجلاليات العربية وامل سلمة يف الغرب ت سيطر عليها هذه العقلية. ومعنى ذلك اأنه برغم مرور سنوات و أاحيانا عقود طويلة من ال ستقرار يف البلدان الغربية والعمل فيها واحل صول على جن سياتها فاإننا جند أان العائالت امل سلمة واأفرادها ل يريدون ح سم م شاعرهم الداخلية إازاء طبيعة الإقامة الدائمة يف تلك البلدان وحقيقتها. فاحل سم ب صورة قاطعة ولو على م ستوى ال شعور والوجدان الداخلي يوجد اإح سا سا بالتخل ي عن الوطن الأم واخليانة اخلفية. وحتى لو كانت الرغبة يف العودة إاىل الوطن ب شكل اختياري منعدمة متاما سواء على م ستوى الآباء اأو اأبنائهم فاإن تلك الرغبة ل ي عبر عنها ب شكل صريح مع النف س والآخرين. ورمبا يق ضي ال شخ ص فرتة تزيد على الثالثني عاما اأو اأكرث يف هذا البلد الغربي اأو ذاك حيث يكون قد تزوج واأجنب اأطفال هناك وتر سخت م صاحله املهنية والعائلية من دون أان يواجه نف سه ب صراحة جلهة ا ستمرائه العي ش حيث يعي ش و إاقامته الدائمة يف الغرب. عو ضا عن ذل ك وكمحاولة سيكولوجية لواعية ل»التكفري عن ذنب الإقامة يف الغرب«يحدث تبن ي اإنكار لفظي متوا صل لتلك الإقامة الواقعة على الأر ض ونفي أان تكون هناك نية يف ا ستمرارها الدائم يرافق ذلك الزعم املتكرر بالرغبة يف العودة القريبة إاىل الوطن. هذه»العودة القريبة«ت أاخذ عقودا طويلة ثم ل حتدث يف نهاية املطاف لكن اخلال صة تكون يف تاأبيد العي ش على هوام ش املجتمعات الغربية ويف غربة عنها. املعنى العملي والتطبيقي لهذا الت شظ ي امل شاعري هو عدم ال ستقرار الوجداين وعدم ال شعور بالنتماء الفيزيائي اإىل املكان. فالبلد امل ضيف وحيث اأقام الفرد سنوات طويلة اأكرث من تلك التي اأقامها يف بلده الأ صلي ل يتجاوز على امل ستويني الوجداين وال شعوري موقع حمطة القطار أاو الفندق الذي يكون املرور فيه م ؤوقتا. عالقة امل سافر باملكان يف هذه احلالة عالقة ه شة و سطحية وخارجية لي س فيها تداخل اأو ا ستبطان. ويف تلك العالقة كذلك شعور بالتعايل والزدراء فامل سافر ميتلك حرية املغادرة وممار ستها والنتقال اإىل مكان اآخر. ويكر س هذا الو ضع م سافة ل شعورية بني العربي أاو امل سلم املقيم يف الغرب واملكان وهي م ساحة باردة غري حميمية وعازلة. وهذا العامل يفاقم بطبيعة احلال من و ضع العزوف عن النخراط يف احلياة العامة أاو تعر ف املحيط ويكر س من التقوقعني الفردي واجلماعي على الذات. الفهم القاصر للعلماني ة وإضعافها تواجه العلمانية يف املجتمعات العربية والإ سالمية فهما قا صرا و سمعة سيئة متاهي بينها وبني الكفر والإحلاد. هناك اأ سباب كثرية لهذا الق صور وتلك ال سمعة اأهمها ت شويه الإ سالميني لها لكن لي س هنا جمال نقا ش تلك الأ سباب. والنقطة ذات العالقة هنا هي اأن الفهم القا صر وال سمعة امل شو هة هذين موجودان بقو ة وير سخان يف اأو ساط اجلاليات امل سلمة يف البلدان الغربية العلمانية. إان الإطار العلماين لهذه البلدان موجود على ال صع د العملي وال سيا سي والفكري والد ستوري وهو ما يتيح للجاليات امل سلمة هناك اأن تعي ش باأمان ومتار س شعائرها الدينية بحرية وتبني م ساجدها وحتتفل باأعيادها. فلو كانت البلدان الغربية م سيحية د ستوريا و سيا سيا وفعليا ملا اأمكن للم سلمني هناك أان ميار سوا حياة طبيعية كالتي ميار سونها الآن. ولو كانت سيطرة الدين يف البلدان الغربية ت شابه ولو من بعيد سيطرة الدين يف البلدان العربية وامل سلمة ملا اأمكن للم سلمني هناك العي ش مب ستوى احلرية التي ميار سونها برغم كل ما ي قال عك س ذلك ولكانت حالهم كحال الأقليات الدينية يف البلدان الإ سالمية وهي حال خمجلة بكل املعايري. إان املعنى العملي لالإطار العلماين الناظم لالجتماع ال سيا سي يف الغرب يتج س د يف كونه النظام احلامي احلقيقي للوجود الإ سالمي هناك لكن ذلك الوجود الواقع حتت اأ سر العقليات النعزالية وال شعور بدور ال ضحية واخل صو صية الثقافية وعابر ال سبيل وازدياد الت شب ث بالهوية الدينية واملباهاة بها وا ستمرار دفع احلدود اإىل م ساحات جديدة لتحقيق مكا سب دينية )ولي ست سيا سية اأو اجتماعية اأو اقت صادية( )2(. ويقود هذا الو ضع اإىل أاكرث من رد فعل: الأول ياأتي من املوؤ س سة احلاكمة والقوى املختلفة املوؤثرة فيها التي لي س عندها مقاربة حمكمة ومقنعة تعالج املطالبات بزيادة م ساحات الدين و سيطرته خا صة عندما تتغلف تلك املطالبات بحرية العتقاد واملمار سة و سوى ذلك مثل املطالبة بتطبيق ال شريعة الإ سالمية يف الغرب. فالرد يكون هنا متوترا اإما على شكل ت شديد القوانني بغية املحافظة على النظام العلماين والتعددي وهذا يوجد اأ صولية علمانية تنتج أاعداء جددا حمتملني وغري حمتملني. واإما اأن يكون الرد بتقدمي املزيد من التنازلت للمطالبات الدينية وهذا يوجد اإرباكا يف دوائر وا سعة كما ينتج اأعداء اآخرين حمتملني وغري حمتملني للجاليات امل سلمة خا صة يف دوائر الإعالم. اإن هذا هو ما ن شهده يف ال سنوات الأخرية حيث اإن زيادة سقف املطالب الدينية للجاليات امل سلمة أال بت ضدها دوائر اأعداء ل تني تت سع. وميكن القول إان ال سنوات املقبلة ست شهد انح سارا تدريجيا ورمبا مت سارعا يف دوائر اأن صار اجلاليات امل سلمة وم ن يوؤيد مطالبها الدينية خا صة يف اأو ساط الليرباليني والي ساريني وهم الأكرث تفه ما وتاأييدا حتى الآن ملطالب هذه اجلاليات على عك س تيارات اليمني املحافظ. * حما ضر يف سيا سة ال شرق الأو سط وتاريخه احلديث يف جامعة كيمربدج 01. صدر حديثا كتاب مهم يناق ش م ضاألة الدميوغرافيا الإ سالمية يف الغرب بعنوان: Shall the Religious Inherit the Earth?: Demography and Politics in the Twenty-First Century by Eric Kaufmann (2010) الكتاب ي ستعر ض احتمالت تطور الدميوغرافيا الدينية والإ سالمية حتديدا يف الغرب وكيف ميكن اأن توؤثر يف تغيري الوجهة الثقافية العلمانية هناك وما ميكن اأن تنتجه من صراعات. ويذكر أان فيلما ق صريا ب ث على موقع»اليوتيوب«بعنوان»الدميوغرافيا الإ سالمية«حمل مبالغات كبرية وتخويفية ومن منطلق م سيحي ويدعو م سيحي ي الغرب اإىل التكاثر للحيلولة دون حتول اأوروبا اإىل قارة اإ سالمية خالل ن صف قرن. وبرغم أان الإح صاءات التي أاوردها الفيلم غري دقيقة وم ضخ مة فاإنه انت شر ب شكل هائل وبلغ عدد من شاهدوه على»اليوتيوب«ما يقارب 12 مليون م شاهد. انظر.« 02. على سبيل املثال تقوم قائمة اجلالية امل سلمة يف بريطانيا لو قررت إاحدى البلديات رف ض بناء م سجد يف مدينة ما لكن هذه اجلالية نف سها ل تهتم بحقيقة اأن البالغني يف ثلث الأ سر امل سلمة يف بريطانيا عاطلون عن العمل واأن أاكرث من ثلث اليافعني امل سلمني يرتكون التعليم قبل اإنهاء املرحلة الثانوية. يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

8 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع إثيوبيا أصل األزمة ومفتاح الحل أزمة مياه النيل.. م ن ي ه ب لمن وإلى متى منذ إعالن دول منابع النيل السبع ني تها توقيع اتفاقية إطارية حول إعادة النظر في اقتسام مياه النهر انفتح أكثر من ملف قديم وجديد منها ملفات تعود إلى زمن الهيمنة االستعمارية وصوال إلى واقع العالقات اإلفريقية- اإلفريقية الراهن. هذا المقال يستعرض تاريخ األزمة ويقول إنها قديمة برغم أنها بدت مفاجئة لمصر والعرب. وبعيدا عن ردود األفعال»الوطنية«و»العاطفية«وما أق رته االتفاقيات الثنائية التي عقدت بين مصر والسودان من جهة واالتفاقيات التي سبقتها أيام الهيمنة االستعمارية البريطانية على القارة من جهة أخرى يناقش أسباب األزمة الحقيقية ويقد م حزمة من الحلول النافعة التي من شأنها جعل كل الدول المشاطئة للنيل تستفيد منه ورفع أسس التعاون بينها خاصة دول حوض النيل الشرقي -مصر والسودان وإثيوبيا. إبراهيم النور* يف ال ستينيات من القرن املا ضي كتب ال شاعر ال سوداين الراحل صالح أاحمد إاب راه ي م ق صيدة على ن سق»الهايكو«الياباين )من ط م ن ال شعر يخت صر الق صيدة يف مقطع ق صري ودال (. يقول يف مقطعها الأ سا سي: )النيل وخريات الأر ض... ومع ذلك... ومع ذلك..(. ذلك التاأ سي احلار على عدم ال ستفادة الكاملة من مياه النيل يف بلد امل صب تقابله شكوى اأ شد مرارة من دولة املنبع التي متد النيل بنحو %86 من مياهه. فها هو ال شاعر الإثيوبي هايلو يوهان س يقول خماطبا النيل الأزرق )اأهم م صادر مياه نهر النيل( ويطلق عليه ا سم»اأبياي«: لو أان لديك عيونا ترى يا نهر أابياي.. يا اأيها اخلامل لكنت راأيت ولو للحظة ذلك الرجل يكاد يحرتق من العط ش لكنك هجرت ه وذهبت اإىل اأماكن اأخرى. ل شيء ي عبر بعمق عن اأزمة املياه يف حو ض النيل اأكرث من كلمات كهذه يطلقها يف صدق اخليال الإبداعي تعك س الإح سا س بها. وهو إاح سا س عام ومتوارث. ولكن يبدو اأن الراأي العام وعلى الأخ ص يف م صر واملنطقة العربية فوجئ بالأزمة التي اندلعت يف اأعقاب توقيع اأربع من دول حو ض النيل يف عنتيبي يف اأوغندا يف 14 مايو/اأيار 2010 التفاقية الإطارية التي حتكم تق سيم مياه النيل ورف ض كل من م صر وال سودان توقيعها معرب ين عن اإ صرارهما على املحافظة على حقوقهما التاريخية التي كفلتها اتفاقية 1959 )تعطي م صر 55 مليار مرت مكعب من مياه النيل وال سودان 18.5 مليار مرت مكعب قيا سا على م ستوى النيل عند اأ سوان(. واقع الده شة بني اجلمهور امل صري بالذات ل عالقة له باحلقائق التاريخية وباخلالف وال صراع اخلافتني تارة واملرتفعني أاحيانا بني دول حو ض النيل. وهو خالف دام أاكرث من قرن منذ بداية ال سيطرة الربيطانية على حو ض النيل بكامله بهدف ت أامني م صالح الإمرباطورية يف زراعة القطن يف م صر وال سودان. لكن خرباء املياه يف البلدين والدول امل شاطئة للنيل كافة يعرفون تفا صيل ال صراع وتوج هاته املتعددة. وجاءت التفاقية الإطارية تتويجا ملحادثات ا ستمرت منذ عام 1999 عند تاأ سي س»مبادرة حو ض النيل«. طوال هذه الفرتة ا ستمرت حماولت م صر وال سودان حمل باقي دول حو ض النيل أاو دول املنبع على العرتاف باتفاقية 1959 بني م صر وال سودان أاو ما ي سمى احلقوق التاريخية لدول امل صب. الجذور التاريخية ألزمة حوض النيل ارتكزت ال سيا سة النيلية لال ستعمار الربيطاين على تاأمني م صالح ال صناعة الربيطانية واهتمامها بتاأمني م صادر زراعة القطن يف كل من م صر وال سودان وهو ما يف سر ال شعور املتزايد لدى الإدارات الربيطانية يف دول املنبع ( أاوغندا يثير اإلعالم بصورة متكررة سؤاال يبدو بديهيا : لماذا أزمة حوض النيل اآلن لكن السؤال األكثر إلحاحا وأقل جاذبية في آن هو: ماذا حدث منذ عام 1959 إلى اآلن واإلجابة ببساطة أن حوض النيل امتأل حتى فاض بسكانه و شرق اإفريقيا( بانحياز سيا سة بالدهم اإىل دولتي امل صب )م صر وال سودان(. ويف الوقت نف سه ف شلت الإدارة ال ستعمارية الربيطانية يف اإقناع اإثيوبيا ببناء سد أاو سدود يف اأرا ضيها تتيح لها )الإدارة الربيطانية( التحكم يف جمرى النيل يف كل من ال سودان وم صر. ولقد ا ستخدمت تلك الإدارة سيطرتها على ال سودان وعلى مياه النيل و سيلة م ساومة اأو تهديد اأو ضغط على احلكومة امل صرية )1(. واكتملت هذه املرحلة اململوءة باملناورات بتوقيع اتفاقية 1929 التي كفلت مل صر حق الرقابة على النيل يف ال سودان ويف البلدان الواقعة حتت النفوذ الربيطاين واأه م ن صو صها ن ص يحفظ مل صر حق النتفاع بجميع مياه النيل وفروعه يف الفرتة من 19 يناير/كانون الثاين اإىل 15 مايو/اأيار با ستثناء ما ت ستهلكه م ضخات ال ري يف ال سودان ويحق لل سودان ح سب التفاقية رفع من سوب التخزين يف خزان سن ار وملوؤه بالكامل يف الفرتة من 27 اأكتوبر/ت شرين الأول إاىل 30 نوفمرب/ت شرين الثاين من كل عام. قابل ال سودان اتفاقية 1929 بالرف ض قبل ال ستقالل وبعده )2( بل اأقدمت اأول حكومة بعد ال ستقالل على امل ضي قدما يف تنفيذ امتداد جديد مل شروع عرف ب»امتداد املناقل«. واأعلنت اإثيوبيا جم ددا رف ضها لتفاقية ومل توقع تنجانيقا )تنزانيا حاليا ( اتفاق توارث اأو اأيلولة مع اململكة املتحدة واأ صدر برملانها ما ع رف لحقا ب»اإعالن نايريري«القا ضي باأن»تنجانيقا سوف ت ستمر عامني يف تطبيق املعاهدات الثنائية التي اأبرمتها اململكة املتحدة نيابة عنها وبعد ذلك فاإنها غري ملزمة هذه التفاقيات ما مل يت ف ق عليها جمددا «. وحذت أاوغندا )1962( وكينيا )1963( حذو تنجانيقا يف اأعقاب ا ستقاللهما وكذلك فعلت بوروندي. لكن معار ضة دول حو ض النيل اتفاقية 1929 مل تتعد اإعالنات الرف ض وعدم املباركة اإذ مل تكن هناك م شروعات فعلية اأو اإمكانيات حقيقية تهدد ما هو قائم فعال من تق سيم للمياه. وظل اخلالف الفعلي حول ا ستخدام مياه النيل هو الدائر بني دولتي امل صب )م صر وال سودان( ومتلكان وحدهما اإمكانات ل ستخدام أاكرب للمياه بحكم قدراتهما التخزينية. بيد اأن»م صر جمال عبدالنا صر«كانت سب اقة اإىل و ضع ا سرتاتيجية حلماية البالد من ال ضغوط الكامنة يف حو ض النيل فكان قرار بناء ال سد العايل ودخلت يف مفاو ضات طويلة وم ضنية مع اجلانب ال سوداين مل يح سمها اإل حدوث انقالب متعاطف مع م صر )انقالب اجلرنال عبود يف نوفمرب 1958( الذي فتح الطريق لتفاقية 1959 التي زادت ن صيب ال سودان من اأربعة مليارات اإىل 18.5 مليار مرت مكعب وزادت ن صيب م صر من 48 مليارا اإىل 55 مليار مرت مكعب. وقوبلت هذه التفاقية )1959( برف ض كامل من باقي دول حو ض النيل امل ستقلة )اإثيوبيا حينها( ومن جانب الإدارة ال ستعمارية الربيطانية بالنيابة عن دول امل صب الأخرى. واملفارقة يف اتفاقية 1959 اأنها مل تنكر حقوق الدول النيلية الأخرى يف املطالبة بح ص ص من مياه النيل ون ص ت الفقرة 1-5 من التفاقية على الآتي:»عندما تدعو احلاجة اإىل إاجراء اأي بحث يف ضوؤون مياه النيل مع اأي بلد من البلدان الواقعة على النيل خارج حدود اجلمهوريتني فاإن حكومتي جمهورية ال سودان واجلمهورية العربية املتحدة تتفقان على راأي موح د ب ض أانه بعد درا سته مبعرفة الهيئة الفنية امل شار اإليها ويكون هذا الراأي هو الذي تت صل الهيئة ب ضاأنه مع البالد امل شار اإليها«. ويف الفقرة 2-5 ن صت التفاقية على الآتي:»نظرا اإىل اأن البالد التي تقع على النيل غري اجلمهوريتني املتعاقدتني تطالب بن صيب يف مياه النيل فقد اتفقت اجلمهوريتان على اأن تبحثا معا مطالب هذه يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

9 القطر/ العام متوسط نصيب الفرد بالدوالر 2008 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع البالد وتتفقا على راأي موح د ب ضاأنها واإذا اأ سفر البحث عن اإمكانية قبول اأي كمية من اإيراد النهر تخ ص ص لبلد منها اأو لآخر فاإن هذا القدر حم سوبا عند اأ سوان يخ صم منا صفة بينهما«. لكن مل تطالب اأي من دول احلو ض مبثل هذا الن صيب لأن جمرد املطالبة بذلك يعني العرتاف باتفاقية 1959 وهو ما ل ي توقع اأن تفعله دول امل صدر. مياه كثيرة جرت يثري الإع الم ضوؤال يبدو بديهيا : مل اذا اأزم ة حو ض النيل الآن لكن ال ضوؤال الأكرث اإحلاحا واأقل جاذبية يف اآن هو: ماذا حدث منذ عام 1959 اإىل الآن والإجابة بب ساطة اأن حو ض النيل امتالأ حتى فا ض ب سكانه ت ضاعفوا فت ضاعفت احتياجاتهم اإىل املياه وهم ينتقلون من ال سكن الريفي اإىل احل ضري ت ضاعفت ثرواتهم احليوانية وت سبب التو سع والتمدد الأفقي يف الزراعة ومن ذلك القطع اجلائر للغابات يف تقلي ص ما هو متاح من مراع طبيعية. وجاءت موجات جفاف لتغير لي س التوازن بني الرعي والزراعة فقط بل لتغري كذلك درجة اعتماد ال سكان على حو ض النيل. ويف ما يلي نذكر جوانب مهم ة من العوامل واملتغريات التي اأف ضت اإىل الأزمة: سكان اأكثر: عند توقيع اتفاقية 1959 كان جمموع سكان دول حو ض النيل الع شر 108 ماليني ن سمة اأكرث من ن صفهم يف حو ض النيل ال شرقي )25 مليونا يف م صر 27 مليونا يف اإثيوبيا 11 مليونا يف ال سودان 1.5 مليون يف اإريرتيا(. وبحلول عام 2008 ت ضاعف جمموع سكان حو ض النيل اأرب ع مرات )402.5 مليون( و سريتفع العدد اإىل 576 مليونا بحلول عام و ست صبح إاثيوبيا )م صدر مياه النيل الأول( اأكرث دول احلو ض سكانا )141 مليونا ( تليها م صر )95 مليونا ( ثم ال سودان )57 مليونا (. احل ضر ل يعتمدون على املطر: كما يحدث يف باقي العامل ف إان نحو ن صف سكان دول احل و ض يف ع ام 2010 يقطنون فعال يف احل ضريات القائمة. و سيت ضاعف عددهم اإىل 255 مليون ساكن ح ضري بحلول عام 2030 بزيادة تعادل %125 على عددهم يف عام واحلجة هي اأنه ل توجد رقعة ح ضرية دول حوض النيل: السكان ومستوى الدخل م صر اإثيوبيا ال سودان اإرترييا جمموع احلو ض ال شرقي للنيل كينيا اأوغندا تنزانيا بوروندي رواندا الكونغو جمموع حو ض النيل اجلنوبي جمموع حو ض النيل الخالف دام أكثر من قرن منذ بداية السيطرة البريطانية على حوض النيل بكامله بهدف تأمين مصالح اإلمبراطورية في زراعة القطن في مصر والسودان م عتم دة على مياه الأمطار بينما توجد مناطق ريفية مطرية. املا شية والأنعام: يحتل ال سودان و إاثيوبيا املركزين اخلام س وال ساد س على التوايل عامليا يف حجم ثروتيهما من الأبقار واعتمدت هاتان الرثوتان بالكامل على املراعي الطبيعية املطرية. لكن عقودا من اجلفاف والقطع اجلائر للغابات والت صحر وتغو ل الزراعة على املراعي اأدت إاىل تزايد اعتماد الرثوة احليوانية على مياه النيل. جفاف واإيراد نيلي اأقل: يواجه حو ض النيل كنظام أايكولوجي العديد من املوؤثرات ال سلبية يف وفرة املياه فيه بع ضها من فعل الب شر )القطع اجلائر للغابات امل سبب املبا شر للت صحر وال رع ي اجلائر ال ذي تتجمع ح صيلته وتتبني عواقبه يف شكل جفاف(. لكن الأخطر هو ال شواهد املتزايدة لالحتبا س احل راري الكوين كما ثبت يف حالة بحرية فيكتوريا التي يوايل م ستوى املياه فيها النخفا ض وحالة اجلفاف املتزايد يف شرق اإفريقيا وانخفا ض معدلت الأمطار يف اله ضبة الإثيوبية. إان احلديث عن الوفرة و»تخمة«الأمطار يف دول املنبع حديث ل صلة له بالوقائع العلمية حول الأنظمة الأيكولوجية فال ستخدام املكثف والتمد د يف الزراعة املطرية يعنيان يف نهاية الأمر إايرادا نيليا اأقل. ب ع ي دا ع ن ن ظ ري ات امل وؤام رة الأك ث رث رواج ا يف املنطقة )ب دءا ب امل وؤام رة الإ سرائيلية وانتهاء باخلطوط احلمر اخلا صة ب»حرب مياه مقبلة«( ف إان الواقع يقول اإن الأ سا س الهيكلي الذي مك ن من القت سام الثنائي ملياه النيل بني م صر وال س ودان )اأي اتفاقية 1959( قد عفا عليه ال زم ن ون ضاأت اأو ضاع جديدة تتطلب اتفاقا جديدا ياأخذ يف احل سبان الوقائع الدميوغرافية النا شئة يف دول املنبع وخماطر التحولت املناخية. عبر عن هذه احلقائق د. ر شدي سعيد رائد الأبحاث النيلية يف م صر بقوله يف حديث صحايف موؤخرا )»امل صري اليوم«25 مايو 2010(»اإثيوبيا اأ صل الأزمة ومفتاح احلل«منبها على أان»الأزمة تفاقمت خالل اخلم سني سنة املا ضية فما بالك بحال م صر يف سنة 50 مقبلة «. كما يقول»عدد ال سكان يتزايد واملطالب على املياه كبرية يف حو ض النيل كل ه. واأحذ ر من اأزمة حادة كبرية ستواجه م صر خالل ال سنوات املقبلة مبا يدعو اإىل وجود ر ؤوية جيدة لها«. سيناريوهات الخروج من األزمة با ستبعاد خيارات التهوي ش الإعالمي من»حرب«و»خطوط حمر«فال يوجد أامام م صر وال سودان )الأوىل دولة م صب والثاين دولة م صب ومنبع يف الوقت نف سه( بدائل ا سرتاتيجية كثرية. املتاح هو ا سرتاتيجية ت أاجيل احلل النهائي اعتمادا على عدم تطابق مواقف دول املنبع خا صة كينيا و أاوغندا وتنزانيا وهو خيار ق صري النظر والعائد معا. أاما يف حو ض النيل ال شرقي وهو الأهم ( إاذ ي سهم ب %85 من الإي رادات( ف إان التفاق مع إاريرتيا ل يعني الكثري يف إاطار ا سرتاتيجية ت أاجيل الأزم ة. كما ل ميكن التعويل كثريا على التحالف اجلديد القائم بني متناف س ي الأم س )م صر وال سودان(. فال سودان مدعوما باملوارد البرتولية يف طريقه إاىل ال ستخدام الكامل لن صيبه من مياه النيل )خا صة بعد اكتمال سد مروي وتعلية خزان الرو صري ص( ما يعني أان ال سلفة املائية من ن صيبه مل صر ح سب اتفاقية 1959 يف طريقها إاىل التال شي. وال سودان بو صفه متى تخط ت الدول الثالث الفاعلة في حوض النيل الشرقي )إثيوبيا ومصر والسودان( عقبة التفاوض فإن اتفاقا إطاريا أوسع مع بقية دول حوض النيل يصبح ممكنا وذا عائد إيجابي للجميع لعبا و سطيا )دولة م صب ومنبع يف الوقت نف سه( لديه اأكرث من سبب لتطوير عالقاته املائية مع اإثيوبيا يف صورة تفاهم ي شمل التبادلني الكهربائي والنفطي وال ستفادة من تناق ص تراكم الطمي يف خزاناته املائية عند اكتمال ال سدود الإثيوبية. وغالبا ستواجه م صر يف غ ضون شهور قليلة سودانني ل سودانا واحدا و سيكون من ال صعب التعويل على حلف مماثل مع جنوب ال سودان. إان احل ل ال سرتاتيجي والأك رث ا ستقرارا هو حل يوؤم ن معادلة تفاهم لأهم ثالث دول يف احلو ض ال شرقي لنهر النيل )اإثيوبيا وال سودان وم صر(. مثل هذا التفاق قد ي شمل تخزينا اأف ضل للمياه يف ظروف تتفادى ح صول خ سائر هائلة يف املياه نتيجة للتبخر )كما هو حادث فعال يف شمال ال سودان وجنوب م صر( وي شمل كذلك توليدا م شرتكا للطاقة الكهرومائية يف مناخ اأف ضل مثل ذلك ال سائد يف اإثيوبيا )3(. و سيتطلب مثل ذلك احلل ال سرتاتيجي تر شيدا ل سبل الري غري الفع الة وامل هد رة للمياه يف كل من ال سودان وم صر وتغيريا يف الرتكيبة املح صولية مبا يوفر يف املياه امل ستخدمة يف م صر التي و صلت اإىل سقف الإنتاجية الزراعية ح سب التقنية املتوافرة )وهي ا ستخدمت لعقود فائ ض ن صيب ال سودان من اتفاقية 1959: اأربعة مليارات اإىل ستة مليارات مرت مكعب( وهو فائ ض سيختفي ابتداء من العام املقبل. لكن م صر ت ستطيع اأن توفر اأكرث من ذلك بكثري عن طريق: تر شيد ا ستخدام املياه حم صوليا باإعادة هيكلة النمط املح صويل يف اجتاه املنتجات الأقل ا ستهالكا للمياه. اإعادة تدوير كل من مياه ال صرف ال صحي وال صرف الزراعي. م شروعات التكامل ال زراع ي مع ال سودان التي ت ستخدم ال ري التكميلي )الأمطار( الأقل تكلفة وا ستهالكا ملياه الري خا صة ملحا صيل مثل ق صب ال سكر. ويقت ضي ذلك من ال سودان اأي ضا اأن يخف ض من سقف ا سرتاتيجيته أان ي صبح» سلة غذاء العامل«اإىل ا سرتاتيجية جتعله» سلة غذاء حلو ض النيل ال شرقي«تراعي التوازن بني ال ستخدامات املتعددة لالأرا ضي حتى ل يف ضي ذلك اإىل الت صحر والقطع اجلائر للغابات كما فعلت ذلك ا سرتاتيجية ال سبعينيات التي تبناها حكم جعفر منريي ال شمويل )عام 1969 اإىل عام 1985( فكان ح صاد ال سودان فقدان %40 من م ساحة غاباته. ومتى تخطت الدول الثالث الفاعلة يف حو ض النيل ال شرقي عقبة التفاو ض فاإن اتفاقا اإطاريا اأو سع مع بقية دول حو ض النيل ي صبح ممكنا وذا عائد اإيجابي للجميع. * اأ ستاذ م شارك يف اجلامعة الأمريكية القاهرة انظر طه في صل عبدالرحمن علي طه )2005( مياه النيل: ال سياق التاريخي والقانوين ) ص ص 42-35(. انظر مقتطفات من البيان الذي اأديل به عبدالرحمن عبدون وكيل ري ال سودان يف اجلمعية الت شريعية ال سودانية يف مايو 1951 قبل اإعالن ا ستقالل ال سودان بخم سة اأعوام )م صدر سابق ص ص (. Taha, Fadwa (2010): The History of the Nile Waters in the Sudan, p.213, in Tvedt, Terje (ed.) (2010): The River Nile in the Post-Colonial Age: Conflict and Cooperation among the Nile Basin Countries, The American University in Cairo Press, Cairo امل صدر: Fetter, Bruce, World Population Projections World Bank, Population Bureau Projections, CIA Word Fact Book يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

10 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع أحزاب المعارضة عاجزة تركيا.. التوترات متوقعة والصدام مستبعد يرى كاتب المقال أن حزب العدالة والتنمية التركي يستند إلى أمرين: داخليا فشل األحزاب التقليدية التي ال تطرح رؤى اقتصادية وسياسية عملية وخارجيا تأييد أمريكي ما يجعل الصدام بين الجيش والحكومة مستبعدا حتى إن كان التوتر مرتقبا في سياق معركة اإلصالحات الدستورية. تايالن بيلجيك * ت سري املعركة القائمة حول الإ صالح الد ستوري يف تركيا وفق الن سق املعتاد فحزب العدالة والتنمية الذي يحكم البالد من دون منازع منذ فوزه بالنتخابات يف الثالث من نوفمرب/ت شرين الثاين عام 2003 يقود حملة الإ صالح بينما»النخبة العلمانية«املمثلة يف ق ي ادات اجلي ش والق ضاء ت ق اوم التغيريات الد ستورية زاعمة اأن»الهدف احلقيقي حلزب العدالة والتنمية من ورائها هو ب سط سيطرته على الق ضاء«. وفيما ت ستعد تركيا لإجراء ا ستفتاء عام على التعديالت الد ستورية التي اجتازت عقبة الربملان فاإن ت صاعد التوترات بات أامرا موؤكدا. بيد اأن املرء يت ساءل هنا: األ تعد هذه التوترات كلها تكرارا ملا ت شهده تركيا ب صفة دورية منذ اعتالء حزب العدالة والتنمية سد ة احلكم فيها واحلال فاإن احلقيقة تتمث ل يف اأن اجلي ش الرتكي ذا القوة ال ضاربة واأولئك الذين ينحازون اإىل جانبه ضد حزب العدالة والتنمية ف شلوا حتى الآن يف اإ سقاط احلكومة. والغريب اأن هذا يحدث يف تركيا التي اعتادت إاطاحة حكوماتها املنتخبة بداية من انقالب 27 مايو/اأيار 1960 ثم انقالب ي عامي 1971 و 1981 وو صول اإىل»انقالب ما بعد التحديث«يف 28 فرباير/ شباط 1997 الذي ن ف ذ مب ساعدة وم شاركة من الرئي س سليمان دميرييل وبع ض الأحزاب ال سيا سية. وق ضت تلك النقالبات جميعها على اأي وجه لل شبه بني ال سيا سة الرتكية والعملية ال سيا سية الطبيعية فيما ر س خت الإدراك لعدم قدرة اأي حكومة على ممار سة احلكم من دون موافقة اجلي ش ور ض اه. وم ن عجيب املفارقات اأن موعد ال ستفتاء املقبل على التعديالت الد ستورية يحل متزامنا مع ذكرى انقالب سبتمرب/اأيلول واشنطن وجدت حليفا يمثل»اإلسالم المعتدل«اإذا كان التعاون مع اجلي ش ركيزة اأ سا سية لل سيا سة الرتكية فل م اإذا ل ي ستطيع اجلي ش الرتكي ( أاحد اأقوى اجليو ش يف منطقته( اأن يحر ك ساكنا فيما يفعل حزب العدالة والتنمية ما يحلو له من دون قيود ب دءا من تغيري الد ستور والدخول يف ح وار مع اليونان واأرمينيا -ع دو ي تركيا التاريخيني- وطرح»املبادرة الكردية«والنفتاح جتاه اإقليم كرد ستان يف العراق واعتقاله العديد من ال شخ صيات املدنية والع سكرية املعروفة بتوج هاتها العلمانية وخمالفة احلزب بو ضوح نظرية»ال سيا سة اخلارجية ال سلبية«التي و ضعها أاتاتورك التي تلخ صها مقولته حول»ال سالم يف الوطن وال سالم يف العامل«. والواقع أان التوترات املدنية-الع سكرية يف تركيا خالل ال سنوات ال سبع من حكم»العدالة والتنمية«اأثبتت اأنها ع صية على التف سري إاىل احلد الذي جعل قادة الراأي يف دول الغرب يقعون مرارا وتكرارا يف شر ك»ال شعور ب أان هناك انقالبا ع سكريا و شيكا «يف تركيا. غري اأن ذلك كله يثبت خطوؤه دائما فقد تراجعت سطوة اجلي ش وقل ت قدرته على التدخل واأخفق الع لمانيون يف طرح بديل ذي مغز ى ميكن اأن يتفوق على حزب العدالة والتنمية. ولكي نفهم ما يحدث يف تركيا يتعين علينا اأول اأن نتاأمل يف طبيعة التوترات القائمة بني احلكومة املدنية واملوؤ س سة الع سكرية. فمن املعلوم اأن النقالبات من اإلفراط في التبسيط أن نفترض أن الجيش والحكومة في طريقهما إلى التصادم في تركيا يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

11 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع حزب العدالة والتنمية هو تآلف بين مصالح مختلفة تحت زعامة رجب طيب أردوغان ذي القبضة الحديدية والشخصية الكاريزمية والتدخالت الع سكرية كافة التي وقعت منذ ع ام 1960 ك ان يقف وراءه ا التدخل الأمريكي بدرجة اأو ب اأخ رى. وم ن الأمثلة ال شهرية على ذل ك تلك احلكاية ال شائعة حول الدبلوما سي الأمريكي يف اأنقرة الذي اأعرب عن ارتياحه وابتهاجه يف اأثناء انقالب سبتمرب بقوله:»لقد فعلها اأولدنا!«. ولكون جي شهم ع ضوا يف حلف شمال الأطل سي )ناتو( وقد م خدمات جيدة اإىل التحالف الغربي يف أاثناء احلرب الباردة فيبدو اأن الع سكريني الأتراك»اأدمنوا«تلق ي الدعم الأمريكي يف كل حترك مهم يقومون به. فحتى يف اأثناء تدخلهم يف قرب ص عام 1974 الذي عار ضته دول الغرب ظاهريا كان هرني كي سنجر وزير اخلارجية الأمريكية اآن ذاك ي ساند اجلي ش الرتكي وفقا ملا اأثبته العديد من الباحثني بالوثائق. وبهذا ميكننا القول اإن تاريخ التوترات بني احلكومة املدنية واملوؤ س سة الع سكرية يف تركيا هو بب ساطة» سباق«بني اجلانبني على اأي منهما سيفوز بدعم وا شنطن. ولكن يف هذا الع صر الذي يت سم بال صدام بني احل ضارات وجدت وا شنطن لنف سها حليفا ثمينا يف حزب العدالة والتنمية ورئي سه رجب طيب اأردوغان املمثل ني لقيم»الإ سالم املعتدل«الذي تروج له الوليات املتحدة. ويعمل احلزب يف اإط ار شبكة عالقات دولية معقدة حتيله اأحيانا اإىل»ر سول من الغرب«واأحيانا اأخرى اإىل» صديق ينذر الأ صدقاء الآخرين«ب ضاأن ما ينبغي عمله كما حدث مع العراق يف أاثناء ح كم صدام ح سني. وت شتمل شبكة العالقات هذه على دول اخلليج وقادة الأكراد يف العراق وتل اأبيب وحما س واملحافظني اجلدد يف وا شنطن واللوبي الإ سرائيلي وكبار الدبلوما سيني يف الحتاد الأوروبي. ويف احلقيقة فاإن هذه الأوا صر املت شع بة تتطلب توازنا دقيقا. غري اأن حزب العدالة والتنمية جنح باأعجوبة يف املحافظة عليها جميعا حتى الآن. وبالفعل عبر اأفراد تاريخ التوترات بين الحكومة المدنية والمؤسسة العسكرية في تركيا هو ببساطة»سباق«بين الجانبين على أي منهما سيفوز بدعم واشنطن النخبة العلمانية الرتكية عن اإحباطهم من هذا النجاح املده ش على ل سان مر شدهم الروحي اإيلهان سلجوق الذي كتب يف جريدة»جمهورييت«املناه ضة للحكومة يف نوفمرب 2006»اإذا كان يتعني على الرئي س الأمريكي جورج بو ش اأن يجدد ال سعي نحو حتقيق ال ستقرار يف ال شرق الأو سط فاإن التفكري املنطقي يبداأ من تركيا )...( ال شرق الأو سط حتول اإىل جحيم والرئي س بو ش احلائر اإزاء ما يجب عمله يف هذا اجلحيم يتعني عليه اأن يدع ال سيا سات الأ صولية والنف صالية يف تركيا جانبا ويقد ر جمهورية اأتاتورك العلمانية ب صفتها قوة ت وازن يف ال شرق الأو س ط«. ول بد اأن املراقبني الغربيني انده شوا من تلك الدعوة اآن ذاك ف سلجوق كان معروفا لديهم باأنه أاح د رم وز التيار املعادي لأمريكا يف بالده. إفالس السياسات التقليدية باخت صار اجلي ش الرتكي لي س مبقدوره اإبداء رد فعل على حتركات احلكومة اإذ ل ي ستطيع اإيجاد الدعم الأمريكي الذي يتوق اإليه. وبناء على ذلك يجوز القول اإن قيادته تتحين الفر صة املنا سبة اأمال يف اأن تنعك س الظروف مل صلحتها يوما ما. بيد اأن ثم ة ضاأنا داخليا اآخر له القدر نف سه من الأهمية بالن سبة إاىل قوة حزب العدالة والتنمية األ وهو»انهيار ال سيا سات التقليدية«. اأجريت النتخابات العامة بتاريخ 3 نوفمرب عام 2003 يف اأعقاب اأ سواأ اأزمة اقت صادية شهدتها تركيا. فمع نهاية عام 2001 عانى اقت صادها انكما شا مبعدل %5.7 وانهارت ع شرات البنوك وتداعت ع ملتها اللرية ونفدت احتياطات البنك املركزي وتكلفت الدولة ع شرات املليارات من ال دولرات جراء خ سائر امل صارف. وجمعت حكومة الئتالف الثالثي التي ش ك لت يف بداية الأزمة من األوان الطيف ال سيا سي التقليدية»اململة«يف تركيا اإذ قادها احلزب الي ساري الدميقراطي بزعامة الراحل بولنت اأجاويد و ضمت حزب احلركة القومية وحزب الوطن الأم. ويف غ ضون ذلك كان حزب العدالة والتنمية يتولد من رماد حزب الرفاه الإ سالمي بزعامة جنم الدين أاربكان الذي ح ل يف 28 فرباير حط مت الأزمة القت صادية الأوهام جميعها حول الأحزاب ال سيا سية الرتكية التقليدية وهو ما بدا جليا يف التغري الطارئ على صناديق الق رتاع: ففي انتخابات 18 أابريل/ني سان عام 1999 قاد حزب أاجاويد الئتالف احلكومي بعد ف وزه بن سبة %22 من الأ ص وات. اإل أان احل زب نف سه نال %1.2 فقط يف انتخابات 3 نوفمرب 2003 فيما ح صل ح زب الوطن الأم على %5.1 وحزب احلركة القومية على %8.4 من الأ صوات. كما أان الأحزاب امل شاركة يف الئتالف احلكومي جميعها خرجت من الربملان ب سبب عدم متك نها من احل صول على ن سبة %10 من الأ صوات على امل ستوى القومي الالزمة لدخوله. يف تلك الأث ن اء ح صل حزب العدالة والتنمية ال ذي كان يعد وقتها وجها جديدا يف احلياة ال سيا سية على ما يزيد على %34 من الأ صوات. وهكذا فقد تزامن صعوده مع إافال س ال سيا سات التقليدية وزوال ه ا. وه ذا يوؤ شر كذلك اإىل اأن احلزب اأعيد ت شكيله كائتالف يف حد ذاته إاذ وجد ال سيا سيون املخ ضرمون سواء من الي ساريني أاو اليمينيني يف احلزب موطنا جديدا لهم ودجموا بني م صاحلهم وم صالح جمموعة احلزب الأ سا سية من الإ سالميني. ومن الأمثلة الالفتة لالنتباه على هوؤلء ال سيا سيني جميل جيجك نائب رئي س ال وزراء احل ايل أاح د رم وز حزب الوطن الأم ال سابقني و أارطغرل جوناي وزير الثقافة الع ضو ال سابق يف احلزب الدميقراطي ال شرتاكي وكور ساد توزمني وزير التجارة ال سابق الذي متتد جذوره اإىل اليمني املتطرف. ويف الوقت نف سه فاإن تورهان كوميز الهارب من اأمر توقيف صادر بحقه لتهامه بامل شاركة يف موؤامرة «أارغينكون«الع سكرية لإطاحة احلكومة هو نائب سابق لرئي س حزب العدالة والتنمية. وتاأ سي سا على ه ذا ميكن اأن ن صف حزب العدالة والتنمية باأنه تاآلف بني م صالح خمتلفة حتت زعامة رج ب طيب اأردوغ ان ذي القب ضة احلديدية وال شخ صية الكاريزمية. ولقد جتاوزت عملية إاعادة هيكلة ال سيا سة الرتكية حتت قيادة اأردوغان بكثري جمرد الدمج بني سيا سيني من ف صائل متعددة حتت مظلة»العدالة والتنمية«. ومتكن ( أاردوغان( من التوفيق بني»الأفكار«املختلفة كما تقارب مع املثقفني الليرباليني يف حماولة منه حلل م شكالت البالد امل ستع صية. وبالتايل ف إان الليرباليني املعروفني وبالأخ ص ال شخ صيات البارزة يف الإع الم الرتكي يوؤازرون احلكومة لإميانهم ب ضرورة رفع و صاية الع سكر عن احلياة ال سيا سية كمتطلب اأ سا سي لزم لإحداث أاي تغيري حقيقي. أكثر حكومة»صديقة للسوق«يت ضمن الن شاط ال ت وازين حل زب ال ع دال ة والتنمية ت صاحله م ع الطبقة الراأ سمالية الرتكية اأي ضا إاذ برهنت حكومته على اأنها أاكرث حكومة» صديقة لل سوق«يف تاريخ تركيا. اإن تقدمي ا ستثناءات ضريبية لل شركات وخ صخ صة اأ صول حكومية تتعدى قيمتها 30 مليار دولر وحترير القوانني التنظيمية و ضمنها قوانني العمل واتخاذ مواقف ثابتة ضد نقابات العمال -مثل حظر الإ ضرابات العمالية- لي ست سوى مناذج قليلة من املبادئ القت صادية التي اتبعتها حكومة»العدالة والتنمية«وجعلتها الإدارة املف ضل ة لدى ال شركات الكربى التي ميثلها احتاد رجال الأعمال وال صناعيني الأتراك. وتبلغ جاذبية هذا الوجه النيوليربايل حلزب العدالة والتنمية بالن سبة اإىل رجال الأعمال درجة كبرية من القوة جعلتهم يكتفون بب ضعة حتذيرات لفظية خمففة ضد احلكومة عندما كانت منهمكة يف معاقبة موؤ س سات اإمرباطور الإعالم الرتكي اآيدن دوغان بفر ض غرامات ضريبية باهظة عليها. وباإمكاننا مالحظة التوجه نف سه امل ؤويد للحكومة لدى املوؤ س سات املالية الدولية ووك الت الت صنيف الئتماين واملحللني العامليني ذوي النفوذ بدءا من عام 2003 وحتى الآن با ستثناء بع ض النتقادات القليلة. وعلى هذا الأ سا س فمن الإفراط يف التب سيط اأن نفرت ض اأن اجلي ش واحلكومة يف طريقهما اإىل الت صادم. فالعامل تغري وب ات حلفاء تركيا التقليديون يف الغرب يوؤيدون القيادة الراهنة التي أاظهرت جدارتها كقوة»اإ سالمية معتدلة«توؤازر الأعمال التجارية وتنا صر العوملة باإخال ص ومتتلك القدرة على التعلم من اأخطائها ب سرعة. ومبا اأن حزب العدالة والتنمية يعلم جيدا اأن م صاحله حم صورة ضمن اإط ار هياكل القوة العاملية ف إانه ل يبدي اأي ميل للتحرك خارج ذلك الإط ار هذا بينما جتد النخبة العلمانية الرتكية م شق ة كبرية يف إايجاد بديل ملثل هذه الرباعة الفائقة. وخالل امل ستقبل املنظور اإذا مل يفلح حزب ال شعب اجلمهوري ال ذي يعد حزب املعار ضة الرئي سي للحكومة يف طرح النقا شات الثانوية حول العلمانية جانبا وتركيز اهتمامه على امل شكالت القت صادية املتزايدة التي تعانيها تركيا فاإن حزب العدالة والتنمية سيكون مهي أا لالحتفاظ مبوقع القيادة. * مدير حترير صحيفة»حرييت ديلي نيوز«الرتكية يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

12 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع االنتخابات األخيرة ترشحها للتحول إلى دولة»جديدة«بريطانيا على طريق التغيير الجذري من قال إن الثورات العنيفة والحروب الدموية وحدهما تغي ران وجه التاريخ بريطانيا تقدم الدليل على أن الديمقراطية البرلمانية تصلح وسيلة أكثر فاعلية إلحداث تبد ل عميق حتى في بالد ترقى قواعدها الدستورية ومجلس اللوردات فيها إلى قرابة ثمانية قرون ولتقريب نهاية حزب حكم البالد 13 عاما ومعه ربما اليسار البريطاني بأشكاله المألوفة. في هذا كل ه دروس للعالم وهي دروس ستكون أجدى لو نجح االئتالف الحاكم في لندن في تحقيق أهدافه المعلنة. عمار الجندي* النتخابات العامة التي شهدتها بريطانيا يف ال ساد س من مايو/ أايار املا ضي كانت»تاريخية«بحق على أاكرث من صعيد فهي غري م سبوقة سواء جلهة ال ستعدادات والظروف التي سادت خاللها أاو لناحية النتائج التي متخ ضت عنها. فقبل نحو سنتني بداأت الأزمة القت صادية العاملية التي اأوقعت بع ض ضحاياها الأوائ ل يف بريطانيا مثل بنك»نورثرن روك«. ويف مايو عام 2009 كانت بريطانيا على موعد مع اأزمة اأخرى جملجلة من نوع خمتلف. فقد افت ضح اأمر تالعب الع شرات من اأع ضاء جمل س العموم بنفقاتهم. وهكذا باتت سمعة املجل س الذي ي سم ى «أام الربملانات«يف احل ضي ض قبيل توجه الناخبني إاىل صناديق القرتاع باأ شهر قليلة. ولئن كانت الأزمة القت صادية اأحلقت ال ضرر بحزب العمال اأكرث من غريه لأنه كان يف سد ة احلكم وبالتايل هو املطالب فعليا بالت صدي لها ف إان تالعب الربملانيني اأ ساء إاليه يف الدرجة الأوىل لأن اأكرث»املذنبني«كانوا من»العمال«. اأما املعركة النتخابية وبع ض»اأ سلحتها«فكانت بدورها غري م سبوقة يف تاريخ النتخابات الربيطانية الذي ي عد بالقرون. صحيح أان»ال شبكات الجتماعية«مثل»في سبوك«و»تويرت«وغريهما ا ست عملت للمرة الأوىل لكن التطور الأكرب متثل يف املناظرات بني زعماء أاكرب ثالثة اأحزاب متناف سة يف بادرة هي الأوىل من نوعها. ورفعت تلك املناظرات اأ سهم رئي س حزب الدميقراطيني الأحرار نك كليغ على نحو مذهل مل يكن متوقعا حتى اإن و سائل الإعالم باتت تتحدث عن ظاهرة جديدة اأ سمتها»كليغ مانيا«)الهو س بكليغ(. غري أانه مل يرتجم هذا»الهو س«إاىل جناح ملمو س فقد خرج من النتخابات بخ سارة اثنني من املقاعد التي احتلها حزبه يف جمل س العموم يف ال دورة ال سابقة. ولن ي ؤود ي هذا على الأرجح إاىل حتويل الأنظار نهائيا عن املناظرات فهي باتت جزءا ل يتجزاأ من أاي معركة انتخابية عامة يف امل ستقبل. هذه النتيجة اأ صبحت ملمو سة ضاأنها ضاأن حتديد عمر جمل س العموم وبالتايل احلكومة بخم س سنوات بعدما كان من حق احلزب احلاكم أان يختار موعد النتخابات العامة يف تاريخ ينا سبه )1(. كما أان»جمل س الأمن القومي«الذي اأ س سته احلكومة الئتالفية يف اليوم الأول لت سل مها مقاليد الأمور صار بدوره حقيقة واقعة. أاما النتائج الأخرى الق صرية املدى التي تم ي ز هذه النتخابات التاريخية عن كل ما سبقها فال تزال يف اأغلبها عبارة عن نظرية تنتظر التنفيذ. نتائج.. مع وقف التنفيذ مل حت سم النتخابات الأم ر مل صلحة فريق بعينه بل ج اء جمل س العموم بنتيجتها»معلقا «ل يحظى اأي حزب فيه بالأغلبية. واإذ اأتى املحافظون يف املقدمة )306 اأع ضاء( وتالهم العمال )258 ع ضوا ( ثم الدميقراطيون الأح رار )57 ع ضوا ( فقد كان احلزب الأول يف حاجة اإىل 15 ع ضوا كي ي ستطيع ت شكيل احلكومة مبفرده. وب دل من حكم»احل زب الواحد«الذي اعتادته بريطانيا كتقليد حكومي مل تخرقه منذ عام 1945 شك ل املحافظون والدميقراطيون الأحرار وزارة ائتالفية بريطانية. جمل س الوزراء الذي ي ضم 17 ع ضوا من املحافظني بالإ ضافة اإىل كامرون واأرب ع ة أاع ضاء إاىل جانب نائب رئي س ال وزراء كليغ من شركائهم تبن ى سيا سات احلزب الأكرب يف الدفاع واخلارجية والقت صاد وهي جمالت تبدو الفجوة فيها وا سعة بني ما طرحه كل من اجلانبني يف براجمهما النتخابية اأو أادبياتهما الأخرى. الدميقراطيون الأحرار تراجعوا عن رف ضهم لتقلي ص الإنفاق العام ستة مليارات جنيه اإ سرتليني مع اأن اأعداد العاطلني عن العمل قد تبداأ يف الرتفاع ب سبب هذه ال سيا سة ويفقد القت صاد الن شاط الذي أاخذ يدب فيه تدريجيا العام املا ضي. ومل يعودوا حري صني على بع ض ال ضرائب التي تعه دوا قبل النتخابات بفر ضها كما مل يت شبثوا بالرف ض الذي شد دوا عليه مرارا باإلغاء الت سهيالت والإعفاءات ال ضريبية التي يريد املحافظون اأن يوفروها لبع ض اأ صحاب املاليني. كما اأ سقطوا من ح سابهم حما ستهم املاألوفة لتعزيز الروابط مع الحتاد الأوروبي من دون ا ستفتاء م سبق وجلعل قوانني الهجرة اأقل صرامة ف ضال عن حل اأو ضاع املهاجرين املوجودين يف بريطانيا ب صفة غري قانونية وللتخلي عن ال سالح النووي. فماذا سيقول كليغ وزم الوؤه اإذا س ئلوا عن سبب»تفريطهم«يف هذه النقاط املبدئية كل ها اإر ضاء للمحافظني قد يجيبون يف حماولة لتربير هذه»الت ضحية«بالت شديد على»املك سب«الثمني الذي حققوه ويتمثل يف قبول شريكهم )احلزب التقليدي( فتح الباب على إامكانية اإجراء تعديالت جذرية يف النظام النتخابي احلايل. واحل ال فاإن انتزاع موافقة املحافظني على البدء يف عملية اإع ادة النظر يف»نظام انتخاب الأكرثية العددية«الذي سمح له وخل صمه حزب العمال ب»احتكار«احلكم لزمن طويل هو اإجناز بالغ الأهمية. وقد بداأ التذم ر يف اأو ساط اجلناح اليميني يف حزب املحافظني بالتعبري عن ترب مهم بهذا»التنازل«للدميقراطيني الأحرار. لكن هل ي صح اعتبار الإقرار بطرح مو ضوع»اإ صالح النظام النتخابي لال ستفتاء«العام»تنازل «علما باأن املحافظني احتفظوا بحقهم كاأفراد يف القيام بحملة م ضادة تهدف اإىل منع الدميقراطيني الأحرار من ا ستبدال نظام التمثيل الن سبي بالنظام املعمول به حاليا واأحرز الدميقراطيون الأحرار»فوزا «حمدودا أاي ضا حني اأقنعوا املحافظني ب ضرورة التفكري يف اإ صالح جمل س اللوردات. ال ض ؤوال الذي يفر ض نف سه هنا هو: كم من هذه النتائج»النظرية«ستجد طريقها إاىل التنفيذ من ال سابق لأوانه التكه ن مبدى جناح الئتالف احلاكم يف تطبيق خططه فهو قد ب داأ اإدارة البالد يف 12 مايو املا ضي وم ن ال صعب تقدير الن سجام احلقيقي بني طرفيه اإذ مل مير حتى الآن باأزمة متتحن مدى تفاهم ال شريكني. اإل اأن كال منهما ي ضم اأجنحة شتى تتباين ميولها الأيديولوجية وتتفاوت من حيث ا ستعدادها لتقدمي»ت ضحيات«سيا سية بق صد الإبقاء على الئتالف. وبد أات تظهر اأ صوات فردية تعبر عن خالفاتهما اجلوهرية )2(. ففيما ي عد حزب املحافظني حزبا ميينيا يو صف الدميقراطيون الأحرار عموما ب»التقدميني«كما اأن اأ صول تيار ي ضم عددا غري ضئيل منهم تعود اإىل حزب العمال القدمي اأو تنظيمات نادت مثله ب»ال شرتاكية«)3(. وحداثة احلكومة متنع املرء كذلك من مل س مدى اإخال ص كل منهما لوعوده و سيا ساته التي مل تذهب اأدراج الرياح ب سبب ال شراكة. لكن ثم ة اإ شارات غري م شجعة. فخطة العمل التي يعتزم كامرون تنفيذها يف عام واأعلنها عرب»خطاب امللكة«عند افتتاح ال دورة الربملانية اجلديدة يف 25 مايو املا ضي خلت من ذكر سيا سات عديدة تبناها يف برناجمه النتخابي مثل انتخاب قادة ال شرطة بدل من تعيينهم. أكد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كامرون قبل االنتخابات األخيرة أنه عازم على تطوير عالقات بالده مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

13 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع التداعيات البعيدة النتائج الق صرية املدى الآنفة الذكر حتمل طابعا حمليا قويا فمعركة النتخابات يف بريطانيا صارت منذ اأخذت ال شم س تغيب عن اأرا ضي اإمرباطوريتها تدور يف اأوقات ال سلم على ميدان الق ضايا احلياتية التي تهم املواطن مثل ال صحة والتعليم والأمن والقت صاد والنقل. اأفغان ستان وحربها امل ستعرة التي ي شارك فيها جنود بريطانيون مل تظهرا بقوة على شا شة النتخابات الأخرية ف ضال عن العراق الذي اأ سهم الربيطانيون يف غزوه عام 2003 قبل اأن يرحلوا عنه منذ قرابة سنتني. لكن هذه النتائج املحلية بامتياز هي املدخل الفعلي لتداعيات ل تقت صر أاهميتها على بريطانيا وقد تاأتي على املدى الطويل مثل نهاية»حزب العمال اجلديد«. وفعال اأخذ املر شحون لزعامة»العمال«سلفا يناأون باأنف سهم عن»ماآثر«حزبهم»اجلديد«مثل غزو العراق وبع ض اإ صالحاته الجتماعية والقت صادية عالوة على اأ سلوبه يف التوا صل مع الناخبني )4(. وها هو اللورد ماندل سون اأحد موؤ س سي ثورة التجديد التي اأبقت العمال يف ال سلطة سنة 13 مت صلة للمرة الأوىل يف تاريخهم ال ذي يربو على قرن من الزمان يعلن صراحة اأن»ه ذه املرحلة من حزب العمال اجلديد قد انتهت حاليا وماتت يف 6 مايو 2010«)5(. وذلك»احلزب«تفوق على كثري من تيارات الدميقراطية ال شرتاكية الأوروبية جلهة الحتفاظ بال سلطة وحتقيق اأج زاء من برناجمه. اللورد الربوفي سور اأنتوين غيدنز وهو املفكر الذي قامت اأيديولوجية مغامرة التجديد على نظريته»الطريق الثالث«يلفت النظر اإىل أان» سجل العمال متبد ل ب صورة مميزة ولكن من ال صعب اإنكار اأنه حقق تاأثريا اأكرب بكثري مما حققه اأي من أاحزاب ي سار الو سط )الغربية(«)6(. ويتابع الربوفي سور»مل يبدد سمعة بلري شيء مثلما فعل القرار الذي اتخذه ل سوء طالعه باأن يكون شريك جورج بو ش الرئي سي يف غزو العراق«. ويخل ص اإىل نتيجة مماثلة لتلك التي انتهى اإليها ماندل سون قائال»هذا العمال اجلديد قد مات وحان الوقت لالإقالع عن ا ستعمال ال سم«.»موت«حزب العمال اجلديد رمبا يعني على املدى الطويل نهاية الي سار الربيطاين باأمناطه املاألوفة. ف شلت اجلهود القدمية لتوحيد»التقد ميني«يف حزبي العمال والدميقراطيني الأحرار وبدل من ن شوء حتالف»تقدمي«جاءت ال شراكة بني حزبي الئتالف احلاكم لتعز ز مواقع ميني الو سط كتيار سيا سي. و ستزداد قوة هذا التيار تدريجيا على ح ساب الي سار خا صة اإذا جنحت احلكومة الئتالفية يف اإدارة البالد. يف املقابل ثم ة قراءة اأقل ت شاوؤما مل ستقبل الي سار ب نيت على حقيقة اأن خ سارة ميدان المنافسة الحقيقية على الحكم في بريطانيا سيبقى في الوسط كما كان في ظل»العمال الجديد«الذي أحرز انتصاراته االنتخابية الثالثة ألنه -خالفا ل»العمال القديم«- فهم أن نيل تأييد ما يسمى»وسط إنكلترا«يعني الفوز بالسلطة بريطانيا»الجديدة«.. والعرب والمسلمون اأكد رئي س ال وزراء الربيطاين ديفيد كامرون قبل النتخابات الأخ رية اأنه عازم على تطوير عالقات بالده مع دول جمل س التعاون لدول اخلليج العربية. والالفت للنظر اأنه مل يرتدد يف الت شديد على هذا الهدف حتى يف اأثناء لقاء أاجراه مع اليهود الربيطانيني يف اإط ار احلملة النتخابية. وم ع اأن التفا صيل وال سيا سات اجلديدة التي سيتبعها حيال اخلليج العربي مل ت علن بعد فاملتوق ع اأن ت شمل مزيدا من التعاون يف املجالني ال صناعي والقت صادي واتفاقيات تت صل بالطاقة من نفط وغاز. ول يزال املحافظون ي صر ون على موقفهم املناه ض لل سيا سات الإيرانية التي انتقدوها ب شدة حني كانوا يف املعار ضة واأ سهمت حكومتهم الئتالفية اأوائل شهر يونيو/حزيران املا ضي باجتهاد يف مترير ق رار فر ض العقوبات الأك رث صرامة على طهران ب سبب برناجمها النووي. كما اتخذوا املوقف الذي سبقهم اإليه العمال حيال تركيا فاحلكومة اجلديدة ت ؤوي د ان ضمام اأنقرة اإىل الحتاد الأوروبي خالفا لبع ض الأ صوات الأوروبية املت شد دة. ويف ال سياق نف سه على الر غم من اأن كامرون اأكد اأن نك كليغ نائبه و شريكه يف الئ ت الف» سيكون يف قلب عملية اتخاذ ق رارات ال سيا سة اخلارجية«فاملحافظون ينفردون اإىل حد بعيد بهند سة هذه القرارات وتنفيذها. قد ل يبدو هذا لأول وهلة يف م صلحة العرب وامل سلمني فمواقف كامرون ووليام هيغ نائبه احلزبي وزير اخلارجية من الق ضايا العربية بدءا بغزو العراق وانتهاء بعملية ال سالم يف ال شرق الأو سط والحتالل الإ سرائيلي ل تدعو اإىل التفا ؤول. لكن مقارنة مواقفهم مبواقف خ صومهم )العمال( من ض أانها أان تو ضح حقيقتني مهمتني اأول سيا سات املحافظني حول ال شرق الأو سط لي ست بالتاأكيد الأ سو أا يف اجلانب الربيطاين. وثانيا ت ضم هذه ال سيا سات عنا صر إايجابية قد يكون من املمكن تطويرها وذلك مع أانها ت شكو خلال تعبر عنه بع ض مواقفهم البارزة. صحيح اأن ت أاييد هيغ للهجوم الإ سرائيلي على غ زة يف عام 2009 كان خميبا لالآمال من وجهة النظر العربية. بيد اأنه مل يكن على الإطالق اأ سو أا من مواقف العمال احلاكم»املتفه مة«! ويف املقابل انتقد هيغ اجتياح اإ سرائيل للبنان يف عام 2006 وه و الع ت داء ال ذي اأي ده بلري! و ش دد ك ام رون خ الل زي ارة لإ سرائيل قبل النتخابات على اأن القد س ال شرقية اأر ض حمتلة. اأما ديفيد ميلباند وزير اخلارجية العمايل ال سابق فقد زار م ستوطنات اإ سرائيلية غري قانونية ح سبما نقلت تقارير نفى صحتها يف حينها. أاما بالن سبة اإىل الدميقراطيني الأحرار الذين ي عد ون عموما متعاطفني مع الق ضايا العربية فقد اأثبت العتداء الإ سرائيلي على»قافلة احلرية«اأخريا أانهم ل يفوقون املحافظني حر صا على الوقوف إاىل جانب احل ق. فقد سارع كامرون وهيغ إاىل التنديد بالعتداء وانتقاد اإ سرائيل بقوة كما طالبا بفتح حتقيق»نزيه«يف الوقت الذي دعت فيه وا شنطن إاىل حتقيق»جزئي«جتريه اإ سرائيل نف سها. وعلى صعيد العالقات مع امل سلمني سواء كانوا من مواطني بريطانيا )قرابة مليوين ن سمة( أاو يف خارجها فلم تت ضح بعد اآفاق التطورات التي ست شهدها البالد. معلوم أان كامرون حري ص على سحب القوات الربيطانية من أافغان ستان ب سرعة رمبا لتوفري النفقات. وثم ة اإ شارات إاىل أان سيا سات احلكومة اجلديدة ستتمتع باملرونة يف قوانني مكافحة الإره اب وطرق التعاطي مع الأ صوليني امل سلمني. وبالنظر يف التعديالت الد ستورية التي ي سعى الدميقراطيون الأح رار اإىل تطبيقها ف إان لها»ت أاث ريا جانبيا «سلبيا على الرغم من إايجابيتها عموما. فنظام التمثيل الن سبي النتخابي قد يو ص ل إاىل جمل س العموم ممثلني عن تنظيمات ميينية متطرفة مثل»احلزب القومي الربيطاين«املتهم بالعن صرية ضد امل سلمني والعرب ورمبا الأجانب جميعا. وجدير بالذكر هنا أان اليمني املتطر ف لقي ه زائ م منكرة يف النتخابات الأخ رية اإذ أاخفق زعيم احلزب القومي الربيطاين يف الفوز مبقعد يف جمل س العموم على الرغم من ال ضجة التي أاثريت ح ول»جناحاته«املرتقبة كما خ سر احل زب الق سط الأك رب من مقاعده يف املجال س البلدية. ومل يوف ق»ح زب ا ستقالل بريطانيا«اليميني املت شدد حيال املهاجرين والأج ان ب يف الو صول إاىل جمل س العموم. وق د حق ق املحافظون اخ رتاق ا وا ضحا جلهة العالقات مع امل سلمني الربيطانيني إاذ اختار كامرون البارونة سعيدة وار سي رئي سة حل زب املحافظني ووزي رة بال وزارة فحظي جمل س الوزراء لأول مرة يف التاريخ بع ضو م سلم. وكان العمال سب اقني اإىل توزير م سلمني يف وليتيهما الثانية والثالثة بيد أان املنا صب التي خ ص صوها ل صادق خان ومن قبله ل شاهد مالك بقيت يف حدود وزير الدولة دون م ستوى ع ضوية جمل س الوزراء. من السابق ألوانه التكه ن بمدى نجاح االئتالف الحاكم فهو قد بدأ إدارة البالد في 12 مايو الماضي ومن الصعب تقدير االنسجام الحقيقي بين طرفيه فالحكومة لم تمر حتى اآلن بأزمة العمال يف النتخابات كانت اأقل بكثري مما توقعوه هم وخ صومهم. فحني حقق بلري انت صاره ال ساحق على املحافظني يف عام 1997 مل يرتك لهم سوى 166 مقعدا يف جمل س العموم فيما احتفظ العمال ب 258 يف انتخابات مايو املا ضي. وهذا يعني اأن كامرون مل يف شل يف نيل الأكرثية بل أاخفق كذلك يف احل صول على تاأييد ناخبني كانوا ي صو تون للمحافظني قبل 1997 ثم انتقلوا اإىل صف العمال ول يزالون كما يبدو. وبالتايل ل ي ستبعد جناح العمال يف ا ستعادة ال سلطة اإذا ا ستطاعوا ال ستفادة من درو س الهزمية. و سواء حتقق ال سيناريو الأول اأو الثاين فم ستقبل ال سيا سة الربيطانية ونظام احلكم فيها لن يعودا اإىل ما كانا عليه قبل النتخابات الأخرية وذلك ل سببني اأ سا سيني. اأول يبدو اأن احلكم»املنفرد«أاو حكم احلزب الواحد سيف سح يف املجال منذ الآن و صاعدا للحكم»اجلماعي«الئتاليف. هذه م ضاألة تاأخ ر العمال اجلديد يف اإدراكها! و أاكرث املر شحني حظا للفوز بزعامة العمال مقتنعون باأنهم لن يعودوا اإىل احلكم اإل ضمن شراكة عري ضة ت ضم فئات اأخرى. وثانيا الئتالف الذي يحكم البالد سيبقى»معتدل «مع اأنه قد مييل اإىل اليمني كما هو احلال هذه الأيام اأو اإىل الي سار فيما لو ت سل م العمال ال سلطة من جديد. ويرجع ذلك اإىل اأن ميدان املناف سة احلقيقية على احلكم سيبقى يف الو سط كما كان يف ظل العمال اجلديد الذي أاحرز انت صاراته النتخابية يف عامي 1997 و 2001 ثم يف عام 2005 لأنه -خالفا للعمال القدمي- فهم اأن نيل تاأييد ما ي سمى»و سط اإنكلرتا«يعني الفوز بال سلطة. لو جنح اليمني املت شد د بقيادة املحافظني يف حتقيق انت صار انتخابي يو صله اإىل ال سلطة لكان العمال املعار ض حلكم كهذا انحرف إاىل الي سار بعيدا عن الو سط. فالنتخابات الربيطانية يف العقود الأربعة الأخرية على الأقل تدل على أان ثم ة تناظرا سيا سيا بني املعار ضة واحلزب احلاكم فت شد د الأخري يقود اإىل ت شد د مناظر من جانب الأوىل. * من اأ سرة «اآفاق امل ستقبل«عمر الدورة الواحدة ملجل س العموم الربيطاين )ميثل ال شطر الت شريعي الأ سا سي يف الربملان املوؤلف من جمل سي العموم واللوردات( هو خم س سنوات. وينتهي عمل جمل س العموم ب صورة تلقائية عند انتهاء مدة ولية أاع ضائه فت جرى النتخابات لختيار أاع ضاء يحل ون حمل هم. لكن يحق لرئي س الوزراء أان يطلب من امللكة اأن حتل»جمل س العموم«يف اأي وقت يريد خالل ال سنوات اخلم س وهو طلب ل ت ستطيع رف ضه وذلك متهيدا لتنظيم انتخابات عامة باكرة. صدرت ت صريحات عن عدد من الوزراء ال سابقني من اأقطاب التيار اليميني يف حزب املحافظني مثل جون ريدوود وديفيد ديفيز وبيرت ليلي تفيد باأن كامرون مل يقنع زمالءه جميعا بجدوى الئتالف وب ضرورة التفكري يف تطوير النظام النتخابي. مثال انظر الكلمة التي األقاها ليلي يف جمل س العموم بعد خطاب امللكة يف 25 مايو املا ضي وتطر ق فيها إاىل»خماطر الئتالفات«قبل اأن يقول»اأ ؤويد هذا الئتالف لأن الربملان املعل ق )مل يحظ حزب فيه بالأغلبية( يجعله ضروريا. لكنني لن اأوؤيد إاجراء تعديالت على النظام النتخابي من ضاأنها اأن جتعل الربملان املعل ق مبنزلة العادة«. House of Commons, Hansard Debates for 25 May ت شارلز كنيدي الزعيم الأ سبق حلزب الدميقراطيني الأحرار كتب يف صحيفة»ذا اأوبزرفر«مقال بعنوان»ملاذا مل اأ ستطع تاأييد صفقة كليغ مع املحافظني «قال فيه إانه هو وبادي اأ شدوان الزعيم الذي سلفه على ر أا س احلزب يعتقدان أان هذه ال شراكة تن سف اجلهود الرامية اإىل»اإعادة متو ضع ي سار الو سط«التي سعى اإليها عدد من زعماء حزب الدميقراطيني الأحرار ل ضم جهودهم اإىل حزب العمال يف حتالف عري ض. جتدر الإ شارة اإىل أان جذور كنيدي تعود إاىل»حزب الدميقراطيني ال شرتاكيني«)اأ س س من بقايا العمال القدمي يف عام 1982( الذي اندمج يف عام 1988 مع»احلزب الليربايل«)اأ س س ب صورة ر سمية اأوا سط القرن التا سع ع شر( لي شكال»الدميقراطيني الأحرار«. كما أانه اأ سكتلندي واأ سهم املحافظني متدنية تاريخيا يف اأ سكتلندا حتى إانهم مل يفوزوا يف النتخابات الأخرية باأكرث من مقعد يتيم هناك. «Charlrs Kennedy: why I couldn't support Clegg's deal with the Tories», The Observer, Sunday May 16, مثال اإد ميلباند وزير الطاقة ال سابق واإد بولز وزير املدار س ال سابق وكانا اأقرب م ساعدي براون اإليه منذ كان وزيرا لالقت صاد هاجما دور بالدهما يف احلرب على العراق واعتربا اأنها أا ضر ت كثريا ب شعبية احلزب. وزير اخلارجية ال سابق ديفيد ميلباند اختلف مع شقيقه اإد حول العراق. ويف جهة الإ صالح دعا إاىل متو ضع جديد»تقد مي«للحزب بحيث تكون اإ صالحاته موجهة نحو اأ صحاب الدخلني القليل واملتو سط. Peter Mandleson, «New Labour is dead. Long live new Labour», Times,June 3, 2010 الأحزاب املق صودة هنا هي الدميقراطي الأمريكي يف ظل الرئي س الأ سبق بيل كلينتون وال شرتاكي الفرن سي بقيادة ليونيل جو سبان وال شرتاكي الدميقراطي الأملاين بزعامة غريهارد شرودر.»بروز العمال اجلديد و سقوطه«جملة»نيو ستيت سمان«)17 مايو 2010( 17 May 2010.,«the rise and fall of New Labour», New statesman Anthony Giddens, يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

14 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع صمت محي ر للملك تايالند.. هدوء قد يسبق عاصفة جديدة رئيس الوزراء التايالندي األسبق تاكسين شيناواترا سياسي مثير للجدل. و ج هت إليه اتهامات كثيرة أهمها أنه يقف حائال دون استقرار البالد منذ إطاحته بانقالب عسكري في عام ولو استطاع فعال أن يفجر من منفاه البعيد اضطرابات لم تكد تهدأ في بالده خالل السنوات األربع الماضية فهذا يعني أن للرجل مهارات خارقة وقدرة على التأثير ال يمكن شراؤها بالمال. لكن ثم ة تفسير آخر هو أن الرجل ليس مسؤوال عما تشهده تايالند منذ رحيله عنها. لشيناواترا تناقضاته. وأهدافه بعيدة المدى محي رة فتارة يقول إنه لن يمارس السياسة في المستقبل وأحيانا يعد عودته ضرورية لتخليص البالد من أزمتها االقتصادية الخانقة. لكن إن لم يكن الزعيم الثري المخلوع وراء التظاهرات واالعتصامات التي وصلت في مارس/آذار الماضي إلى درجة غير مسبوقة فمن»المدب ر«يرد محللون بريطانيون وتايالنديون بأن هذا»المحرض«هو الرغبة العارمة لدى قطاع عريض من أبناء الشعب في تحقيق تغيير اجتماعي جذري. وبين»ذوي القمصان الحمر«مم ن حولوا وسط بانكوك أخيرا إلى ميدان للمعارك ضد حكومة يعد ونها غير شرعية عي ن العسكر رئيسها مثقفون وكت اب يشددون على أن هدفهم ليس إعادة مليونير إلى السلطة بل تأكيد حق التايالنديين في اختيار حكومتهم وتحرير البالد من سطوة العسكر الذين يتحكمون فيها. هذا تفسير له أنصاره. والمقال التالي يضم تفسيرا مختلفا يعب ر عن وجهة نظر كاتبه. عبداهلل المدني * دخلت تايالند يف شهر مار س/ آذار املا ضي يف أزمة سيا سية سرعان ما حتولت خالل ال شهرين التاليني إىل مواجهات عنيفة بني ق وات ال شرطة واجلي ش يوؤازرها من عرفوا با سم»ذوي القم صان ال صفر«)1( من جهة واملناه ضون للحكومة من»ذوي القم صان احلمر«من أع ضاء اجلبهة املتحدة من أجل الدميقراطية املنا صرون لرئي س الوزراء الأ سبق شيناواترا من اجلهة الأخرى. مل تكن هذه املتاعب جديدة على البالد التي تتميز عن جاراتها يف جنوب شرق آ سيا مب ل كية فريدة وتاريخني سيا سي وح ضاري خمتلفني فلقد شهدت تايالند يف تاريخها املعا صر أزمات م شابهة ومتكر رة متحورت حول ال صراع املزمن الذي خا ضه الع سكر الطاحمون إىل لعب دور موؤثر يف سوؤون بالدهم أ سوة باأقرانهم يف أندوني سيا وبورما والفلبني. بيد أن الأزمة الأخرية دارت بني فريقني ي ضم الأول أ شخا صا ن سبوا إىل أنف سهم صفة الدميقراطية ويعتقد أن شيناواترا يحركهم من منفاه لختياري. فيما ي شتمل الثاين على دعاة ل ستمرارية والتم سك بالنظام امللكي الراهن بقيادة رئي س الوزراء ال شاب أبهي سيت فيجاجيفا. ا ستطاع شيناوترا أن ي ستثمر جزءا من ثروته ال ضخمة يف إقامة م شروعات إمنائية يف م سقط ر أ سه يف شمال البالد فك سب أ صواتا انتخابية معتربة الأمر الذي أثار حفيظة الطبقات املدنية املتعل مة يف العا صمة و ضواحيها وجعلها تنظر إىل جناحه كمقد مة لإق صائها و إح الل الطبقات الريفية يف صناعة ال ق رار. ورمب ا ازداد ه وؤلء شكا وريبة لعلمهم أول بطموحاته الالحمدودة و ضمنها احتمالت ترب صه بالنظام امللكي خا صة بعدما جنح ال شيوعيون من أتباع م او ت سي تونغ يف إ سقاط امل ل كية يف نيبال و إح الل نظام جمهوري ه ش مكانها. ولعل قلقهم تفاقم ب سبب معرفتهم أن شيناوترا ي ستمد شعبيته من التحري ض الطبقي مبعنى الرتكيز يف خطابه املعلن على وجود متييز ر سمي ضد الطبقات الفقرية واملهم شة مل صلحة الطبقات الرثية املتعلمة علما باأنه ينتمي إىل الطبقة الأخرية. وقد بد أ شيناوترا ضابط ال شرطة ال سابق بروزه يف عامل املال عام 1990 حني ح صلت شركته» أدفان س إنفو سريف س«على امتياز ملدة 20 عاما من دائرة الهاتف التايالندية لتقدمي خدمات الهاتف املحمول. وتو سعت شركته و أدرج ا سمها يف أ سواق البور صة يف عام 1991 لتغدو أكرب شركة عاملة يف حقل الهواتف املحمولة يف تايالند. ه ذا النجاح يف حقل لت صالت معطوفا على جناحات أخ رى يف جمال الكمبيوتر وال ب ث التلفزيوين ع رب الأق م ار ال صناعية و ش راء ال شركات وامل صارف اخلا سرة منحت تاك سني وعائلته فر صة لرتاكم ثروتها. ويعتقد أن ه ا ستخدم بع ض ه ذه ال ث رثوة يف تثبيت أق دام ه يف ع امل ال سيا سة من خالل تاأ سي س حزب خا ص به ا سمه»تاي راك تاي«)التايالنديون يحبون التايالنديني( كما وظ ف بع ضها الآخر يف الرتويج وبناء ال شعبية لنف سه من شيناواترا يستمد شعبيته من التحريض الطبقي ويركز في خطابه المعلن على وجود تمييز رسمي ضد الطبقات الفقيرة لمصلحة الطبقات الثرية المتعلمة علما بأنه ينتمي إلى الطبقة األخيرة خالل إن شاء»جامعة شيناواترا«قرب بانكوك بهدف تقدمي برامج ومنح درا سية جمانية يف تخ ص صات الهند سة والزراعة و إدارة الأعمال.»ذوو القمصان الحمر«ا ستند شيناواترا يف حركته لحتجاجية للعودة إىل ال سلطة إىل الفقراء يف م سقط ر أ سه واملقاطعات امل ج اورة خا صة ممن ا ستفادوا من م شروعاته الإمنائية يف ال صحة والتعليم واملوا صالت والزراعة وا ست صالح الأرا ضي واملياه والكهرباء وغريها من امل شروعات ذات ال صلة بحياة سكان الأرياف ال شمالية. إل أن اعتماده على العنف الذي اجتاح العا صمة بانكوك لقي التاأييد من بقايا ال شيوعيني واملارك سيني من قادة احلزب ال شيوعي التايالندي و أع ضائه الذي بلغ أوج ن شاطه يف ال سبعينيات والثمانينيات من القرن املا ضي. وت سبب هذا احلزب مبتاعب مر ة للحكومات التايالندية املتعاقبة قبل أن ترتاجع سطوته بفعل املتغريات العاملية بعد انهيار لحتاد ال سوفييتي ونبذ ال صني أفكار املعلم م او ت سي تونغ وال سيا سات الراديكالية. ورمب ا تف سر ه ذه احلقيقة اختيار أن صار شيناواترا للون الأحمر شعارا لهم. لعبت امللكية يف تايالند على الدوام دورا متميزا يف احلياة ال سيا سية خا صة يف عهد امللك احلايل بهوميبون أدونياديت )يعد اليوم»عميد ملوك العامل«لكونه ولد يف عام 1927 واختري يف عام 1946 ليحل حمل شقيقه الأكرب امللك أناند يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

15 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع الذي قتل يف حادث ماأ ساوي غام ض(. إذ د أب يف مثل هذه الأزمات على ا ستخدام صالحياته الد ستورية و شعبيته اجلارفة التي ت صل إىل درجة التقدي س عند مواطنيه ومكانته كحار س للديانة البوذية التي يدين بها غالبية التايالنديني. كما ساعدته خربته الوا سعة يف جملة من املعارف والعلوم واط العه على جمالت ال سيا سة والإدارة والقانون والعالقات الدولية والتاريخ على احلد من لنق سامات و ل ضطرابات التي شهدتها بالده. وكان يكفي أن يعطي الرجل إ شارة مبط نة يعرب فيها عن عدم قبوله ما يجري كي تعود الأمور إىل ن صابها ال صحيح. وقد تدخ ل امللك يف أكرث من منا سبة كان آخرها يف عام 1992 حينما حاول الع سكريون العودة بالبالد إىل حقبة جديدة من الدكتاتورية. وقتها احتل املتظاهرون من ن شطاء الدميقراطية شوارع العا صمة و ساحاتها ردا على ا ستخدام حكومة اجلرنال سو شيندا كرابرايون الع سكرية الر صا ص والدبابات ضد املدنيني العزل. وعندها ا ستدعى امللك رئي س حكومته وزعيم احلركة لحتجاجية اجلرنال املتقاعد ت شاملونغ سرمياوانغ ووبخهما على الهواء أمام كامريات التلفزة املحلية والأجنبية ب سبب ما آلت إليه الأمور طالبا إنهاء الأزمة سريعا. هذه الإ شارة الوا ضحة إىل عدم ر ضا امللك حملت رئي س احلكومة على ل ستقالة فورا مف سحا الطريق أمام تد شني عهد دميقراطي جديد. ويف عام 1981 حني أط اح نفر من عقداء اجلي ش رئي س احلكومة وقتذاك اجلرنال برمي تين سولنوند قطع امللك إجازته والتحق برئي س الوزراء املخلوع يف شمال شرق البالد لكي يعطي إ شارة مبط نة حول امتعا ضه مما جرى. وكانت تلك احلركة امللكية كافية لإحباط لنقالب وعودة رئي س احلكومة ال شرعي إىل موقعه. صمت الملك ال سوؤال الذي حير الكثريين هو: ملاذا مل يتدخل امللك يف الأزمة الأخرية وف ض ل أن يبقى صامتا برغم تدهور الأو ضاع وجتاوزها احلدود ال سابقة كل ها و سقوط نحو 50 قتيال وعدد كبري من اجلرحى أحد العوامل بطبيعة احلال هو احلالة ال صحية احلرجة للملك الذي تقد مت به ال سن ف صار ي شكو جملة من الأمرا ض واملتاعب التي دخل ب سببها امل ست شفى غري مرة لإجراء عمليات جراحية. جتدر الإ شارة إىل أن العاهل التايالندي يحر ص على تلق ي الرعاية ال صحية دائما يف ب الده ويرف ض رف ضا قاطعا ال سفر إىل اخلارج بق صد العالج. ل بل يعد من أقل زعماء العامل ا ستعدادا ملغادرة بالده. لكن رمبا كان ال سبب الأهم هو تذم ر امللك من طموحات شيناواترا الالحمدودة و سعيه بطريقة غري مبا شرة إىل الق ضاء على امللكية ح سبما يردد خ صومه. ي ذكر أنه ) شيناوترا( مل يرتدد حلظة واحدة يف كيل لتهامات للق صر باأنه كان وراء إق صائه من احلكم يف عام 2006 حني نفذ قائد اجلي ش اجلرنال امل سلم سونتي بونياراتغلني املعروف أي ضا با سم اجلرنال عبداهلل انقالبا ع سكريا. ويعتقد أن املهند س احلقيقي لهذا لنقالب الذي أطاحه هو رئي س اخلا صة امللكية رئي س الوزراء الأ سبق اجلرنال برمي تين سولنوند. وثمة تف سري آخر يكمن يف لتهامات ب ساأن توجيه شيناواترا أن صاره من ذوي القم صان احلمر إىل تنفيذ أعمال تخريب وتفجري يف املواقع التي تعود ملكيتها إىل»دائ رة أمالك التاج«. ورمبا كان العاهل التايالندي يرى أن شيناوترا مل يعد صاحلا لقيادة البالد بعد الك شف عن تورطه وعقيلته يف ف ضائح مالية فقرر عدم عمل شيء يخدم يف النهاية رئي س الوزراء الأ سبق. حتتفظ تايالند ب صالت وثيقة مع شريكاتها جميعا يف منظومة» آ سيان«و ضمنها تلك ال دول التي كانت خ صما لها يف أثناء حقبة احلرب الباردة الحل األمثل هو صياغة دستور جديد أو تنقيح الدستور المعمول به بالتوافق بين المعارضة والحكم وبمساعدة الملك الذي أثبت على الدوام حنكة كبيرة في إدارة دفة األمور لسبعين عاما مثل فيتنام وكمبوديا ولو س. ولها يف الوقت نف سه عالقات جيدة مع جارتها بورما. ويقال إن الأخرية التي تعي ش يف عزلة تامة ب سبب نظامها الع سكري القمعي قادرة على ل ستمرار يف هذا الو ضع بف ضل العالقات التي تربط جرن لتها ب ج نراالت اجلي ش ال ت اي الن دي ف ضال ع ن روابطها التجارية و لقت صادية الوطيدة مع ال صني والهند. ولها كذلك روابط اقت صادية و سيا سية و سياحية متينة مع معظم دول ال شرق الأو س ط خا صة دول جمل س التعاون ل دول اخلليج العربية ما عدا اململكة العربية ال سعودية التي ي شوب عالقاتها معها نوع من الفتور على خلفية اغتيال عدد من الدبلوما سيني ال سعوديني يف بانكوك يف الثمانينيات وعدم الك شف حتى الآن عن مدب ري تلك لغتيالت أو تقدمي املتورطني فيها إىل املحاكمة. خا صة أن الريا ض ما برحت تتهم ال شرطة التايالندية بالتق صري و أحيانا بال ضلوع أو على الأقل الت ستر. ومما ل شك فيه أن تدهور الأو ضاع يف تايالند من ساأنه حرمان هذا البلد موردين مهمني من موارده لقت صادية هما ال سياحة واخلدمات امل صرفية وبالتايل تراجع معدلت النمو التي حققتها حكومة فيجاجيفا خالل الفرتة الق صرية املا ضية. وبعبارة أخرى فاإن ا ستمرار تدهور الأو ضاع يعني هروب ل ستثمارات الأجنبية وتوقف قدوم ال سياح سواء من دول اجلوار ودول لحتاد الأوروبي والوليات املتحدة أو من دول»جمل س التعاون«التي بد أ مواطنوها يف الرتدد بكثافة على تايالند ابتداء من ال سبعينيات لأغرا ض الراحة و ل ستجمام والت سوق أو من أجل ال سياحة العالجية التي أ ضافتها تايالند موؤخرا إىل قائمتها وبز ت فيها الدول الأخرى ب سبب توا ضع تكلفتها. مستقبل الحل متكنت ال سلطات التايالندية من ب سط نفوذها على مواقع جتمعات املعار ضة و سط العا صمة بانكوك و أقنعت الكثريين من قادتها بال ست سالم. غري أن هذا ل يعني أن الأمور قد ح سمت ب صورة نهائية مل صلحتها خا صة أن خ صمها الأكرب شيناواترا ل يزال يف اخلارج ي سعى إىل إطاحتها. ومن هنا فاإن احلل الأمثل طبقا ملراقبني ك رث هو صياغة د ستور جديد أو تنقيح الد ستور املعمول به بالتوافق بني املعار ضة واحلكم ومب ساعدة امللك الذي أثبت على الدوام حنكة كبرية يف إدارة دفة الأمور ل سبعني عاما. ولعل من الأف ضل ترتيب البيت جيدا قبل أن يخطف املوت امللك العليل ويتوىل العر ش ويل عهده الأمري فاجريالونغكورن الذي ل يحظى ب شعبية كبرية ب سبب ما يقال عن رعونته وانغما سه يف أمور ل تليق مبن يتوىل العر ش ويحر س الديانة البوذية. * كاتب وحما ضر أكادميي من مملكة البحرين متخ ص ص يف ال سوؤون الآ سيوية 01. يلب سونها ليربزوا ولءهم للملك إذ إن التايالنديني ي شريون إىل كل يوم من أيام الأ سبوع بلون خمتلف وميالد امللك كان يوم الإثنني ولونه الأ صفر. و أغلبهم جمموعة من الأكادمييني ورجال الأعمال وامللكيني ون شطاء املدن من أبناء الطبقة املتو سطة املعار ضني لرئي س الوزراء الأ سبق شيناواترا والأحزاب ال سيا سية التي ي ساندها من املنفى. وسط مطالب بمراجعة أوضاعها في الشرق األوسط وعود الرئيس الفلبيني الجديد للعمالة المهاجرة يتميز االقتصاد الفلبيني باعتماده الكبير على تحويالت العاملين في الخارج لذا نجد أن موضوع العمالة المهاجرة يكتسب أهمية حتى على صعيد الحمالت االنتخابية للمرشحين لرئاسة الفلبين. الرئيس الجديد قال إنه سيجعل من هذا األمر إحدى أولوياته مع تركيزه على حماية العمالة المهاجرة والتخفيف من االعتماد على تصديرها في الوقت نفسه. بنجامين إي. ديوكنو* حقق بنينو أكينو الثالث جنل رئي سة الفلبني الراحلة أيقونة الدميقراطية كورازون أكينو الفوز يف انتخابات الرئا سة الفلبينية بفارق كبري عن مناف سيه. ويبدو أن هذا الفوز الكا سح جاء على خلفية وعوده بالتغيري ما ميث ل رف ضا قاطعا لل سيا سات التي كانت تتبعها الرئي سة ال سابقة غلوريا ماكباغال أرويو منذ ت سعة أعوام ون صف العام. ومن امل شكالت العديدة التي سوف جتابه الرئي س ال شاب أزم ة البطالة إذ ت ظهر إح صاءات العمالة ل شهر يناير/كانون الثاين عام أن 2010 هناك نحو 2.8 مليون عاطل عن العمل وزهاء 7.7 مليون عاطل جزئيا وهو ما ميثل نحو ث لث القوة العاملة يف الفلبني. وي عتقد أن هذه الأعداد ل تعبر عن حجم أزمة الوظائف احلقيقي الذي هو أكرب من ذلك. وكان قد قطع خالل حملته لنتخابية وع ودا من ساأنها أن توؤثر يف م ستقبل العمالة الفلبينية يف اخلارج. وهذه الوعود سيكون مبقدور أكينو الوفاء ببع ضها خالل املئة يوم الأوىل له يف الرئا سة وبع ضها ميكن تاأجيله حتى يزداد التعايف لقت صادي ر سوخا يف حني أن جمموعة ثالثة من الوعود رمبا لن تتحقق أبدا. وعد بتقليل تصدير العمالة وحمايتها أعلن أكينو أنه سيتبن ى سيا سة تق ضي بعدم التعويل على توظيف املواطنني يف اخلارج ب صفته ا سرتاتيجية تنموية وتبن ي سيا سات وخطوات ملمو سة لإيجاد بدائل أخرى أكرث ا ستدامة. يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

16 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع ويت سم موقفه ب س أان توظيف الفلبينيني يف اخلارج بال صالبة واحل سم. فهو يهدف إىل حتويل ال دور الذي تلعبه احلكومة من»التعامل مع املواطنني ب صفتهم سلعة ت صديرية وو سيلة لك سب النقد الأجنبي ب صرف النظر عن الأعباء لجتماعية التي تتحملها الأ سر«إىل»توفري الوظائف يف الداخل لكي ت صبح الهجرة من أجل العمل اختيارا ل ضرورة و إذا ما اختار املواطنون العمل يف اخلارج فاإن رعايتهم وحمايتهم ستظالن ضمن أولويات احلكومة«. ولأن م شكلة توظيف الفلبينيني يف اخلارج موجودة منذ وقت طويل ن سبيا فقد وعد باأنه سوف ي صب اهتمامه على جوانب هذه امل شكلة املختلفة. وتعهد ب اأن يجعل حماية الفلبينيني العاملني يف اخل ارج و أ سرهم إحدى أولوياته. ويقت ضي هذا الأمر وفقا لت صو ره أن تتبنى احلكومة سيا سات ترقى مبعايري حماية العمال املهاجرين وزيادة متكينهم و أ سرهم. ف ضال عن ذلك وعد باإعادة النظر يف ت صدير العمالة الفلبينية املتوا صل إىل مناطق متو سطة املخاطر وعاليتها ومن ضمن ذلك العمال من ذوي املهن اخلطرة الذين يعملون يف اخلارج. وت راود منظمة»ميغرانت«غري احلكومية التي متثل حتالفا للفلبينيني العاملني يف اخل ارج آم ال عري ضة أن تتمكن الإدارة املقبلة من حت سني أو ضاع العمالة املهاجرة فدعا فرع املنظمة يف منطقة ال شرق الأو سط احلكومة إىل إعادة النظر ب صورة شاملة يف ال سيا سات اخلا صة بت صدير العمالة و إلغاء القوانني املناه ضة للعمال املهاجرين وتعزيز إج راءات حمايتهم ضد إ س اءة املعاملة. ونا شدت املنظمة إدارة أكينو أن تويل عنايتها»للمهاجرين الفلبينيني العالقني وامل ستغ ل ني وامل ساءة معاملتهم«يف العديد من مراكز توريد العمالة الفلبينية. ويف هذا ال صدد تعهد أكينو بتح سني اخلدمات واملوارد احلكومية املوجهة إىل الفلبينيني العاملني يف اخلارج و أ سرهم وتعزيزها. وللتو صل إىل هذا الهدف سيتم تب سيط املنظومة البريوقراطية جلهة خف ض الإج راءات الإداري ة املعقدة وغري ال ضرورية وتقليل فر ص الف ساد. كما ست ؤو س س هيئة موح دة للتعامل ب شكل فاعل مع طلبات التوظ ف يف اخلارج وتي سري إجراءات تعوي ض العمال املهاجرين الذين وقع ظلم بحقهم. إىل جانب ه ذا سيوؤ س س صندوق» إدارة رعاية العاملني يف اخل ارج«بهدف حتقيق أف ضل ا ستفادة للم سهمني فيه. و ست جرى مراجعات شاملة على ح سابات ال صندوق للك شف عن مدى كفاية الأرب اح وطرق ا ستثمار التمويالت. و ستحو ل ال سفارات الفلبينية واملكاتب القن صلية ومكاتب العمالة الفلبينية يف اخل ارج إىل م راك ز ل رع اي ة ال ع م ال املهاجرين وخدمتهم و سي عين املزيد من موظفي اخلدمة اخلارجية خلدمة املناطق تعه د الرئيس الفلبيني الجديد باتباع سياسة تقضي بعدم التعويل على توظيف المواطنين في الخارج وأن يجعل حماية العاملين في الخارج وأسرهم إحدى أولوياته التي ترتكز فيها أعداد كثيفة من العمال املهاجرين على أن يجرى تدريبهم وفقا لحتياجات اجلاليات التي يخدمونها. عمالة فلبينية ماهرة وع د أكينو بال ستثمار يف ت دري ب مواطنيه العاملني يف اخل ارج وتطوير مهاراتهم وفيما تدربهم هيئة التعليم التقني وتطوير املهارات ب صفة دورية سي وظ فون بدورهم لتاأهيل العمال املهاجرين اجلدد من خالل نقل ما اكت سبوه من مهارات يف اخلارج إليهم. وثم ة التزام انتخابي حلمايتهم من التور ط مع اجلماعات التي تعمل يف أن شطة غري م شروعة أو عدوانية ولتطبيق قانون منع لجتار بالب شر لعام 2003 ب شكل كامل وم ساعدتهم على حتقيق ل ستقرار امل ايل من خ الل تنظيم برامج لهم ح ول التدريب و ل ستثمار و لدخ ار. ونظرا إىل الأعباء لجتماعية الثقيلة الناجمة من هجرة العمالة الفلبينية أعلن خالل حملته أنه سيلتزم التعاون الوثيق مع جاليات العمال املهاجرين و أ سرهم من أج ل توفري خدمات رعاية اجتماعية فع الة لهم كاخلدمات ل ست شارية وتنظيم الندوات الإر شادية للمهاجرين قبل مغادرتهم البالد. ويف امل دى املتو سط وع د ب اإع داد خطة رئي سية للتجارة على نطاق العامل تهدف إىل إن شاء مراكز جتارة ت ستند إىل روح العمل واملعرفة والريادة لدى الفلبينيني العاملني يف اخلارج. إشراك العمالة المهاجرة في الحكومة يبدو أننا سن شهد يف املرحلة املقبلة مزيدا من تاأثري ق ضايا العمالة الفلبينية املهاجرة يف قرارات حكومتها ومواقفها. وذلك لأن الرئي س يخط ط لإ شراك قطاع العمالة املهاجرة وموؤ س سات املجتمع املدين يف احلكومة. وفقا لذلك سيعمل بجد جلذب املجتمع املدين واملهاجرين إىل امل شاركة يف تطوير ال سيا سات والربامج احلكومية املرتبطة بقطاع العمالة املهاجرة وتنفيذها ومراجعتها. ولإعادة دمج العمالة العائدة إىل الوطن يف لقت صاد املحلي ستتجه احلكومة اجلديدة إىل تي سري شروط ل ستثمار للعائدين مع حوافز ضريبية م شج عة وت سهيل ا ستفادتهم من خدمات املوؤ س سات املالية إىل غري ذلك من املزايا املخ ص صة يف الأ صل للم ستثمرين الأجانب. معطيات الواقع يبدو برنامج حت سني خدمات رعاية الفلبينيني العاملني يف اخلارج وحمايتهم هو الأقرب إىل التنفيذ إذ ل يتطل ب الأمر سوى إعادة توجيه امل سوؤولني احلكوميني إىل رفع درجة اهتمامهم مب شكالت العمالة املهاجرة التي توفر حتويالت النقد الأجنبي التي حتتاج إليها الدولة ب شد ة وتقدر حاليا بن سبة ترتاوح بني %10 و %12 من الناجت الإجمايل للدولة. و إىل جانب ذلك يتعني على حكومة أكينو أن تتوافر لها الإرادة ال سيا سية الالزمة لتخ صي ص املوارد الكافية من أجل حماية املهاجرين و إعادة دمج العمال العائدين يف لقت صاد املحلي. أما الربنامج الأ صعب يف حتقيقه فهو املرتبط بتوفري وظائف كافية يف الداخل مبا يجعل العمال غري م ضطرين إىل الهجرة ومغادرة وطنهم. فالقت صاد العاملي ما زال يت سم بال ضعف والرتد د يف تعافيه من أزمته الأخرية لذا ي توق ع لالقت صاد الفلبيني املرتبط بالقت صاد العاملي أن ينمو مبعدلت متوا ضعة فيما تتزايد أعداد العمال الذين يلتحقون بالقوة العاملة ب صفة م ستمرة. وتوؤ شر كل هذه التطورات إىل تزايد معدلت البطالة يف املديني القريب واملتو سط. بناء عليه فاإن توفري وظائف جيدة ولئقة يف الداخل ل يزال حلما بعيد املنال. غري أن الرئي س املنتخب الذي ل يخامره أدنى شك يف إمكانية التو صل إىل حل لتلك امل شكلة يف القريب العاجل قال» إن الهدف النهائي ينبغي أن يتمثل يف توفري الوظائف هنا على أر ض الوطن مبا ل ي ضطر معه مواطنونا بالقوة اجلربية أو بحكم ال ضرورة إىل الرحيل عن وطنهم وتعري ض أنف سهم للمخاطر«. حكومة»نظيفة«من املمكن أن ي سهم إع الن الرئي س التزامه ت شكيل حكومة»نظيفة«تدار بطريقة ر شيدة يف أن يغير صورة الفلبني يف أعني العامل وبالتايل ي سهم يف اجتذاب املزيد من ل ستثمارات الأجنبية إليها. بيد أن التو صل إىل هذا الهدف يتطلب أكرث من جمرد ضبط الف ساد من أجل إغراء ل ستثمارات الأجنبية املبا شرة بالتدفق على البالد. فثم ة عوامل أخرى يجب أن تتوافر كال ستقرار ال سيا سي و سيادة ال ق ان ون وات ساق ال سيا سات لقت صادية وتب سيط الإج راءات الإداري ة اخلا صة بت أا سي س الأع م ال وتطوير البنية التحتية. و إذا جنح يف حتويل البالد إىل وجهة عاملية لال ستثمار ف سوف يرتفع حينئذ حجم ل ستثمارات الأجنبية واملحلية وينمو لقت صاد مبعدل سريع وي صبح توفري عدد أكرب من الوظائف أمرا ممكنا. ولأن حتويالت العاملني يف اخلارج ت شكل م صدرا أ سا سيا للنقد الأجنبي ل ذا يتعني على حكومة مانيال أن ت ستفيد من هذا املورد املهم يف متويل احتياجاتها الهائلة من موؤ س سات البنية التحتية. وبالفعل أ صدرت ب شكل مبدئي سندات خزانة بالعملة الأجنبية خم ص صة ملواطنيها العاملني يف اخلارج. غني عن القول إن التهديدات الأمنية التي ت شك لها املنظمات الإرهابية للفلبني كجماعة» أبو سياف«هي ساأنان أمني وع سكري من دون شك بيد أن احلركة لنف صالية الأو سع يف جزيرة مينداناو ذات الأغلبية امل سلمة تعود يف الأ سا س إىل أ سباب اقت صادية فقد كان كل من امل سلمني وامل سيحيني يف املا ضي يبدون ا ستعدادهم للتعاي ش معا. ورمبا يعطي الوعد بجعل الفلبني أكرث تقدما ورخاء حتت إدارة الرئي س اجلديد دفعة قوية لل سالم يف مينداناو وي سهم يف التخفيف من خطر اجلماعات الإرهابية. * أ ستاذ لقت صاد يف كلية لقت صاد يف جامعة الفلبني )ديليمان( إشراك قطاع العمالة المهاجرة ومؤسسات المجتمع المدني في الحكومة يمكن أن يؤثر في مواقفهما يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

17 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع برغم اليأس من الحوار السعي إلى تجن ب حرب في شبه الجزيرة الكورية حسابات دقيقة بدأت تمي ز الفترة الراهنة من تاريخ العالقات الدولية تختفي فيها الحرب كحل ويطل االقتصاد والتنمية كعاملين ضاغطين يرجعان الغضب الوطني إلى زاوية»ضبط النفس«للتفكير في العواقب. هذه المالحظات تحضر بقوة لدى مناقشة أزمة الكوريتين بعد حادث الهجوم الطوربيدي وغرق البارجة واالحتماالت المتوقعة لمستقبل هذه المشكلة. كيري براون* المؤكد بالنسبة إلى كوريا الجنوبية هو أن سياسة»الشمس المشرقة«التي وضعها الرئيس كيم داي جونغ في أواخر فترة التسعينيات وتقضي بضرورة الحوار مع كوريا الشمالية قد انتهت عمليا الت صريح الذي أدىل به رئي س الوزراء ال صيني يف أثناء زيارته لكوريا اجلنوبية يوم 28 مايو/ أيار املا ضي موؤكدا فيه أن بالده»لن تدافع عن«امل س ؤوولني عن إغ راق ال سفينة احلربية»ت شيونان«التابعة لكوريا اجلنوبية أواخ ر مار س/ آذار املا ضي يقدم دلل ة أخ رى على تزايد عزلة كوريا ال شمالية أك رث من أي وقت م ضى. وبالرغم من أن الت صريح ل يدين الهجوم ب صورة مبا شرة فاإن من يتابع اخلطاب ال سيا سي ال صيني سيالحظ أن ذلك الت صريح ي شك ل حتول طفيفا ولكن مهما عم ا د أب امل س ؤوولون ال صينيون على قوله مطالبني الأط راف كافة ب» ضبط النف س«. واحلال صار هناك الآن اعرتاف ب أان ثمة جرمية ارت كبت و أن أحدا ما ل بد أن ي حم ل م سوؤوليتها. و ستظل تبعات إغراق ال سفينة»ت شيونان«قائمة ملدة طويلة من الزمن. والأو ضاع يف امل ضايق الكورية هي أقل ا ستقرارا الآن عما كانت عليه طوال سنوات عديدة. وال شيء املوؤكد بالن سبة إىل كوريا اجلنوبية هو أن سيا سة»ال شم س امل شرقة«التي و ضعها الرئي س كيم داي جونغ يف أواخر فرتة الت سعينيات من القرن الع شرين وتق ضي ب ضرورة احلوار مع كوريا ال شمالية قد انتهت عمليا. و أيا كان شكل احلوار الذي سيبد أ عقب هذه املرحلة ال صعبة ف إانه بال شك سيكون خمتلفا عما حدث يف ال سابق. وهنا جتدر الإ شارة إىل أن انتخاب يل ميونغ رئي س كوريا اجلنوبية احلايل يعود جزئيا إىل موقفه الأكرث ت شددا إزاء كوريا ال شمالية وبداية ظهور لنعكا سات احلقيقية ل سنوات املحادثات واحلوار. ولكون إغراق البارجة مرتبطا مبا أف ضت إليه سيا سة»ال شم س امل شرقة«فمن س أان الر أي العام الكوري اجلنوبي أن ينظر إىل احلادث الذي أودى بحياة 46 جنديا على أنه نتيجة بالغة ال سوء ل سنوات من م ساعي احلوار مع كوريا ال شمالية ودليل نهائي على أن تلك املحاولت مل تكن ت ستحق اجلهد الذي ب ذل فيها. وتدرك كوريا اجلنوبية أنها تتعامل مع نظام يحت ضر يف ال شمال. و سواء بقي نظام كيم جونغ يف احلكم لب ضعة أ شهر أخرى أو حتى لب ضع سنوات فمن اجللي أنه غري قابل لال ستمرار. وحدث يف العام املا ضي أن قرارا غري مدرو س اتخذ ب ساأن إعادة تقومي العملة ق ضى على القدر ال ضئيل من الرثوة الذي كانت متتلكه البالد )كوريا ال شمالية( وقيل وقتها إن امل سوؤول عن اتخاذ القرار قد ت خل ص منه سريعا رميا بالر صا ص. كما أدى إلغاء كوريا اجلنوبية واحدة من اتفاقياتها التجارية القليلة مع بيونغ يانغ )ا سترياد الرمال عرب احل دود( إىل إحل اق أ ضرار كبرية بالقت صاد الكوري ال شمايل اله ش ما جعلها ت صدر ردود فعل غا ضبة يف وقت باكر هذا العام. وهناك تقارير عن جماعات تقرتب من م ستوى املجاعات التي وقعت أوا سط الت سعينيات من القرن املا ضي عندما لقي زهاء مليوين شخ ص حتفهم ب سبب الأمرا ض الناجتة عن سوء التغذية. وتعتمد كوريا ال شمالية ب شكل كلي تقريبا على امل ساعدات التي حت صل على قرابة ن صفها من ال صني يف الوقت الراهن. وقد دفعتها أو ضاعها لقت صادية البائ سة إىل ات باع أ ساليب غري تقليدية للح صول على الدخل ويف 27 مايو املا ضي وج هت إليها جلنة تابعة ملنظمة الأمم املتحدة لتهام باأنها تبيع املعلومات املتعلقة باإنتاج املواد النووية. وتتفاقم صعوبات سيا سة احلوار ب سبب حاجة كوريا اجلنوبية إىل الأخذ يف ح ساباتها حقيقة معاناة رئي س كوريا ال شمالية كيم جونغ ب سبب املر ض إذ إن مظهره خالل زيارته لبكني يف نهاية أبريل/ني سان املا ضي أك د ال شكوك ب ساأن تدهور صحته ب شكل خطر جراء النوبات والأزمات القلبية التي انتابته على مدى العامني املا ضيني. ومع ذلك فاإن أولئك الذين يعتقدون أن الهجوم الطوربيدي على البارجة الكورية اجلنوبية نف ذته بع ض العنا صر املارقة من نظام كوريا ال شمالية يجانبهم ال صواب. فمن الوا ضح أن الرئي س كيم برغم يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

18 العالم في 8 أسابيع العالم في 8 أسابيع مر ضه ما زال حتى اللحظة احلا ضرة هو ال شخ ص الذي يتخذ القرارات املهمة. ول يعطي هذا موؤ شرا جيدا بالن سبة إىل م ساألة خالفته. فبالرغم من تر ش ح ثالثة من أبنائه للقيادة املحتملة بعد وفاته )و أ صغرهم سنا هو املر شح الأقوى حاليا ( فقد أو ضح املحللون ال صينيون أن هوؤلء الأبناء برغم احتمال خالفتهم لأبيهم لن يكونوا قادرين على ممار سة ال سلطة على نهج والدهم نف سه. وبالتايل فاإن عهد الرئي س كيم جونغ سوف ينق ضي مبوته. االستقراران الجيو-سياسي واالقتصادي متر كوريا اجلنوبية يف الوقت الراهن بحالة من ل ضطراب الكبري ب سبب التغيريات املفاجئة ال سلبية التي وقعت منذ أواخر شهر مار س املا ضي. فبني ع شية و ضحاها تقريبا انهار املوقف الإيجابي الن سبي ال ذي مه د لتجدد احلديث عن ال ع ودة إىل املحادثات ال سدا سية التي انطلقت ع ام 2006 بهدف ت شجيع احلوار مع كوريا ال شمالية. بيد أن هذا الو ضع حتول إىل موقف مغاير متاما تطغى عليه التهديدات الكورية ال شمالية بالرد الع سكري يف حالة موا صلة كوريا اجلنوبية تقلي ص العالقات معها. وقد أوقفت العالقات التجارية والثقافية و لجتماعية كافة بني الدولتني حتى الآن واملجال الوحيد للتعاون الذي ل يزال قائما بينهما حتى أواخر مايو املا ضي يف منطقة كاي سونغ ال صناعية التي تت شارك كوريا ال شمالية يف إدارتها مع الكوريني اجلنوبيني. وقال الرئي س يل ميونغ إنه سيتخذ قرارا ب ساأن هذه الإدارة الثنائية يف وقت لحق. و إذا أغلقت املنطقة التي توفر آلف الوظائف للكوريني ال شماليني فاإن ذلك سيوجه إىل بالدهم ضربة شديدة يف جمال ا سرتاتيجي مهم. وف ضال عن ذلك تعاين العالقات بني الدولتني جمودا شديدا يف املجالت الأخرى كافة. وقفت الوليات املتحدة الأمريكية حتى الآن إىل جانب سيول ب شكل وا ضح و صريح إذ أ صدرت بيانا يظهر دعمها الكامل مبجرد صدور التقرير يف آخر شهر مايو املا ضي الذي ي شري باأ صابع لتهام إىل الكوريني ال شماليني يف تنفيذ الهجوم الطوربيدي. ويف بكني مار ست وزيرة اخلارجية الأمريكية هيالري كلينتون ضغوطا على ال صينيني لكي ي ساندوا املوقف الأمريكي ب شكل صريح. غري أن هناك اتفاقا عاما على أن صداما م سل حا بني الكوريتني اجلنوبية وال شمالية من ساأنه أن يلحق ال ضرر ب الأط راف كافة. فامل شكلة بالن سبة إىل كوريا اجلنوبية تكمن يف ال ضربة شديدة التدمري التي يحتمل أن يوج هها اجلي ش الكوري ال شمايل كبري العدد إليها. و ستدفع كوريا اجلنوبية ثمنا اقت صاديا باهظا لذلك حتى إذا متكنت من حتقيق لنت صار يف النهاية كما يرج ح لها أن تفعل. أما بالن سبة إىل ال صني فاإن آخر شيء تريده هو اندلع نزاع ع سكري يف شبه اجلزيرة الكورية إذ إنها متتعت )ال صني( بفرتة طويلة من النمو منذ طبقت سيا ستها لنفتاحية يف عام 1978 نتيجة للبيئة الدولية امل ستقرة واملالئمة إىل حد بعيد. ومثل هذا النزاع الع سكري من ساأنه أن ي ضع خماطر أمام ذلك النمو. وبالن سبة إىل الوليات املتحدة واليابان ورو سيا وغريها من الدول أع ضاء املجتمع الدويل ف إان ت صعيد املوقف إىل نزاع ع سكري شامل من ساأنه أن ين شر حالة من انعدام ل ستقرارين اجليو- سيا سي و لقت صادي يف إحدى مناطق العامل الرئي سية يف الوقت الذي شرعت دول العامل بالكاد يف اخلروج من أزمة ركود اقت صادي بالغة ال سوء. ومن املتوقع أن يطالب املجتمع ال دويل كوريا اجلنوبية ب ضبط النف س مع ا ستخدام الأمم املتحدة كقناة لإدارة الأزمة على الأقل. ويف مثل هذه الفرتة الصينيون وحدهم ربما في وسعهم التحد ث إلى القادة الكوريين الشماليين باللغة التي يفهمونها. وبإمكانهم أن يوضحوا لهم النتائج الكارثية المترتبة على عدم تهدئة األوضاع من التوترات التي تتبادل خاللها الدولتان الت صريحات اخلطابية احلادة فاإن اخلطر الأكرب يكمن يف احتمال وقوع خط أا أو عرثة يتفاقم ب شكل ل ميكن ال سيطرة عليه. وبينما يتمتع الرئي س يل ميونغ مب ساندة %70 من أفراد شعبه يف اللحظة الراهنة فثمة عدد كبري أي ضا ل يرغبون يف ر ؤوية الأو ضاع تتدهور أكرث من هذا. ويتمثل للتزام الأ سا سي حاليا يف ا ستمرار ال ضغوط الدولية على بيونغ يانغ وا ستمرار معاناتها ب سبب س آالة الدعم الدويل الذي تتلقاه. وياأتي اجتماع رئي س كوريا اجلنوبية يل ميونغ ورئي س الوزراء ال صيني وين غياباو الذي سيعقد هذا الأ سبوع ) أوائل ال شهر املا ضي-املحرر( يف توقيت مهم وذلك لأن ميونغ من دون شك سوف يحث ال صينيني على ضرورة ا ستخدام أوراق ال ضغط التي يف أيديهم جميعها ضد كوريا ال شمالية املعزولة. فال صينيون وحدهم رمبا يف و سعهم التحد ث إىل القادة الكوريني ال شماليني باللغة التي يفهمونها. وباإمكانهم أن يو ضحوا لهم النتائج الكارثية املرتتبة على عدم تهدئة الأو ضاع. ويف هذه املرة لن ت صمد احتجاجات بكني باأنها ل متتلك النفوذ الكايف على بيونغ يانغ فالنفوذ ال صيني هناك برغم س آالته يفوق نفوذ أي دولة أخرى. ومن ثم توجد توقعات كبرية باأن ال صني قادرة على فعل شيء لتهدئة الأو ضاع. ما بعد انهيار نظام كيم جونغ تكمن أهمية كوريا اجلنوبية بالن سبة إىل ال صني يف كونها أحد أكرب شركائها التجاريني ف ضال عن ا ستثمارات الأوىل ال ضخمة يف أوروبا وال شرق الأو سط و آ سيا. وثم ة إمكانية لأن تدفع العالقات املتوترة مع كوريا ال شمالية باجلنوبية إىل أن ترك ز ب شكل أكرب على م صاحلها مع حلفائها التجاريني وال سيا سيني و إىل أن تتوقع من هوؤلء الوقوف بجانبها يف مواجهتها مع جارتها. بيد أنه سيكون من غري احلكمة ومن غري املرج ح أي ضا أن يلجاأ الرئي س ميونغ إىل أي نوع من املعارك مع أطراف أخرى يف الوقت الذي ل يجب عليه أن ي ظهر القوة ب ساأن هذه الأزم ة أم ام شعبه فقط بل أن ي ستمر يف بناء لقت صاد املحلي لكي يتجاوز به امل شكالت التي عاناها على م دار ال سنوات القليلة املا ضية. ولذا فمن املتوقع أن العبارات احلادة والعقوبات ال شديدة ستكون من ن صيب بيونغ يانغ وحدها. وتدرك سيول حاجتها إىل سائر دول العامل تتمثل الصعوبة بالنسبة إلى كوريا الجنوبية وسائر دول العالم في أن سقوط النظام الراهن في كوريا الشمالية سوف يفضي إلى مشكالت عديدة بالقدر نفسه الذي يسببه بقاؤه في السلطة لإيجاد ت سوية لتلك الأزمة العوي صة على املديات الق صري واملتو سط والطويل. و أخ ري فاإن ال شيء الوا ضح يف هذا كل ه هو ضرورة أن تبد أ كوريا اجلنوبية واملجتمع الدويل على م ستوى من امل ستويات يف التفكري جديا ب ساأن ما ينبغي عمله يف حالة انهيار نظام كيم جونغ. ويتعني عليهما مراجعة ال سيناريوهات املختلفة بداية من امل ساعي املتعجلة إىل إعادة جمع ال شمل برغم امل شكالت الهائلة التي قد ت سببها تلك امل ساعي و صول إىل فر ض الو صاية من جانب الأمم املتحدة أو ال صني. وثم ة أ سئلة م ستع صية كثرية تتطل ب التفكري منذ الآن. فمثال إذا تويف الرئي س كيم جونغ غدا فهل ست شهد كوريا ال شمالية إ صالحات اقت صادية جذرية وفورية على منوال الإ صالحات التي شهدتها ال صني طوال الثالثني عاما املا ضية وما الدور الذي سوف تلعبه كوريا اجلنوبية يف هذا وما نوع الدعم الذي ميكن لها أن تتوق ع احل صول عليه من املجتمع الدويل وكيف ستتعامل مع ال صني يف حالة عدم تعاونها املحتمل ب سبب خ شيتها ر ؤوية حليف سيا سي فعلي للوليات املتحدة يب سط نفوذه على شبه اجلزيرة الكورية باأكملها إن أزمة كوريا ال شمالية تدخل إىل مرحلة نهائية. ورمبا ت ستمر هذه املرحلة لب ضع سنوات فقط أو لأكرث من ع شر سنوات. ولكن ينبغي هنا عدم الوقوع يف خطاأ فاأيام نظام احلكم يف كوريا ال شمالية تقرتب من نهايتها إل إذا خ ضع ذلك النظام لتغيريات جذرية. وتتمثل ال صعوبة بالن سبة إىل كوريا اجلنوبية و سائر دول العامل يف أن سقوط النظام الراهن يف كوريا ال شمالية سوف يف ضي إىل م شكالت عديدة بالقدر نف سه الذي ي سببه بقاوؤه يف ال سلطة. * خبري يف سوؤون شرق آ سيا وزميل رئي سي يف املعهد امللكي الربيطاين لل سوؤون الدولية )ت شاتام هاو س( يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

19 ملف العدد ملف العدد سياسات إيران الخارجية دبلوماسية»الرقم الصعب«الطموح والواقع يبحث هذا الملف في سياسات إيران الخارجية أهدافها ومنطلقاتها ثم محدداتها: مدى واقعيتها وسندها الفعلي وفي اإلمكانيات االقتصادية والعسكرية التي تدعم هذه السياسات. إضافة إلى بحث بعض وجهات النظر حول السياسات العربية والعالمية للعالقة مع إيران. عن إيجابيات العالقات العربية-اإليرانية عبدالخالق عبداهلل إيران.. من»تصدير الثورة«إلى حماية الدولة حسام عيتاني طهران ماضية في دبلوماسية»الرقم الصعب«السير ريتشارد دالتون المشروع الصاروخي اإليراني مايكل إلمن خطط»التوازن الدفاعي الصاروخي«بين واشنطن وموسكو عبداهلل حموده االقتصاد اإليراني أحمد السيد النجار يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

20 العدد ملف ملف العدد إيران الطموحات اإلقليمية والدولية ومحد دات القدرات الذاتية أسس كثيرة للتعاون والحوار عن إيجابيات العالقات يكاد يكون املو ضوع الإيراين من أكرث الق ضايا إثارة للجدل يف الدول العربية سواء كان هذا على م ستوى ال شارع أو النخب ال سيا سية والثقافية أو البحثية. ول يدور اجلدل حول املوقف من ال سيا سات الإيراني ة أو العالقات مع إيران أو برناجمها النووي و أهدافه احلقيقية فقط بل ميتد النقا ش لي شمل تقومي الو ضع داخل إيران نف سها بني من يرى يف إيران م شروعا ناجحا سواء على امل ستوى احل ضاري أو ال صناعي أو ال سيا سي ومن يعد ها جتربة فا شلة تنموي ا واجتماعي ا واقت صادي ا و سيا سي ا. وفيما يرى بع ضهم يف اجلمهورية الإ سالمية سببا لالحتفاء و لقتداء يلمح آخرون فيها سببا للخوف والرتق ب. وميتد اخلالف لي شمل أولئك الباحثني الذين يتفقون على أن إيران فا شلة تنمويا بني من يح سب ذلك ضعفا ا سرتاتيجيا يجعل من إيران منرا من ورق و آخر يرى يف ذلك سببا للقلق لأن ه قد يف ضي إىل ت صدير أزمات إيران إىل حميطها اجلغرايف. وما ينطبق على امل شروع التنموي ينطبق على القوة الع سكري ة. فبينما يرى بع ضهم يف الإعالنات الإيرانية املتكر رة لإجنازات يف الت صنيع الع سكري الإيراين دليل قوة صاعدة ي شك ك بع ضهم الآخر يف دقة هذه الإعالنات ويعد ها منا سبة لتذك ر بع ض ما كان يعل ن حول الرت سانة الع سكرية العراقية إب ان حكم صد ام ح سني وثبت عدم دقته لحقا. وميي ز بع ض اخلرباء بني جناحات يف جمال ال صناعات ال صاروخية حتديدا ومظاهر ضعف يف جمالت أخرى مثل قطاعات املدر عات و سالح اجلو والأ سلحة التقليدية الأخرى التي أ صبح ما يتوافر لالإيرانيني منها قدميا وعاجزا عن جماراة التكنولوجيا احلديثة. وهنا جتدر الإ شارة إىل أن عقيدة احلرب الالمتماثلة القائمة على فكرة ا ستخدام و سائل غري تقليدي ة يف مواجهة جي ش تقليدي منها حرب الع صابات وعمليات تفجري وا ستنزاف وتخريب هي العقيدة التي ت ضطر إليها إيران ب سبب الفجوة الت سل حية بينها وبني القوى الكربى. ويالحظ املراقبون أن مناورات البحري ة الإيرانية باتت ترك ز على مبد أ»حرب ع صابات بحرية«إذ إن طبيعة م ضيق هرمز البحري تغري بهذا النوع من العمليات. وي أاتي تعيني حممد علي جعفري قبل ثالثة أعوام رئي سا»للحر س الثوري«جت سيدا لهذا التوج ه فجعفري هو أحد رواد احلرب الالمتماثلة خالل احلرب العراقية-الإيرانية وقد أ س س يف»احلر س الثوري«ق سما خا صا لتطوير هذا النوع من احلرب وهو من يقف وراء تبن ى البحرية الإيرانية هذا املذهب. عالج ملف هذا العدد بع ضا من جوانب هذه املو ضوعات و سنوا صل البحث يف جوانب أخرى يف الأعداد املقبلة. ويتمي ز امللف بن شر قراءة يف اخلطاب الإيراين ومدى جدي ة ال شعارات ال صاخبة فيه عندما نقارنها بال سيا سات العملية التي تتبن اها طهران. كما يبحث يف خريطة العالقات ال سيا سية والتحالفات لدى إيران ومواقفها الدولية ثم ي ستعر ض القدرات لقت صادية الإيرانية. ويف املو ضوع الأخري جرى الرتكيز على شق الرت سانة ال صاروخية الإيرانية إذ إن اهتمام املراقبني ين صب على هذا النوع من الأ سلحة الذي يكت سب أهمية خا صة من إمكانية حتميله روؤو سا نووية وغري تقليدية. إ ضافة إىل كل ذلك يقد م امللف وجهة نظر بحثية عربية حول العالقات العربية-الإيرانية وحتديدا الإيرانية-اخلليجية مع ميل وا ضح إىل البحث عن سبل ل ستقرار والتهدئة يف املنطقة ولكن مبا يحفظ م صالح الدول اخلليجي ة العربي ة.»«العربية-اإليرانية العالقات التي تربط إيران بالدول العربية خاصة دول»مجلس التعاون«برغم ما يعتريها من اختالفات حاد ة في السياسة والسيادة تظل ذات طابع خاص لما لها من عمق تاريخي وتداخل في المصالح وتعايش ضارب الجذور. وبرغم إقراره بأن طهران وحدها المسؤولة عن صورة»العدو«التي تبدو لجيرانها فإن الكاتب يدعو في هذا المقال إلى التعاون واالقتراب منها وتشجيعها متى ما خطت نحو دبلوماسي ة هادئة أو أبدت ميال معقوال نحو السلم وحسن الجوار بدال من التركيز على موجبات التوتر والصراع والتباعد. عبدالخالق عبداهلل* تبدو صورة إي ران سلبية جدا لدى صانع القرار يف عوا صم عربية وخليجية. فاإيران بالن سبة إىل هذه ال دول هي امل صدر الأول لعدم ل ستقرار يف املنطقة العربية. وتاأتي ال سيا سات واخلطابات وال سلوكيات الإيرانية لتغذ ي هذه ال صورة ال سلبية وتزيد من حد ة التوترات يف العالقات العربية-الإيرانية وترفع املواجهتني ال سيا سية واملذهبية اللتني بلغتا م ستويات حرجة يف الآونة الأخرية بني طهران وعدد من العوا صم العربية. إيران وحدها تتحم ل م ش ؤوولية ذلك كله. لكن من املهم عدم ل ست سالم ل صورة»العدو الإي راين«وتركها توج ه القرارات وال سيا سات واملواقف العربية واخلليجية جتاه طهران. إن املطلوب لنطالق من صورة متوازنة ترى» إيران التهديد«كما»الر صيد ل سرتاتيجي«معا. مثل هذه النظرة املتكاملة قادرة على تاأ سي س حوار صحي مع إيران يقف بحزم أمام متد دها من ناحية ويحافظ يف الوقت نف سه عليها كر صيد ا سرتاتيجي حمتمل للوطن العربي. هناك أ س س عديدة ووا ضحة ملثل هذا امل سار الت صاحلي ولي س الت صادمي. فحتى يف أكرث اللحظات توترا يف العالقات العربية-الإيرانية كما هو حا صل حاليا توجد أ س س كثرية م شرتكة للتعاون و لقرتاب من إيران بدل من الرتكيز الأحادي على موجبات التوتر وال صراع والتباعد بينها وبني العوا صم العربية. وينبغي عدم ل ست سالم ل صورة»العدو الإيراين«وجتاهل القوا سم امل شرتكة حتى يف أ سو أ اللحظات. لذلك بقدر ما يجب الوقوف بحزم جتاه التمد د الإيراين يف ال ش أان العربي الذي بلغ درجات مقلقة عربيا فاإنه يجب عدم افتعال معارك جانبي ة غري 45 يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

21 ملف العدد ملف العدد ضرورية مع إي ران ودول»جمل س التعاون«هي آخر من يود افتعال مثل هذه املعارك ال سيا سية واملذهبية والعقائدية. ففي ذروة عدم الثقة بالنيات الإيرانية و ل ستياء العربي امل شروع من» إيران التهديد والت صعيد«من املهم ا ستدعاء أ س س التقارب ولي س التباعد. توظيف الجيرة إيجابيا اجلرية اجلغرافية هي أول أ سا س للتقارب والتعاون مع إي ران التي هي قبل كل شيء وبعده ج ارة ل سبع دول عربية أي %33 من ال دول العربية. هذه الدول تتعاي ش ب شكل يومي مع إي ران وعليها أن تراعي ما للجرية من حقوق وواجبات وم شوؤوليات. صحيح أن إيران تتعامل مع دولة الإمارات مبنطق القوة وحتتل جزرها الثالث )طنب الكربى وطنب ال صغرى و أبومو سى( منذ عام 1971 و صحيح كذلك أنها متادت كثريا يف عدم اح رت م جرية دول اخلليج العربي ال صغرية كما أنها أخذت تتدخل يف ال شوؤون الداخلية لعدد آخر من دول املنطقة ويف املقد مة العراق ع الوة على أن قادتها ي ست سهلون إطالق ت صريحات ا ستفزازية جتاه عدد آخر من هذه ال دول إل أن ذلك ل يوؤ س س للدول العربية أل حترتم اجلرية أو تفتعل املعارك وتزيد من حد ة التوترات. ومن املهم التذكري با ستمرار أن بني إيران والدول العربية ال سبع املجاورة لها تاريخا م شرتكا ميتد عميقا ور صيدا كبريا من العالقات الإن سانية و لجتماعية التي ن شاأت بني اجلانبني قبل ب روز الق ضايا العالقة واخل الف ات ال سيا سية والتوترات الآنية واملنغ صات املتجددة بتجد د امل ستجدات يف اخلليج العربي. اجلوار اجلغرايف والتاريخي و لجتماعي يفر ض نف سه وي شك ل أر ضية مهمة م شرتكة يف التعامل. فبقدر ما تكون اجلرية عامل توتر بقدر ما ميكن توظيفها توظيفا إيجابيا للتعاون واحلوار وبناء عالقات صحية دائمة. لكن إيران هي كذلك خام س أكرب دولة إ سالمية من حيث عدد ال سكان بعد كل من إندوني سيا وباك ستان وبنغالدي ش وتركيا. وبعيدا عن سعيها إىل ن شر الت شيع ال سيا سي و سوء ا ستخدامها لأو ضاع الأقليات ال شيعية تظل دولة إ سالمية بثقل سيا سي وح ضاري و سكاين ل ميكن ب اأي حال من الأح وال جت اوزه أو جتاهله. وبقدر ما ي شكل هذا الثقل صعوبات حاليا نتيجة للتخندق املذهبي فاإن البعد الإ سالمي ل ميكن النظر إليه إل على أنه قيمة ا سرتاتيجية م ضافة وعامل م شرتك ميكن ل ستفادة منه خا صة أن هناك نحو 40 مليون عربي ي شكلون %15 من ال شعب العربي يتبعون املذهب ال شيعي واملرجعية املذهبية لن سبة كبرية منهم يف مدينة قم التي تعد حاليا عا صمة الت شييع يف العامل. وهذه الأقلية العربية تتح س س كثريا من أي عداء عربي ر سمي لإيران وترى فيه عداء لل شيعة. وعالوة على الثقل الإ سالمي والتميز املذهبي فاإن إ سالم إيران هو كذلك إ سالم سيا سي وراديكايل وثوري معاد للهيمنة الأجنبية وله ح ضور خا ص لدى جمهور كبري من ال شعب العربي املعادي للوليات املتحدة والغرب احل ضاري خا صة يف ظل احلرب على الإرهاب والعن صرية الغربية ضد امل سلمني. و إيران تطرح نف سها م شروعا للتحر ر الوطني وتعار ض هيمنة وا شنطن و أ سهمت إ سهاما كبريا يف هزمية م شروعها يف مرحلة ما بعد سبتمرب/ أيلول 11 الذي كان يهدف من بني أمور عديدة إىل إعادة ت شكيل املنطقة العربية وفق ت صورات املحافظني اجلدد من أن صار إ سرائيل. لقد دفعت إي ران ثمنا ضخما جراء الت صدي للم شروع الأمريكي الذي جاء يف شكل العقوبات لقت صادية ال صارمة والعزلني ال سيا سي والدبلوما سي. ومن املهم أل ت صطف الدول العربية إىل جانب الوليات املتحدة يف املعركة املت صاعدة بني طهران ووا شنطن. هذه لي ست معركة العرب بل هي معركة تتم وفق أجندة أمريكية و إ سرائيلية خمتلفة متاما عن الأجندة العربية ول تتوافق مع م صاحلها وت ضر بعالقاتها مع اجلار الإيراين. العقوبات تضر الشعوب ال الحكومات ل ميكن لكتفاء باجلرية والعقيدة وحدهما بل توجد اعتبارات الق ضية الفل سطينية وال صراع الوجودي املمتد مع العدو الإ سرائيلي. فبعيدا عن اجلدل حول إن كان املوقف الإيراين جتاه الق ضية الفل سطينية موقفا انتهازيا بحتا أم هو موقف مبدئي وعقائدي فاملوؤكد أن قادة إيران يجاهرون بالعداء لإ سرائيل ويوؤكدون يف كل منا سبة أنها العدو ل سرتاتيجي واخلطر الأكرب على إيران. هذا املوقف بقدر ما يحرج احلكومات العربية الراغبة يف ال سالم والت سوية ميكن توظيفه عربيا خا صة أن قطاعات وا سعة من اجلمهور العربي من التيارات الإ سالمية والقومية متعاطفة مع اخلطاب الإي راين املت شدد ضد إ سرائيل املنا صر للق ضية الفل سطينية. لقد أعطت الدول العربية املعتدلة فر صة لطهران للمزايدة عليها يف التزامها جتاه الق ضية الفل سطينية التي هي ق ضية العرب الأوىل. ولي س املطلوب املزايدة على طهران بل فهم املوقف الإيراين وتفه مه وحتويله كلما أمكن إىل ورقة تفاو ضية ت ساند املوقف العربي من أجل التو صل إىل ت سوية عادلة للق ضية الفل سطينية. ومن الغباء ال سيا سي حتويل إيران إىل عدو يف الوقت الذي ميكن أن ي شكل موقفها ورقة مهمة يف املفاو ضات العربية ال صعبة مع العدو الإ سرائيلي. بعيدا عن اجلرية والعقيدة والق ضية الفل سطينية هناك جمموعة من امل صالح امل شرتكة بني إيران والدول العربية يف جمال النفط والغاز والعالقات التجارية املتنامية التي ت شكل أر ضية مهم ة للتقارب بدل من التباعد. لقد كان النفط سببا من أ سباب ت صعيد ال صراع والتوتر كما كان يف حلظات أخ رى من أهم أ سباب التقارب والتفاهم بني إيران والدول النفطية اخلليجية أي ضا. فالتفاهم النفطي الإيراين-ال سعودي الذي تبلور عرب منظمة أوب ك خالل اجلزء الأكرب من الت سعينيات كان أهم عامل من عوامل ا ستقرار الأ سعار يف الأ سواق النفطية العاملية و أ سهم يف حتقيق ل ستقرار ال سيا سي والنمو لقت صادي يف دول»جمل س التعاون«. كذلك هناك تفاهم عميق يف جمال الغاز بني كل من قطر و إي ران وهو تفاهم يوؤ س س لعالقات قطرية- إيرانية متميزة حاليا. كما ت شكل دولة الإمارات ومدينة دبي حالة جتارية خا صة بعمق تاريخي ل ميكن جتاوزه و إ سقاطه كاأر ضية مهمة للتقارب ولي س للتباعد بني إيران والدول العربية. هذه احلزمة من امل صالح امل شرتكة واملتداخلة تدعو دائما إىل حتقيق التقارب والتعاون بدل من تغليب ال صراع والتوتر ال سيا سي والتخندق املذهبي القائم حاليا يف املنطقة. ورمبا كان أهم مدخل لتحقيق التعاون مع إيران وتطوير العالقات الإيرانية- العربية هو إعالن موقف عربي وخليجي جماعي مبدئي راف ض لأي شكل من»من المجدي إعالن أن الدول العربية والخليجية القريبة من إيران ستكون ضد العقوبات إال إذا جاءت مفروضة بقرار من مجلس األمن وبإجماع دوليالعقلية اإليرانية متشد دة وهي اليوم أكثر تشددا. والتمد د اإليراني في الشأن العربي مقلق وينبغي عدم االستسالم له والسلوك اإليراني استفزازي وأصبح أكثر استفزازية في ظل الرئيس محمود أحمدي نجاد المتشد د«أ شكال العقوبات لقت صادية ضد إي ران خا صة يف ظل ت صاعد املعركة الدبلوما سية بينها وبني وا شنطن. من املهم الت أاكيد ومبا ل يدع جمال لل شك أن دول»جمل س التعاون«تعار ض العقوبات مبدئيا و سيا سيا واقت صاديا. فالعقوبات ت ضر بال شعوب ولي س باحلكومات وتزيد من معاناة الأفراد أكرث مما تزيد من معاناة الأنظمة. وت ؤوكد ال شواهد التاريخية أن العقوبات ل تاأتي بنتائج سريعة ول تغير املواقف ال سيا سية بل ت ستخدمها احلكومات واحلكام لتوحيد اجلبهة الداخلية والبقاء طويال يف ال سلطة. وجتربة العراق خري مثال على عدم جدوى العقوبات يف تغيري سلوك النظم واحلكومات ل ستبدادية. لقد ا ستمر نظام صدام ح سني يف احلكم ومل يغري سيا ساته الداخلية واخلارجية على الر غم من أن العقوبات لقت صادية ضد العراق كانت قا سية كل الق سوة و صارمة وغري م سبوقة يف التاريخ املعا صر. كذلك هو الأمر بالن سبة إىل كوريا ال شمالية التي مل توقف برناجمها النووي ب سبب العقوبات لقت صادية املفرو ضة عليها بل هي اليوم أكرث مت سكا بهذا الربنامج الذي أ صبح سالحها ال رادع الوحيد ضد أي عمل ع سكري خارجي. ول يختلف احلال كثريا بالن سبة إىل كوبا التي تعي ش يف ظل عقوبات أمريكية أحادية متوا صلة منذ نحو ستة عقود لكنها مل ترتاجع عن نهجها الثوري ومل تقد م تنازلت مهمة إىل الوليات املتحدة الأمريكية من أجل رفع العقوبات عنها. ضرر العقوبات سيلحق اقتصادات الجوار عالوة على املوقف الأخالقي الذي رمبا ل تكون له قيمة يف العمل ال سيا سي يجب على الدول العربية ودول»جمل س التعاون«ب شكل خا ص معار ضة اجلولت اجلديدة املتوقعة من العقوبات لقت صادية لأ سباب سيا سية بحتة. فقد ات ضح أن العقوبات ضد إي ران تزيد من التوتر وعدم ل ستقرار يف منطقة اخلليج العربي التي تت سم باأنها املنطقة الأكرث توترا وع سكرة يف العامل. يبقى اخلليج العربي أف ضل حال من دون العقوبات واملواجهات واملناورات والتهديدات والتهديدات امل ضادة. تكمن امل صلحة العربية كما اخلليجية العليا يف تخفيف التوترات ولي س يف زيادتها. ستجعل العقوبات لقت صادية إيران أكرث إ صرارا على ال سري يف برناجمها النووي ل ضمان الردع الع سكري و ستجعلها أكرث رغبة يف ت صعيد اخلالفات مع دول اجلوار و أ شد اندفاعا للدخول يف جولة جديدة من سباق الت سلح التقليدي والنووي وال صاروخي يف منطقة عانت كثريا ب سبب احلروب و سباق الت سلح الذي ت ستفيد منه الدول امل صن عة وامل صد رة لل سالح ويف املقدمة الوليات املتحدة الأمريكية. ثم إن على دول»جمل س التعاون«أن تكون ضد العقوبات لقت صادية من منطلق أنها توؤثر سلبا يف م صاحلها التجارية الوا سعة مع إيران. يطول ضرر العقوبات اقت صادات دول»جمل س التعاون«جميعها خا صة دول ة الإم ارات وبالذات اقت صاد دبي املرتبط جتاريا وا ستثماريا باإيران أكرث من غريه. لقد زار ستيوارت ليفي م ساعد وزير اخلزانة الأمريكي دبي ثانية كربى مدن الإمارات واملركز املايل الإقليمي 12 مرة خالل ال سنتني املا ضيتني من أجل ك سب ودها وال ضغط عليها ودفعها إىل التجاوب مع العقوبات لقت صادية املتوق عة ضد إيران فمن دون تعاون دبي ل ميكن لهذه العقوبات أن حتقق أي جناح. مثل هذا املوقف الإم ارات ي الراف ض للعقوبات ميهد للحوار ويوؤ س س للمزيد من التقارب مع إيران على الرغم من إيران مل تقد ر مبا فيه الكفاية مثل هذا املوقف الإماراتي املبدئي خا صة جلهة ح سم ملف اجلزر املحتلة. لهذه الأ سباب الأخالقية وال سيا سية و لقت صادية من املهم إعالن أن الدول العربية واخلليجية القريبة من إي ران ستكون ضد العقوبات إل إذا جاءت مفرو ضة بقرار من جمل س الأمن وباإجماع دويل. عند ذلك فقط ستكون هذه الدول الأكرث التزاما له برغم أنها حتما ستكون الأكرث ت ضررا منه. والعقوبات لقت صادية لي ست غاية بل و سيلة لتحقيق غايات سيا سية وا سرتاتيجية. لذلك فال شوؤال ه و: ما الغر ض من فر ض العقوبات وم ا تداعياتها على املنطقة هل ست ضعف العقوبات حكومة حممود أحمدي جناد وتلجم إيران الت شد د والتمد د وهل ت ؤوجل أم تعجل برناجمها النووي وجتعلها أكرث جتاوبا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأهم من ذلك هل ستجعل العقوبات إيران عامل ا ستقرار أم عك س ذلك يف املنطقة ول شك يف أن إعالن موقف مبدئي و سيا سي راف ض جلولة جديدة حمتملة من العقوبات سيوؤ س س لإزالة الكثري من سوء الفهم القائم بني طهران والعوا صم العربية وميه د الطريق حلوار عربي- إيراين أ صبح مطلوبا الآن أكرث من أي وقت آخر. ومن املوؤكد أن إيران هي اليوم الرقم ال صعب يف املنطقة جتيد جيدا لعبة ال شطرجن كما ات ضح م ؤوخرا من خالل توقيع اتفاق طهران الثالثي برعاية تركية-برازيلية. ومن املفيد ا ستغالل مثل هذه لنفراجات الدبلوما سية النادرة و ل ستثنائية من أجل الرتحيب باأي سلوك إي راين إيجابي ومعتدل ي سهم يف تخفيف التوترات يف املنطقة التي عانت كثريا ب سبب التوترات واحلروب. الدول العربية تتفق وتختلف مع إيران يف أمور كثرية لكن ينبغي عدم افتعال املعارك معها. إيران جار صعب وهو اليوم أكرث صعوبة من أي وقت آخر والعقلية الإيرانية مت شد دة واليوم أكرث ت شددا والتمد د الإيراين يف ال شاأن العربي مقلق وينبغي عدم ل ست سالم له وال سلوك الإيراين ا ستفزازي و أ صبح أكرث ا ستفزازية يف ظل الرئي س حممود أحمدي جناد املت شد د. لكن ذلك كل ه ينبغي أل يقود إىل افتعال معارك معها والذهاب إىل حافة الهاوية. لذا من املهم ال سعي إىل إج راء حوار عميق ومبا شر مع طهران التي تخو ض معارك متوا صلة لوقف قرارات جمل س الأمن بفر ض جولت جديدة من العقوبات لقت صادية التي ست سهم حتما يف زيادة التوتر يف اخلليج العربي. * أ ستاذ العلوم ال سيا سية جامعة الإمارات 47 يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

22 العدد ملف العدد ملف االعتبارات الجيو-استراتيجية تغل بت على ما عداها إيران.. من»تصدير الثورة«إلى حماية الدولة من الصعب فهم السياسات اإليرانية الراهنة من دون»العودة إلى الجذور«الفكرية والمبادئ األساسية األيديولوجية التي حكمت توج هاتها على امتداد عقود ثالثة. وربما كان نهج»تصدير الثورة«هو األكثر إثارة للجدل بين هذه المبادئ. يرى بعضهم أن طهران ال تزال مخلصة لهذا التوج ه الذي احتل على الدوام مكانة مركزية على سلم أهدافها بعيدة المدى. أما األدلة فعديدة منها سعي إيران إلى التدخل في دول أخرى كما تفيد االعتقاالت التي نفذتها السلطات في الكويت والبحرين أخيرا والجهود الحثيثة التي تبذلها لنشر المذهب الشيعي على نطاق غير مسبوق ما يوف ر لها تمددا سياسيا في إفريقيا وفي مجتمعات عربية لم تكد تعرفه من قبل. هنا مراجعة هادئة ومعم قة لسجل الثورة اإليرانية وفلسفتها تخلص إلى معارضة هذا التقويم مع إقرارها ببقاء»بعض مظاهر«نهج تصدير الثورة. حسام عيتاني* بعد واحد وثالثني عاما على انت صار الثورة الإيرانية يبدو العثور على املكو نات الأ صلية ل سيا ستها اخلارجية مهمة ع سرية مع تغري الأو ضاع املحيطة باإيران وتبد ل حالة العامل باأ سره. لكن ذلك ل يلغي حقيقة وجود بع ض العنا صر يف ال سيا سة اخلارجية الإيرانية اليوم موروثة عن احلكومة الأوىل التي تولت احلكم يف طهران بعد سقوط ال شاه عام وميكن اجل زم بح صول عملية دم ج بني اخلطاب ال ث وري ال ذي سبق الثورة واخلطاب الإم رب ط وري الإي راين ال ذي سبق إىل الوجود حكم أ سرة بهلوي ضاربا جذوره يف التاريخ الإيراين البعيد وم ستندا إىل املعطيات اجلغرافية- ال سيا سية و لجتماعية- لقت صادية لإيران وجوارها. و لندماج بني اخلطابني الثوري والإمرباطوري أو اكت شاف الثوار قيمة ال سيا سات الإمرباطورية لي س بالأمر اجلديد. فبعد أع وام قليلة من جناح الثورة الفرن سية سعت هذه إىل حماية الدولة التي أن شاأتها من خالل ت صدير قيم»الأخوة واحلرية وامل ساواة«إىل الدول املجاورة )و إىل م صر يف املغامرة ال شهرية التي قادها نابليون بونابرت باأمر من حكومة»الإدارة«قبل أن ي صبح إمرباطورا وتت ضح طموحاته اخلا صة(. الأمر نف سه تكر ر مع الثورة البل شفية التي تبن ت ق ضايا الطبقة العاملة العاملية إىل أن أرغمتها ال صراعات بني قادتها خا صة بني ستالني وتروت سكي من جهة و ضرورات الواقع من جهة ثانية على إعادة صوغ مقولتها الثورية العاملية. الثورة الإيرانية لي ست ا ستثناء يف الباب هذا. وهي إحدى أهم ثورات القرن الع شرين والأهم على الإطالق يف التاريخ احلديث للعامل الإ سالمي ب سبب التغريات الكربى التي أدخلتها على جملة طويلة من املفاهيم )الإ سالم ودوره يف ال سيا سة. وتويل رجال الدين لل سلطة املبا شرة. وعالقة الدول واملجتمعات الإ سالمية بع ضها ببع ض وعالقاتها جميعا بالغرب. ومعنى احلداثة بالن سبة إىل امل سلمني... إلخ( وجملة أط ول من املعطيات اجلغرافية-ال سيا سية )ال سيطرة على النفط. و أم ن اخلليج. وموقع الطوائف ال شيعية يف الدول ذات الأكرثيات ال سنية. ودور الإ سالم يف الق ضية الفل سطينية. وغريها من امل سائل(. عليه قد ل يكون م ستغربا يف نظرة ا ستعادية إىل احلدث الإيراين الكبري أن تعطي الثورة حيزا وا سعا مل ساعي شرح أفكارها أمام من عد تهم جمهورا طبيعيا لها يف اخل ارج و صول إىل بلورة ما ميكن ت سميته ت صدير الثورة كعقيدة رديفة لعقائدها املحلية. يتداخل يف العادة ال سعي إىل ت صدير الثورة بني جهود احلكومات الثورية يف البحث عن احللفاء يف غري صفوف احلكومات التي تنا صبها العداء أي يف صفوف القوى املعار ضة القابلة لال ستجابة خلطاب )ولدعم خمتلف الأنواع( من اخل ارج القادرة على التحرك ال سيا سي )ال سلمي أو العنيف( يف سبيل تغيري شكل احلكم ونظامه يف بلدها مبا يتنا سب مع م صالح بلد الثورة الأم. صحيح أن ملحاولت ت صدير الثورة وظائف داخلية من نوع إقامة الدليل أمام شعب الدولة الثورية على صحة نهجها عرب إب راز ت أاييد شعوب أخ رى للثورة وعقيدتها وتقييد املعار ضة املحلية بذرائع من نوع م ساندة ال شعوب الأخرى امل شاركة يف ثورة أممية تقودها الطبقة العاملة أو الفئات امل ست ضعفة لكن ذلك غالبا ما يرتافق مع توتر يف العالقات مع الدول التي ت صد ر الثورة إليها. ولي ست نادرة احلالت التي انقلبت فيها حماولت إثارة الثورات يف الدول املجاورة إىل حروب تدخ ل و أخ رى أهلية. حروب الثورة الفرن سية يف أوروب ا )من ضمنها احلروب النابليونية وحرب التدخل الأجنبي يف رو سيا واحلرب الأهلية هناك بني»احلمر«و»البي ض«بني عامي 1918 و 1922 ( هي وجوه ل سعي احلكومات الثورية إىل ت صدير ثوراتها وردود الفعل العنيفة التي قابلت بها»الرجعيات«الأوروبية املمثلة يف احلكومات امللكية و»الدميقراطيات الغربية«جهود الثوار ما يعني الحكومة اإليرانية اليوم ليس إقامة أنظمة حكم مشابهة لها تتبن ى أيديولوجيتها ومقولة»والية الفقيه«بل إن الهم اإليراني الخارجي انتقل إلى التعامل مع موازين قوى تسعى طهران به إلى تحسين مواقعها وحماية مكاسبها ومصالحها كدولة الفرن سيني والرو س لزعزعة النظام القدمي يف أوروبا والعامل. ومل يخف موؤ س س اجلمهورية الإ سالمية يف إيران آية اهلل اخلميني رغبته يف ر ؤوية الثورة الإ سالمية تنت صر خارج إيران. وبح سب ال شعارات التي رافقت بدايات حترك اخلميني يف العراق ثم يف فرن سا قبيل عودته إىل إيران ميكن تلم س الطابع املحلي لدعوته ب صفتها تقوم على إ سقاط حكم ال شاه املفتقر إىل ال شرعيتني ال شعبية والدينية و إىل إقامة حكومة إ سالمية تتبن ى سيا سة عدالة اجتماعية ف ضفا ضة. وبدا أن اخلميني و أن صاره املقربني تقبلوا يف املراحل الأوىل أفكار أن صارهم ال شباب ذوي امليول الي سارية املتاأثرة باأفكار علي شريعتي احلامل بتوافق إ سالمي-ا شرتاكي. وبدا أن التيار الإ سالمي- الي ساري يتمتع بالثقل الأك رب يف دوائ ر القرار مقابل التيارات الإ سالمية القريبة من الربجوازيتني الكبرية واملتو سطة. كانت أ سباب قبول اخلميني صعود التيار الي ساري املذكور تكتيكية حم ضا رمت إىل امت صا ص شعبية الأح زاب واملنظمات الي سارية النا شطة يف املجتمع الإي راين كمنظمة»جماهدي خلق«املتاأثرة كذلك مبقولت شريعتي و»فدائيي ال شعب«وحزب»توده«وع شرات من التجم عات املاوية والرتوت سكية ودفعها يف اجتاه التيار ال دي ن ي. يف ال وق ت نف سه أف ادت احلكومة الإي ران ي ة م ن ال سماح ب ربوز شخ صيات ي سارية- إ سالمية وتقدمي صورة الثورة احلاملة مل شروع إن ساين عاملي ع رب ط رح شعارات ترف ض لنحياز إىل أي م ن مع سكري احل رب الباردة وت شد د على الهموم العاملثالثية وهذا عن صر أ سا سي لنجاح أي ثورة يف جتاوز الأطر املحلية والإقليمية التي حتيط بها. تجارب حاسمة يف ال سنوات الأوىل للثورة أن شئ»مكتب م ساندة احلركات التحر رية يف العامل«الذي ر أ سه مهدي ها شمي باإ شراف آية اهلل ح سني منتظري وتطورت العالقات مع منظمة التحرير الفل سطينية التي كانت قد درب ت واحت ضنت ع ددا من املعار ضني الإيرانيني يف مع سكرات املنظمة يف لبنان. ويف الداخل توىل رجل الدين حممد مو سوي خوئيني املعروف مبيوله الي سارية من صب مدعي عام الثورة وعمل عدد من اخلريجني الأكادمييني ال شبان مثل مري ح سني مو سوي على تطبيق أفكارهم يف العدالة لجتماعية يف الأع وام الأوىل للثورة برغم معار ضة أج زاء مهمة من املوؤ س سة الدينية. ومل يكن مفاجئا أن تاأ سر هذه يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

23 ملف العدد ملف العدد التوليفة من اخلطاب الديني واملمار سة الثورية وتقدمي ال شباب وتبن ي عبارة جالل الأحمد»غرب زدجي«)»الغرب هو الطاعون«( ألباب بع ض أبرز املفكرين الغربيني الذين اهتموا بالثورة الإيرانية كمي شال فوكو على سبيل املثال الذي زار إيران وكتب عن ثورتها. بكلمات أخرى كان لهتمام بتوجيه ر سالة إىل اخلارج ت شد د على مت سك الثورة بهموم إ سالمية عامة كالق ضية الفل سطينية وعاملثالثية تواجه» ل ستكبار العاملي«وتعمل على ا ستعادة حقوق ال شعوب امل ضطهدة بعد قرون من ل ستالب للغرب وعقود من حتم ل وطاأة ل ستعمارين املبا شر وغري املبا شر )الذي مث له ال شاه رمز العداء للم صالح الوطنية خا صة بعد انقالبه على رئي س وزرائه حممد م صدق( ي شكل ر صيدا وفريا للحكومة الثورية الإيرانية. يتعني هنا النظر إىل عدد من التجارب املهمة التي كانت مبنزلة اختبارات مرت بها فكرة ت صدير الثورة الإ سالمية يف إيران و أ سفرت نتائجها عن ر سم صورة اجلمهورية الإ سالمية يف املرحلة الراهنة: التجربة الأوىل كانت اندلع احلرب مع العراق. وبغ ض النظر عن العالقات املعقدة بني إي ران والعراق ومالب سات معاهدة اجلزائر عام 1975 التي ر أت فيها بغداد إجحافا بحقوقها فقد جتاهل اخلميني الأجواء الدولية غري املواتية لإيران خا صة بعد احتالل ال سفارة الأمريكية وبداية أزمة الرهائن ووا صل ال سعي إىل ح شد املعار ضة الإ سالمية العراقية لنظام صدام ح سني ضمن فكرة تقول إن اجلمهور ال شيعي العراقي هو الأق رب إىل تقب ل أفكار الثورة الإيرانية و إطاحة نظام علماين ا ستبدادي. حر كت املقاربة اخلمينية ه ذه وم ن دون ق صد صاحبها على الأرج ح م ستنقع العالقات ال سنية- ال شيعية لي س يف العراق وح ده بل يف املنطقة العربية باأ سرها. فربغم ال شعارات التي رفعتها التظاهرات املليونية يف طهران الداعية إىل وحدة امل سلمني فاإن الثورة يف إيران اعتربت من حقها قيادة م سلمي العامل لأنها كانت ال سباقة إىل إجناح النموذج الإ سالمي الثوري الأول. تداخل معطيات احلرب العراقية-الإيرانية وف شل و ساطات هيئات إ سالمية عد ة من منظمة املوؤمتر الإ سالمي إىل التنظيم ال دويل لالإخوان امل سلمني زرعا شعورا يف أو ساط العرب وال سنة بوجود دافعني قومي ومذهبي عند القيادة الإيرانية يتعار ضان نظريا على الأقل مع خطابها الإ سالمي التوحيدي. التجربة الثانية تتلخ ص يف العالقة مع منظمة التحرير وحركة»فتح«خا صة. فبعد ع دد من امل ب ادرات الالفتة لالنتباه منها جعل ال سفارة الإ سرائيلية يف طهران سفارة لفل سطني وقطع العالقات الوطيدة ال سابقة مع إ سرائيل و إعالن امل ساندة املطلقة للن ضال الفل سطيني ضد»ال شيطان الأ صغر«سعت إي ران إىل إن شاء نوع خمتلف من ال صلة بالق ضية الفل سطينية يوف ر لطهران سندا أيديولوجيا ثمينا يف مواقفها على امل ستويني العربي والدويل ويف الداخل الإيراين. وميكن العودة إىل سل سلة طويلة من اللقاءات والبعثات التي جابت بني العا صمة الإيرانية والعا صمة اللبنانية بريوت )مقر منظمة التحرير الفل سطينية نشر التشيع لم يكن هاجس الخميني في المراحل األولى للثورة إذ كان يعتقد قدرته على تسن م زعامة العالم اإلسالمي بأسره بخطاب يوح د المذاهب جميعها تحت عباءته وهو ما ثبت فشله قبل لجتياح الإ سرائيلي عام 1982( التي حملت شروطا و شروطا م ضادة حل صول منظمة التحرير على دعم إي راين كبري مقابل توفري الفل سطينيني موطئ قدم ع سكريا لإيران )عرب جنوب لبنان( وحجة أيديولوجية لل صراع مع إ سرائيل. ولي ست م صادفة أن يكون إن شاء»حزب اهلل«يف لبنان قد جاء يف الأ سابيع الأوىل لالجتياح أي بعد إق صاء إ سرائيل قوات منظمة التحرير عن اجلنوب وح صارها يف بريوت. لقد كانت هذه هي اللحظة املنا سبة لتقر ب إيران من ال صراع ضد إ سرائيل واكت ساب شرعيتني سيا سية و أيديولوجية ت ستطيع توظيفهما يف ع شرات املجالت وعلى العديد من ال ساحات. هذا من دون تقومي الدور الإيراين أو تبن ي أحكام قيمة عليه يف ال شاأن الفل سطيني-الإ سرائيلي. التجربة الثالثة كانت ما ا صطلح على ت سميته»ف ضيحة إيران-كونرتا«. ي صح لعتقاد أن الق ضية ه ذه شكلت ساعة احلقيقة بالن سبة إىل الثورة الإيرانية التي كانت قواتها على جبهة احلرب مع العراق يف أم س احلاجة إىل أ سلحة وذخائر وقطع غيار ملواجهة القوات العراقية. انخراط أعداد مهمة من امل شوؤولني الإيرانيني يف الق ضية أظهر أن إيران الإ سالمية مثلها كمثل غريها من احلكومات الثورية ال سابقة لها تريد يف املقام الأول البقاء كدولة و سلطة ولو عرب فتح قنوات مع»ال شيطان الأك رب«. املثري لالهتمام أن تداعيات هذه الق ضية أدت إىل إع دام مهدي ها شمي عام 1987 و إىل طي صفحة»مكتب م ساندة احلركة التحررية«الذي انتقلت صالحياته إىل احلر س الثوري. بعد انتهاء احلرب العراقية-الإيرانية خفتت كثريا دع اوى ت صدير الثورة لن شغال احلكومة باإعادة إعمار البالد ب سبب الدمار واخل سائر الب شرية الكبرية التي أ صابتها. فكان عهد الرئي س علي أك رب ها شمي رف سنجاين خا صة يف وليته الثانية عهد بحث عن سبيل ت سلكه إيران وتتمكن عربه من اجلمع بني حاجاتها التنموية امللح ة وحتديث قطاعاتها لقت صادية املتقادمة من دون ا ضطرار النظام إىل تنازلت سيا سية أو أيديولوجية للغرب. وكان ملواجهة القوى املحافظة جلهود رف سنجاين رد فعل عك سي و أثر حا سم يف رفع شعبية التيار الإ صالحي الذي ميكن و صفه باأنه التيار الإ سالمي-الي ساري وقد أعاد صوغ مواقفه وروؤاه لتتالءم مع حالة إيران بعد احلرب. بيد أن تطو رات الأع وام الالحقة التي بد أت مع فر ض الإقامة اجلربية على منتظري ثم حملة اغتيال املثقفني ع ام 1998 و لع ت داءات على طالب اجلامعات ثم إغالق ال صحف الإ صالحية واعتقال عدد من الإ صالحيني برهنت على أن التيار املحافظ الديني لن يتخل ى عن مواقعه املكت سبة من دون مقاومة. ومث ل إخفاق الإ صالحيني يف الت صد ي لتحدي املحافظني خيبة أمل كبرية ل شرائح وا سعة من الإيرانيني الذين ساندوا إىل جانب سيا سات لنفتاح الداخلي التي تبناها الرئي س حممد خامتي دعوته إىل»ح وار احل ضارات«التي مل ت أات بديال لأطروحة صامويل هانتنغتون عن» صدام احل ض ارات«فح سب بل شك لت إق الع ا عن نهج ت صدير ال ث ورة القدمي واملحاولة الأك رث جدية والأعمق منذ تاأ سي س اجلمهورية الإ سالمية لدمج إيران يف الأ سرة الدولية و إزالة صبغة التطرف و»الإرهاب«عنها أي ضا. التشي ع.. التدخل منظومة وا سعة من الأ سباب الداخلية كتفاقم الفوارق بني الفئات لجتماعية الإيرانية وعزلة النخب الإ صالحية واملدنية وا ستجابة ماليني من الفقراء والريفيني لطروحات التيار ال شعبوي الديني املمثل يف الرئي س حممود أحمدي جناد )وقد جاء التيار هذا للمفارقة من خلفية ميينية مقابل اخللفية الي سارية لالإ صالحيني( والأ سباب اخلارجية ك سقوط نظامي طالبان و صدام ح سني على احلدود ال شرقية والغربية لإيران واخل شية التي ول دها سقوط هذين النظامني من ا ستهداف إي ران يف مرحلة تالية ح ض رت جميعا امل شهد الذي ا ست أانفت طهران فيه دوره ا كمركز ملناه ضة ال سيا سات الأمريكية يف مرحلة هيمنة»املحافظني اجلدد«خا صة وال سيا سات الغربية عامة. وكان من البديهي أن تتحالف حكومة أحمدي جناد مع الأنظمة امل شابهة لها سواء لناحية املواقف من ال سيا سات الأمريكية أو املخاوف من التعر ض لتدخالت سيا سية أو ع سكرية- أمنية فيها. وطفت إىل سطح لهتمام الإعالمي عالقات إيران بفنزويال التي يحكمها هوغو ت شافيز وزميبابوي ورئي سها روبرت موغابي وكوريا ال شمالية وكوبا وال صني إىل جانب عدد من الدول العربية املن ضوية حتت»حمور املمانعة«الذي ي ضم كذلك قوى غري ر سمية كحزب اهلل يف لبنان وحركتي»حما س«و»اجلهاد الإ سالمي«يف فل سطني. لكن ينبغي الت شديد على أن سيا سة ت صدير الثورة قد انتفت عمليا من الوجود على الرغم من بقاء بع ض مظاهرها. فما يعني احلكومة الإيرانية اليوم لي س إقامة أنظمة حكم م شابهة لها تتبن ى قيم الثورة الإ سالمية و أيديولوجيتها ومقولة»ولية الفقيه«بل إن الهم الإيراين اخلارجي انتقل إىل التعامل مع موازين قوى ت سعى طهران به إىل حت سني مواقعها وحماية مكا سبها وم صاحلها كدولة. ولئن ارتفعت درجة الواقعية وتخل ت إيران عن فجاجة أفكار ثوري يها الأول وتبعهم يف ذلك عدد من الأن صار )على غ رار»املجل س الأعلى للثورة الإ سالمية يف العراق«الذي غير ا سمه إىل»املجل س الإ سالمي الأعلى«وهو عينه ما فعله حزب اهلل اللبناين بالتخلي عن شعاره»الثورة الإ سالمية يف لبنان«وحتويله إىل»املقاومة الإ سالمية يف لبنان«( ففي ذلك نوع من الن ضج و لبتعاد عن»الطفولة ال سيا سية«إىل أ سلوب ي سمح باإدغام املعطى الأيديولوجي الأ سا سي أي طبيعة احلكم الإ سالمية ودور رجال الدين )وقد أ ضيف أخريا الدور املحوري ملوؤ س سة احلر س الثوري( يف ضرورات»الدولة«يف إيران. و إذا كان الإمام اخلميني قد دان الغزو ال سوفييتي لأفغان ستان من دون أن يبالغ يف تقدمي الدعم إىل املجاهدين الأفغان )ومن ضمنهم طائفة الهزارة ال شيعية( خ شية إثارة غ ضب اجلار ال سوفييتي العمالق )حينها( فاإن احلكومات الإيرانية املتعاقبة تبن ت خطوات ل تقل واقعية حيال ال صراع الأرمني-الأذربيجاين حول ناغورنو قره باخ حيث ساندت يريفان ضد باكو برغم وجود ماليني الإيرانيني من أ صل أذري وبرغم اعتناق الأذريني املذهب ال شيعي. لكن لعتبارات اجليو- ا سرتاتيجية تغلبت على ما عداها. الأمر نف سه ي صح حيال املوقف الإيراين من لحتالل الأمريكي لأفغان ستان عام 2001 وغزو العراق عام وملعرت ض أن يقول إن فكرة ت صدير ال ث ورة مل تختف من أذه ان امل شوؤولني الإيرانيني ودليله على ذلك الدعم شبه الر سمي الإيراين )من بع ض احلوزة العلمية( لن شر املذهب ال شيعي يف بلدان إ سالمية قريبة وبعيدة من إي ران إ ضافة إىل ن شاط أمني ين سب إىل جمموعات ي شرف احلر س الثوري عليها. الر أي على وجاهته يحمل على إثارة م شاألة تطو ر احلكم الإيراين منذ أواخر سبعينيات القرن املا ضي إىل اليوم. فن شر الت شيع مل يكن هاج س اخلميني يف املراحل الأوىل للثورة إذ كان يعتقد قدرته على ت سن م زعامة العامل الإ سالمي باأ سره بخطاب يوح د املذاهب جميعها حتت عباءته وهو ما ثبت ف شله بعدما دفعت إيران ووحدة العامل الإ سالمي أثمانا باهظة. و أ صبحت م ش أالة الت شيع تثري خم اوف العديد من احلكومات التي ا ستخدمت املو ضوع يف صراعها ال سيا سي مع طهران. أما ن شاط ال شبكات الأمنية الإيرانية احلديثة فيبدو قليل الأهمية مقارنة مع ما قامت به ال شبكات التي كان الفرع اخلارجي من جهاز»ال سافاك«ين شرها يف الدول التي يقيم فيها مهاجرون إيرانيون. ولي س سرا أن الدول جميعها تخ ص ص موارد كبرية ن سبيا لتعر ف ما يجري وراء حدودها يف اخلفاء والعلن. و إيران لي ست ا ستثناء يف هذا الباب. عليه قد ل يكون دقيقا النظر إىل»ت صدير الثورة«كثابتة يف ال سيا سة الإيرانية بل الأقرب إىل الواقع و ضعه ضمن سياقات متغرية تبعا لتغير الظروف الإيرانية الداخلية وتلك املحيطة باإيران. وهو ما يعني أن ال سيا سات الإيرانية ستتابع تغريها وفق احلقائق التي يفرزها الواقع و إن كانت لن تخلو من تاأثريات الدين والأيديولوجيا احلاكمة يف إيران. * كاتب وحملل سيا سي قد ال يكون دقيقا النظر إلى»تصدير الثورة«كثابتة في السياسة اإليرانية بل األقرب إلى الواقع وضعه ضمن سياقات متغيرة تبعا لتغير الظروف الداخلية وتلك المحيطة بإيران نشاط الشبكات األمنية اإليرانية الحديثة يبدو قليل األهمية مقارنة بما مارسته الشبكات التي كان الفرع الخارجي من جهاز»السافاك«ينشرها في الدول التي يقيم فيها مهاجرون إيرانيون 51 يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

24 ملف العدد ملف العدد استمرار الخطاب األيديولوجي طهران ماضية في دبلوماسية»الرقم الصعب«إيران أخفقت في تبديد الشكوك والمشاعر العدائية السائدة إزاء سياساتها )داخليا وخارجيا ( ألسباب متفاوتة في أوروبا والدول ذات األغلبية السن ية والواليات المتحدة األمريكية في الوقت الذي تتبن ى فيه بعض جوانب من سياسة الوفاق التي أطلقها اإلصالحيون بين عامي 1997 و 2005 أقدمت إيران مؤخرا على تغييرات في سياستها الخارجية تجمع بين التلويح ب»قوتها«وبوضعها اإلقليمي ك»العب أساسي«في المنطقة ورقم صعب ال يمكن تجاوزه. كما تستمر في لعب دور»المناهض لإلمبريالية«وهو ما يحقق وظائف داخلية وخارجية ولكن تبقى طهران غير مطمئنة إلى حصانتها من هجوم بسبب مشروعها النووي أو إلى استمرار دعم قوى أساسية دولية تعول عليها في هذا الملف. المقال يناقش السياسات اإليرانية الدولية ومنطلقاتها ومتغيراتها. السير ريتشارد دالتون* من املرجح اأن احلكومة الإيرانية تنظر بعني الر ضا اإىل عالقاتها مع احلكومات الأجنبية فقد جنحت يف اأن تناأى بتلك العالقات اإىل حد كبري عن ا ضطراباتها الداخلية طوال عام منذ اإعالن نتيجة النتخابات الرئا سية يف يونيو/حزيران ع ام وق د أاك سبت الدبلوما سية الهجومية )الن شطة( طهران بع ض الأ صدقاء وبع ض النفوذ فيما ل يزال حلفاوؤها الإقليميون اأقوياء. اإل اأن ال صورة تنطوي على ت شوي ش وتناق ض فما زال امل ض ؤوولون الإيرانيون يجازفون بتعري ض من ضاآتهم النووية للهجوم كما اأن العقوبات الأممية والأوروبية اجلديدة ست لقي اأعباء اإ ضافية طويلة الأمد على كاهل القت صاد الإيراين. تحصين ضد التهديدات الداخلية والخارجية ي شك ل الدفاع املهم ة الأوىل لأي حكومة وتعد الأرا ضي الإيرانية اآمنة اإذ مل ميتد اإليها تاأثري قالقل اجلريان من ال شرق والغرب وتفادت ال سلطة يف اإيران ال ضطرابات الداخلية التي اأحدثها النف صاليون سواء كانوا مدعومني من الداخل اأو اخلارج. كما ظل ت التهديدات الإ سرائيلية والأمريكية ب شن هجوم على إايران جمرد تهديدات. برغم ذلك فاإن ه حتى مع قدرة احلكومة الإيرانية الوا ضحة على الرد فاإنها لن تطمئن متاما حتى يزول خطر حدوث هجوم ضد من ضاآتها النووية. كذلك حافظت اإيران على مواقعها يف العراق وفل سطني ولبنان وا ستمرت يف حتالفها مع سوريا. ووفقا للم ض ؤوولني الإيرانيني فاإن ح ضورهم يف ال صراعات الإقليمية يدعم»الق ضايا العادلة«كما ي سمونها وي ساند اجلماعات التي ميكنهم التاأثري فيها مبا مينحهم عمقا ا سرتاتيجيا ميك نهم من ردع اإ سرائيل والوليات املتحدة. العالقة مع الجيران العرب يبدو الإيرانيون واثقني باأنهم من خالل سيا سات متحف زة ن شطة وم باد رة ي ستطيعون اإبقاء التوترات بينهم وبني جريانهم حتت ال سيطرة. ولذا فهم ي شعرون بالثقة باأن دول جمل س التعاون لدول اخلليج العربية لن ت سمح با ستخدام أارا ضيها ل شن هجمات عليهم و سيوا صلون ال سعي اإىل إاقامة عالقات طيبة معها برغم اخلالفات اخلطرة التي تثور بني احلني والآخر. ويت سلح الإيرانيون مبظهر القوة والعزمية القومية والنفوذ معتقدين اأن ذلك يدفع تلك الدول اإىل ا سرت ضائهم. ول تزال التطو رات يف العراق تخدم أاغرا ض الإيرانيني جيدا. فالدولة العراقية تتعاون معهم فيما وجود اأمريكا ونفوذها هناك اآخذان يف الأف ول كما اأنه ل توجد جماعة مبفردها يف مقدورها ال سيطرة على ال شيعة اأو التحكم فيهم. كما يعتقد امل ض ؤوولون الإيرانيون أان الطابع الهجومي )الن شط( ل سيا ساتهم عز ز سمعتهم كقوة ل غنى عنها يف املنطقة اأو بكلمات اأخرى كرقم صعب ل ميكن جتاوزه. وي شك ل اإبراز هذه ال سمة جزءا حيويا من سيا ستهم اخلارجية. فبح سب تعبري الرئي س الإيراين اأحمدي جناد الذي يبدو جلي ا اأنه را ض عن اأدائه فاإنه»حتى خم سة ع شر عاما م ضت كانت قوة الدول تقا س بالأ سلحة والهيمنة على امل وارد العاملية اإل أان القوة اليوم تقا س مبدى القوة يف الدفاع عن النف س والتاأثري يف العالقات الدولية«. الوفاق مع شيء من الخالف جنحت حكومة طهران املحاف ظة منذ عام 2005 يف العتماد على سيا سة الوفاق أاي رعاية العالقات الودية يف اخلارج التي مه د لها الرئي س خامتي والإ صالحيون خالل الفرتة بني عامي 1997 و اإل أانها اأدخلت عليها تغيريات عديدة: اأول مل تعد احلكومة حري صة بالقدر نف سه على مبادرات ح سن النية الأوروبية اإذ تعتقد على ما يبدو اأن البالد يف اإمكانها ال ستمرار يف شراء ال سلع الراأ سمالية من اأوروبا وت صدير النفط إاليها من دون تقدمي أاي تنازلت 55 يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

25 ملف العدد ملف العدد ليس هناك ضغوط اقتصادية تلوح في األفق يمكنها وحدها دفع طهران إلى إبداء المرونة كما أن حكومتها عازمة على إيجاد طريقة لاللتفاف حول أي عقوبات على تجارتها حصلت طهران على بعض المساندة النشطة لحقوقها النووية من جانب تركيا والبرازيل. وتأمل أن تتضافر تلك المساندات للحيلولة دون فرض عقوبات جديدة عليها يف جهة اخلالفات ال سيا سية معها. وعلى اأي حال فثم ة تراجع يف اأهمية اأوروبا التجارية لإيران مقارنة بالقوى الواقعة شرقها. ثانيا مار ست احلكومة ضغوطا اأ شد للح صول على قبول دويل حلق ها يف امل شاركة يف اإدارة ال ضوؤون العاملية ومن هنا ياأتي طلبها الن ضمام إاىل منظمة شنغهاي للتعاون وحماولتها )الفا شلة( لت صري ع ضوا يف جمل س الأمن الدويل و سعيها اإىل احل صول على ع ضوية جمال س حقوق الإن سان والتنمية التابعة لالأمم املتحدة. ثالثا زادت احلكومة من تركيز الأ ضواء على التهديدات اخلارجية التي جتابهها. ففي اعتقادها اأن تاأكيد دورها يف مقاومة الإمربيالية من ضاأنه اأن يعم ق جذور»الثورة«يف الداخل ما ي ساعدها على ا ستمرار ن سختها الراديكالية من اأيديولوجية احلكم الديني املثرية للجدل التي و ضع اأ س سها اخلميني. وعلى هذا يف راأي قادتها فاإن التحدي والظهور مبظهر احلكومة القوية ع سكريا يخدمان اأغرا ض طهران جيدا ويحميان جتارة النفط احليوية عرب اخلليج. وترى احلكومة اأن هذا كل ه يدعم هيبتها اإذا ما مزجت روح التحدي بالأفكار الإيرانية الرا سخة: مكانة القوة الإقليمية و»ر سالة«اإيران اإىل العامل. راب ع ا ح صلت احلكومة على بع ض امل ساندة الن شطة من جانب تركيا والربازيل وغريهما من دول عدم النحياز القيادية ل»حقوقها النووية«وحلل للق ضية عرب التعاون غري املحد د مع تلك الدول. وثمة هدف اأو سع اأي ضا عبر عنه الزعيم الإي راين اآية اهلل علي خامنئي بقوله للرئي س الربازيلي يف يوم 16 مايو/اأيار املا ضي»اإن ال سبيل الوحيد لتغيري النظام العاملي الظامل يتمثل يف التعاون وتو سيع عالقات الدول امل ستقلة بني بع ضها بع ضا «. أجندة الحصول على االحترام برغم ما سلف فاإن احلكومة الإيرانية تظل غري را ضية عن م ستويي الحرتام والهتمام اللذين يبديهما العامل جتاهها اإذ اإنها اأخفقت يف تبديد ال شكوك وامل شاعر العدائية ال سائدة اإزاء سيا ساتها يف الداخل واخلارج لأ سباب متفاوتة يف اأوروب ا وال دول ذات الأغلبية ال سن ية وال ولي ات املتحدة الأمريكية. ومن الأ سباب الأ سا سية لهذا الإخفاق اأن صدقية احلكومة الإيرانية والثقة بها تظالن منخف ضتني لأ سباب كثرية. فبدءا بينما جتد ر سالتها صد ى لدى بع ض املتلقني اخلارجيني فاإن الآخرين ل يجدون ما يجذبهم اإليها. فال ميكن بب ساطة الإميان باأن اإيران هي»مركز الدعم وال سعادة والتحفيز جلميع دول العامل«وفقا لقول الرئي س الإيراين. كما ي سبب الإيرانيون حالة من التوتر وال ضطراب -ل الطم أانينة- يف العامل العربي عندما يعلنون اأن هدفهم يتمثل يف النهو ض بالإ سالم ومعه املذهب ال شيعي بالطبع واأن اإيران يتعين عليها تهيئة العامل لقدوم الإمام الغائب املهدي. ورمبا يروق ذلك الأمر لكثري من العرب الذين ي شعرون بالإحباط ال شديد اإزاء عجزهم القومي يف مواجهة اجلور الإ سرائيلي وال سطوة الأمريكية غري اأن اإيران ل ت ستميل اأكرث من حفنة من الدول )مثل فنزويال( حني تقول اإن ر سالتها هي»اإنقاذ الدول من خمالب القوى الإمربيالية«. وبينما ت شعر اإيران بالر ضا اإزاء ت صويت كل من تركيا والربازيل ضد قرار الأمم املتحدة )اأوا سط شهر يونيو/ حزيران املا ضي( فر ض عقوبات جديدة عليها فاإن ما ي صيبها بخيبة الأمل هو اأن املك سيك ونيجرييا واأوغندا كانت من بني الدول التي صو تت مل صلحة القرار. إيران والواليات المتحدة يحر ص الزعيم الإي راين كثريا على الإع راب عن ثقته ب سالمة موقفه جتاه الوليات املتحدة. وينفي اأن تكون سيا سته هي عدم التفاو ض مطلقا معها غري اأنه ي ضع عقبات كبرية حتول دون التفاو ض يف ظل الظروف الراهنة. وهنا ين ضاأ تناق ض إاذ يحب ذ املتحدثون الإيرانيون غري الر سميني اإع الن رغبة بالدهم يف اإجراء حمادثات جادة مع الوليات املتحدة. ولكن من اجللي أانه منذ تويل الرئي س الأمريكي باراك اأوباما ال سلطة كانت طهران تنزوي جانبا كلما سنحت الفر صة للتفاو ض. وما ي ساعد على تف سري هذا ال سلوك اأن نت أامل مناذج من أاقوال احلكومة الإيرانية ب ضاأن روؤيتها للوليات املتحدة فالإيرانيون مقيدون بالأيديولوجيا وحم صورون يف بيئة من ال صراعات احلزبية التي ميكن اأن ي ساء تف سري املرونة فيها ب سهولة ب صفتها خيانة. يعتمد اخلطاب الإيراين على اأن الوليات املتحدة الأمريكية هي»قوة ال ستكبار«الرئي سية يف العامل واأن»الإمربيالية حي ة ون شطة يف وا شنطن«واأن»اإيران متث ل قيم امل ساواة والأخالق على النقي ض من الوليات املتحدة التي يف م سعاها اإىل ال سيطرة على منطقة ال شرق الأو سط متيل إاىل ا ستخدام القوة الع سكرية الوح شية وتتغا ضى عن ا ستخدام اإ سرائيل لها«. وتبعا لذلك ف اإن»القلق الأمريكي ب ضاأن حقوق الإن سان يف دول املنطقة )و ضمنها اإيران( ل يعدو كونه قلقا زائفا ونفاقا «. وهناك شركاء اآخ رون للوليات املتحدة يف أاطماعها العاملية هم يف الأ سا س اإ سرائيل وبريطانيا ودول اأوروبية اأخرى )واإن بدرجات متفاوتة(. والوليات املتحدة بح سب الإيرانيني من القوة بحيث ميكنها اإغراء الآخرين بالتعاون معها ضد م صاحلهم الذاتية وميولهم احلقيقية. ويتمثل هوؤلء يف دول جمل س التعاون لدول اخلليج العربية ومنظمة الأمم املتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ورو سيا )التي ت شكل ب صفة خا صة هدفا لالتهامات الإيرانية بالأنانية والعمالة( وال صني. ويعتقد الإيرانيون اأن العداوة الأمريكية لهم ولثورتهم الإ سالمية عداوة متاأ صلة مل تتغري بخروج جورج دبليو بو ش من ال سلطة. ويعتقدون اأن اإحدى الأولويات العليا للوليات املتحدة وال شغل ال شاغل لقادتها هما اإحباط صعود إايران ومنعها من حتقيق التقد م والرخاء. ويزعمون اأن الوليات املتحدة توج ه دفة اخلالفات بني النخب املثقفة يف البالد وترعى الفتنة )احلركة اخل ضراء( وت ساعد الإرهابيني )جماعة»جند اهلل«امل سلحة ال سن ية يف جنوب شرق اإيران( وت سعى اإىل تقوي ض الإ سالم. كما تتاآمر الوليات املتحدة ح سب وجهة نظرهم لتغيري نظامهم على اأمل اإحياء احلكم ال ستبدادي والعودة بهم اإىل اأحوال ما قبل عام 1979 حتقيقا مل صاحلها يف املنطقة. ويبدو اأحمدي جناد مقتنعا باأن وا شنطن لن تهداأ قبل أان تطيح النظام يف بالده. اأما مبادرات ح سن النيات )مثل ر سائل الرئي س اأوباما إاىل الإيرانيني منذ بداية ال سنة الإيرانية اجلديدة عام 2009( فال ميكن الوثوق بها والأخذ بها بالعتماد على ظاهرها. ولذا ف إان التو صل اإىل صفقة كبرية حول الق ضايا كافة املتنازع عليها بني اإيران والوليات املتحدة يعد غاية بعيدة املنال بالن سبة اإليهم. ويرى خامنئي اأن احلوار املحدود سيكون عقيما اإل ب صفته خطوة تكتيكية عندما يكون من ض أان عدم احلوار اأن يوؤد ي اإىل عواقب اأ سو أا من بع ض احلوار وبع ض التعاون. المسألة النووية وإمكانيات الحلول الوسط رمبا تتغير ا سرتاتيجية إايران يف ال ض أان النووي إاذا ما تغريت ال سيا سة الأمريكية املرتبطة بامل سائل اجلوهرية اخلالفية على نحو مالئم يروق لطهران على سبيل املثال اأن ت سقط الوليات املتحدة كثريا من إاجراءاتها الثنائية ضدها وتعلن أان هدفها هو التطبيع واإقامة عالقات دبلوما سية بني الطرفني وكذلك إاذا سحبت شرط جمل س الأمن الدويل تعليق أان شطة تخ صيب اليورانيوم والتوقف عن بناء مفاعل «آاراك«الذي يعمل باملاء الثقيل. هذه الأمور رمبا جتعل حكومة طهران على ا ستعداد للنظر يف إامكانية قبول حلول و سط منها و ضع ضوابط على اأن شطة التخ صيب وحتح ق ق كامل من ال ستخدام ال سلمي لها بن سبة %100. وكما عبر اأحد الأكادمييني موؤخرا عن الأمر ف إان الإيرانيني يريدون الت أاكد من انتهاء النزاع الأمريكي معهم حول الق ضايا كافة ولي س حول امللف النووي وحده. لكنه لي س متوق عا حدوث ذلك يف الوقت الراهن نظرا إاىل عدم إاميان كل من الطرفني بقدرة الآخ ر على الإجن از أاو التزام ما يكفي من التنازلت للوفاء باحتياجات الطرف الثاين. ومن ثم ت أاتي احلملة الأمريكية لفر ض عقوبات جديدة على اإيران سعيا منها إاىل اإجناز سيا ستها املعلنة جتاه منع إايران من امتالك الأ سلحة النووية. ومن ضاأن العقوبات أان تلحق ال ضرر بالتجارة الإيرانية فتحم ل القت صاد الإيراين اأعباء اإ ضافية. بيد أانه لي س ثمة ضغوط اقت صادية تلوح يف الأفق ميكنها وحدها دفع طهران اإىل إابداء املرونة كما اأن حكومتها تعتقد اأن با ستطاعتها اللتفاف حول القيود اجلديدة التي تفر ضها اجلولة الأخرية من العقوبات على جتارتها. وبالن سبة اإىل إايران تتمثل الأولوية يف الدفع قدما بجميع جوانب برناجمها النووي. وفيما ل تزال نياتها النهائية غري وا ضحة فاإنها على الأرجح تريد الو صول إاىل عتبة ت صنيع الأ سلحة النووية عالوة على إاتقانها بناء مفاعالت القوى النووية وجميع جوانب دورة الوقود ال ن ووي. ويف الغالب يفكر الإيرانيون ملي ا يف أان با ستطاعتهم حتقيق هدفهم من دون جمازفات عالية تعر ضهم للهجوم الع سكري أاو العزلة القت صادية على نحو غري مقبول. ويبدو الإيرانيون موؤمنني ب صحة هذا التقدير للموقف وب أان هم لن يتعر ضوا لهجوم حتى لو ا ستمروا يف مماطلتهم ب ض أان الدعوة املوج هة إاليهم من ال دول ال ست الكربى منذ سبتمرب/ أايلول عام 2009 للتفاو ض حول أاجندة ت ضم الق ضايا التي تهم هم مثل الأمن الإقليمي إاىل جانب الق ضايا املهمة بالن سبة اإىل تلك الدول مثل برنامج إايران النووي والأبعاد الع سكرية املحتملة لن شاطها النووي. وي شكل هذا التقدير للموقف جانبا كبريا من خلفية املفاو ضات التي اأجرتها الربازيل وتركيا مع اإيران يف مايو/اأيار املا ضي و سياقها. ووافقت الأخرية على ت سليم جزء من اليورانيوم منخف ض التخ صيب لديها اإىل تركيا يف مقابل أان تت سلم م ستقبال الوقود النووي الالزم ملفاعل طهران لالأبحاث من فرن سا اأو اأي مكان اآخر. ور أات طهران اأن إابرام التفاقية مع كل من الدولتني يف الوقت الذي تلزمهما فيه قبول الربنامج النووي الإيراين بكامل جوانبه يعد طريقة لتقليل فر ص فر ض عقوبات جديدة عليها والأه م من ذلك اأنه سري سي اأ س سا للتحالف مع القوى ال صاعدة التي ترغب اإيران يف روؤية املزيد من م شاهد حتد يها للوليات املتحدة. مل يت ضح حتى كتابة هذه ال سطور -على الأقل- رد الوليات املتحدة وفرن سا ورو سيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية على اإيران اإل اأنها عر ضت عليها اإجراء حمادثات بو ساطة ممثلة ال سيا سة اخلارجية لالحتاد الأوروبي كاثرين اآ شتون. ولكن الدول ال ست الكربى ل تتوقع الكثري من اإيران فمرونة الإيرانيني يف قبول التفاقية التي سبق اأن رف ضوها يف أاكتوبر/ت شرين الأول عام 2009 لتاأمني الوقود الالزم ملفاعل الأبحاث يف طهران بتحفيز من الربازيل وتركيا مل توؤد حتى الآن اإىل اإ شاعة الثقة ب إامكانية التو صل إاىل حل للنزاعات الأ سا سية حول م سائل تخ صيب اليورانيوم والأبعاد الع سكرية للربنامج الإي راين. ومن بني ال شكوك العديدة إازاء املوقف الإيراين الت شك ك يف ما إاذا كانت املحادثات اجلديدة التي طالبت باإجرائها اأوروبا وال صني ورو سيا والوليات املتحدة سوف تتحقق اأم ل. المستقبل هناك موؤ شرات اإىل التقد م بالن سبة اإىل إاي ران. فالأو ضاع يف العراق تتجه اإىل ال ستقرار. والوليات املتحدة حا ضرة بقوة يف منطقة اخلليج اإل اأنها لي ست م ط لقح ة اليد لتحارب إايران من هناك. واإ سرائيل تتعر ض لنتقادات دولية اأكرث من اأي وقت م ضى. والعامل يعتاد اأكرث فاأكرث التعاي ش مع فكرة تخ صيب إايران لليورانيوم. والعقوبات اجلديدة حمدودة. وا ستطاعت اإيران الحتفاظ مبكت سباتها يف جوانب عديدة من ال سيا سة اخلارجية أاو حققت بع ض املكا سب القليلة. وتعد هذه اأ سبابا ل شعور الإيرانيني بالرتياح. وتكمن امل شكلة بالن سبة اإىل اإيران بالرغم من الثقة الظاهرية التي تبديها يف أانها ل تزال تواجه بع ضا من عدم اليقني احلقيقي ب سبب الق ضية النووية. فرو سيا لن تزو دها مبنظومة الدفاع اجلوي املتقدمة التي طلبتها منها. وبعيدا عن التلميحات اإىل اأن»اإعالن طهران«ما زال حيا و ساريا فلي س لدى الإيرانيني رد على مطلب اإج راء مفاو ضات جوهرية حول الق ضية النووية كل ها. والر سالة امل راد نقلها وا ضحة: فمن دون اتخاذ قرار ب ضاأن امل ضاألة النووية ف إان التهديد بوقوع هجوم اإ سرائيلي على اإيران سوف يظل قائما والعراقيل الدولية اأمام فر ص اإحراز إايران النجاح القت صادي سوف تتزايد. * سفري بريطانيا ال سابق لدى اإيران بني عامي 2002 و يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

26 ملف العدد ملف العدد يعود اهتمام اإيران بال صواريخ البال ستية اإىل ما قبل انطالق ثورتها الإ سالمية. وبالرغم من ذل ك ف اإن حماولتها اجل ادة للح صول عليها مل تبداأ اإل بعد ا شتعال حربها مع العراق خالل فرتة الثمانينيات من القرن الع شرين. ولت أامني احتياجاتها اتبعت ا سرتاتيجية ذات م سارين خمتلفني يرتكز الأول على احل صول على صواريخ تعمل بالوقود ال سائل )Liquid-Propellant( لال ستخدام الفوري والثاين على اإن شاء بنية صناعية حمليا لإنتاج صواريخ تعمل بالوقود ال صلب) Solid-Propellant (. المشروع الصاروخي اإليراني اإلنجازات كبيرة.. االستمرار صعب يكثر التأويل وتختلف التفسيرات عند إطالق إيران أي صاروخ. وتتباين أوصاف الصاروخ الم طلق الجديد فتارة ي قلل مراقبون من قدراته وتارة يحذ رون منها. ومع قضية إيران النووية ترتفع الهواجس وتتعدد التصنيفات. وطهران نفسها لها منطقها الخاص في توصيف صواريخها واستخدامها في إعالمها والتلويح ب»جبروتها«. في هذا المقال تتب ع وتحليل مأخوذان منذ بدايات االهتمام اإليراني بصناعة الصواريخ إلى اليوم حيث تتكش ف وقائع لوجستية وتقنية وفنية تضع األمور في نصابها الحقيقي باألخص في ما يرتبط بالصواريخ البالستية-عابرة القارات. مايكل إلمن* امل سار الأول اجته على نحو منطقي اإىل تاليف النق ص يف اأداء القوات اجلوية الإيرانية والوفاء مبتطلباتها ال سرتاتيجية التي كانت تقت ضي امتالك القدرة على ضرب اأهداف يف عمق الأرا ضي العراقية من مواقع اإطالق حم ص نة بعيدة عن جبهة القتال. وكحل عاجل ا شرتت اإي ران صواريخ» سكود-بي«رو سية ال صنع يف بداية الأمر من ليبيا عام 1985 ثم من سوريا وكوريا ال شمالية يف املراحل الأخ رية من احل رب. ونتيجة للنجاح امللحوظ ال ذي حققته صواريخ» سكود«يف الهجمات ال ستهاللية اإ ضافة اإىل الأولوية ال سرتاتيجية التي أاعطتها لل صواريخ البال ستية فقد اجتهت طهران يف أاواخر فرتة الثمانينيات اإىل اإن شاء بنيتني حتتيتني صناعية وتقنية حمليا ترميان اإىل جتميع صواريخ الوقود ال سائل با ستخدام مكونات م ستوردة وتطويرها مع مرور الوقت لكي ي صبح ب إامكانها ت صنيع أاغلب النظم الفرعية لل صواريخ. وت شري امل شاهدات الراهنة اإىل اأن طهران قطعت شوطا كبريا نحو حتقيق هذه الأه داف اإل اأنه من املرج ح أانها ما زالت ت ستورد املكونات الأ سا سية لل صواريخ كاملحركات واأنظمة التوجيه بهدف دعم اإنتاج ال صاروخني» شهاب- 1 «و» شهاب- 2 «والن سخ الإيرانية من ال صاروخني» سكود-بي«و» سكود- سي«على التوايل. ولتحقيق امتالك قدرات معز زة ل ضرب اأه داف بعيدة وراء حدودها ا شرتت إاي ران ص واري خ»ن ودون غ«متو سطة امل دى م ن ك وري ا ال شمالية يف منت صف الت سعينيات. وي عد قرارها شراء صواريخ»نودونغ«) شهاب- 3 ( بدل من ت صميم صاروخ ذي قدرات أاكرب ب أاربعة حمركات من طراز» سكود«وتطويره واختباره واإنتاجه موؤ شرا اإىل اأن التقنيات والقدرات ال صاروخية املحل ية لديها يف اأوائل الت سعينيات ومنت صفها كانت حم دودة ج دا اإذ اإن ال صاروخ ) شهاب- 3 ( ل ميكنه الو صول اإىل اإ سرائيل اإل اإذا اأطلق من مواقع غري حم ص نة على حدود اإيران الغربية مع العراق. وبالرغم من ه ذا فقد اأب دى املهند سون الإيرانيون مع بداية القرن احلادي والع شرين قدرات اأكرب بدءا من عملية اإع ادة ت صميم» شهاب- 3 «بالكامل. وظهرت هذه القدرات يف اإنتاج ال صاروخ»قدر- 1 «ذي املدى الأطول. ووا صلت إايران تطوير قدراتها التقنية وبحلول عام 2009 كانت قد متكنت من اإدخال مرحلة ثانية على هيكل ال صاروخ»قدر- 1 «يف ن سخة معدلة منه متهيدا لإنتاج ال صاروخ الف ضائي» سفري«الذي جنح يف و ضع قمر صناعي صغري يف مدار الأر ض املنخف ض. ويوؤ شر اإع الن إاي ران النموذج الأو يل لل صاروخ الف ضائي» سيمرغ«الذي يعمل على مرحلتني يف فرباير/ شباط 2010 القائم على اأربعة حمركات من طراز»نودونغ«اإىل أانها تخط ط لتطوير ناقالت اأقمار صناعية اأقوى وا ستخدامها خالل ال سنوات املقبلة. غري اأن حتويل اأي من ال صاروخح ني» سفري«اأو» سيمرغ«اإىل صاروخ بال ستي لي س اأمرا سهال ولكنه ممكن يف حال ت شييد منظومة اأ سلحة ضخمة ومعق دة خالل فرتة ممتدة من الزمن وعرب اإجراء طريان اختباري على الن سخ الع سكرية من امل طلقات الف ضائية. امل سار الثاين رك ز هذا امل سار على احل صول على تكنولوجيات الوقود ال صلب. وعلى مدى سنة 25 ا ستوردت اإي ران من كوريا ال شمالية وال صني سل سلة من خطوط اإنتاج الوقود ال صلب ل صواريخ»فجر«و»ن ازع ات«و»زل زال«وكذلك لل صاروخ» سجيل«ال ضخم ذي املرحلتني. و سه لت تلك ال سرتاتيجية تطوير البنية الالزمة ل صناعة حملية قوية وذات كفاءة عالوة على فائدتها يف تراكم املعارف ال ضرورية لدعم امل ساعي امل ستقبلية. ويف جمال صواريخ الوقود ال صلب تتوافر حاليا لإيران قدرة م ثبتة على ت صنيع حمركات صاروخية تبلغ زنتها ثالثة ع شر طنا. ويبدو من املعقول ال ستنتاج اأن البنية الإنتاجية الراهنة اأ س ست بغر ض دعم اإنتاج ال صاروخ» سجيل- 2 «. اإل اأن املن ضاآت رمبا ا شتر يت حت سبا لحتمالت النمو امل ستقبلي. وبغ ض النظر عن ذلك فاإن اإنتاج حمر كات اأقوى ل ستخدامها يف صنع صواريخ ذات مدى اأطول من ضاأنه اأن ي شك ل حتديات كبرية. وميكن القول اإن املعرفة العملية التي اكت سبتها اإيران من خالل عملها التطويري وجتاربها و صلت اليوم اإىل م ستوى يوؤهلها لت صميم حمركات صواريخ تعمل بالوقود ال صلب واإنتاجها اإذا ما أاتيح لها ا سترياد املعدات الت صنيعية الالزمة. ومع ذلك فاإن اخلربة الإيرانية يف هذا املجال لكونها مكت سبة من ال صني ل يتوقع لها اأن متكنهم من ت صميم حمر كات صاروخية جديدة بقوة اأكرب وتطويرها واختبارها. وهكذا ي صعب اعتماد صالحيتها لال ستخدام يف صنع صاروخ متو سط املدى ضمن اإطار زمني اأقل من سنتني اأو ثالث وهي املدة التي احتاجت إاليها دول مثل الوليات املتحدة الأمريكية و»الحتاد ال سوفيتي«/رو سيا وال صني وفرن سا والهند. بعبارة اأخرى فاإن إايران لديها من املوارد والو سائل ما يكفي لإنتاج صواريخ ذات مدى اأطول يف ظل توافر أاقل قدر من املعونة اخلارجية لكن املدة الزمنية املطلوبة لإجناز منظومات صاروخية أاكرب واأقوى من ضاأنها أان حتيل الأمر إاىل عملية طويلة وبطيئة ما مينح املراقبني اخلارجيني الوقت الالزم لتطوير ال ستجابة املنا سبة وتنفيذها. اإن اإجنازات اإيران على مدى ال سنوات اخلم س املا ضية وا ضحة وملمو سة. وي سود اعتقاد اأن لديها القدرة على تعديل صواريخها الراهنة و إانتاج ن سبة كبرية من مكو نات ال صواريخ حمليا مبا فيها هيكل ال صاروخ و صهاريج الوقود واإنتاج اأنظمة صاروخية جديدة عن طريق الدمج بني أانظمة الت شغيل الفرعية واملكو نات واختبار إاعدادات جديدة واإ صالح عيوب الت صميم اأو الت صنيع التي تكت شف يف أاثناء تطوير الأنظمة اجلديدة. وت ظهر هذه القدرة مبا ل يدع جمال لل شك أان باإمكانها تاأ سي س عمليتني هند سية واإداري ة منظ متني ومح كمتني وتطبيقهما على براجمها اخلا صة بتطوير ال صواريخ والقاذفات الف ضائية. والأم ر املهم بالقدر نف سه هو اأن إايران توف ر الدعم ال سيا سي الالزم لتحقيق تلك امل ساعي. وهذا ميكن ا ستنباطه من خالل اإح صاءات املوارد املالية املخ ص صة لها. ورمبا تعد البنيتان الإدارية والهند سية ذواتا الكفاءة على املدى الطويل أاكرب مرياث ا سرتاتيجي حت صل عليه من براجمها لتطوير ال صواريخ خالل ال سنوات الع شر املا ضية. وبالرغم من ذل ك فمن املهم أان ن درك أان التقدم امل ستقبلي لهذه الربامج رمبا ل يزال يعتمد على الدعم اخلارجي ب شكل كبري والإمداد باملواد والتجهيزات واملكونات الأ سا سية. صواريخ بالستية بفائدة عسكرية محدودة جنحت اإي ران يف جتميع اأكرب تر سانة من ال صواريخ البال ستية واأكرثها تنوعا يف منطقة ال شرق الأو سط اإذ متتلك ما بني 200 و 300 صاروخ من طرازي» شهاب- 1 «و» شهاب- 2 «وب ضع ع شرات من ال صاروخ ) شهاب- 3 /قدر- 1 (. ومن ال صعب معرفة أاع داد ال صواريخ بدقة اأو ب شكل م ؤوكد. غري اأن الأع داد املذكورة تت سق مع أاعداد مركبات الإطالق املتخ ص صة )يبلغ عددها 18 مركبة لل صاروخني» شهاب- 1 «و» شهاب- 2 «ونحو ست مركبات لل صاروخ»قدر- 1 «( كما اأنها تت سق مع عدد كتائب ال صواريخ الإيرانية املعلنة. ول ريب يف أان ال صاروخ» سجيل- 2 «الذي ما زال أامامه عامان اأو ثالثة على اأقل تقدير لكي ي صري صاحلا للعمل سي ضيف اإىل القدرات الإيرانية مبجرد اإجناز برنامج الطريان الختباري عليه والت أاك د من سالمة اأدائه وجدارته بالثقة. لكن ال ضعف ال شديد يف دقة هذه ال صواريخ يجعل الفائدة الع سكرية لل صواريخ الإيرانية البال ستية حمدودة للغاية. بناء عليه فاإن تدمري هدف ع سكري ثابت واح د ب شكل موؤكد كمفاعل»دميونة«النووي يف اإ سرائيل على سبيل املثال ي ستلزم أان تكر س إاي ران كامل تر سانتها النووية لتلك املهمة وحدها. وحتى اإن فعلت ذلك فلن تتعد ى ن سبة جناحها %50. ويف حالة الأه داف الع سكرية املنت شرة على نطاق وا سع مثل مهابط الطائرات اأو مرافئ ال سفن فبمقدور إاي ران شن هجمات صاروخية ينح صر هدفها يف عرقلة العمليات اأو إاحلاق ال ضرر مب ستودعات تخزين الوقود. ولكن ال صواريخ لن تكون عاجزة عن إايقاف الأن شطة الع سكرية املهم ة ملدة مت صلة من الزمن. يف كل الأحوال بو سع اإيران ا ستخدام صواريخها البال ستية سالحا سيا سيا ل شن هجمات ترويعية على املدن املعادية. وبرغم اأن هذه الهجمات قد تثري الفزع ف إان اخل سائر الب شرية التي يتوقع أان تنجم عنها حمدودة جدا رمبا اأقل من ب ضع مئات من ال ضحايا حتى مع افرتا ض اإطالقها تر سانتها من ال صواريخ البال ستية ب أاكملها. ومن ضاأن إاج راءات الدفاع املدين الب سيطة يف تلك احلالة كاأنظمة الإنذار الباكر اأن متنح املدنيني املهلة الكافية للبحث عن مالجئ يحتمون بها ومن ثم تقليل الأعداد املتوقعة لل ضحايا مبقدار الن صف. وبرغم أانه من غري املعلوم امتالكها روؤو سا كيماوية أاو بيولوجية وبرغم تخليها عن ال سعي اإىل امتالكها عرب توقيع معاهدة حظرها فاإن احتمالت ا ستخدام طهران مثل هذا النوع من الأ سلحة ل ميكن ا ستبعادها. ولكن حتى يف حالة حتميلها روؤو سا كيماوية وبيولوجية ف اإن ال صواريخ احلالية غري ق ادرة على تو صيل تلك الأ سلحة ب أاعداد كبرية وعلى نطاق وا سع مبا فيه الكفاية لوقف العمليات الع سكرية املعادية. كذلك فاإن اأعداد ال صواريخ والقاذفات والأطقم الإيرانية املدر بة على اإطالق ال صواريخ حمدودة جدا. إان ثمة منطقا ا سرتاتيجيا أاق وى ل ستخدام ال روؤو س النووية يف ال صواريخ الإيرانية. فجميع صواريخها البال ستية قادرة على تو صيل احلمولت النووية اإذا ما متك نت من صنع قنبلة نووية صغرية مبا يكفي. ويعد ال صاروخ»قدر- 1 «ورمبا»قدر- 3 «الأكرث صالحية لهذا الغر ض بالرغم من اأن ال صاروخ» سجيل- 2 «الذي يعمل بالوقود ال صلب قد ياأخذ مكان نظرياته التي تعمل بالوقود ال سائل فور الت أاكد من صالحيته للعمل لتمي زه مبرونة ت شغيلية اأكرب وقدرات اأعلى يف بوسع إيران استخدام صواريخها البالستية سالحا سياسيا لشن هجمات ترويعية على المدن المعادية. وبرغم أن هذه الهجمات قد تثير الفزع فإن الخسائر البشرية التي يتوقع أن تنجم عنها محدودة جدا يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

27 ملف العدد ملف العدد املدى واحلمولة. والواقع اأن صواريخ» سجيل«رمبا تكون م صم مة على اأ سا س اأن الراأ س النووي الأول رمبا يزن طنا اأو اأكرث وبالتايل يكون ال صاروخ»قدر- 1 «غري مالئم حلملها. وبرغم ذلك فاإن إاعادة تهيئة هيكل ال صاروخ اخلارجي لطرازي» سجيل«اأو»قدر«ت شك ل حتديات تقنية صعبة لطهران لأن هذا اجلهاز النووي املفرت ض يتعني اأن يكون صغريا بالقدر الذي يتالءم مع سعة حجرية احلمولة التي تبلغ 600 مليمرت. وفيما تتوافر لإي ران ال ق درة على ت صميم ج زء جديد للراأ س احل رب ي يف ال صاروخني»ق در«و» سجيل«ف اإن الكتلة الإجمالية للراأ س احلربي املحم ل بال سالح النووي الفرتا ضي ي حتمل اأن تتعد ى حينئذ 1200 كيلوجرام. ويف هذه احلالة قد ل يت سنى لل صاروخ»قدر- 1 «الو صول اإىل اأهداف داخل اإ سرائيل اإل اإذا اأطلق من مواقع غري اآمنة ع سكريا متاخمة للحدود الإيرانية-العراقية وذلك يجعل كال من من صة الإطالق وال صاروخ عر ضة لل ضرب ال ستباقي. لذا فاإن تطوير» سجيل- 2 «من ضاأنه اأن يكت سب اأولوية اأكرب لأنه سيكون قادرا مبجرد تطويره على تو صيل حمولت ي صل وزنها اإىل 1500 كيلومرت الأمر الذي سيجعله ميثل تهديدا بالن سبة اإىل اإ سرائيل وتركيا ومعظم بلدان شبه اجلزيرة العربية. تصدير إيران للصواريخ ل توجد تقارير معلنة حتى اللحظة الراهنة ت شري إاىل ت صدير اإيران ال صاروخني» شهاب«اأو»قدر- 1 «اإىل اأي دولة اأخرى. وبرغم ذلك فهناك تقارير تفيد باأن خرباء ال صواريخ الإيرانيني ذهبوا اإىل كوريا ال شمالية يف اأبريل/ني سان عام 2009 لي شهدوا تد شني ال صاروخ»اأونها- 2 «احلامل لالأقمار ال صناعية. ومن املنطقي الفرتا ض اأن ثم ة تعاونا بدرجة ما بني الدولتني ولكن يظل من غري الوا ضح ما حجم املعلومات التقني ة املتبادلة بينهما على وجه الدقة واإذا ما كانت هناك عالقة بني ال صاروخني» سيمرغ«الإيراين و»اأونها- 2 «الكوري ال شمايل. وقد ت شارك اإي ران سوريا يف تقنيات صناعة وقود ال صواريخ ال صلب اإل اأنه مل تظهر اأي تقارير اإعالمية تثبت بالرباهني الدامغة ت ور ط اإي ران املبا شر يف نقل معدات اإنتاجية تتعلق بال صواريخ. ولكن ثم ة دلئل عديدة على تزويد اإيران ل سوريا وحزب اهلل ب صواريخ ق صرية املدى مثل صواريخ»فجر«و»زلزال«و»فتح- 110 «. ولي س من املعروف ع دد ال صواريخ التي شحنتها اإي ران اإىل اخلارج. وجتدر مالحظة اأن ال صواريخ التي اأطلقها حزب اهلل على اإ سرائيل يف اأثناء حرب عام 2006 وجتاوز عددها صاروخ 4000 مل يكن هناك سوى عدد قليل منها من اأ صل اإيراين. مستقبل صواريخها: ما هو ومتى على املدى الطويل فاإن ق صور قدرات صواريخ الوقود ال سائل الإيرانية ورغبتها يف حت صيل قدر أاكرب من الكتفاء الذاتي يف اإنتاج ال صواريخ من ضاأنهما اأن يدفعا اإيران اإىل عدم التعويل على صواريخ الوقود ال صلب. وبالتاأكيد فاإن النجاح الذي حققته اأنظمة»زلزال«و»فتح- 110 «و» سجيل«يعد موؤ شرا اإىل اأن اخلطط الإيرانية طويلة الأمد لمتالك ال صواريخ سرتك ز على الأنظمة ال صاروخية التي تعمل بالوقود ال صلب وذلك ملزاياها ال سرتاتيجية العديدة مثل: ال سهولة الكبرية يف صيانتها ميدانيا وحاجتها اإىل خدمات لوج ستية اأقل يف اأثناء عملية التعبئة واإمكانية جتهيزها لالإطالق يف مدة زمنية اأق صر من نظرياتها التي تعمل بالوقود ال سائل ل ستغنائها عن اإجراءات التزو د بالوقود يف املوقع )وهو ما كان يتطلب ساعة اأو أاكرث(. وبف ضل ق صر املدة الالزمة لتجهيز صواريخ الوقود ال صلب لالإطالق فاإنها تكون اأق ل عر ضة لل ضربات ال ستباقية ويعد ذلك عامال اأ سا سيا ل ضمان زيادة قدرة ال صاروخ على البقاء. كما متتاز اأنظمة الوقود ال صلب باأنها اأكرث اإحكاما مبا يجعلها مالئمة اأكرث ملن ص ات الإطالق املتحركة. وبالرغم من اأن» سجيل- 2 «ما زال قيد التطوير ف إان الأنظمة الفرعية والتقنيات الأ سا سية املت ضم نة يف ال صاروخ متو سط املدى من املمكن حت سينها يف وقت ق صري ن سبيا بغر ض صنع صاروخ جديد ذي مدى اأطول كثريا. ويبدو اأن هناك ن سختني ملثل هذا ال صاروخ: الأوىل عبارة عن ن سخة من ال صاروخ» سجيل«تعمل على ثالث مراحل وحمركني مرك بني اأحدهما فوق الآخ ر. اأما الن سخة الثانية فهي صاروخ يعمل على ثالث مراحل جمه ز مبحركني يف املرحلة الأوىل وحمرك واحد يف املرحلة الثانية. والطاقة الناجتة عن قوة دفع املحرك يف املرحلة الأوىل من ال صاروخ» سجيل«تكفي ملواءمة ال صاروخ مع هذين ال صاروخني اللذين يرتاوح املدى الفرتا ضي لكل منهما بني 2700 كيلومرت و 3500 كيلومرت على التوايل يف حالة بلوغ وزن الراأ س احلربي طنا واحدا. وبالرغم من هذا فاإن جتريب ن سخة جديدة لل صاروخ عن طريق ا ستخدام حمر كات صاروخية غري م ثبتة سيعد جمازفة كبرية من جانب اإيران ولن ي ساعدها على التو صل اإىل هدفها الكلي املتمثل يف إاتقان تقنيات صواريخ الوقود ال صلب. وبرغم جهود تطوير ال صاروخ» سجيل- 2 «املتوا صلة حتى اللحظة الراهنة ف سيظل من ال ضروري أان ت نف ذ سل سلة من اإجراءات الطريان الختباري لإثبات صالحية ن سخة ال صاروخ ذي املراحل الثالث للعمل وتطوير جداول الإطالق الالزمة واإدخال التعديالت على ال صاروخ والتاأك د من فاعليته. ووفقا لذلك تتطل ب ن سخة ال صاروخ» سجيل«الذي يعمل على ثالث مراحل اأربعة اأو خم سة أاعوام لتطويرها. كخيار بديل ميكن لطهران اأن ت سعى إاىل تطوير صاروخ جديد متاما قائم على مرحلة اأوىل ذات حمرك صاروخي اأكرب بكثري. بيد أان جتارب الدول الأخرى يف ما يتعلق بربامج تطوير ال صواريخ ت شري اإىل اأن اإيران تف صلها سنوات كثرية عن تطوير»جيل جديد«من ال صواريخ متو سطة املدى اإذا ما قررت ذلك ا ستنادا إاىل تقنية الدفع ال صاروخي بالوقود ال صلب. وي ظهر تاريخ التجربتني الفرن سية وال صينية اأن اجليل الثاين من الأنظمة ال صاروخية يتاأخر عن اجليل الأول منها باأكرث من ع شر سنوات بالرغم من اأن التجربة الهندية توؤ شر اإىل اإمكانية اخت صار هذا الإطار الزمني اإىل ست اأو سبع سنوات. وبالنظر اإىل تاريخ التجربة الإيرانية يف تطوير ال صواريخ مقارنة بتجارب الدول الأخرى فلي س ثم ة مربر كبري يدعو اإىل العتقاد أان يف مقدورها خف ض الإطار الزمني املطلوب لتطوير جيل جديد من ال صواريخ بقدر كبري. و سيتعني عليها أان تعتمد على التقنيات واملعونات الفنية ومكونات ال صواريخ امل ستوردة من اخلارج و أان تنف ذ برنامج طريان اختباري مطو ل. وهكذا ل يحتمل أان تطلق اإيران صاروخا قادرا على اإ صابة هدف يقع يف مدينة لندن مثال قبل حلول عام إان منطق امل ساعي الإيرانية لتطوير القاذفات الف ضائية وال صواريخ وتاريخها يوؤ شران اإىل أان طهران ترغب يف تطوير صواريخ متو سطة املدى وا ستخدامها قبل البدء يف برناجمها لتطوير صاروخ بال ستي عابر للقارات قادر على الو صول اإىل ال ساحل ال شرقي لأمريكا )يبعد عن اإيران باأكرث من ت سعة اآلف كيلومرت(. لذا فمن املنطقي ا ستنتاج اأن اإيران يف صلها اأكرث من ع شر سنوات عن امتالك صاروخ بال ستي عابر للقارات بالرغم من اأن اإج راءات الطريان الختباري الأو يل على منوذج تطبيقي ملثل هذا ال صاروخ ميكن اأن حتدث قبل عامني من حلول عام * خبري يف ض ؤوون الدفاع يف املعهد العاملي للدرا سات ال سرتاتيجية لندن في وجه الدول المارقة واإلرهابيين خطط»التوازن الدفاعي الصاروخي«بين واشنطن وموسكو بينما يتركز اهتمام مراكز األبحاث في الدول الغربية وصن اع القرار في هذه الدول على تطوير منظومات صاروخية تتصد ى للصواريخ المنطلقة من إيران أو من تنظيمات حصلت على الصواريخ من»دول مارقة«فإن معارضة روسيا لخطة»توازن الدفاع الصاروخي«تخلط األوراق على صعيد المواقف الدولية. هذا المقال يستعرض أهم المواقف التي طرحت في مؤتمر المعهد الملكي للدراسات الدفاعية عن»الدفاعات الصاروخية«الذي عقد مؤخرا في لندن. عبداهلل حموده* يف اأعقاب صدور تقرير»القدرات ال صاروخية البال ستية الإيرانية«عن املعهد الدويل للدرا سات ال سرتاتيجية يف لندن يوم 5 مايو/ أايار املا ضي )انظر مقال مايكل إامل ن يف هذا العدد( نظ م املعهد امللكي للدرا سات الدفاعية موؤمتره احلادي ع شر عن»الدفاعات ال صاروخية«يومي 26 و 27 من ال شهر نف سه يف ت أاكيد وا ضح للقلق الغربي من احتمالت تنامي القدرات الهجومية لل صواريخ الإيرانية ومتك نها من الو صول إاىل أاهداف يف أاوروبا الغربية والدول الأع ضاء يف حلف شمال الأطل سي )ناتو(. لكن الالفت للنظر يف اخلط ال سرتاتيجي العام لكل من التقرير والأوراق التي قدمت يف امل ؤومتر هو النظرة امل ستقبلية لهذه الحتمالت فمن ناحية ل تتوقع الدوائر الع سكرية وال سيا سية الغربية أان متثل ال صواريخ الإيرانية تهديدا حقيقيا لأوروبا قبل فرتة ترتاوح بني 8 و 10 سنوات ومن ناحية ثانية فاإن خطر ال صواريخ الإيرانية - إاذا جنحت طهران يف تطويرها من حيث املدى- لن يكون كبريا اإل إاذا تواكب ذلك مع تطو ر مماثل يف الربنامج النووي الإيراين يوفر الفر صة لتزويد تلك ال صواريخ بروؤو س نووية. هذا بالإ ضافة إاىل جتهيز هذه ال صواريخ بتقنيات حتقق لها دقة الت صويب نحو اأهداف بعينها. وكذلك كان من املالحظ يف موؤمتر»الدفاعات ال صاروخية«أان الدول العربية غابت عنه مت ام ا. و ش ارك يف امل وؤمت ر 157 من الع سكريني وخ رباء الدفاع و صانعي القرارات والدبلوما سيني وكبار م ض ؤوويل ال شركات املنتجة لالأ سلحة والأكادمييني املتخ ص صني كان ن صفهم تقريبا من الوليات املتحدة الأمريكية والباقون من دول التحالف الغربي )و ضمنها الأع ضاء اجلدد يف حلف الأطل سي»ناتو«( مع م شاركة دبلوما سيني اثنني من رو سيا وح ضور ن شط مل شارك واحد من اإ سرائيل كان م ضوؤول عن تطوير الربنامج ال صاروخي الإ سرائيلي «أارو«)ال سهم(. وكانت موؤ س سة حلف الأطل سي ممثلة ب شكل ب ارز وكذلك وكالة الدفاع ال صاروخي الأمريكية. وا شرتك اجلميع يف تقدمي 36 ورقة بحثية ذات طابع عملي -اأكرث مما هو أاكادميي- ومناق شتها على مدار يومح ي املوؤمتر. تهديدات»الدول المارقة«يف الوقت الذي نو ه فيه متحدثون كرث باتفاق احلد من الأ سلحة ال سرتاتيجية الأخري الذي وقعته الوليات املتحدة الأمريكية ورو سيا قبل نحو ثالثة اأ شهر بدا الرتكيز وا ضحا على»احتمالت التهديدات ال صادرة عن دول مارقة أاو جماعات إارهابية«. وجاء ذكر إاي ران وكوريا ال شمالية يف سياق احلديث عن الدول املارقة مع تركيز وا ضح على العالقة بني الدولتني. كما حتدث بع ضهم عن تنظيم»القاعدة«واحتمال ح صول جماعات تابعة له على اأ سلحة من هذا النوع من دول مارقة. غري اأن النقطة الفارقة يف املناق شات متثلت يف الرتباط الوا ضح بني التقدير الذي قد مه تقرير املعهد الدويل للدرا سات ال سرتاتيجية للجدول الزمني املتوقع لتطو ر القدرات ال صاروخية الإيرانية ومراحل تطوير برامج الدفاع ال صاروخي لدى الدول الغربية. وعلى خلفية كل هذه املناق شات كان هناك تخوف من احتمالت التطور يف الربنامج النووي الإي راين بهدف تفادي احتمالت ت سليح ال صواريخ الإيرانية بر ؤوو س نووية و ضرورة التحوط ملثل هذه الحتمالت. نظام الدفاع الصاروخي األمريكي حد د الدكتور جيم س ميلر نائب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية ل ضوؤون ال سيا سات أاولويات العمل يف برنامج بناء نظام الدفاع ال صاروخي الأمريكي )والغربي( بالرتكيز على»احل صول على اأف ضل تكنولوجيا متطورة وحتقيق اأق صى تطور ممكن يف جمال ر صد ال صواريخ املعادية«ويت ضمن اإقامة دفاع صاروخي من طبقات متوالية ل صد ال صواريخ املتنوعة من حيث نوع الراأ س املتفجر ووزنه واملدى الذي ت ستطيع الو صول اإليه. واأ شار اإىل اأن الربنامج الأمريكي يف هذا املجال ي شمل أاربع مراحل: الأوىل: تكتمل عام 2011 بتح سينات ملواجهة ال صواريخ الق صرية املدى مثل ال صاروخ الإيراين» شهاب- 3 «. وقد اعتمد لها الكونغر س ميزانية تبلغ 9.9 مليار دولر للعام املقبل. الثانية: ت ستمر حتى عام 2015 وتهدف اإىل توفري احلماية يف مناطق اجلنوب الأوروبي اعتمادا على الدفاعات يف كل من رومانيا وبولندا وجمهورية الت شيك. الثالثة: خمط ط لها اأن تتحقق عام 2018 وتوفر احلماية ملناطق اأوروبا كافة مبا يف ذلك أاق صى شمال القارة وغربها. الرابعة: تكتمل عام 2020 وتت ضمن حت صينات ضد ال صواريخ البال ستية البعيدة املدى )املحتمل اإطالقها من منطقة ال شرق الأو سط(. اإ ضافة إاىل تطوير أانظمة الدفاع املدين على امل ستوى القومي يف خمتلف دول حلف الأطل سي مع تن سيق كامل بينها يف توزيع اأعباء الدفاع على اأ سا س املوارد وحتديد أاولويات ال شتباك مع التهديدات املحتملة. ال تأثر باألزمة المالية كانت املالمح الأ سا سية لل سيا سة الأمريكية يف هذا ال سياق هي الرتكيز على يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

28 ملف العدد ملف العدد نظام»باتريوت«يصلح لحماية مواقع أو مدن بعينها فقط ألنه ال يغطي سوى مساحة محدودة. لكن الحماية الفع الة يمكن أن تتحقق باستخدام بطاريات»ثاد«التي يمكن أن تغطي مناطق شاسعة خبير غربي»الحلف لديه أصدقاء وشركاء في منطقة الشرق األوسط وأمن شركائنا يؤثر في أمننا«مسؤول في ال»ناتو«خماطر التهديدات الإيرانية املحتملة يف تاأكيد للطبيعة الإقليمية مل صدر التهديد واحلر ص على توفري احلماية لأرا ضي دول احللف الأطل سي والوليات املتحدة الأمريكية وتاأمني القوات الأمريكية وقوات التحالف املنت شرة يف منطقة ال شرق الأو سط ويف حميطها وكذلك الدول ال صديقة يف املنطقة. واأكد الدكتور ميلر اأن»هذا الأم ر يتمتع باأولوية ق صوى ولن يت أاثر بالأزمة املالية التي قد تفر ض ضرورة اإعادة توزيع ميزانية الدفاع ح سب اأولويات معينة«مع الهتمام بتبادل املعلومات والإبقاء على نظام الردع ال صاروخي ال سرتاتيجي. ويف اإ ضاءة على ال ستعدادات الأمريكية ملواجهة التهديدات املحتملة حتدث اجل نرال باتريك اأوراي ل ي مدير وكالة ال دف اع ال صاروخي الأمريكية عن» صعوبات يف توفري تاأمني ضد هجمات صاروخية بن سبة %90 اإذا كانت تلك الهجمات مركزة من حيث ا ستخدام اأن واع متعددة من ال صواريخ فيها ضد اأهداف حمد دة يف اجتاهات متنوعة اإ ضافة اإىل شن ها يف توقيت معني«. واأ شار اإىل ضرورة»العتماد على عدد كبري من ال صواريخ العرتا ضية ي صل اإىل ثالث موجات متوالية ويف طبقات متعددة من املجال اجل وي«على اأ سا س»عملية ر صد متكاملة ت شمل معلومات من اأجهزة ر صد اأر ضية واأخرى من مواقع بحرية )على سفن منت شرة يف مياه دولية( وثالثة حممولة جوا «. واأ شار اإىل اأبحاث وجتارب م شرتكة جرت بتعاون مع دول خمتلفة من خالل نظام مركزي للتحكم وال سيطرة. وقال اإن وكالة الدفاع ال صاروخي ستجري اختبارا عمليا انطالقا من تلك الأبحاث يف شهر دي سمرب/كانون الأول 2010 على نظام للتحكم وال سيطرة تنت شر اأجهزة الر صد التابعة له يف مناطق خمتلفة من العامل. و أاو ضح اأنه»يف ضوء ال صعوبات التي تكتنف هذه العملية يجب تبني نهج لتبادل املعلومات عن م ستويات الهجوم املختلفة وحتقيق التكامل بني اإ سهام تلك املعلومات يف ر سم ت صور وا ضح للهجوم للتو صل اإىل اأق صى درجة من الربط يف جهود العرتا ض ل صد اأكرب عدد من ال صواريخ البال ستية املغرية وتدمريها«. وتطر ق اإىل أانواع ال صواريخ العرتا ضية امل ستخدمة يف ذلك ف شدد على»موا صلة العمل يف جمال التطوير«. وقال اإن تطوير ال صواريخ العرتا ضية من طرازي»اإ س اإم- 1-3 اإيه«و»اإ س اإم- 1-3 بي«سيكتمل العام املقبل ثم»اإ س اإم- 2-3 اإيه«يف عام 2015 و»اإ س اإم- 2-3 بي«مع حلول عام وركز على ضرورة التكامل يف توفري املوارد بني الدول الأع ضاء يف احللف الأطل سي بال ستفادة من اأجهزة الر صد املتاحة كافة مع الرتكيز على نظام»اإيجي س«املحم ل على سفن جمهزة يف البحار واملحيطات الدولية. روسيا ال تؤيد و سط هذه الطروحات الأمريكية والغربية لر سم صورة التهديدات املحتملة من جانب اإيران وغريها التي اأ سهم فيها عديد من م ضوؤويل شركات مرموقة ت شارك يف اأبحاث التطوير كانت هناك مداخلة من جانب فالدميري يريماكوف مدير سيا سة القدرات ال سرتاتيجية يف دائ رة الأم ن ونزع ال سالح يف وزارة اخلارجية الرو سية قال فيها اإن»رو سيا تعتقد أان ق ضية الدفاع ال صاروخي تعد الأكرث سخونة يف العالقات الرو سية-الأمريكية ون شر أانظمته يطرح الأمن العاملي على قمة جدول الأعمال«. و أا ضاف اأن»رو سيا تطلب التمييز بني الطبيعة ال سرتاتيجية لل صواريخ العرتا ضية والتهديدات التي متثلها عملية ن شر هذه ال صواريخ«لأن نظام الدفاع ال صاروخي»من مظاهر احلرب الباردة وتتم سك الوليات املتحدة الأمريكية مبوا صلة تطويره على خالف املوقف الرو سي«. وا ستطرد قائال إانه «إاذا كان الهدف هو الردع ف إان العمل على تطوير ال صواريخ البال ستية اأي سر و أاقل تكلفة كما أانه أاكرث فاعلية يف منع أاي هجوم صاروخي«. و أاو ضح اأن بالده ل ت ؤويد فكرة توازن الدفاع ال صاروخي لأنها ميكن أان تعوق عملية تخفي ض الأ سلحة ال سرتاتيجية وتقود اإىل سباق جديد يف جمال هذه الأ سلحة. ودعا الدول كافة اإىل التفاق على قدم امل ساواة على تعريف حم د د للفوارق بني التحديات والتهديدات. فرو سيا ح سب راأي ه ترى أان العامل مملوء بالتحديات لكن لي ست هناك تهديدات. وقال»موقفنا هو أان الو سائل الدبلوما سية هي الأف ضل ملواجهة التحديات ولذلك فاإننا ندعو إاىل تقومي حلالة التحدي ال صاروخي«. وقال اإن مو سكو تعد ال صواريخ سالحا سيا سيا مهما»غري اأنها تفقد الكثري من اأهميتها مبجرد اإطالقها«. واأ ضاف اأن»اإي ران ل متثل تهديدا لأوروب ا فهي حت صل على نحو %60 من دخلها نتيجة تعاونها مع أاوروبا ولي ست لديها نية لهجوم ضد اأوروبا ومن ثم ف إان موقفها يعد حتديا ولي س تهديدا «. عدم توافق دولي قال م صدر ع سكري رفيع امل ستوى يف قيادة احللف الأطل سي -رف ض الإف صاح عن هويته- إان هناك»اختالفا يف الدوائر الغربية مع الر ؤوية الرو سية«. واأو ضح اأن ال صواريخ الإيرانية تهد د عددا من الدول الأع ضاء يف احللف و أان مبداأ توفري الأمن ل أالع ضاء ل يقبل التجزئة أاو املفا ضلة. وح سب املادة اخلام سة من اتفاقية احللف ف إان تهديدا لأي دولة ع ضو فيه يعد تهديدا للدول الأع ضاء كافة ومن ثم يتعني على الأع ضاء جميعا العمل للحماية من هذا التهديد واحلد من خطره سواء كان ذلك باعتماد الو سائل الدبلوما سية أاو تطبيق حظر انت شار الأ سلحة وكذلك الردع مبا يت ضم نه من اللجوء إاىل العمل الع سكري بح سب امل ضوؤول. وردا على ض ؤوال ب ض أان أان تركيا واليونان )وهما اأقرب أاع ضاء احللف جغرافيا اإىل اإيران( ل ت شعران بتهديد من ال صواريخ الإيرانية قال امل ض ؤوول يف قيادة احللف الأطل سي»ميكنك أان ت ضاألهما مبا شرة لكن دول يف املنطقة ت شعر بالتهديد واملعلومات التي لدينا هي أان تركيا ت شعر بالقلق من تهديد ال صواريخ الإيرانية واأعتقد أان اليونان ت شعر بالقلق أاي ضا وكذلك بلغاريا ورومانيا. بل يذهب الأمر اإىل اأبعد من ذلك فبمجرد اأن تظهر احتمالت تهديد من هذا النوع يعبر الر أاي العام يف الدول الأع ضاء عن قلق بالغ ويطرح ت ساوؤلت عما ميكن أان تفعله حكوماته لتوفري احلماية لأوطانها«.»األطلسي«:»أمن الشرق األوسط يؤثر في أمننا«ق ال امل ضوؤول الأطل سي:»احللف لديه اأ صدقاء و شركاء يف منطقة ال شرق الأو سط واأمن شركائنا ي ؤوثر يف أامننا ونحن ننظر إاىل الأمر على أانه إاذا كانت الدول املجاورة اأو القريبة من ا اآمنة فاإننا ن صبح اأكرث اأمنا. ومن ثم ف إان حتقيق الأمنني الإقليمي والدويل يكون مهما بالن سبة اإلينا«. ويف تاأكيد للقلق يف الأو ساط الغربية من ال صواريخ الإيرانية اأ شار الدكتور دين ويلكنينج مدير الربنامج العلمي يف مركز درا سات الأمن والتعاون الدوليني يف جامعة ستانفورد يف ولية كاليفورنيا الأمريكية اإىل اأن»هناك روؤية سائدة يف الأو ساط الأمريكية على نطاق وا سع حول اأن الن شاط النووي الإي راين لي س سلميا. فعلى عك س الت صريحات التي ت صدر عن القيادة الإيرانية تثري الأن شطة التي جترى هناك قلقا كبريا ب ضاأن ني تهم احل صول على اأ سلحة نووية كما أان أان شطتهم ال صاروخية تبدو متطو رة ون شطة يف تتابعها. ويف حني ل تعد ال صواريخ وحدها -من دون اأ سلحة نووية- تهديدا يذكر لأنها ل حتدث دمارا كبريا فاإنه إاذا امتلكت اإيران روؤو سا نووية لتلك ال صواريخ فاإن اخلطر حينئذ- يكون كبريا «. واأ ضاف قوله»ل دى طهران صواريخ ت ستطيع الو صول اإىل اإ سرائيل وتركيا ومناطق يف جنوب رو سيا كما تغط ي منطقة اخلليج كلها. ومن ال صعب التكه ن مبا ميكن اأن يحدث يف امل ستقبل اإ ضافة اإىل احتمالت النجاح أاو الف شل يف جتارب اإطالق هذه ال صواريخ ولدي اإح سا س باأنه خالل فرتة من 8 اإىل 10 سنوات ستكون لديهم صواريخ ت ستطيع الو صول اإىل خمتلف اأرجاء اأوروبا«. وردا على ض ؤوال عن ق درة إاي ران على تخ صي ص م وارد مالية كافية لتمويل برامج ع سكرية من هذا النوع قال الدكتور ويلكنينج»بالن سبة اإىل بلد فقري مثل كوريا ال شمالية مل يكن هناك اعتقاد اأن قدراتها النووية ستمك نها من متابعة برامج نووية اأو صاروخية لكنها ا ستطاعت ذلك واإن ا ستغرق الأمر وقتا اأطول فتمكنت من اإنتاج صواريخ بال ستية وقنابل نووية. ويف حني ل اأعرف حجم اجلهد الذي ميكن لالإيرانيني بذله والعتمادات التي ميكنهم تخ صي صها لهذا الغر ض فاإنهم اإذا كانت لديهم اإرادة جد ية ويرون يف تلك الربامج حيوية بالن سبة اإليهم سيقد مون الت ضحيات ملوا صلة العمل فيها«. وتطر ق الدكتور ويلكنينج اإىل نقطة توفري احلماية ملنطقة اخلليج فقال»اإن نظام»باتريوت«ي صلح حلماية مواقع اأو مدن بعينها فقط لأنه ل يغط ي اإل م ساحة ي رتاوح قطرها بني 20 و 30 كيلومرتا. لكن احلماية الفع الة ميكن أان تتحقق با ستخدام بطاريات»ثاد«التي ميكن اأن تغطي مناطق شا سعة. ورمبا كان من الأف ضل تبني نظام دفاع صاروخي متعدد امل ستويات من خالل العتماد على بطاريات»ثاد«يف توفري غطاء شامل مع وجود بطاريات من صواريخ»باتريوت«لتوفري غطاء ثان يف مناطق معينة مثل القواعد الع سكرية واملدن الرئي سية وموانئ ت صدير النفط واملطارات ومناطق التخزين الرئي سية«. وكان الدكتور ويلكنينج اقرتح تقدمي ثالث بطاريات»ثاد«لتاأمني منطقة اخلليج إا ضافة اإىل عدد أاكرب من بطاريات»باتريوت«يف خمتلف الدول اخلليجية. * كاتب و صحايف م صري مقيم يف لندن اإنكلرتا يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

29 ملف العدد ملف العدد اإلمكانيات واألداء والمستقبل االقتصاد اإليراني في ظل العقوبات لم تنجح حكومة محمود أحمدي نجاد في بناء اقتصاد إيراني متوازن ينطلق من اإلمكانيات الهائلة المتاحة ويؤسس لمستقبل اقتصادي غير معتمد على ريع النفط والغاز. وبرغم أنه من المستبعد أن يزيد المجتمع الدولي من حجم العقوبات على إيران بحيث تشمل حظرا نفطيا فإن اإلقدام على هذه الخطوة يمكن أن يشكل ضربة قوية جدا إليران وأن ت عد ه إعالن حرب ضدها بحسب الكاتب. أحمد السيد النجار * ميتلك القت صاد الإيراين موارد طبيعية كبرية ت ؤوهله لأن يكون أاحد القت صادات الكربى يف املنطقة والعامل لو أاح سن توظيف تلك امل وارد ب شكل كفء وفع ال ون زي ه وم رن ومنفتح م ن أاج ل ا ستثمارها وب ن اء صناعات مرتبطة بها وا ستخدام اإيرادات ت صديرها يف متويل بناء اقت صاد متنو ع ومتطور وقادر على النمو الذاتي ولي س كما هو و ضع القت صاد الإيراين احلايل املعتمد على ريع الرثوات الطبيعية خا صة النا ضبة منها. هدر اإلمكانيات متتلك إاي ران قاعدة قوي ة من الإمكانيات ال زراع ي ة حيث إان م وارد املياه الداخلية املتاحة لها القابلة لال ستخدام تبلغ نحو 129 مليار مرت مكعب مبا يعني اأن ن صيب الفرد منها نحو 1800 مرت مكعب. ول دى إاي ران وف رة مائية ن سبية واإمكانية للتو سع يف ا ستخدام املياه لأنها ل ت ستخدم سوى 93 مليار مرت مكعب من املياه الداخلية املتاحة لها. كما لديها أارا ض زراعية م ساحتها نحو 200 أالف كيلومرت مربع ( أاي ستة أا ضعاف الأر ض الزراعية يف م صر( وثروة حيوانية كبرية تقد ر بنحو 80 مليون راأ س من الأغنام واملاعز ونحو 9.7 مليون راأ س من الأبقار مبا يتيح لها إامكانية حتقيق درجة عالية أاو كاملة من الكتفاء الذاتي من الغذاء ومن املحا صيل ال سرتاتيجية ال ضرورية لل صناعة. لكن الواقع هو اأن اإيران م ستورد كبري للحبوب وبالتحديد للذرة والأرز وال شعري والقمح برتتيب قيمة الواردات من كل منها كما ت ستورد اللحوم. ومن أاهم الدول التي ت ستورد إايران منها احتياجاتها من ال سلع الغذائية والزراعية الإمارات والربازيل و سوي سرا وتايالند واأوكرانيا بينما ت صد ر الف ستق والزبيب والتوابل وتتوج ه ب صادراتها منها إاىل الإم ارات و أاملانيا والعراق ورو سيا واأ سبانيا وغريها من الدول. وتعاين إايران عجزا كبريا يف امليزان التجاري الزراعي يقد ر بنحو ثالثة مليارات دولر سنويا. وبرغم أان أاكرث من %10 من م ساحة اإيران مغطاة بالغابات )119 أال ف كيلومرت مربع( وهي م ساحة هائلة ميكن أان تكون اأ سا سا قويا ل صناعة الأخ شاب ومنتجاتها و صناعة الورق ف إان هذه الإمكانية ل تتحول إاىل قدرات يف الواقع ب سبب نق ص ال ستثمارات يف هذا املجال. ومتلك إايران احتياطات ضخمة من النفط والغاز بلغت عام 2008 نحو مليار برميل من النفط أاي نحو %11.7 من اإجمايل الحتياط العاملي من النفط مبا ي ضعها يف املرتبة الثانية عامليا. كما تنتج نحو 4.1 مليون برميل من النفط يوميا توازي نحو %4.8 من إاجمايل الإنتاج العاملي منه مبا يتيح لها تنمية صناعات التكرير والبرتوكيماويات والأ سمدة والأ سمنت والأملنيوم وغريها من ال صناعات املعتمدة على النفط أاو الغاز اأو الكهرباء ب صورة اأ سا سية. ولديها كذلك احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي بلغت يف عام 2008 نحو 28.1 تريليون مرت مكعب وهو ما يوازي نحو %15.9 من اإجمايل الحتياطات العاملية من الغاز مبا ي ضعها يف املرتبة الثانية عامليا بعد رو سيا. كما تنتج نحو هناك قصور حاد في ضخ االستثمارات الجديدة في قطاع تكرير النفط لتوفير المنتجات النفطية المكررة التي يحتاج إليها السوق المحلي اإليراني مليار مرت مكعب من الغاز الطبيعي سنويا توازي نحو %3.8 من الإنتاج العاملي. وهي الرابعة عامليا بعد رو سيا والوليات املتحدة وكندا. ومن الغريب اأنه برغم ارتفاع اأ سعار النفط وتزايد الإنتاج الإيراين وال صادرات منه واإيرادات ت صديره التي مو لت رفع معدلت ال ستثمار يف اإيران عامة ف إان هناك ق صورا حادا يف ضخ ال ستثمارات اجلديدة يف قطاع تكرير النفط لتوفري املنتجات النفطية املكر رة التي يحتاج اإليها ال سوق املحلي الإيراين لذا ت ستمر إاي ران يف ا سترياد البنزين وبع ض املنتجات النفطية الأخ رى بينما ت صد ر نفطها يف صورته اخلام وهو ما يعك س م ستوى غري معقول من الف شل يف تلبية الحتياجات الجتماعية من منتجات توجد وفرة هائلة يف املواد اخلام الالزمة لإنتاجها. اإ ضافة إاىل هذه امل وارد الطبيعية فاإن الكتلة ال سكانية الإيرانية البالغة نحو 74 مليون ن سمة وق وة العمل الإي ران ي ة التي تقارب ال 30 مليون عامل من خمتلف امل ستويات التعليمية تتيحان لإيران اإمكانية ا ستغالل املوارد الطبيعية املتاحة لديها ب صورة فع الة من دون حاجة اإىل العمالة الأجنبية لو كان لديها ا سرتاتيجية اقت صادية وخطط عملية لتحقيق ذلك. إدارة االقتصاد اإليراني وتأثيرات»األزمة العالمية«فيه قبل التعر ض ل سيا سات اإدارة القت صاد الإيراين ونتائجها فاإنه من ال ضروري الإ شارة اإىل اأن وجود قوتني سيا سيتني كبريتني )الإ صالحيني واملحافظني( ومتوازنتني تقريبا ومت صارعتني ب شكل مك شوف ول يخلو من العنف يف اإيران ي ضع قيودا على تطور ال ستثمارات املحلية اخلا صة املحر كة لنمو القت صاد. و إان كانت احلكومة تعو ض ذلك با ستخدام الفوائ ض النفطية يف متويل ا ستثمارات عامة جديدة ورفع معدل ال ستثمار اإىل اأحد اأعلى امل ستويات الإقليمية حيث بلغ نحو %33 من الناجت املحلي الإجمايل الإيراين يف سنوات الرواج النفطي من عام 2003 حتى عام 2008 اإل اأن التوتر ال سيا سي الداخلي اأدى إاىل تراجع م ؤوثر يف ال ستثمارات الأجنبية املبا شرة. وعلى صعيد اآخر فاإن الأزمة املالية والقت صادية الأمريكية والعاملية اأدت اإىل حدوث تراجع كبري يف اأ سعار النفط من 94.1 دولر للربميل من سلة خامات أاوبك يف املتو سط خالل عام 2008 اإىل نحو 60.9 دولر للربميل يف عام 2009 ترتب عليه انخفا ض إاي رادات ال صادرات النفطية قرابة %40 ما اأدى اإىل تراجع قدرة الدولة الإيرانية على إابقاء معدلت ال ستثمار مرتفعة لكنه اأثر مرتبط بحركة اأ سعار النفط وبالتايل فاإن عودة اأ سعار النفط اإىل الرتفاع يف عام 2010 من املرج ح اأن تم كن احلكومة من رفع معدلت ال ستثمار مرة اأخرى. وهناك اأثر اإيجابي ل أالزمة يتعلق برتاجع معدلت الت ضخم عامليا ب صورة ساندت جهود تخفي ض هذا املعدل يف اإيران. وعند مراقبة ن سبة الفائ ض يف ميزان احل ساب اجلاري يف اإيران الذي ي شمل تعامالت الدولة مع اخلارج من سلع وخدمات جند اأنه حق ق يف ظل الطفرة النفطية ارتفاعا من %0.6 من الناجت عام 2004 اإىل %8.8 عام 2005 ثم %9.2 عام 2006 حتى و صل اإىل %11.9 عام بعد ذلك بداأ يرتاجع ب سرعة حيث بلغ نحو %7.2 عام 2008 ونحو %2.4 عام وت شري تقديرات صندوق النقد الدويل يف تقريره»اآفاق القت صاد العاملي«)اأبريل 2010( اإىل اأنه سيوا صل الرتاجع حتى يبلغ نحو %0.3 عام ومن ال ضروري هنا الإ شارة اإىل اأن الفائ ض يف ميزان احل ساب اجلاري حتى يف ال سنوات التي يكون فيها مرتفعا يتبع يف الأ سا س حركة اأ سعار النفط و إايرادات إايران من ت صديره ول يعبر عن أاداء اقت صادي متوازن. وميكن مالحظة ذلك يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

30 ملف العدد ملف العدد من القيمة املتدنية لل صادرات الإيرانية العالية التقنية التي بلغت نحو 375 مليون دولر لت شكل نحو %0.3 فقط من اإجمايل ال صادرات الإيرانية يف عام 2008 وهذا ي شري بو ضوح اإىل اأن القت صاد الإي راين اقت صاد تقليدي لدولة نامية ول ميكن ت صنيفه ضمن القت صادات الناه ضة اأو ال صناعية اجلديدة. هيمنة»الحرس«وضعف كفاءة السياسات تت سم سيا سات اإدارة القت صاد الإيراين التي مي سك بزمامها الرئي س الإيراين وقيادات احلر س الثوري باأنها تفتقد اخلربة وتت سم ب ضعف الكفاءة واجلمود ولول حدوث ارتفاعات هائلة لأ سعار النفط يف عهد اأحمدي جناد لكان و ضع القت صاد الإيراين اأ شد سوءا. وكان معدل النمو ال سنوي يف إايران قد بلغ نحو %4.2 خالل الفرتة من عام 2005 حتى عام 2010 مقارنة بنحو %6.4 سنويا يف جمموع الدول النامية خالل الفرتة نف سها ما ي شري اإىل اأن اإيران كانت ضمن جمموعة ال دول التي حققت معدلت منو اأقل من املتو سط. فمثال بلغ الناجت القومي الإجمايل الإي راين مليار دولر عام 2008 بينما بلغ الناجت الرتكي نحو مليار دولر اأي نحو 2.8 مرة قدر نظريه الإي راين برغم اأنه كان ل يتجاوز 1.9 مرة قدر نظريه الإيراين عام وهذا يبني أان الناجت الرتكي الإجمايل منا ب شكل اأ سرع كثريا من نظريه الإي راين برغم الرثوات النفطية والغازية الهائلة التي متلكها اإيران. وبرغم اأن اأحمدي جناد كان قد وعد بتح سني اأداء القت صاد وتوزيع الدخل وم ساعدة الفقراء و إاعطائهم حقوقهم يف الرثوات الطبيعية لبالدهم فاإنه جلاأ اإىل تقدمي م ساعدات مالية مبا شرة ملواطني املناطق الريفية التي كان يزورها يف صورة هبات نقدية وهبات عينية من اخل ضراوات. هذه الطريقة البدائية يف م ساعدة الفقراء مل تغير شيئا من واقع الفقر يف اإيران ومل متكن الفقراء من ك سب عي شهم بكرامة من خالل فر ص عمل دائمة واأجور عادلة وبدا الأمر وكاأنه سلوك شخ صي لأحد املح سنني الريفيني ولي س سلوك رئي س لدولة حديثة. كما أان ارتفاع الت ضخم يف عهد الرئي س احلايل الناجم اأ سا سا من سيا سات مالية غري كفوؤة ومن وج ود احتكارات جتارية اأوق ع اأذ ى حقيقيا بالفقراء والطبقة الو سطى وبالتحديد من يعملون باأجر حيث اأدى اإىل تاآكل قدرتهم ال شرائية. وقد بلغ معدل ارتفاع اأ سعار امل ستهلكني )موؤ شر معدل الت ضخم( نحو %10.4 %11.9 %18.4 %25.4 %10.3 يف الأع وام بالرتتيب. وهذا امل ستوى املرتفع ملعدل الت ضخم يوؤدي اإىل مفاقمة سوء توزيع الدخل يف اإيران خا صة اأن سيا سة الأجور وال ضرائب الطريقة البدائية في مساعدة الفقراء لم تغي ر شيئا من واقع الفقر في إيران لوال حدوث ارتفاعات هائلة ألسعار النفط في عهد أحمدي نجاد لكان وضع االقتصاد اإليراني أشد سوءا والدعم مل ت شهد تغيريات مهمة خالل فرتة حكم الرئي س احل ايل. وف شلت احلكومة يف فر ض ضريبة القيمة امل ضافة بن سبة %3 ب سبب معار ضة التجار القوية و إا ضرابهم. وتعد إايران من الدول ذات الإنفاق املنخف ض على الدعم الجتماعي للطبقات الأقل دخال حيث خ ص صت لهذا الغر ض نحو %7.6 من الناجت املحلي الإجمايل مقارنة بنحو %12.1 يف املتو سط العاملي ونحو %9.4 يف تركيا عام كما أان البطالة وهي م سب ب رئي سي للفقر تبلغ ح سب البيانات الر سمية امل شكوك فيها حتى من بع ض أا ضالع النخبة الإيرانية احلاكمة نحو %10.5 من قوة العمل الإيرانية خالل الفرتة من عام 2005 إاىل عام 2008 وهي بطالة متعل مني يف الأ سا س حيث ي شكل خريجو التعليمني املتو سط والعايل نحو %54.3 وخريجو التعليم البتدائي نحو %41.8 من إاجمايل العاطلني. ويعد ارتفاع معدل البطالة وما يعنيه من ارتفاع معدل الإعالة والفقر يف إايران عامال مهما يف تزايد انت شار إادمان املخدرات خا صة يف ظل وفرة الوارد منها عرب احلدود من اأفغان ستان علما ب أان ات ساع نطاق إادمان املخدرات ي ؤود ي إاىل تزايد انت شار ظواهر التفكك الأ سري والدعارة التي ت شري التقديرات إاىل أان عدد الن ساء الالتي يحرتفنها يتجاوز ال 300 أالف امراأة برغم أان املجتمع الإيراين حمافظ واأخالقي بطبيعته لكن الظروف الجتماعية ووجود تكييف للدعارة ي ساعدان على هذا النت شار الكبري لها. ويف ما يتعل ق ب سعر صرف العملة الإيرانية ف إان الفوائ ض النفطية الإيرانية مك نت طهران من احلفاظ على درجة معقولة من ال ستقرار يف ال سنوات ال سبع الأخرية حيث تراجع الريال الإيراين باأقل من %7 مقابل الدولر م ستفيدا من ربطه بعمالت ارتفع سعرها مقابل الدولر يف تلك الفرتة و إان كان سيتعر ض لرتاجع كبري مقابل الدولر يف العام اجلاري ب سبب تراجع اليورو مقابل الدولر بعد انفجار الأزمة املالية والقت صادية اليونانية يف العام اجلاري. حدود تأثير الحظر في االقتصاد اإليراني اإذا كان القت صاد هو اأ سا س القوة ال شاملة لأي دولة ف إان القت صاد الإيراين ال ذي مك ن إاي ران من متويل دور إاقليمي ن شط وبناء ولءات وم راك ز نفوذ خارجية يف ذروة الطفرة النفطية بني عام 2003 وعام 2008 لن يكون قادرا على موا صلة هذا الدور اإل اإذا ارتفعت اأ سعار النفط وفائ ض ميزان احل ساب اجلاري جمددا لكن هذه القدرة لالقت صاد الإيراين ستكون متذبذبة ومتاأرجحة تبعا حلركة اأ سعار النفط الذي ي شكل نحو %83 من قيمة ال صادرات الإيرانية. ويف الوقت الراهن تتعاظم ال ضغوط الأمريكية والدولية غري العادلة لفر ض عقوبات على اإيران ب ضاأن برناجمها النووي واحتمال سعيها اإىل إانتاج اأ سلحة نووية. واحلقيقة اأن اإي ران تخ ضع لعقوبات اأمريكية منذ ثمانينيات القرن املا ضي و ش د دح ت يف منت صف ت سعينياته ولي س ل دى ال ولي ات املتحدة ما ت ضيفه على عقوباتها الفردية لإيران وبالتايل فاإن امل سعى الأمريكي اإىل تدويل العقوبات على اإيران هو حمور امل ساعي الأمريكية الراهنة. لكن من ال ضروري تاأكيد أان العقوبات التي ل تت ضم ن حظرا على ال صادرات النفطية الإيرانية ل ميكنها اأن تت سبب باأزمة جوهرية لالقت صاد الإي راين ليبقى هذا احلظر هو وحده القادر على توجيه ضربة هائلة اإىل القت صاد الإي راين وال ستقرار الجتماعي يف اإي ران لدرجة اأن إاي ران يحق لها أان تعد ه اإعالن حرب شاملة ضدها إاذا ح دث. لكن وبقدر ع دم ق درة اإي ران على حتم ل اأي حظر على صادراتها النفطية فاإن القت صاد العاملي ل يتحم ل هو الآخر غياب اأكرث من ثالثة ماليني برميل من ال صادرات النفطية الإيرانية لأن هذا الغياب سي شعل الأ سعار ب صورة جنونية. وبرغم وجود اإمكانية ل صمود الأ سواق لأ شهر بالعتماد على املخزونات التجارية فاإن الأمر لو طال عن ذلك سيوؤدي اإىل ركود عميق يف القت صاد العاملي وبالتايل فاإنه من اجلنون املغامرة بفر ض حظر نفطي على اإيران اإل عندما تكتمل اإمكانيات تعوي ض اإنتاجها و صادراتها من خالل طاقات اإنتاجية احتياطية يف الدول صاحبة الحتياطات الكبرية واإىل ذلك احلني تبدو إاي ران حم ص نة ضد احلظر النفطي الذي ي شكل ال ضربة التي ل ميكن لقت صادها اأن يتحملها. * مدير حترير»التقرير القت صادي ال سرتاتيجي ال سنوي«ملركز الأهرام للدرا سات ال سيا سية وال سرتاتيجية 67 يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

31 نحن والعالم نحن والعالم رشيد الخالدي تحوالت في الحركة الصهيوني ة حول العالم يعالج هذا الملف التحوالت التي تعيشها مجتمعات يهودية حول العالم. ويمس بالخصوص مواقف هذه المجتمعات من فكرة كون إسرائيل وطنا قوميا لليهود ومواقفهم من سياسات إسرائيل ومدى ارتباطهم بها. ثالث من مقاالت الملف تتكامل جغرافي ا مع بعضها بعضا في الواليات المتحدة وأوروبا وداخل إسرائيل كما ندرس في مقالة رابعة االستقطاب الديني العلماني داخل الدولة العبري ة ونحل ل التحوالت السياسية داخل الجماعات واألحزاب الدينية هناك. خاصة داخل إسرائيل وفي مقالة خامسة حول ظاهرة المؤرخين الجدد ندرس األثر السياسي الفعلي لهذه الحركة خاصة داخل إسرائيل ومدى تقديمها رواية جديدة أكثر موضوعية لتاريخ النكبة الفلسطينية. الدكتور رشيد الخالدي أا ستاذ الدرا سات العربية احلديثة يف جامعة كولومبيا. وي شغل كر سي إادوارد سعيد للدرا سات العربية يف اجلامعة. ح صل على درجة البكالوريو س من جامعة ييل عام 1970 ونال درجة الدكتوراه من جامعة أاك سفورد عام كما يعمل الدكتور اخلالدي حمررا للن سخة الإجنليزية من جملة الدرا سات الفل سطينية وكان قد شغل من صب رئي س رابطة درا سات ال شرق الأو سط كما كان م ست شارا للوفد الفل سطيني إاىل مفاو ضات ال سالم العربية-الإ سرائيلية يف مدريد ووا شنطن يف الفرتة املمتدة من اأكتوبر 1991 حتى يونيو له م ؤولفات عديدة من بينها»زرع الأزم ات: الهيمنة الأم ري ك ي ة واحل رب ال ب اردة يف ال ش رق الأو س ط«و»القف ص احلديدي-ق صة الكفاح الفل سطيني من أاجل الدولة«و»انبعاث الإمرباطورية: آاثار اخل طى الغربية وامل سار الأمريكي اخلطر يف ال شرق الأو سط«و»الهوية الفل سطينية: بناء ال ضمري القومي احلديث«. تراجع تأثير أفكار الهولوكوست والتمييز العنصري رشيد الخالدي: تغي ر مواقف المجتمع اليهودي األمريكي ال يزال في البدايات في مقابلته مع مجلة»«يرصد الباحث واألكاديمي العربي األمريكي رشيد الخالدي تغيرات الفتة للنظر داخل المجتمع اليهودي األمريكي ويوضح كيف تتغير المشاهد اإلعالمية واألكاديمية التي كانت تسهم في تشكيل المواقف السياسية في الشارع األمريكي بما فيه الجزء اليهودي منه مبينا نشوء فجوة بين المؤسسات التقليدية اليهودية والجاليات اليهودية نفسها وإن كان هذا ال يلغي أن القوى القيادية القديمة ال يزال لديها الكثير من موارد القوة والصالت والعالقات داخل المؤسسة األمريكية الرسمية التي تؤهلها لالستمرار في لعب دور فاعل في المدى المنظور على األقل.»«يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

32 نحن والعالم رشيد الخالدي نحن والعالم رشيد الخالدي يرى ر شيد اخلالدي اأن النتخابات الرئا سية يف الوليات املتحدة عام 2008 هي اأهم موؤ شر اإىل وجود تغري حمتمل يف املواقف ال سيا سية داخل املجتمع اليهودي يف الوليات املتحدة اإذ اإن املوؤ س سات اليهودية التقليدية مثل»جلنة ال س ؤوون العامة الأمريكية-الإ سرائيلية«)AIPAC( و»م ؤو س سة مناه ضة ت شويه ال سمعة«)ADL( ومنظمة»موؤمتر الروؤ ساء«Conference( The American Jewish( الأم ري ك ي ين«ال ي ه ود و»جل ن ة )Presidents of )Committee وغريها وقفت بالكامل اإىل جانب املر شح اجلمهوري جون ماكن الذي تطابقت مواقفه مع سيا سة إا سرائيل الر سمية باملطلق ويف ملفات كثرية منها: ا ستمرار الحتالل الإ سرائيلي ورف ض اتخاذ اأي اإجراءات ضد ال ستيطان واملوقف من اإي ران. ولكن مع ذلك تفو ق باراك اأوباما وح صل على %78 من اأ صوات الناخبن اليهود الأمريكين. على اأن هذا كما يوؤكد د. ر شيد اخلالدي ل يلغي اأن هذه املوؤ س سات ل تزال قوية وتتميز بخربتها يف التنظيم لذا ميكن فهم ما يح صل على اأنه اأحد اأمرين: اإم ا اأن اجلالية اليهودية الأمريكية مل تعد ترى يف مثل هذه املوؤ س سات ممثال لها. واإما اأن هناك قناعة باأن هذه املنظمات كما احلكومة الإ سرائيلية الراهنة مل تعد تخدم امل صالح اليهودية والإ سرائيلية حقا. التغيير في الجيل الجديد يحيلنا اخلالدي إاىل درا سة لأ ستاذ ال صحافة والعلوم ال سيا سية الأمريكي اليهودي بيرت باينارت من شورة موؤخرا ) 1 ( تك شف عن اأن القلق من التغريات يف مواقف الراأي العام اليهودي الأمريكي لي س جديدا ويعرتف به ضمنا قادة االنتخابات الرئاسية في الواليات المتحدة عام 2008 هي أهم مؤشر إلى وجود تغي ر محتمل في المواقف السياسية داخل المجتمع اليهودي في الواليات المتحدة املجتمع ال صهيوين الأمريكي. وبح سب هذه الدرا سة فاإن متربعن اأمريكين يهودا بارزين تعاقدوا مع فرانك لنتز امل شهور بتنفيذه درا سات ل ستطالعات ال راأي مل صلحة احلزب اجلمهوري ليجيب عن سوؤال:»ملاذا مل يعد الطلبة اليهود الأمريكيون يف اجلامعات متحم سن لدح ض النتقادات املوجهة اإىل اإ سرائيل يف حرم جامعاتهم «. وخالل الدرا سة مت اختيار ست جمموعات من الطلبة دعي اأف راد كل منها اإىل اإج راء نقا ش حول»يهوديتهم«وحول»عالقتهم مع إا سرائيل«وات ضح اأن ه يف املرات ال ست مل يتحدث الطالب عن اإ سرائيل اأو يتطر قوا اإليها حتى اأثار م ن يدير النقا ش املو ضوع صراحة. وبح سب ما ورد يف درا سة باينارت فاإن درا سة لنتز لي ست مفاجئة اإذ اأثبتت درا سات أاخرى يف ال سنوات القليلة املا ضية اأن»الطلبة الأ صغر سنا من اليهود غري الأ صولين«ومن تخ ص صات خمتلفة»تكاد تغيب عنهم متاما امل شاعر الإيجابية اإزاء اإ سرائيل«. وم ن ال شواهد الأخ رى اأن جمل س طلبة جامعة برانديز املدعومة من اجلالية اليهودية رف ض عام 2008 قرارا يدعو اإىل الحتفال بالذكرى ال ستن لقيام اإ سرائيل. ول بد من الإ شارة اإىل اأن احلديث يدور هنا عن قطاع اليهود غري املتدينين وهم شريحة وا سعة من اليهود الأمريكين. ولكن وكما تو ض ح الدرا سة نف سها فاإن ن سبة التدي ن تزيد يف أاو ساط ال شباب اليهود وهوؤلء اأكرث ت شددا يف تاأييد مواقف إا سرائيل مهما كانت هذه املواقف. ولكن هذا الت شدد يعد من معامل ف شل امل ؤو س سة اليهودية الأمريكية التقليدية اأي ضا اإذ اإن هوؤلء برغم دعمهم لإ سرائيل فاإنهم ل يتبنون وجهات نظر املوؤ س سة الأمريكية اليهودية التقليدية وو سائل عملها. وبح سب درا سة لنتز سالفة الذكر فاإن ه عندما سئل الطالب صراحة عن اإ سرائيل اأبدوا جمموعة مواقف اأبرزها رف ض م ساألة التاأييد الكامل من دون م ساءلة لإ سرائيل ورف ضهم فكرة»التفكري اجلماعي«اأي التزام موقف اجلماعة من اإ سرائيل واأظهروا تاأييدهم ال شديد لل سالم واعتقادهم اأن ه من املرب ر الت ساوؤل عن جدية اإ سرائيل ب ساأن ذلك كما تبن اأن هم يرون اأن بع ض الإعالنات واملواد الإعالمية التي ع ر ضت عليهم لت صوير العنف الفل سطيني تت ضم ن صورا منطية م سبقة. وي ضيف اخلالدي اإىل ما ورد يف مقال باينارت م شاهد من جتربته ال شخ صية ب صفته أا ستاذا جامعيا يف الوليات املتحدة منذ مطلع الثمانينيات ويلقي ع شرات املحا ضرات كل عام يف جامعات كبرية و صغرية. فهو يالحظ وبو ضوح اأن الطلبة الأمريكين خا صة اليهود يبتعدون تدريجيا عن التاأييد الأعمى لإ سرائيل واأن لديهم توجها اأكرب لالنفتاح على النقا ش املو ضوعي للق ضايا املتعلقة باإ سرائيل وال صهيونية. كما يالحظ تزايد الإقبال بن هوؤلء الطلبة على املحا ضرات العامة )الطوعية( بهدف ال ستماع والنقا ش املو ضوعين ولي س املعار ضة الدائمة. أسباب التغيير يوؤك د اخلالدي يف مقابلته معنا صعوبة تبن الأ سباب التي تقود اإىل هذا التغيري خا صة اأن ه»يجيب من موقع امل وؤر خ واملراقب املتابع وامل ق و م واأن التغيري اإن وجد فعال فما زال يف بداياته«كما يقول ولكنه يف الوقت نف سه ي شري اإىل اأ سباب وظواهر قد تكون من بن هذه املقد مات التي قد تقود اإىل تغيري يف مواقف الر أاي العام اليهودي من ال صهيونية واإ سرائيل. اأح دث ه ذه الأ سباب التي ي شري إاليها اخلالدي هو انفكاك»ال رتاب ط بن الهولوك ست واإ سرائيل«فم ساألة الدفاع الأعمى عن اإ سرائيل ارتبطت مب ساألة الأمل الذي عا شه اليهود بفعل املحرقة النازية يف املا ضي كما حدث مثال ع شية حرب يونيو/حزيران 1967 حن كان ي شار اإىل اأن الإ سرائيلين مقبلون على»هولوكو ست«جديد. ولكن مع مرور الوقت حدثت تطورات عدة اأولها اأن اجليل اجلديد مل يع ش بنف سه جتربة»الهولوكو ست«ومل يت أاثر بها بالقدر نف سه الذي يتاأثر به كبار ال سن كذلك ات ضح أان احلديث عن هولوكو ست عربي ضد الإ سرائيلين غري دقيق فمثال أاثبتت الدرا سات احلديثة املعتمدة على الوثائق التي ك شفت عن حرب عام 1967 أان ه مل يكن هناك خطر»هولوكو ست عربي«فعال واأن الإ سرائيلين كانوا هم املبادرين اإىل احلرب. ي ضاف إاىل ذلك أان احلديث عن التمييز العن صري ضد اليهود مل تعد له صدقية يف سياق انتهاء هذا التمييز خا صة يف الوليات املتحدة وهو التمييز الذي رمبا كان موجودا فعال قبل ع شرات ال سنوات. ومن هنا فاإن ق ضيتي»الهولوكو ست«و»التمييز العن صري«تبدوان ق ضيتن من املا ضي. ولعل ما يقوله اخلالدي هنا هو اأن عنا صر اله وية اجلمعية اليهودية التي تن س أا من ال شعور باخلطر اخلارجي وال ستهداف والتمييز قد تراجعت بحكم مرور الزمن ما يقل ص من ظاهرة التاأييد الأعمى لإ سرائيل كما اأن اجليل اجلديد ل يقبل فر ضية اأن الظلم التاريخي إاب ان املرحلة النازية يربر املمار سات الإ سرائيلية احلالية. سبب اآخر ي شري إاليه اخلالدي هو حدوث تغري يف قطاعات الإعالم والبحث الأكادميي فيقول اإن سيطرة اجلماعات الإ سرائيلية أاو املتعاطفة مع اإ سرائيل على الإعالم التقليدي الأمريكي قد انتهت واإن هناك الآن م صادر إاعالم بديلة متعددة. فمثال عندما يرغب ال شاب الأمريكي عامة أاو اليهودي الأمريكي يف اأن يط لع على معلومة فاإن ه بف ضل الإنرتنت قادر على الط الع على معلومات من صحيفة مثل ذي نا شيونال الإم ارات ي ة أاو ديلي ستار اللبنانية اأو حتى ه آاريت س الإ سرائيلية الي سارية التي تقد م رواية خمتلفة لالأحداث عم ا كانت تقدمه ال صحافة الأمريكية التقليدية. ويلفت اخلالدي النظر اإىل اأن الأجيال الأكرب سنا ل تزال تتابع و سائل الإعالم التقليدية من مثل حمطة تلفزيون»فوك س نيوز«أاو غريها بعك س ال شباب الذي لديه»الإعالم البديل«. ويف جم ال البحث الأك ادمي ي ي ستذكر اخل ال دي ما ك ان يخربه به وال داه املهاجران اإىل الوليات املتحدة من أان ع ددا حم دودا جدا من الدرا سات املو ضوعية اأو امل ؤويدة للحق العربي كانت تن شر يف الأربعينيات واخلم سينيات من القرن املا ضي وما كان ين شر كان ي سح ب من ال سوق سريعا ب شراء اأن صار ال صهيونية و إا سرائيل اإياه. اأم ا الآن ف إان الو ضع اختلف وقد حدث اخرتاق يف ال سنوات الأخرية ون شرت اأعمال اأ سا سية حققت انت شارا وا سعا حمف زا للموؤلفن والنا شرين ومن هذه الأعمال درا سات مثل درا سة كل من جون مري شيمر و ستيفن وال ت )اللوبي الإ سرائيلي( وكتاب الرئي س الأمريكي الأ س ب ق جيمي ك ارت ر )فل سطن: سالم ولي س أاب ارت ه اي د ع ام 2006( التي كما يقول اخلالدي كان من امل ستبعد ن شرها قبل 20 عاما. و إاذا كانت كتب اخلالدي نف سه ومقالته وحما ضراته تعد م صدرا مهما يف املو ضوع الفل سطيني ف إان ه ي شري كذلك اإىل كتب م ؤولفن فل سطينين اأ صبحت توف ر م صدرا جيدا حول املو ضوع الفل سطيني يذكر منها كتب ساري مقد سي ورجا شحادة. كما يتفق اخلالدي وهو اأ ستاذ كر سي إادوارد سعيد للدرا سات العربية يف ق سم التاريخ يف جامعة كولومبيا مع اأن ظهور هذه الأ صوات لعب دورا يف تعديل امل شهد ن سبيا. كذلك الأمر بالن سبة اإىل وجود ترجمات ل أالعمال الأدبية والفكرية العربية إاىل اللغة الإجنليزية. ي ضاف اإىل ذلك اأن أهم ثالث منظمات في الحراك اليهودي الجديد جي ستريت Sreet( J( جماعة ضغط اأمريكية اأ س ست يف اأبريل/ني سان 2008 تقول اإنها»ت ؤومن ب أان حل الدولتن لل صراع الإ سرائيلي-الفل سطيني هو حل ضروري ل ستمرار حياة اإ سرائيل كدولة تكون الوطن اليهودي وتتمتع بدميقراطية حية«. ترى اجلماعة دورها يف تدعيم»القيادة الدبلوما سية الأمريكية«للو صول اإىل هذا احلل. كما اأنها ت سعى اإىل تو سيع احلوار اليهودي حول ق ضايا ال شرق الأو سط واإ سرائيل داخل الوليات املتحدة. الع ضوية يف هذه اجلماعة لي ست مقت صرة على اليهود بل مفتوحة لكل»من يدعم اإ سرائيل ورغبتها يف الأمن ب صفتها الوطن اليهودي«. كذلك تدعم اجلماعة احللول الدبلوما سية وتف ض لها على احللول الع سكرية. يهود أوروبيون من أجل السالم )EJJP( تعرف هذه احلركة نف سها باأنها»منظمة شبكية تن ضوي حتتها جماعات سالم يهودية اأوروب ي ة تعمل يف ع شر دول ضد الحتالل يف فل سطن ومن اأج ل سالم ع ادل«. ت ضم املنظمة ما ل يقل عن 18 جماعة ومنظمة يهودية اتفقت على جمموعة من املبادئ التي اأعل نت يف ما ي سم ى»اإعالن اأم سرتدام«عام هذا الإعالن يدعو الدول واملنظمات الأوروب ي ة اإىل ال ضغط على اإ سرائيل من اأج ل قبول دولة فل سطينية م ستقلة وقابلة للحياة يف املناطق املحتلة عام 1967 مبا ي شمل القد س ال شرقية وغزة وال ضفة الغربية واإزالة كل امل ستوطنات اليهودية من هذه املناطق والعرتاف مب سوؤولية اإ سرائيل عن م شكلة الالجئن ولكنها يف الوقت نف سه ت ستنكر»كل اأعمال العنف ضد املدنين بغ ض النظر عن اجلهة التي تقوم بها«. جي كول Call( J( جمموعة من املواطنن الأوروبين اليهود ت ضم حتى ساعة حترير هذه املادة شخ صا 6872 بينهم مثقفون وم سوؤولون سابقون و سيا سيون حاليون اتفقوا يف مايو/اأيار 2010 على جمموعة من املبادئ التي اأطلقوا عليها ا سم»نداء التعق ل«. هذا النداء ينطلق من»القلق على م ستقبل اإ سرائيل واأمنها«. يرى املوق عون له اأن م ستقبل هذه الدولة لي س يف خطر ب سبب الأخ ط ار اخلارجية فقط واإمن ا ب سبب»الح ت الل وبناء امل ستوطنات وتو سيعها يف ال ضفة الغربية والأحياء العربية يف القد س اأي ضا «. وي سمي النداء هذه املمار سات ب أانها»خطاأ اأخالقي و سيا سي«. ويدعو اإ سرائيل اإىل قبول دولة فل سطينية على أا سا س حل الدولتن لل شعبن كما يدعو الحتاد الأوروبي والوليات املتحدة اإىل»ممار سة ضغط على طريف النزاع«. يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

33 نحن والعالم رشيد الخالدي نحن والعالم رشيد الخالدي الطلبة األمريكيون خاصة اليهود منهم يبتعدون تدريجيا عن التأييد األعمى إلسرائيل ولديهم توجه أكبر إلى االنفتاح على النقاش الموضوعي للقضايا المتعلقة بإسرائيل والصهيونية نسب يهود الواليات المتحدة بحسب الموقف من الدين ومواقفهم السياسية %12 متدينون اأ صوليون )فوق سن ال ستن( %34 متدينون اأ صوليون )يف سن ما بن 18 عاما و 24 عاما ( غري اأ صولين حتت سن الأربعن ممن يرون أان عالقتهم مع اإ سرائيل»ل صيقة جدا «%16 %79 الأ صوليون حتت سن الأربعن ممن يرون اأن عالقتهم مع اإ سرائيل»ل صيقة جدا «%60 غري الأ صولين حتت سن الأربعن ممن يوؤيدون إاقامة دولة فل سطينية %25 اأ صوليون حتت سن الأربعن ممن يوؤيدون إاقامة دولة فل سطينية امل صدر: البيانات من درا سة بيرت باينارت امل شار اإليها. من األمور التي يمكن أن تساعد على تكوين رأي عام أمريكي أكثر موضوعية زيارات األمريكيين للمناطق المحتلة ليروا بأنفسهم جدار الفصل العنصري والمستوطنات والحواجز والسياسات اإلسرائيلية العوملة و سهولة ال سفر والنتقال والت صال زادتا من قدرة الباحثن على اكت شاف احلقائق بدقة اأكرث ومو ضوعية اأكرب اأي ضا. كما ي شري اخلالدي اإىل رف ض متزايد من داخل اجلامعات لل ضغوط من خارجها للتاأثري يف قرارات التعين والرتقيات لالأ ساتذة على اأ س س سيا سية وبالنظر اإىل مواقفهم من اإ سرائيل ويقول اإن هناك كذلك اأ ساتذة صهاينة يرف ضون التدخل اأحيانا حر صا على ا ستقالل اجلامعات. ويلفت النظر اإىل اأن ه اإذا كانت حم اولت ال ضغط اخلارجي على اإدارات اجلامعات مل تنته ول يتوقع اأن تنتهي اأو ترتاجع كثريا قريبا فاإن ه يالحظ اأن هذا ال ضغط يف املا ضي كان يوؤازره ضغط داخلي من طالب و أا ساتذة يف الجت اه نف سه وهو ما تراجع بو ضوح فالطالب باتوا يف ال سنوات الع شر املا ضية مهتمن اأكرث بال ستماع اإىل وجهات النظر املختلفة. ويتفق اخلالدي مع مالحظة اأن اجلامعات الأمريكية تتغري تدريجيا وت سري يف الجتاه نف سه الذي سارت فيه جامعات اأوروبية وحتديدا بريطانية بالقرتاب من املو ضوعية يف تناول املو ضوع الفل سطيني-الإ سرائيلي وباحل ضور الأف ضل لوجهات النظر املختلفة يف اجلامعات بدل التفرد ل الآراء ال صهيونية. بل يالحظ د. ر شيد اخلالدي اأن بع ض املانحن اليهود باتوا اأكرث ليربالية ومل يعودوا يربطون بن رغبتهم يف دعم الدرا سات اليهودية وتاأييد اإ سرائيل واأ صبحوا يتقبلون درا سات يهودية اأو شرق اأو سطية اأكرث تعددية. وي ستدرك اخلالدي اأن هذا ل يلغي اأن الأكرثية من املانحن ما زالوا من اجلناح التقليدي يف املوؤ س سات اليهودية التي تتبن ى التاأييد املطلق لل سيا سات الإ سرائيلية مهما كانت. كما اأن هناك سببا اآخر لهذا التغري يورده اخلالدي وهو اأن الإقبال على معرفة واقع ال شرق الأو سط بعمق اأكرب يزداد يف املجتمع الأمريكي ومن أا سباب هذه الرغبة يف املعرفة دخ ول ال ولي ات املتحدة يف حربن يف ال شرق الأو س ط يف ال سنوات الأخرية )العراق واأفغان ستان( وقبل ذلك حرب العراق-الكويت عام 1991/1990 وهو ما اأدى اإىل اإقبال متزايد على القراءة عن ال شرق الأو سط وعلى الدرا سة يف م ساقات الدرا سات العربية وال شرق أاو سطية و أاق سامها. فعلى سبيل املثال يقبل ضباط اجلي ش الأمريكيون على درا سة ال شرق الأو سط من دون الكتفاء مبا ين شره الإع الم اأو قبول صور منطية ورواي ات شائعة عن ال شرق الأو سط. ويف سياق مت صل فاإن ذهاب ال ضباط الأمريكين اإىل العراق واأفغان ستان سمح لهم بالط الع على حقائق مل يعوها سابقا اأو كانت ت نك ر فمثال كانت اإ سرائيل وموؤيدوها يرف ضون احلديث عن مدى الرتباط بن امل صالح الأمريكية يف العامل العربي واملو ضوع الفل سطيني ومدى ارتباط ال شارع العربي باملو ضوع الفل سطيني و أاثر ذلك يف املوقف من الوليات املتحدة. ولكن ما ر آاه ال ضباط الأمريكيون يف بيوت ال ضباط العراقين وبيوت العراقين من صور للمقد سات الإ سالمية يف فل سطن وموقف العراقي العادي والعربي عامة من املو ضوع الفل سطيني وم دى انعكا س هذا ال ساأن على صورة الأمريكين يف املنطقة أاثبت لهم العك س ولعل ه ذا هو ال سبب يف الت صريحات املتكررة م ؤوخرا ل ضباط اأمريكين حول اأهمية املو ضوع الفل سطيني بالن سبة اإىل امل صالح الأمريكية يف ال شرق الأو سط وتاأثريه يف عمل القوات الأمريكية هناك ولعل هذه امل شاهدات هي ال سبب يف عدم الثقة الزائدة بالتحليالت التي كان يزو دهم بها احلليف الإ سرائيلي كما كان الأمر يف املا ضي. عمق التغيير برغم كل ما ذ كر فاإن اخلالدي ل يعتقد اأن هذه التفاعالت و صلت اإىل درجة عمق موؤثرة بل يقو م هذه التغريات باأن ها ل تزال يف مرحلة البدايات كذلك ف إان ر سوخ املوؤ س سات التقليدية امل ؤويدة لإ سرائيل املتما شية مع وجهات النظر الإ سرائيلية احلكومية من دون حتفظ ل تنبع قوته من تاأثريها يف الر أاي العام فقط بل لأن لديها أا سا سا تنظيميا وات صالت و شبكة عالقات يف دوائر النخب و صناعة القرار من مثل الكوجنر س الأمريكي اأي ضا. وي شري اخلالدي اإىل اأن منظمة جي سرتيت Street( J( لي ست املنظمة اليهودية الأمريكية اجلديدة الوحيدة وي شري إاىل تنظيمات اأخرى شبيهة مثل»اأمريكيون من اأجل ال سالم الآن«American for Peace Now و»منتدى سيا سة إا سرائيل«Israel Policy Forum ومنظمات اأخرى ولكنه ي شري اإىل اأن هذه املوؤ س سات اليهودية اجلديدة نفوذها حم دود ول تزال ضعيفة ن سبيا وظهورها يعبر يف راأيه عن ال ستياء العام خا صة لدى ال شباب والتيار الليربايل يف اجلالية اليهودية وعن الفجوة بن هوؤلء وقيادات املوؤ س سات اليهودية التقليدية الذين هم مم ن جت اوزت أاعمارهم يف كثري من احل الت ال سبعن عاما ومي سكون بزمام أامور اجلالية اليهودية يف الوليات املتحدة منذ زمن طويل. مسارات المستقبل تدعم درا سة باينارت سالفة الذكر تقومي اخلالدي ب أان التغيري اإن كان يحدث فعال فهو يف بداياته فبح سب ما ينقل باينارت من اأرقام ل ستطالعات ر أاي )انظر اجلدول املرفق( ف إان هناك تراجعا يف اهتمام اليهودي الأمريكي غري الأ صويل باملو ضوع الإ سرائيلي بقدر ما هناك تزايد يف قوة اليهودية الأ صولية بن الأمريكين وحتديدا بن ال شباب وجزء مهم من هوؤلء يدعم اإ سرائيل ب شدة ومن دون حتفظ. ولكنهم -كما سلف اإي ضاحه- يعد ون كذلك خارج املوؤ س سة اليهودية الأمريكية التقليدية التي كانت ت ستطيع ا ستقطاب تاأييد شرائح ر سمية و شعبية وا سعة بتقدمي دع اوى مغل فة بالليربالية وال دمي ق راط ي ة. ويرف ض اخل ال دي اجل زم ب اجت اه ات التغيري م ستقبال ويطرح بدل ذلك ثالث نقاط قد يكون لها اأث ر يف حتديد م سار الأح داث منها مثال حدوث هجمات اإرهابية من منظمات فل سطينية اأو اإ سالمية على مدنين كما ح صل بن عامي 2000 و 2003 ما يوؤدي اإىل انهيار يف التاأييد للموقف العربي ويزيد التاأييد للمتطرفن الإ سرائيلين. ثانيا ا ستمرار الوجود الأمريكي الع سكري يف املنطقة سيوؤدي على الأرجح إاىل زيادة نقاط الختالل الأمريكية-الإ سرائيلية لأن التاأييد الأمريكي ملمار سات اإ سرائيل يف لبنان وال ضفة الغربية وقطاع غزة مي س هذا الوجود واملوقف يف املنطقة منه. وبرغم أان اخلروج الأمريكي من العراق متوق ع ومرحب به فاإن ه ل يتوقع أان ينتهي الوجود الأمريكي هناك بعد خم س اأو ست سنوات مثال. النقطة الثالثة هي الو ضع العربي العام فبينما تتغري صورة اإ سرائيل تدريجيا وبينما بداأ التغري منذ عام 1982 بعد جم ازر صربا و شاتيال وغ زو لبنان ثم توا صل ذلك و صول إاىل حرب لبنان 2006 وغزة عام 2009/2008 وهو ما أابرز صورة الدميقراطية الزائفة لإ سرائيل بداأت تتك شف معامل التعامل والتمييز ضد العرب الفل سطينين داخل اإ سرائيل نف سها ف ضال عنهم داخل ال ضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن على اجلهة الأخرى فاإن الو ضع يف الدول العربية لي س جيدا اأ صال ومع بع ض ال ستثناءات القليلة جدا ل توجد دميقراطية اأو هي دميقراطية ه شة كما أان مظاهر التخلف وعدم التفاق بن الدول العربية موجودة لذلك اإذا ما كانت صورة إا سرائيل تتدهور فاإن صورة العرب ل تتح سن. ومن الأمور التي يعتقد اخلالدي اأن ها ميكن أان ت ساعد على تكوين راأي عام أامريكي أاكرث مو ضوعية وتنو را ت شجيع زيارات الأمريكين للمناطق املحتلة ل ريوا ب أانف سهم ج دار الف صل العن صري وامل ستوطنات واحلواجز وال سيا سات الإ سرائيلية. 1. Peter Beinart, The Failure of the American Jewish Establishment, The New York Review of Books, 10 June يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

34 نحن والعالم حراك يهود أوروبا الجديد نحن والعالم حراك يهود أوروبا الجديد حراك يهود أوروبا: مراجعة االرتباط اآللي بسياسة حكومة إسرائيل فيما يتزايد التأييد الدولي لفك الحصار عن غزة إثر الهجوم على قوافل المساعدات المتجهة إلى هناك تتجه األنظار إلى نوع جديد من الخطاب اليهودي في أوروبا يتميز بنقده إلسرائيل ونأيه عن سياساتها. هذا البحث يحلل هذا الخطاب الناشئ ويفك ك ديناميكياته ويظهر تبايناته فيما يتوقع له كاتب المقال الذي يعرف شخوص هذا الحراك الجديد عن قرب أن يسهم في تغيير الخطاب األوروبي ويجعله أكثر ابتعادا عن الخطاب اإلسرائيلي الرسمي على المدى البعيد. مارتن فوربيرغ* قاعدة يهود الشتات تقترب في مواقفها من الحمائم في إسرائيل بعكس مؤسساتهم المتعاطفة مع الصقور منذ مايو/اأيار 2010 ظل»نداء التعقل«الذي بادرت اإىل اإطالقه جمموعة من اليهود الأوروبين يحدث اأ صداء وا سعة فالقائمون عليه الذين يعملون حتت مظلة حركة ت سمى»جي كول«)JCall( )1( يعبر ون عن حراك جديد ضمن املجتمعات اليهودية يف اأوروب ا. النداء ال ذي يدعو اإىل»ال سالم يف اإ سرائيل/فل سطن«ع ر ض يف الربملان الأوروب ي ووقعه شخ ص 6200 بينهم أا سماء مهمة مثل املثقف الفرن سي املرموق برينارد-هرني ليفي وهو ال شخ صية الأهم يف حركة»الفل سفة اجلديدة«و سيا سيون معروفون منهم دانيل كون بينيديكت رئي س كتلة»اخل ضر«يف الربملان الأوروبي والرئي سة ال سابقة للكونفيدرالية ال سوي سرية روث درايفو س وال سفري الإ سرائيلي ال سابق يف برلن اأيف برميور.»التعقل«الذي يق صده القائمون على اإ صدار هذا النداء هو حتقيق مبداأ الدولتن لل شعبن الفل سطيني والإ سرائيلي على اأر ض الواقع. وفيه يعرتف املوق عون باأن اإ سرائيل تواجه اأخطارا خارجية ولكنهم يف الوقت نف سه ينتقدون سيا ستها الحتاللية وال ستيطانية وي صفونها ب»العيب الأخالقي واخلطاأ ال سيا سي«ويوؤكدون اأنها تعر ض نف سها للخطر نتيجة سيا سة كهذه. ولي س الغر ض الوحيد من نداء حركة»جي كول«هو»تاأمن م ستقبل اإ سرائيل جنبا اإىل جنب دولة فل سطينية قابلة للحياة«بل يهدف كذلك اإىل اأن يناأى بنف سه عن»اخلالفات التقليدية يف الراأي يف أاو ساط املجتمعات اليهودية«. ويف الواقع ف إان النداء موج ه اإىل جهتن رئي سيتن: اأول حكومات الحتاد الأوروب ي والوليات املتحدة التي دعيت اإىل»ممار سة ضغط على اجلانبن«يف ال صراع الفل سطيني- الإ سرائيلي. وثانيا يخاطب املجتمعات اليهودية حول العامل موؤكدا لها أان»ارتباطها الآيل ب سيا سة حكومة اإ سرائيل اأمر خطر«ذلك لأن تلك ال سيا سة ميكن اأن»تتعار ض مع امل صالح احلقيقية لدولة اإ سرائيل«. مجتمعات إسرائيلي ة متباينة في مواقفها اإن ما يدعو اإليه النداء من ممار سة لل ضغط على إا سرائيل ما زال يجد معار ضة يف الأو ساط اليهودية فعلى سبيل املثال يجد رئي س املجل س التمثيلي للم ؤو س سات اليهودية يف فرن سا )CRIF( ري شارد برا سكيو هذا ال ضغط»اأمرا مرو عا جدا «فيت ساءل با ستنكار»هل الإ سرائيليون يف حاجة إاىل يهود ال شتات لكي يعلموهم ما القرارات»ال صحيحة«التي يجب عليهم اتخاذها أاو ليعرفوهم حدود بلدهم الذي يحمي اأولدهم وبناتهم «) صحيفة»لفيغارو«الفرن سية (. كذلك فاإن مو شيه كانتور رئي س املوؤمتر اليهودي الأوروبي )EJC( يرى أان هذا النداء ل يعبر اإل عن فئة قليلة من اليهود الأوروبين )»يوروبيان جوي ش بري س« (. لكننا جند على سبيل املثال موقفا خمتلفا من ممثلي اجلالية اليهودية يف أاملانيا حيث رحب شتيفان كرمير رئي س املجل س املركزي لليهود بالنداء منتقدا املعرت سن عليه ومتهما إاياهم مبحاولة تخريب املبادرة با ستخدام حجج تق ضي على النقا ش. ) صحيفة»زيد دويت شه«الأملانية (. وف ضال عن الختالف يف املواقف الذي يظهر ما بن املجتمعن اليهودين يف فرن سا واأملانيا فاإن ثمة اختالفا بن املجتمعات اليهودية على ضفتي الأطل سي. ويف هذا ال سياق يوؤكد ديفيد كاميال رئي س منظمة»ال سالم الآن«يف فرن سا, أاحد أاهم ممثلي نداء»جي كول«, اأنه لي س هناك عالقة مبا شرة بن»جي كول«ومنظمة»جي سرتيت«الأمريكية. ومع ذلك ميكن مالحظة وج ود ت شابه يف املواقف بينهما فمثال تطالب»جي سرتيت«ب سيا سة شرق اأو سطية بديلة تكون فيها الأولوية للحوار والدبلوما سية. كما اأن نداء»جي كول«قد اأثر يف جمموعة من املثقفن وروؤ ساء اجلمعيات يف الوليات املتحدة لإ صدار بيان با سم»من اأجل صهيون«ينتقد من جهته سيا سة ال ستيطان الإ سرائيلية. ) صحيفة»ه آارت س«الإ سرائيلية (. ويظهر نداء»جي كول«اأن اليهود يف اأوروبا مييلون إاىل التعددية حتى عندما يتعلق الأمر باإ سرائيل وال شرق الأو سط. ويرجع كاميال ذلك إاىل اأن تاريخ اليهود يف كل بلد من البلدان الأوروبية يختلف عن غريه. ففي فرن سا التي ت ضم اأكرب املجتمعات اليهودية يف اأوروبا )600 األف شخ ص( ي صنف اليهود هناك على اأنهم مييلون اإىل اليمن سيا سيا خا صة ب سبب مواقف املجل س التمثيلي للموؤ س سات اليهودية يف فرن سا )CRIF( ولكن يف الوقت نف سه هناك %70 اإىل %80 منهم ل ينتمون اإىل اأي من املوؤ س سات اليهودية ولذا فهم ل ي شعرون باأنها موؤ س سات متثلهم. ويعلق امل وؤرخ مي شايل فولف سون على هذا الو ضع بقوله»قاعدة يهود ال شتات تقرتب يف مواقفها من احلمائم يف إا سرائيل بعك س موؤ س سات يهود ال شتات املتعاطفة مع صقور إا سرائيل. ففي كل بلد من بلدان ال شتات اليهودي جند أان الأغلبية تنتمي اإىل ي سار الو سط سيا سيا. ودينيا جندها تقرتب من التيار الإ صالحي اأو الليربايل. كذلك فاإن قاعدة املجتمع اليهودي ترى أان امل ؤو س سة اليهودية تغلب عليها املنا صب الفخرية ولي س لديها شرعية متثيلية دميقراطية. إاذا جوهر املو ضوع هو أان»جي كول«و»جي سرتيت«ل تت صد يان لتيار ال صقور يف اإ سرائيل فقط بل للموؤ س سة اليهودية التقليدية يف ال شتات اأي ضا «. ) صحيفة»يودي شه األغماينه فوخينت سايتونغ«الأملانية ) (. اإن وجود جمموعة ل ي ستهان بها من اليهود يناأون باأنف سهم عن سيا سة اإ سرائيل لهو اأمر مثري لالهتمام ذلك أان كثريا من اليهود يرون يف إا سرائيل نوعا من»التاأمن على احلياة«ي ضمن لهم ملجاأ يف حال تكر رت ماأ ساة مالحقة اليهود يف العامل جمددا. ويو ضح املوؤرخ الإ سرائيلي دان ديرن هذه العالقة بالقول اإنه»بعد فرتة النازية اأ صبحت الغالبية العظمى من يهود العامل حتيل اإح سا سها بفقدان الأم ان واحلماية اإىل عالقة مع دولة اإ سرائيل على الأق ل يف م ستوى الإدراك وال شعور واإن مل يكن ذلك حادثا يف الواقع«)2(. درجات مختلفة في نقد إسرائيل»جي كول«لي ست املبادرة الأوىل يف اأوروب ا التي تظهر وجود تباين يف املواقف اليهودية جت اه إا سرائيل. فمنذ ع ام 2001 تعمل حركة»يهود اأوروب ي ون من أاج ل سالم ع ادل«)EJJP( يف الأو س اط الأوروب ي ة وذل ك بخطاب يقرتب اإىل اجلانب الفل سطيني بقدر اأكرب بكثري مم ا تفعل»جي كول«فحركة»يهود اأوروب ي ون«تنتقد بو ضوح سيا سة احل رب والح ت الل وانتهاك حقوق الإن سان يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

35 نحن والعالم حراك يهود أوروبا الجديد نحن والعالم حراك يهود أوروبا الجديد من المتوقع على المدى البعيد أن يبتعد الخطاب األوروبي بشكل عام عن خطاب إسرائيل الرسمي التي متار سها إا سرائيل وتعمل على ك شف حقيقة الو ضع الكارثي الذي يعانيه الفل سطينيون. وتن ضوي حت ت احل رك ة 11 منظمة يف 10 ب ل دان أاوروب ي ة. )راج ع موقع احلركة.)» هذه احلركة»نداء التعق ل«لعدم ذكره ق ضايا حقوق الإن سان و سيا سة الحتالل واحل صار املفرو ض على غزة. ولكن انتقاداتها ل تقت صر على هذا النداء بل تذهب اإىل اأبعد من ذلك فتتعر ض لطبيعة الدولة الإ سرائيلية نف سها: تقول مي شيل سيبوين رئي سة»الحتاد اليهودي الفرن سي من اأجل ال سالم«املن ضوي حتت احلركة اإن اإ سرائيل هي»دولة دميقراطية لليهود ويهودية للفل سطينين«ويجب على املجتمعات اليهودية اأن تهتم بق ضية امل ساواة بن الإ سرائيلين والفل سطينين. alternativenews.( org بتاريخ (. ويف ت صريح ملجلة»اآفاق امل ستقبل«انتقدت اإيري س هيفتي س التي متثل جمموعة من اليهود غري ال صهيونين يف برلن تركيز»جي كول«على جعل اإ سرائيل مبنزلة»عنوان بديل لهوية اليهود«. هذه النا شطة كغريها من اليهود غري ال صهيونين من ضوية حتت منظمة»ال صوت اليهودي لل سالم العادل يف ال شرق الأو سط«وهي فرع حلركة»يهود اأوروبيون من اأجل سالم عادل«يف اأملانيا. وقد وقع رئي س هذه املنظمة رولفر فريليغر بيان»جي كول«واأو ضح من جانبه ل»اآفاق امل ستقبل«اأن موقفه ينبع من ترحيبه ب»اأي ن شاط يهدف اإىل حتقيق سالم عادل يف ال شرق الأو سط«لفتا النظر اإىل اأن»جي كول«تدل على اأن هناك يهودا يف العامل يناأون باأنف سهم عن سيا سة إا سرائيل لأن م صريها )اإ سرائيل( مهم بالن سبة اإليهم«. اختالف في الخطاب السياسي»جي كول«و»يهود اأوروبيون من أاجل سالم عادل«حركتان بينهما اختالف كبري يف اخلطاب ال سيا سي. وميكن حتديد نقاط الختالف يف ما يلي: اأول ل تهتم»جي كول«مب صالح الفل سطينين ب شكل مبا شر ول يعني ذلك اأن من يدعمون هذا النداء ل يهتمون كاأ شخا ص بحياة الفل سطينين ولكن ذلك رمبا يعود اإىل خوفهم من اأن تكافلهم املبا شر معهم ميكن اأن يوؤدي إاىل عزلهم كحركة عن املجتمعات اليهودية. ويف املقابل ف إان حركة»يهود اأوروبيون من اأجل سالم عادل«ت ستخدم خطابا مبا شرا»غري م شف ر«حول النزاع ويكرث يف خطابها التنبيه على ما يتعر ض له الفل سطينيون من ا ضطهاد. ثانيا تختلف احلركتان ب شكل جذري يف تعاملهما مع»حمالت نزع ال شرعية«عن دولة اإ سرائيل. فممثلو»جي كول«يعلنون بو ضوح أانهم يعملون ضد اجتاه نزع ال شرعية عن إا سرائيل. ولكن ما املق صود ب»نزع ال شرعية«يف العادة يق صد بذلك الت شكيك يف حق إا سرائيل يف الوجود كما اأ صبح هذا املفهوم ي ستخدم ب شكل خط أا يف الفرتة الأخرية لو صف حمالت املقاطعة ال سيا سية والقت صادية ضد حكومة اإ سرائيل التي تنظمها حركات يهودية وغري يهودية. ويبدو اأن»جي كول«حتاول من خالل ا ستخدام خطاب مناه ض ل»نزع ال شرعية«أان تتجن ب النقد الذي يوجه إاليها ملا تقوم به من اأعمال ت صن ف ضمن»نزع ال شرعية«. يف املقابل ل تقف حركة»يهود اأوروبيون من اأجل سالم عادل«يف وجه حمالت املقاطعة بل على العك س من ذلك. ثالثا يظهر الختالف يف عالقة كل من احلركتن بال صهيونية. يقول ديفيد كاميال اإن ال صهيونية جزء من تعريف القائمن على»جي كول«لأنف سهم. وهنا يتعلق الأمر مبفهوم غري حمد د اأي ضا. وميكن فهم»جي كول«كما نظريتها»جي سرتيت«على اأنهما حماولتان من القوى اليهودية الليربالية لإحياء ال صهيونية من خالل اإعادة تعريفها ب شكل يبتعد عن سيا سة ا ضطهاد الفل سطينين. ومن جهة اأخرى هناك بن النا شطن يف»يهود اأوروبيون من اأجل سالم عادل«م ن هو ناقد لل صهيونية ب شكل جذري. اإن وجود احلركتن وتعاي شهما رمبا يكونان مفيدين من الناحية ال سيا سية ف»يهود أاوروب ي ون«ت ضمن م ن خ الل نقدها ال ق وي لإ سرائيل األ ت صبح»ج ي ك ول«جم رد منظمة داع م ة ل»املعتدلن«داخ ل اأط راف احلكومات الإ سرائيلية. وعلى صعيد اآخ ر ف إان وجود»جي كول«مهم للقوى اليهودية التي تنتقد اإ سرائيل ب شكل ج ذري اإذ اإنها من خالل لغتها غري املبا شرة ت ضمن لها البقاء سيا سيا يف الو سط ضمن املجتمعات الأوروبية. و شرحت النا شطة إاي ري س هيفتي س ل»اآف اق امل ستقبل«ه ذه ال ع الق ة م ن خ الل ت شبيهها القوى الأك رث ج ذري ة يف نقدها لإ سرائيل ب»جماعات ال ضغط«التي تتيح موقفا تفاو ضيا اأكرث قوة للحركات الأكرث اعتدال ضمن الو سط اليهودي. ومن جهته عل ق رولف فريليغر رئي س منظمة»ال صوت اليهودي لل سالم العادل يف ال شرق الأو سط«التابعة ل»يهود أاوروبيون«للمجلة قائال»يف اأف ضل الأح وال ميكن ملنظمتنا اأن تكون مبنزلة مر شد بحيث نتقد م خطوتن اإىل الأمام فيما تتاأخر عنا جي كول بخطوة«. واأ شار يف هذا ال سياق اإىل اأن هذا ميكن تو ضيحه يف اأمر مثل الت صال املبا شر ب»ممثلي حما س املنتخبن دميقراطيا «. تباين في الموقف من»أسطول الحرية«أاظهر الهجوم الذي نفذته القوات الإ سرائيلية ضد اأ سطول احلرية الذي ق صد غزة يف نهاية شهر مايو 2010 الختالف يف اخلطاب بن حركتي»يهود اأوروبيون«و»جي كول«على نحو وا ضح. فالأخرية اعتربت اأن ما حدث»ل يفيد اإل املتزم تن على اجلانبن«. وبرغم اأن احلركة ن ع ت ضحايا احلادثة فاإنها راأت أان»حما س تعاونت مع منظمة اإ سالمية خريية تركية«لوقف املباحثات غري املبا شرة القائمة بن ال سلطة الوطنية الفل سطينية واإ سرائيل بو ساطة اأمريكية. وبينت اأن»اإ سرائيل وقعت يف الفخ«. غري اأن احلركة ا ستغلت املنا سبة لنتقاد عملية»الر صا ص امل صبوب«التي شنتها اإ سرائيل على قطاع غزة يف نهاية عام 2008 وخل صت اإىل القول اإن احل صار الذي تفر ضه اإ سرائيل على غزة»غري ناجع«. اأما»الحتاد اليهودي الفرن سي من أاجل ال سالم«املن ضوي حتت حركة»يهود أاوروبيون«فقد ا ستخدم خطابا اآخر راأى فيه اأن ما قامت به اإ سرائيل»قر صنة«و»اعتداء على القوانن الدولية واحل ضارة«وطالب احلكومة الفرن سية بقطع عالقاتها مع اإ سرائيل وطردها من منظمة التعاون القت صادي والتنمية التي ان ضمت اإليها موؤخرا. كذلك جاء موقف»ال صوت اليهودي لل سالم العادل يف ال شرق الأو سط«يف أاملانيا أاكرث جذرية يف نقد اإ سرائيل وراأى اأن ما حدث هو»اإرهاب دولة«و»يهدف اإىل اإ شعال حرب بن الإ سالم واليهودية«وكذلك جاء موقف الفرع الربيطاين من احلركة )يهود اأوروبيون( من سجما مع هذه النتقادات. واأعلن نا شطون يهود يف احلركة من أاملانيا وبريطانيا بدء رحلة ل» سفينة يهودية من اأجل غزة«بهدف ك سر احل صار. ولعله من املمكن القول الآن إان اخلطاب اليهودي ح ول اإ سرائيل/فل سطن مرتبط بالو ضعن ال سيا سي والثقايف يف كل دولة من الدول الأوروبية. وميكن مالحظة حدوث حالة من تال شي احلدود يف املواقف بن الأقليات اليهودية من جهة واأغلبية املجتمع يف أاوروبا من جهة اأخرى. وبذلك اأ صبح من ضمن املوؤيدين لإ سرائيل ب شدة م ن هم يهود وغري يهود اأي ضا وكذلك الأمر بالن سبة اإىل اأ شد منتقدي اإ سرائيل. ومن املتوقع على املدى الطويل اأن يبتعد اخلطاب الأوروبي ب شكل عام عن خطاب إا سرائيل الر سمي. وهذا ي شمل املجتمعات الأوروبية ب شكل اأ سا سي وينعك س على و سائل الإعالم وال سيا سة الأوروبية على نحو عام اأي ضا. ويرجع هذا التطو ر اإىل تداعيات احلرب على غزة. ولكن هذا الجتاه يقابله كذلك اجتاه اآخر متزايد على صعيد التعاون الع سكري والعلمي والقت صادي بن اإ سرائيل واأوروبا واإىل الآن لي س من املعلوم اأي هذين الجتاهن سيكون له الغلبة. ومن املهم يف هذا ال سياق تاأكيد اأهمية أان يكون للدول واملنظمات دور يف تعزيز تطبيق القانون الدويل خا صة بعد هجوم إا سرائيل على اأ سطول احلرية الذي كان متجها اإىل غزة لي س يف أاوروبا وحدها اإمنا يف شتى اأنحاء العامل. واخلطوات يف هذا الجتاه ستكون الو سيلة الوحيدة التي ميكن اأن توؤدي اإىل تغيري يف اإدراك املجتمع الإ سرائيلي للو ضع ول يتوق ع اأن يكون للمفاو ضات سواء املبا شرة منها اأو غري املبا شرة ت أاثري يف تطور الأمور نحو الأف ضل. والو سيلة املثلى هي ربط مو ضوع ال سالم بق ضية حقوق الإن سان. وثم ة خطر متزايد يف أاوروبا من ت صاعد العن صرية خا صة مع ات ساع الفجوة بن ال سيا سة الر سمية وقطاعات وا سعة يف املجتمع ويرتبط هذا الجتاه مبو ضوع ال صراع يف إا سرائيل/فل سطن ويتمثل يف العن صرية ضد امل سلمن واليهود على حد سواء كما اأن هناك تخوفا من تزايد النعرات الإثنية والدينية يف صراع ال شرق الأو سط. وهذا اخلطر يعطي اأهمية ا سرتاتيجية للمبادرات ذات الطبيعة العابرة لالأديان والإثنيات التي تنفذها منظمات إا سالمية وعربية ويهودية واإ سرائيلية من أاجل ق ضايا حقوق الإن سان. إان حركة»احلرية لغزة«Free( )Gaza Movement هي اأحد الأمثلة ال ساطعة لهذا التعاون الذي ميكن أان يكون له أاثر كبري يف امل ستقبل. * صحايف من برلن ع ضو يف الهيئة الإدارية للفيدرالية العاملية حلقوق الإن سان-اأملانيا Dan Diner, in: «Die Verlängerung der Geschichte. Deutsche, Juden und der Palästinakonflikt». Frankfurt/M: Verlag Neue Kritik, 1983 مسؤول في حركة»يهود أوروبيون من أجل سالم عادل«: نحن نتقدم خطوتين إلى األمام فيما تلحقنا»جي كول«بخطوة يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

36 نحن والعالم الدين في إسرائيل نحن والعالم الدين في إسرائيل مزيد من األصولية العنيفة داخلي ا وخارجي ا الدين في إسرائيل للمجتمع اليهودي اإلسرائيلي ثالثة مكونات أساسية من حيث الموقف الديني وهي العلمانية والصهيونية الدينية واألصولية الدينية. يرصد المقال التالي التباينات بين هذه المكونات والتغيرات في المواقف والوزن النسبي لهذه القوى ويالحظ ازديادا في تكتلها في مواجهة العرب. كما يرى أن الفجوة تتسع في الوقت نفسه بينها ويتفاقم العنف الداخلي الذي يمارسه األصوليون المتدينون. أحمد جميل عزم* م ن ميكنه أان يقف يف اإ سرائيل خلف إاح راق إاط ارات يف ال ش وارع و إال ق اء حجارة على ال سيارات املارة و إاغالق الطرق وال صراخ يف وجه اأفراد ال شرطة الإ سرائيلية ب أان هم»نازيون«ومن ي ستطيع أان يحرق الأع الم الإ سرائيلية يف منا سبات قومية ستتجه الأذهان لدى الغالبية من املراقبن والنا س العادين إاىل اجلانب العربي سواء يف الأرا ضي التي احت لت عام 1967 أاو عام لكن احلقيقة أان من يقوم بذلك كل ه هم جماعات من الإ سرائيلين اليهود أانف سهم حتديدا اجلماعات املتدينة امل سماة»الأرثوذك سية«أاو»احلريدمي«. ول يكتمل م شهد هذه الفئات من الإ سرائيلين مبجرد ر ؤوية العنف والتوتر بينها من جهة وبن باقي فئات املجتمع الإ سرائيلي من جهة ثانية. بل تت ضح صورتها عند الإحاطة بالتطر ف املتزايد يف مواقفها ال سيا سية املناه ضة للعرب والت سوية ال سيا سية. كما يربز يف ال سياق نف سه الدور املتو سع لليهود املتدينن ال صهاينة يف اجلي ش الإ سرائيلي. معادالت قديمة رف ض اليهود املتدينون منذ القرن التا سع ع شر امل شروع ال صهيوين لإقامة دولة يهودية يف فل سطن وذلك لأ سباب اأبرزها اعتقادهم اأن هناك ب شائر وعالمات إالهية يجب أان ت سبق ظهور الدولة منها ظهور امل سيح. كما عار ض هوؤلء اإقامة الدولة العلمانية التي ين ص عليها امل شروع ال صهيوين. وي ضاف إاىل ذلك اأن تناف سا ظهر بن املتدينن والعلمانين على ا ستقطاب ولء يهود العامل ودعمهم واحل صول على ترب عاتهم املالية خا صة أان اجلماعات املتدينة يف القد س كانت ترف ض مبد أا ك سب الدخل من خالل العمل وت صر على العتماد على تربعات اأثرياء يهود العامل و إاح سانهم مقابل وجودهم و ص التهم يف القد س. عندما قامت دولة إا سرائيل عام 1948 تو صل الطرفان ال صهيوين العلماين احلاكم واجلماعات الأ صولية إاىل معادلة للعالقات بينهما فلم ي شكل الطرف الثاين تهديدا حقيقيا ل شرعية قيام ال دول ة ويف املقابل ح صلت الطوائف اليهودية املتدينة املختلفة املنق سمة بح سب مرجعياتها الدينية واأ صولها التي هاجرت منها على ا ستقاللية ذاتية يف إادارة ال س ؤوون ال شخ صية لأفرادها وح صلت على م ساعدات مالية حكومية لبناء موؤ س ساتها الدينية والجتماعية والرتبوية. و صارت اأحياء حمد دة يف القد س الغربية مثل»ميئا شريمي«و»بخارا«تعرف ب أان ها مناطق»الدين املنظم يف إا سرائيل«. وبرغم عدم تبن ي اجلماعات الأرثوذك سية الفكرة ال صهيونية فاإنها اأ صبحت لها م صالح تدافع عنها يف الدولة النا شئة فاأ س ست اأحزابها ال سيا سية ا ستنادا اإىل مذاهبها ومعتقداتها الدينية والأ صول اجلغرافية التي تنتمي اإليها. وهكذا و ج دت اأح زاب لليهود املتدينن الغربين واأخرى لل شرقين. تركزت برامج هذه الأح زاب على ق ضايا غري سيا سية مثل ضرورة تطبيق تعليمات ال شريعة اليهودية يف احلياة اليومية كاحرتام قواعد عدم العمل واحل رك ة ي وم ال سبت وال ت زام املالب س املحت شمة, والأك ل احل الل ح سب العقيدة اليهودية. ونا ضل اليهود ال شرقيون )ال سفردمي( ضد التمييز املمار س يف حقهم من اليهود الغربين )الأ شكناز(. ومل تكن هذه القوى ت سعى اإىل ت سل م احلكم فعلي ا. هذا مل يغري حقيقة أان التوتر وال صدام كانا دائما سمتن للعالقات بن الطرفن )العلمانين واملتدينن(. وعرفت ال شوارع احتكاكات عنيفة بن اجلانبن منذ اخلم سينيات فكان املتدينون يعتدون على علمانين يخالفون روؤيتهم لاللتزام ال شرعي ويعار ضون بعنف تدخل ال شرطة يف حياتهم. من حيث التدين ميكن تق سيم سكان اإ سرائيل اإىل ثالث فئات رئي سية هي: اأول ال صهاينة العلمانيون الذين يوؤمنون بقيام دولة اإ سرائيل ولكنهم يتبنون فكرا ي ساريا اأو ميينيا غري ديني. ثانيا ال صهاينة املتدينون وي ؤومنون بقيام الدولة اليهودية حتى قبل ظهور امل سيح ويقود هوؤلء احلركة ال ستيطانية يف ال ضفة الغربية. والفئة الثالثة هي اليهود الأ صوليون )احلريدمي( وي سيطرون على املوؤ س سة الدينية الر سمية يف اإ سرائيل. وب شكل عام يعد حزبا»حركة شا س«و» أاغ ودات اإ سرائيل«حزبن اأ صولين تقليدين غري صهيونين يف حن اأن احلزب القومي الديني يتبن ى ال صهيونية إاىل جانب الت صور الديني الأ صويل. ولوحظ يف ال سنوات الأخرية اأن ثمة تغريات كمي ة ونوعي ة يف معادلت العالقات 78 يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد 06 79

37 نحن والعالم الدين في إسرائيل نحن والعالم الدين في إسرائيل لوحظ في السنوات األخيرة أن ثمة تغيرات كمي ة ونوعي ة في معادالت العالقات الدينية-العلمانية في إسرائيل سواء في حجم حضور الجماعات المختلفة ونفوذها أو في أفكارها وتوج هاتها السياسية التوتر والصدام كانا دائما سمتين للعالقات بين الطرفين )العلمانيين والمتدينين(. وعرفت الشوارع احتكاكات عنيفة بين الجانبين منذ الخمسينيات فكان المتدينون يعتدون على علمانيين يخالفون رؤيتهم لاللتزام الشرعي ويعارضون بعنف تدخ ل الشرطة في حياتهم الدينية-العلمانية يف اإ سرائيل سواء يف حجم ح ضور اجلماعات املختلفة ونفوذها اأو يف اأفكارها وتوج هاتها ال سيا سية. وهو ما ميكن ا ستعرا ضه حتت العناوين الأ سا سية الثالثة الآتية: االنقسام والعنف الداخلي في إسرائيل برغم مرور اأكرث من ستة عقود على تاأ سي س الدولة فاإن املجموعات الدينية ما زالت ترف ض حكم ال شرطة والقانون بل برزت اأكرث وتكررت ظاهرة ت صد ي املتدينن»احلريدمي«لل شرطة بالقوة. وعلى سبيل املثال ل احل صر نزل مئات منهم يف شهر مايو/اأيار املا ضي يف حي»ميئا شريمي«واأغلقوا الطرق واأ شعلوا النار يف حاويات القمامة وقذفوا قوات ال شرطة وعرباتها باحلجارة و صرخوا فيهم»اأنتم نازي ون«قبل اأن يغلقوا الطريق الرئي سي بن تل أابيب والقد س. وانطلقت هذه الحتجاجات ب سبب اعتقال ال شرطة مت هما بتنظيم أاعمال عنف قبل نحو عامن احتجاجا على بيع حم ال الأدوات الكهربائية سلعا حر مها حاخامات مثل م شغ ل املو سيقى»اإم بي فور«)MP4( )1(. ه ذا امل شهد ل يختلف كثريا عن ذاك ال ذي و صفته صحيفة»ذا غاردياننتيجة للضغط السياسي وباسم التعد دية الثقافية وشعارات تقدمي ة أخرى تمو ل دولة إسرائيل قطاعات كاملة جاهلة وانعزالية وترعاها«رون خولدائي رئيس بلدية تل أبيب الربيطانية عام 2009 عندما احتج اأرثوذك س اأ صوليون من سكان حي»ميئا شريمي«اأي ضا على فتح موقف سيارات تابع للبلدية يف ي وم ال سبت. قالت ال صحيفة»لقد اأعل نت حرب مقد سة يف مواجهة ضخمة بن سكان املدينة املتدينن والعلمانين. اهتزت القد س لأ سابيع يف معارك شوارع شر سة حيث ا صطدم املتدينون اليهود املحتج ون بال شرطة ما اأدى اإىل عدد ل يح صى من الإ صابات وع شرات العتقالت ودمار ق د ر مببالغ كبرية«)2(. وعملي ا تعم حالة ا ستقطاب حقيقية يف ال شارع الإ سرائيلي اليهودي وتتزايد يومي ا فمثال يف الناحية القت صادية يحذ ر اقت صاديون من اأن»نظام الرعاية الجتماعية قد ي وؤدي ب إا سرائيل اإىل النهيار«. وبح سب الباحث القت صادي الإ سرائيلي دان بن ديفيد ف إان ن سبة البطالة و سط الفئة العمرية من 35 اإىل سنة 54 اأي التي ل يوجد لها عادة عذر يف امتناعها عن العمل تبلغ %20. وهذه الن سبة أاعلى بكثري من الن سبة الر سمية املعلنة للبطالة يف إا سرائيل البالغة %8 اإذ ل تت ضمن هذه الن سبة الأخرية سوى امل سجلن الراغبن يف احل صول على عمل وهم ينق سمون ب شكل أا سا سي اإىل فئتن: الأوىل متثل العرب الذين ي شعرون بحقوق مواطنة منقو صة. ون سبة البطالة يف هذه الفئة العمري ة بينهم %27. أام ا الفئة الثانية فهي الأرثوذك س الأ صوليون الذين تبلغ ن سبة البطالة بينهم %65. وهي تعادل ثالثة اأ ضعاف الن سبة يف الفئة نف سها عام )3( وبينما تبلغ ن سبة الفقر يف املجتمع الإ سرائيلي نحو %20 ف اإن %60 من»احلريدمي«ونحو ن صف العرب يعي شون حتت خط الفقر )4(. وي شمل ال ستقطاب العلماين-الديني أاماكن ال سكن حيث يعي ش كل على حدة وهو ما دفع الكاتب ناحوم بارين يف جريدة»جريوزامل بو ست«إاىل القول إان هناك»غيتوهات دميغرافية«. فالقد س تتحول يوما بعد يوم إاىل مدينة حريدمي فقرية يطغى عليها اللون الأ سود اأ شبه ب»غيتو ديني«. بينما ت عد تل أابيب»غيتو علمانيا «سكانه متقدمون يف ال سن ويطغى عليه اللون الأبي ض. ويو ض ح الكاتب اأن 130 األف تلميذ من اأ صل 191 أالفا يدر سون يف مدار س عربية اأو اأرثوذك سية اأ صولية يف مدينة القد س حتديدا ويتلق ون تعليما ل يتوافق مع املبادئ ال صهيونية بل يعاديها. وهذه املدار س تدر س بالعربية وبلغة»اليدي ش«)اليدي شية( التي ي ستخدمها املتدينون اليهود ما يعني أان أاقلي ة من الطلبة فقط يدر سون باللغة العربية )5(. وتتباين مواقف الأح زاب العلمانية عن نظريتها الدينية فقد انهارت حكومة حزب»كادميا«عام 2008 وف شلت رئي سة احل زب ت سيبي ليفني يف ت شكيل حكومة عندما رف ضت قبول ش روط ح زب» ش ا س«. ووا صلت موقفها بعد خ سارتها النتخابات فقالت يف م ار س/ آاذار «2010 إان حزبي على عك س رئي س ال وزراء بنيامن نتنياهو مل ينحن أاب دا ملطالب الأح زاب الأرثوذك سية الأ صولية«. واأ ضافت «إان نتنياهو بتحالفه احلكومي مع» شا س«باع اأجندته الوطنية ل سيا سات احلريدمي«. وتندد ليفني اأي ضا باملمار سات التي»دفعت املراأة اإىل اجلزء اخللفي من احلافلة ومنع بناء غرف الطوارئ وكون املواد التعليمية الأ سا سية ل ت در س«)6(. ومن ناحيته عبر رئي س بلدية تل أابيب رون خولدائي عن موقف شبيه بانتقاده التعليم الأ صويل لرف ضه تعليم»امل واد الأ سا سية«. وقال إان ه»نتيجة لل ضغط ال سيا سي وبا سم التعددية الثقافية و شعارات تقدمي ة اأخرى متو ل دولة اإ سرائيل قطاعات كاملة جاهلة وانعزالية وترعاها«)7(. ويطالب املجتمع احلريدميي مبزيد من ال ستقاللية فمثال سير ت حركة» شا س«تظاهرات تطالب بانتخابات منف صلة داخ ل بلدية القد س لإدارة الأحياء التي يقطن فيها اأن صارها )8(. وب شكل عام تقد ر ن سب اليهود الأرثوذك س الأ صولين بنحو من %10 اإىل %15 من الإ سرائيلين اإل أان نفوذهم وا سع ويتجمعون يف تكتالت حم ددة فنحو ثلثهم يقطن يف القد س كما أان ن سبة التكاثر لديهم عالية ن سبيا ) 9 (. ولعل ت صريحا لرئي س بلدية القد س ال سابق تيدي كوليك يف عام 1996 يك شف عن م دى اخل وف من النق سام العلماين إاذ ق ال حينها إان»ات ساع الفجوة بن العلمانين والأ صولين اليهود اأخطر من طموحات يا سر عرفات ب س أان املدينة«)10(. وميدانيا اأدى ال ستقطاب والتوتر بن العلمانين واملتدينن اإىل هجرة يهودية وا سعة من املدينة. وبح سب اأرقام عام 2006 كان اليهود الذين تركوا املدينة يزيدون على من قدموا اإليها وبن عامي 1990 و 2005 غادرها 240 أال ف يهودي غالبيتهم العظمى من العلمانين صغار ال سن الذين مل ي ستطيعوا حتم ل منط احلياة يف املدينة )11(. المواقف السياسية بينما حاول حاخامات صهاينة يف عام 1967 تدمري قبة ال صخرة بزعم اأن ها مبنية فوق موقع الهيكل اليهودي رف ضت القيادتان الع سكرية وال سيا سية ذلك و شاركهما الرف ض كبار احلاخامات الر سمين ومنهم بع ض احلاخامات ال صهاينة مم ن أاق روا ب أان وقت بناء الهيكل مل ي أات بعد بل ن شر ع شرات احلاخامات بعد أا سابيع من حرب يونيو/حزيران عام 1967 فتوى ي ؤوكدون فيها حكما شرعيا يهوديا قدميا ين ص على اأن اليهود ممنوعون من دخول منطقة»جبل الهيكل«لأن ذلك ح سب اعتقادهم سيم س طهارة املكان )يف الوقت احلا ضر(. وجدد احلاخامات الأبرز هذه الفتوى مرات عد ة منذ عام 1967 مانعن بذلك توترا كبريا على ال صعيدين ال سيا سي والأمني بالرغم من وجود حركات دينية صهيونية متطرفة طالبت وما زالت بال سماح لليهود بال صالة يف امل سجد الأق صى ورفعت ق ضايا يف املحاكم لأجل ذلك وخ سرتها )12(. لكن اجلماعات الدينية ال صهيونية جنحت يف بناء حركة ا ستيطانية ن شطة يف ال ضفة الغربية وتفر ض كثريا مم ا تريده على اأر ض الواقع من دون انتظار قرارات وتراخي ص حكومية. واإذا كان اأحد احلاخامات )مو شيه لفنجر( قد اأح ضر شخ صا 60 يف عام 1968 اإىل فندق يف اخلليل لالحتفال بعيد ديني ثم رف ضوا اخلروج حتى سمح لهم باإقامة م ستوطنة»كريات اأربع«ال شهرية )13( فاإن حالت م شابهة تتكرر با ستمرار. وحتو لت احلركة ال ستيطانية اإىل كيان ضخم له قوتان اقت صادية و سيا سية وم صالح معقدة يرتبط بها مئات الألوف من الإ سرائيلين املتدينن والعلمانين على حد سواء. واكت سبت هذه احلركة بعدا جديدا بتاأ سي س»غو ش اأمونيم«)يعني ا سمها»كتلة الإميان«( عام 1974 وهي القوة املحركة لال ستيطان رائدها هو احلاخام زيف كوك وم ؤو س سوها الفعليون هم تالمذته )14(. وي ؤومن هوؤلء باأن احل صول على الأرا ضي يف فل سطن هو»معجزة وا ضحة من اهلل«وبالتايل»لن ياأخذها منا اأبدا «)15(. وترتبط هذه احلركة بعالقات وثيقة باأحزاب بع ضها ديني وبع ضها علماين- صهيوين- مييني. ومن هذه الأح زاب»احل زب الديني القومي«ال ذي اأ س ست احلركة كجزء منه ولكنها سرعان ما انف صلت عنه )16(. ول تعبر»غو ش اأمونيم«عن تنظيم سيا سي معن ولي س لها نظام ع ضوية وا ضح. كما اأن حتالفاتها ال سيا سية متغرية با ستمرار. وعلى سبيل املثال أا سهمت يف فوز اليمن بقيادة حزب الليكود يف النتخابات الإ سرائيلية عام 1977 منهية بذلك احتكار الي سار لل سلطة. مثل هذا التحالف جعل احلركة تتحرك كما لو كانت جزءا من املوؤ س سة احلاكمة وتراجعت حد ة اخلطاب املتطرف والتظاهر يف يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

38 نحن والعالم الدين في إسرائيل نحن والعالم الدين في إسرائيل 01. Shmuilk Grossman, Haredim Riot in Jerusalem, Yadeot Ahrnot, 11 May HYPERLINK « Rachel Shabi, Orthodox Jews take to streets in Jerusalem to save their simple life, The Gurdian, 24 July Edmund Sanders, Welfare System Could Cause Israel to Collapse, Economist Warns, Los Angeles Times, 10 May Economic Vindication (editorial), Jerusalem Post, 11 May Nahum Barnea, Jerusalem s Demographic Trap, Jerusalem Post, 12 May Attila Somfalvi, Livni: PM Committed to Shas, Haredim, Ynet, 5 March 2010 املرجع نف سه Peggy Cidor, The Jerusalem Post, Half- Way There, 22 June Analysis: Religious Zionism and the 'People's Army', Jerusalem Post, 18 Jan Gregory S. Mahler, Politics and Government in Israel, the Maturation of Modern State (Lanhma: Rowman & Littlfeild Publishers, 2004), p Greg Myre, Israeli Riddle, Love Jerusalem, Hate Living There, New York Times, 13 May Gershom Gorenberg, The End of Days, fundamentalism and the Struggle for The Temple Mount (New York: Oxford University Press, 2002), p.96 املرجع ال سابق ص Ehud Sprinzak, Gush Emunim: The Tip of the Iceberg, The Jerusalem Quarterly, no.21, Fall Gershom Gorenberg, The End of Days, p U.S. Library of Congress, Country Studies/Area Handbook Series, sponsored by the U.S. Department of the Army between 1986 and 1998, (on line version: Ehud Sprinkaz, Gush Emunim: The Tip of the Iceberg, The Jerusalem Quarterly, No.21, Fall Ronny Sifer, Jerusalem Cannot be Discussed, Yishai Tells Rice, Yadeot Ahranot, 14 October Haaretz 14 May 2000 and Yedeot Ahranot 14 October Mayor Backs Netanyahu Over Ongoing East Jerusalem Construction, Haaretz, 20 March Jerusalem Post 30 September Los Angeles Times, 5 June املرجع ال سابق Ethan Bronner, A Religious War in Israel s Army, New York Times, 22 March And Jonathan Cook, Religious Groups are penetrating Israeli Army, The National, 4 February املرجع ال سابق و Haarez, 28 January 2009 and 26 March 26. Haaretz, 16 January Anshel Pfeffer, IDF Chief Wants to Enlist Arabs, Haredim in National Service, Haaretz, 2 December And: Only 31 Ultra Orthodox Joined Army, Yadeot Ahranot, 10 July ال شوارع احتجاجا على عدم تو سع ال ستيطان. ولكن الو ضع عاد وتغري بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد امل صرية-الإ سرائيلية فعادت»غو ش اأمونيم«تبدو حركة خارج النظام ال سيا سي وا سرتجعت صخب الحتجاجات والتظاهرات )17(. اجلديد هو اأن اأحزابا دينية اأرثوذك سية كانت تعد مناف سة للحركة ال ستيطانية وخمتلفة عنها بد أات تقرتب اأكرث فاأكرث من مواقف ال صهيونية الدينية حتى تكاد اخلطوط والفروق بن الطرفن مت حي. وتعد حركة شا س التي تعد شريكا أا سا سيا يف الئتالفات احلكومية يف الأعوام الأخرية مثال أا سا سي ا على هذا التغير يف املواقف. لقد اأ سهم موقف حركة شا س يف اإ سقاط حكومة حزب كادميا يف عام 2008 ومنع ع ودة احل زب لت شكيل احلكومة عام 2009 واإذا كان جزء رئي سي من اأ سباب اخلالف بن احلزبن هو رف ض احلكومة توفري الدعم املايل ملدار س» شا س«وموؤ س ساتها فاإن املوقف من القد س وال ضفة الغربية كان حا ضرا يف اخلالف وعلى الأقل ا ست خدمت املدينة اإعالميا لتربير موقف احلركة. وكان رئي س احلزب اإيلي ي شاي قد هد د عام 2007 برتك الئتالف احلكومي اإذا تركت اإ سرائيل»جبل الهيكل«اأو اإذا ق س مت املدينة اأو سمحت احلكومة بتاأ سي س دولة فل سطينية يف ال ضفة الغربية على الأ س س التي اقرتحها يف املا ضي الرئي س الأمريكي الأ سبق بيل كلينتون )18(. هذا املوقف خمتلف عن موقف احلركة عام 2000 عندما أاعلن كلينتون اأفكاره بو ضوح اإذ رف ضت احلركة اآنذاك تبن ي مواقف وا ضحة برغم منا شدة اليمن الإ سرائيلي و ضمنه عدد من احلاخامات البارزين وع ضو»الليكود«اإيهود اأوملرت الذي كان وقتها رئي س بلدية القد س واآخرون قيادة احلزب ملعار ضة تلك الأفكار. وقبل ذلك كان احلاخام عوفاديا يو سف املر شد الروحي للحركة قد بارك اتفاقيات ال سالم بن م صر واإ سرائيل يف ال سبعينيات واأي د مبد أا الأر ض مقابل ال سالم )19(. موؤخرا يت ضح اأن املوقف من القد س بات ياأخذ بعدا جديدا لدى» شا س«فقد رعى ي شاي رئي س احلزب وزير الداخلية يف حكومة بنيامن نتنياهو احلالية خطوات اإع الن اإن شاء 1600 وح دة ا ستيطانية يف القد س يف م ار س/اآذار املا ضي بالتزامن مع زيارة نائب الرئي س الأمريكي جو بايدن لإ سرائيل ما اأثار غ ضب وا شنطن. ويف حديث لراديو اجلي ش الإ سرائيلي قال ي شاي»اأ شكر اهلل اأين م نحت فر صة اأن اأكون الوزير الذي يقر بناء اآلف الوحدات ال سكنية يف القد س«. واتهم ي شاي الي سار الإ سرائيلي باأن لديه»هدفا وا ضحا : اأن ي صبح يف القد س شريحة يهودية صغرية من دون القد س ال شرقية والأحياء العربية واأن ي قل ص وجود الأرثوذك س الأ صولين يف العا صمة«)20(. ه ذا الت صريح يك شف كيف حت ول ت» ش ا س«اإىل راأ س ح رب ة يف احلركة ال ستيطانية وكيف اأ صبحت امل ستوطنات يف القد س هاج س احلركة ول غرو يف ذل ك فامل ستوطنون هم جمهورها ال ذي تتناف س عليه مع أاح زاب دينية اأخرى. ومن جهة ثانية يك شف هذا املوقف خ شية الطرف املتدين اأن احتمال حدوث ت سوية يف القد س سيقل ص الدعم املقد م اإىل اجلماعات املتدينة بق صد تقليل نفوذها ف ضال عن اأن زيادة ال ستيطان -يف ظل عزوف العلمانين عن الإقامة يف القد س- تعني تعزيز نفوذ»احلريدمي«املقيمن يف املدينة على ح ساب العلمانين. ويف واق ع الأم ر ف اإن ي شاي ل يبالغ يف خماوفه فهناك بالفعل قوى علمانية يهودية تطالب ب سرعة ح سم مو ضوع الت سوية مع العرب يف القد س من اأجل معاجلة الختالل يف الرتكيبة اليهودية يف املدينة فمثال ين شر»معهد القد س لدرا سات اإ سرائيل«)يجمع اأكادميين لهم اأثر وا ضح يف القرار اليهودية-الدينية-الصهيونية تسارع في تعزيز وجودها في المؤسسة العسكرية اإلسرائيلية وتفرض عقيدة قتالية الهوتية ال يهمها تعارضها مع مبادئ القانونين الدولي واإلنساني احلكومي خا صة يف احلكومات التي يقودها حزب العمل والي سار( أارقاما تزعج املجتمع املتدين من مثل الإ شارة يف عام 2005 اإىل أان ه بينما يزاول العمل %91 من القوة العاملة يف تل أابيب فاإن %32 فقط من قوة العمل يف القد س هي التي تعمل فعال ) 21 (. وهذه اإ شارة جلية اإىل و ضع»احلريدمي«وموقفهم من التعليم والعمل. وبح سب املعهد نف سه فاإن»احلريدمي«يدفعون جزءا واحدا من سبعة )1 من 7( مم ا يدفعه باقي اليهود من ضرائب )22(. ول يخفي اجلانبان العلماين واملتدين خالفاتهما القائمة على أا س س م صالح مالية ومطلبية فمثال قال اأوري ماكليف نائب رئي س بلدية القد س )متدين( إان اليهود الأ صولين لطاملا عانوا الإهمال والآن )بعد سيطرة»احلريدمي«على بلدية القد س منذ عام 2003( يتوقعون»احلد الأدنى الذي ي ستحقونه يف التعليم والك ن س ومالعب بجانب منازلهم«وا ستغرب اأن ي ؤودي ذلك اإىل»خالف وا ستقطاب«)23(. عقيدة»العماليق«في الجيش سيطر اأع ضاء»الكيبوت سات«)وهي التعاونيات التي بذل حزب العمل جهودا كبرية لإن شائها عرب سنن طويلة( على اجلي ش الإ سرائيلي يف العقود الأربعة الأوىل من ت أا سي سه وغالبيتهم غربيون علمانيون متعلمون. بينما برز دور ع سكري لقومين متدينن ينتمون اإىل احلركة ال ستيطانية يف ال ضفة الغربية يف اآخر عقد اأو عقدين وي ستفيد هوؤلء املتدينون من برامج اإعداد ع سكري ديني خا صة بهم. وي سيطر الآن جنود متدينون ي سكن كثري منهم م ستوطنات ال ضفة الغربية على وح دات مقاتلة بالكامل وي ؤومنون مبا يقوله لهم احلاخامات عن ضرورة اإقامة «إا سرائيل الكربى«التي ت ضم ال ضفة الغربية وقطاع غزة ويهد دون اأحيانا برف ض تنفيذ أاوامر قد يتلقونها لإخالء م ستوطنات يف ال ضفة الغربية يف إاطار الت سوية ال سيا سية )24(. وق د فتحت ح رب غ زة ع ام 2009 ملف املتدينن والعلمانين يف اجلي ش الإ سرائيلي بقوة. واأ سفرت كما جاء يف صحيفة»نيويورك تاميز«عن معركة بن»العلمانين الليربالين«و»املتدينن القومين«. وكانت الق سوة البالغة التي ميزت قتال املتدينن ودور احلاخامات يف احلرب هي التي سلطت الأ ضواء على هذه التفاعالت. فقد رافق حاخامات منهم اجلرنال اأفي شاي روزنتزك كبري حاخامات اجلي ش املقاتلن ووزعوا عليهم ن شرات وبيانات تت ضمن تو صيات من نوع»من يرحم الق ساة ف سي صبح يوما قا سيا مع الرحماء«. ومن نوع»نحن ال شعب اليهودي ح ضرنا إاىل هذه الأر ض مبعجزة اهلل أاعادنا ثانية إاليها ويجب أان نقاتل الآن لطرد غري اليهود الذين يتدخلون يف فتحنا لالأر ض املقد سة«. ويف قلب اخلطاب الديني التوراتي يف اجلي ش ت أاتي فكرة»العماليق«)يطلق عليهم أاحيانا ا سم»اجلبارين«( وهم بح سب ن صو ص توراتية أافراد قبيلة بدوية اأقامت يف سيناء وهاجمت بني إا سرائيل يف اأثناء خروجهم من م صر. وبح سب هذه الن صو ص ت ستمر احلرب حتى إابادة العماليق. وموؤخرا تركزت الإ شارة على اأن اأعداء إا سرائيل»ملة واحدة أاينما كانوا«. وكتب احلاخام ي سرائيل رو سن الذي ير أا س معهدا دينيا مقال قال فيه إان العماليق لي سوا إاثنية معينة واإمنا كل من لديه»حقد عميق وم ستمر ضد إا سرائيل على أا س س دينية وقومية«. وعد احلرب ضد العماليق»يف العامل كل ه«واجبا مقد سا ) 25 (. وكانت»عقيدة العماليق«حا ضرة بقوة يف حرب غزة. أاعلنها على سبيل املثال حاخام مدينة صفد شاموئيل إالياهو لدى زيارته مدر سة دينية قائال»هذه لي ست حربا خا صة ب شاموئيل أاو مو شيه ضد حممد ولكنها حرب اأمة اإ سرائيل ضد اأولئك الراغبن يف تدمري اليهود. هذه احلرب )من ناحية حما س( هي ضد اليهودية وهكذا يجب أان نراها«. وقال اإنها»حرب شعب اإ سرائيل ضد العماليق«)26(. وتقد ر ن سب املتدينن يف دورات التخريج الع سكرية الإ سرائيلية ما بن %30 و %40 وه ي آاخ ذة يف ال ت زاي د. ففي نهاية ع ام 2009 ع رب قائد اجلي ش الإ سرائيلي جابي اأ شكنازي عن رغبته يف ضم عرب ويهود أارثوذك س اأ صولين اإىل قواته ب سبب تناق ص ع دد املنت سبن اجل دد إاىل اجلي ش وذل ك نتيجة»تراجع معدلت ال ولدات ومعدلت الهجرة املنخف ضة وزيادة ن سبة ال سكان العرب واليهود الأ صولين الذين ل يخدمون يف اجلي ش عموما «. ورمبا أادى هذا التوج ه إاىل التحاق نحو أالف شخ ص من»احلريدمي«باجلي ش عام 2009 ويعمل»اتساع الفجوة بين العلمانيين واألصوليين اليهود أخطر من طموحات ياسر عرفات بشأن المدينة«كثريون منهم يف قطاعات م ساندة مثل تكنولوجيا املعلومات بينما مل يلتحق سوى شخ صا 31 منهم باجلي ش بن فرباير/ شباط ويوليو/متوز عام ويف تلك الفرتة امتنع من اأداء اخلدمة الع سكرية مبوجب قانون ي سمح ل»احلريدمي«باإعالن التفرغ الكامل لدرا سة التوراة وبرف ض اخلدمة الع سكرية لهذا ال سبب )27(. يتغير امل شهد الديني-العلماين يف إا سرائيل بو ضوح يف اجتاهات عد ة اأبرزها زيادة حجم الأ صولية يف الدولة. ثانيها حدوث ا ستقطاب بحيث اأ صبح هناك مدن اأ صولية شبه مقفلة يف وجه العلمانين مثل القد س ومدن علمانية خال صة كتل اأبيب. وثالثها اأن اليهودية الدينية ال صهيونية ت سارع يف تعزيز وجودها يف امل ؤو س سة الع سكرية الإ سرائيلية وتفر ض عقيدة قتالية لهوتية ل يهمها تعار ضها مع مبادئ القانونن الدويل والإن ساين فيما اليهود الأ صوليون صاروا ضمن امل ستهدفن بالتجنيد من قيادة اجلي ش وب داأ لهم ح ضور يف اجلي ش. رابعها تتبن ى القوى الأ صولية التي كانت تبتعد عن ق ضايا ال سيادة وال سيا سة وال صراع مع العرب والفل سطينين مواقف اأكرث ت شد دا ب ساأن القد س والدولة الفل سطينية والعرب ما يجعل هذه القوى اأكرث تطرفا من ال صهيونية العلمانية اليمينية الراف ضة للت سويات ال سيا سية. * من اأ سرة»اآفاق امل ستقبل«تيدي كوليك رئيس بلدية القدس السابق يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

39 نحن والعالم المؤرخون الجدد نحن والعالم المؤرخون الجدد بروز ظاهرة التأريخ التصحيحي أو المؤرخين الجدد التي عد ت حين ظهورها اتجاها نافذا برغم إثارتها للجدل يعد تطورا مهما في النزاع اإلسرائيلي-الفلسطيني لم يكونوا يوما تيارا موح دا»المؤرخون الجدد«في إسرائيل ظاهرة معزولة برغم أن ظاهرة»المؤرخين الجدد«في إسرائيل قد أدت إلى جلبة كبيرة حولها في العقود األخيرة وأحدثت صدوعا في رواية إسرائيل التقليدية لتاريخ الفلسطينيين فإنها لم تؤثر في الخطاب الرسمي اإلسرائيلي وبقيت ظاهرة معزولة. ومع أن كاتب هذا المقال يرسم صورة قاتمة للوضع الذي آلت إليه هذه الحركة فإنها ال تزال موجودة وربما تكتسب مزيدا من الزخم كرد فعل على الزيادة المط ردة في تطرف مواقف الطبقة السياسية اإلسرائيلية الحاكمة وغالة المتطرفين. نور مصالحة * أفي شاليم احتدم جدل متوا صل حول اأ سباب النكبة الفل سطينية ومالب ساتها منذ حلظة وقوعها. وفيما يوؤكد الفل سطينيون با ستمرار أان الالجئن ط ردوا ب شكل مبا شر من اأرا ضيهم اأو اأجبر وا عن طريق الإرهاب على الفرار ل يتوقف امل ؤورخون الإ سرائيليون والكت اب املدافعون عن ال صهيونية واخل رباء يف ال س ؤوون العامة يف إا سرائيل عن الت شديد على اأنهم نزحوا باإرادتهم اأو ات باعا لأوامر قادتهم. وتعد الرواية الإ سرائيلية مثال منوذجيا لإنكار ارتكاب اأي اأخطاء أاو ارتكاب التطهري العرقي ونق ضا حلق عودة الالجئن اأو اأي م س ؤوولية اأخالقية اأو ا ستحقاق جتاههم )1(. وكثريا ما اعرت ض الإ سرائيليون وجماعات ال ضغط املنا صرة لل صهيونية يف الغرب على حم اولت الفل سطينين صياغة رواي ة متما سكة ح ول ما ضيهم منذ عام وبرغم ذلك جرت حماولت عديدة لإعادة كتابة تاريخ عام 1948 منذ اأواخر الثمانينيات من القرن الع شرين على يد جمموعة صغرية من»املوؤرخن اجلدد«( أاو الت صحيحين( الإ سرائيلين. ومن املفارقات العجيبة أان عددا قليال فقط من املوؤرخن الفل سطينين ومنهم وليد اخلالدي وكاتب هذه ال سطور )2( هم الذين اهتموا بالبحث عن اجلذور والأ سباب احلقيقية للنكبة مع اأنها ت شك ل حمور الذاكرة اجلمعية للمجتمع الفل سطيني اليوم وينعك س البحث يف هذا الباب على منظومة احللول املقرتحة مل شكلة الالجئن. البدايات ب داأ الجت اه إاىل»ال ت اأري خ الت صحيحي«اأو»ال ت اأري خ اجل دي د«يف إا س رائ ي ل ال ذي لق ى ا ستح سان النقاد يف مطلع الت سعينيات بكتابات ع دد م ن الأك ادمي ي ين وال صحافين مثل بيني موري س واآيف ش المي واإي الن بابي و سيمها فالبان وتوم سيجيف )3( خالل الفرتة التي أاعقبت الغزو الإ سرائيلي للبنان عام واأدى تفت ت الإجماع ال صهيوين جزئيا اإىل اإعطاء هذا الجتاه زخما كبريا عن طريق فتح ال سجالت الإ سرائيلية التي ت سجل أاحداث الفرتة من عام 1935 اإىل عام 1955 واكت شاف جمموعة مذهلة من الوثائق العربي ة اجلديدة. وكان كاتب يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

40 نحن والعالم المؤرخون الجدد نحن والعالم المؤرخون الجدد بيد اأن التاأريخ الت صحيحي اأو اجلديد كان م صحوبا بقدر كبري من الت شوي ش وال سيكولوجية ال سيا سية. فم صطلح»املوؤرخن اجلدد«اأطلقه موري س ) صحايف حتول اإىل اأكادميي( كمظهر من مظاهر الجتاه»التجديدي«الإ سرائيلي. وارتبط»املوؤرخون اجلدد«يف إا سرائيل ب شكل وثيق بجيل ال شباب والأجيال الأ صغر سنا يف مقابل املوؤرخن التقليدين من»احلر س القدمي«لل صهيونية. وكان هذا اخلطاب حول التجديد انعكا سا للخطاب ال صهيوين الباكر الذي سعى اإىل اإعادة اخرتاع اليهودية و»اللغة العربية اجلديدة«و»الرجل العربي اجلديد«كنقي ض ليهودي ال شتات. وانعك ست اأ صداء خطاب»التاريخ اجلديد«كذلك يف مفهوم»ال شرق الأو سط اجلديد«الذي أاطلقه الرئي س الإ سرائيلي احلايل شمعون برييز اأواخر الت سعينيات. وكان خطاب برييز نف سه ميثل تف سريا آاخر للخطاب ال صهيوين ال ست شراقي الباكر حول فكرة»ال شرق اجلديد«Hahadash(.)Hamizrah ارتبطت ارتباطا وثيقا منذ البداية بالأيديولوجية ال صهيونية. ووج ه كاتب هذه ال سطور انتقادات حادة إاىل ا ستنتاجاته ب س أان أاحداث عام 1948 وذلك خالل مناظرة شهرية مع هذا امل ؤورخ ال صهيوين ونورمان فينكل شتن ن شرتها جملة»ال درا س ات الفل سطينية«يف عددها ال صادر يف خريف ع ام 1991 ولحقا يف م ؤومتر ع قد يف باري س عام 1997 و شارك فيه بيني موري س واإدوارد سعيد و إايالن بابي وزيف سترينهيل و إامتار رابينوفيت ش و إاليا س صنرب. واأكدت من جانبي اآنذاك أان اإفراط املوؤرخن الت صحيحين الإ سرائيلين يف العتماد على ال سجالت التاريخية الإ سرائيلية بل اإن اقت صارهم عليها جعل رواياتهم التاريخية وا ستنتاجاتهم غري كاملة. ويف موؤمتر باري س ه ذا وق ف بابي اإىل جانب الكت اب الفل سطينين الثالثة امل شاركن ضد موري س. ولحقا كتب اإدوارد سعيد مقال حول هذا املوؤمتر. ن شر على املوقع الإل ك رتوين ل صحيفة»الأهرام ويكلي«بتاريخ )27-21 مايو 1998( حتت عنوان:»تاريخ جديد واأفكار قدمية«. ويف املناق شات والإ ص دارات الالحقة انتقد كاتب هذه ال سطور وامل وؤرخ بابي ب شدة حقيقة اأن املوؤرخن والكت اب هذه الدرا سة اأول موؤرخ عربي يطرح تقوميا نقديا حلركة التاأريخ الت صحيحي يف اإ سرائيل ويلفت الأنظار اإىل اأهمية تلك الظاهرة العلمية اجلديدة وذلك يف عدد من املقالت التي ن شرها بن عامي 1988 و 1991 يف جملتي Journal( Scandinavian Journal و) of )of Palestine Studies.)Development Alternatives ثم ة نقا شات عديدة رافقت ظاهرة»التاأريخ الت صحيحي«ودارت ح ول ن زوح الالجئن الفل سطينين ع ام 1948 )نظرية الإجالء مقابل نظرية الفرار( وتاأثري النتداب الربيطاين يف املجتمعات العربية واليهودية وتوازن القوى الإقليمية يف ذلك العام والطبيعة امل شبوهة للموافقة ال صهيونية على خط ة التق سيم ال ص ادرة ع ن الأمم املتحدة ع ام 1947 والك شف عن املفاو ضات ال سرية الباكرة بن القادة الإ سرائيلين والعرب. فعلى سبيل املثال يو ضح املوؤرخ شالمي اأن ال صورة التي تطل علينا من خالل حرب عام 1948 لي ست هي ال صورة اخليالية التي ما ينفك املتحدثون الإ سرائيليون يكر رونها وتظهر فيها اإ سرائيل وهي جتابه قوى العامل العربي املت ضافرة مب ف رده ا ولكنها ب الأح رى ص ورة ت ق ارب امل صالح الإ سرائيلية وم صالح اإم ارة شرق الأردن الها شمية وحتديدا معار ضة إاقامة دولة م ستقلة للفل سطينين يف اإطار خطة التق سيم التي و ضعتها منظمة الأمم املتحدة. نفوذ المؤرخين الجدد.. وانقساماتهم ل شك يف اأن ب روز ظاهرة التاأريخ الت صحيحي يعد تطورا مهما يف النزاع الفل سطيني-الإ سرائيلي فقد جنحت يف الك شف ع ن ال زي ف يف كثري من الأ ساطري الر سمية الإ سرائيلية وذلك ا ستنادا اإىل الوثائق ال سرية التي اأزيح عنها ال ستار. كما أان تنامي تلك الظاهرة أا سهم إاىل حد بعيد يف تعزيز الفهم العام للنزاع الإ سرائيلي-الفل سطيني. وبالإجمال فقد تغير ت أا س س النقا ش حول التاريخ الباكر للدولة الإ سرائيلية و»ولدة م شكلة الالجئن الفل سطينين«تغريا جزئيا بفعل ظاهرة املوؤرخن اجلدد الذين متكنوا عرب اكت شافاتهم املذهلة امل ستقاة من ال سجالت التاريخية والوثائق العربية من اإخ ضاع سلوك الآباء امل ؤو س سن للدولة الإ سرائيلية )ال صهاينة العمالين( للفح ص الدقيق. وحتديدا ظهر اجتاه التاأريخ الت صحيحي يف منت صف حقبة الثمانينيات واأوائل الت سعينيات من القرن الع شرين ولقى اهتماما من الراأي العام داخل إا سرائيل كما لقى اهتماما كبريا من الدوائر الأكادميية الغربية )خا صة يف الوليات املتحدة وبريطانيا(. واحتدم جدل كبري يف إا سرائيل حول مو ضوعات»التاريخ اجلديد«و»ال سيا سة اجلديدة«التي أاثارتها و سائل الإع الم الرئي سية مرارا وتكرارا ما قاد اإىل انق سام بن الأجيال وحتو ل ال صهاينة من»احلر س القدمي«إاىل موقف الدفاع عن منطقة نفوذهم ضد انتهاكات»املوؤرخن اجلدد«. وكان وا ضحا منذ البداية اأن هوؤلء الكت اب الإ سرائيلين ل ي شكل ون جمموعة موح دة ومتناغمة من الناحيتن الأكادميية والأيديولوجية كما أانهم ل ميثلون تيارا سيا سيا وفكريا متما سكا. فهم يتنوعون بن»ال صهاينة الليربالين«)مثل فالبان و سيجيف( واأن صار»ما بعد ال صهيونية«وامل وؤرخ التقليدي من أاتباع املنهج الإيجابي )موري س( والنا شط ما بعد-احلداثي املناه ض لل صهيونية من أاتباع املنهج الن سبي )بابي(. واأظ ه رت التطورات الأخ رية ه ذا النق سام بينهم. وفيما نظر بع ضهم اإىل تلك الظاهرة ب صفتها شكال من اأ شكال التنفي س اأو تطهري الذات و»جتديد«ال صهيونية ا ستغلها اآخ رون يف صياغة انتقادات جوهرية لل صهيونية. وكان موري س قد اأعلن يف املراحل الأوىل اأنه صهيوين متحم س واأن حرب عام 1948 كانت» صراعا بطوليا خا ضه اليهود من اأج ل البقاء«و أان ه غري متحي ز من الناحيتن الفكرية والعملية واأن امل صادر الوحيدة املوثوق بها لإعادة بناء»ولدة م شكلة الالجئن الفل سطينين«تكمن يف الوثائق الإ سرائيلية الر سمية و سجالت اجلي ش الإ سرائيلي. اإن اأعمال موري س التي شكلت عالمة ب ارزة يف ثقافة التاأريخ الت صحيحي إيالن بابي إفراط المؤرخين التصحيحيين اإلسرائيليين في االعتماد على السجالت التاريخية اإلسرائيلية بل اقتصارهم عليها جعل رواياتهم التاريخية واستنتاجاتهم غير كاملة يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

41 قسيمة اشتراك نحن والعالم المؤرخون الجدد السنة األولى سبتمبر / أكتوبر 2009 التحوالت في مرآة مجتمعات عربية وإقليمية ثراء.. أكثر أقل تنمية كت اب عرب يرفضون نظرية المؤامرة في أحداث إيران جدل السياسة واإلحصاء إعالم «الجهاديين».. محطات إذاعية بتكلفة 200 دوالر 1100 فضائية عربية تخسر خمسة مليارات دوالر سنوي ا «القاعدة» والمالذ اآلمن تؤسس محكمة للخالفات الخليجية الخليجية لماذا ال عالميا ال مخطط تفصيلي للدراسات المستقبلية في المدارس العربية واقعية طرح النظام المصرفي اإلسالمي بدي «العولمحلية» العالقات الدولية في عصر 01 إسبيزيتو ومجاهد لـ : الكرة في «مرمى» العرب والمسلمين رئيس البرلمان األلماني : المسيحية جوهر الهوية األوروبية نيبليت : أمريكا ستعجز عن قيادة العالم بأسلوبها المعتاد الجامعات العالمية في أبوظبي العراق أمام «شبح» المركزية النظام الدولي في عالم ما بعد األحادية القطبية الرأسمالية العائلية 02 اإلمارات 10 دراهم السعودية 10 رياالت 1 ع م ان 1 ريال البحرين 1 دينار قطر 10 رياالت الكويت 1 دينار الدول العربية األخرى ما يعادل 2 دوالر 03 اإلمارات 10 دراهم السعودية 10 رياالت 1 ع م ان 1 ريال البحرين 1 دينار قطر 10 رياالت الكويت 1 دينار الدول العربية األخرى ما يعادل 2 دوالر السنة األولى يوليو / أغسطس مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر عن «مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية» سياسات إيران الخارجية دبلوماسية «الرقم الصعب» الطموح والواقع التجارة والسالم الكونيان.. ثالث نظريات تحو الت الحركة الصهيونية استراتيجية األمن القومي األمريكي مزيج من الواقعية والمثالية مهاتير محمد : اتجهوا شرق ا عقلية الجاليات اإلسالمية في الغرب تركيا.. توترات متوق عة وصدام مستبعد مزيد من األزمات المالية في انتظار الدول الكبرى عن انهيار المؤسسات الصحافية العربية رحلة محمد عابد الجابري مؤتمر مراجعة «معاهدة انتشار األسلحة النووية» أزمة مياه النيل التعليم بين «الوطنية» و«الكونية» * مدير مركز الدين والتاريخ وم شروع أبحاث الأر ض املقد سة يف كلية سانت ماري اجلامعية يف لندن و أ ستاذ باحث م شارك يف كلية الدرا سات ال شرقية والأفريقية يف جامعة لندن االنتخابات.. السنة األولى يوليو / أغسطس 2010 ويف العقد الأخري تبن ى موري س صراحة مواقف اجلناح اليميني الإ سرائيلي معترب ا أن املواطنني الفل سطينيني داخل إ سرائيل ي شكلون «م شكلة دميوغرافية» ومهدد ا بتعر ضهم لنكبة أخرى يف الأرا ضي املحتلة مثل نكبة 1948 ما يعك س انحيازه الفج ضد العرب وتركيزه على التوج ه ال صهيوين قبل عام 1948 ب ش أن «الرتان سفري»(.)5 كما أنه ي صور حالي ا ال صراع الإ سرائيلي - الفل سطيني وفق ا لنظرية الداروينية االجتماعية ويف هذا ال سياق ر أى موري س أن ال صراع الإ سرائيلي - الفل سطيني «بقاء للأ صلح» وذل ك خالل مقابلة أجراها معه صحايف إ سرائيلي عام 2004 قال فيها «: إن عرب إ سرائيل هم قنبلة زمنية إذ إن انزالقهم إىل «الفل س طنة» الكاملة جعلهم ر س ل العدو الذين يعي شون بني أظهرنا. وبذلك فهم ي شك لون طابور ا خام س ا حمتمال وميكن أن يت سببوا من الناحيتني الدميوغرافية والأمنية بتقوي ض الدولة. ولذلك إذا وجدت إ سرائيل نف سها جمدد ا يف موقف يهد د وجودها فرمبا ت ضطر إىل ات باع النهج نف سه الذي اتبعته آنذاك. ف إذا هوجمنا من جانب م صر (بعد اندالع ثورة دينية يف القاهرة) و سوريا و ضربت ال صواريخ البيولوجية والكيماوية مدننا ويف الوقت نف سه هاجمنا الفل سطينيون من اخللف فبا ستطاعتي أن أت صور عندها و ضع ا تتم فيه عملية الإجالء. وميكن لهذا أن يح صل إذ إن تهديد وجود إ سرائيل سيع د مربر ا للإجالء»(.)6 ويوج ه امل ؤرخون اجلدد الآخرون خا صة بابي و شالمي الأ ستاذ يف جامعة أك سفورد انتقادات شديدة إىل آراء موري س التي تعك س حالة من الإ سالموفوبيا أو كراهية الإ سالم. تختف حركة الت أريخ الت صحيحي أو امل ؤرخني اجلدد متام ا من إ سرائيل مل كما تبين م ؤخر ا من خالل كتاب «اخ تراع ال شعب اليهودي» ال ذي ن شر عام 2009 للكاتب شلومو ساند. بيد أنه بعد عقدين من ظهور امل ؤرخني اجلدد ف إن الأكادمييني الإ سرائيليني ال شجعان الذين يجاهرون بانتقادهم جرائم احلرب التي ارتكبتها إ سرائيل يف الأرا ضي املحتلة ي هد دون بالطرد من امل ؤ س سات الأكادميية الإ سرائيلية. وبابي نف سه الذي كان ي ؤمن بفكرة التزام العلم حماية احلقيقة والعدالة االجتماعية تعر ض عملي ا للطرد من جامعة حيفا وهو يدر س يف جامعة إك سرت يف بريطانيا. العرب يوليو / أغسطس العدد 06 السنة األولى سبتمبر / أكتوبر 2009 السنة األولى نوفمبر / ديسمبر 2009 مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر عن «مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية» 01. Nur Masalha, The Politics of Denial: Israel and the Palestinian Refugee Problem (London, UK: Pluto Press, 2003). 02. Walid Khalidi, Why Did the Palestinians Leave? Middle East Forum, 24, 21-24, (July 1959); Walid Khalidi, The Fall of Haifa, Middle East Forum, 35, (December 1959); Walid Khalidi, Plan Dalet: The Zionist Master Plan for the Conquest of Palestine Middle East Forum, 37(9), 22-28, (November 1961); Walid Khalidi, All that Remains: The Palestinian Villages Occupied and Depopulated by Israel in 1948 (Institute for Palestine Studies 1992). 03. Benny Morris, Avi Shlaim, Ilan Pappe, Simha Flapan, Eugene Rogan, Tom Segev. كاتبها كان ضابط ا يف اجلي ش يف أثناء حرب عام 1948 ون شرت الرواية باللغة العربية للمرة الأوىل عام Nur Masalha, Expulsion of the Palestinians: The Concept of «Transfer» in Zionist Political Thought, (Institute of Palestine Studies, 1992). 06. Ari Shavit. «Survival of the fittest»: an Interview with Benny Morris, Haaretz, 8 January السنة األولى نوفمبر / ديسمبر 2009 محدودية دور االتجاه التصحيحي إذا كانت ظاهرتا «م ا بعد ال صهيونية» و«ال ت اري خ اجل دي د» يف ت سعينيات القرن الع شرين قد شك لتا ظاهرة أكادميية إىل حد ما ف إن ها كانت ظاهرة معزولة عن الدوائر الأكادميية الإ سرائيلية كما أنها مل تتطو ر لت صبح حركة شاملة أيديولوجية أو سيا سية أو ثقافية أو خطاب ا مناه ض ا لال ستعمار. فقد أخفق اجتاه «ما بعد ال صهيونية» يف إيقاف امل د اال ستيطاين اال ستعماري لدى الإ سرائيليني جتاه الأرا ضي املحتلة ومل يغير أ ي ا من اجلوانب املهمة للمجتمع الإ سرائيلي ب دء ا م ن مناهج التعليم ال ع ام وان ت ه ا ء بطبيعة العالقة بني الفل سطينيني والإ سرائيليني. وطوال الت سعينيات د أبت وزارة التعليم وامل ؤ س سة الأكادميية يف إ سرائيل على الرتويج لن سخة ر سمية من التاريخ ال صهيوين حل ت فيها الأ ساطري التي تربر الأحداث التاريخية حمل احلقائق. ف ض ال عن ذلك فقد وا صلت إ سرائيل تنفيذ م شروعها اال ستيطاين - اال ستعماري مب ضاعفة عدد سكان امل ستوطنات يف ال ضفة الغربية وتعزيز نظام الف صل العن صري يف أثناء مفاو ضات أو سلو يف الت سعينيات. ويلقى م شروع إن شاء اجلدار العازل العن صري يف قلب فل سطني حالي ا ت أييد ا قوي ا من جانب الي سار ال صهيوين من أمثال امل ؤرخ موري س. واملفارقة العجيبة أن التنفي س عن الذات وهو شعور نتج عن اجتاه التاريخ اجلديد كان أداة ا ستغلها موري س وغريه من م ؤيدي «ال صهيونية العم الية» يف الرتويج لأ سطورة «العر ض ال سخي» الذي ي فرت ض أن إيهود باراك قد مه إىل يا سر عرفات يف مفاو ضات كامب ديفيد (عام.)2000 وي شبه هذا التطور ما ح صل يف بداية اخلم سينيات حني أثري جدل حاد يف إ سرائيل ب سبب رواي ة عربية تدعى «خربة خيزة» Khirbet Khizeh للكاتب إ س. يزهار( )4 صورت عملية طرد ال سكان الفل سطينيني من قراهم. وخالل ال سنوات الأوىل التي تلت إن شاء إ سرائيل ا ست غ ل هذا النقد والتطهري الذاتي اللذان ا شتملت عليهما تلك الرواية يف الرتويج للمبادئ الأخالقية ال صهيونية وتربير انتزاع الأر ض الفل سطينية : فهم قد ا ستولوا على الأر ض أوال ثم بعد ذلك صاغوا املبادئ الأخالقية. مجلة سياسية اقتصادية استراتيجية تصدر عن «مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية» السنة األولى يناير / فبراير 2010 الغربيني م ستمرون يف إظهار انحيازهم إىل امل صادر التاريخية والوثائق الإ سرائيلية. وال واق ع أن االنحياز الكل ي لل سجالت الإ سرائيلية وع دم توجيه االهتمام الكايف إىل الروايات الفل سطينية ال شفاهية أ سهما ب شكل كبري يف إ سكات املا ضي الفل سطيني. وبينما يوا صل موري س إق صاء التاريخ الفل سطيني ال شفاهي و شهادات الالجئني يلقي صاحب هذه الدرا سة وامل ؤرخ بابي ال ضوء على أهمية ال شهادات الفل سطينية ال شفاهية كو سيلة أ سا سية لإعادة بناء املا ضي الفل سطيني وفهم النكبة الفل سطينية. فكما هو احلال مع سائر اجلماعات امل ضطهدة متث ل شهادات الالجئني ال شفاهية م صدر ا مه م ا ال ستعادة صوت ضحايا التطهري العرقي وبناء رواية يم كن فهمها لتجربة الالجئني الفل سطينيني العاديني. بعد عقدين من ظهور المؤرخين الجدد فإن األكاديميين اإلسرائيليين الشجعان الذين يجاهرون بانتقادهم جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ي هد دون بالطرد من المؤسسات األكاديمية اإلسرائيلية اإلمارات 10 دراهم السعودية 10 رياالت 1 ع م ان 1 ريال البحرين 1 دينار قطر 10 رياالت الكويت 1 دينار مصر 5 جنيهات لبنان 3000 ليرة الدول العربية األخرى ما يعادل دوالرين اال سم...: امل ؤ س سة / ال شركة...: العنوان...: ص. ب...: املدينة...: الدولة...: الهاتف...: الفاك س...: الهاتف املتحرك...: الرمز الربيدي...: الربيد الإلكرتوين...: حتويل بنكي طريقة الدفع : نقد ا شيك طريقة الدفع : نقد ا أو حتويل بنكي ل صالح التاريخ...: مركز الإمارات للدرا سات والبحوث الإ سرتاتيجية التوقيع...: ح ساب رقم : بنك أبوظبي الوطني يرجى ملء طلب اال شرتاك و إر ساله مع صورة من التحويل البنكي إىل العنوان التايل : لال شرتاك عرب الهاتف االت صال بـ : هاتف : فاك س : ص. ب : الإ شرتاك ال سنوي «شامل أجرة الربيد» 4567 أبوظبي - الإمارات العربية املتحدة مايو / يونيو العدد 05 م ؤ س سة أبوظبي للتوزيع الهاتف املجاين : 89 داخل الإمارات للأفراد 50 درهم ا سنوي ا / لل شركات وامل ؤ س سات املحلية 100 درهم سنوي ا - خارج الإمارات للأفراد 80 درهم ا سنوي ا / لل شركات وامل ؤ س سات 120 درهم ا سنوي ا

42 اقتصاد اتجهوا شرقا اقتصاد اتجهوا شرقا لتعزيز دور دول الخليج في االقتصاد العالمي مهاتير بن محمد: اتجهوا شرقا يرفض رئيس الوزراء الماليزي األسبق مهاتير بن محمد التشكيك في قدرة االقتصادات اآلسيوية على مواصلة النمو مؤكدا ثقته باالقتصاد الصيني وقدرته على التغل ب على الكساد. وينتقد طريقة اختيار الدول الكبرى للدول األخرى األعضاء في التجم عات االقتصادية المتقدمة لكونها تفض ل من يتفقون مع سياساتها. كما يدعو االقتصادات الخليجية إلى المزيد من االندماج في االقتصادات اآلسيوية لتقوية وضعها ضمن ما يصفه ب»نظام القوى الجديد في العالم«.»«بعد حدوث االأزمة االقت صادية لنمور اآ سيا عام 1997 كان لرئي س الوزراء املاليزي اآن ذاك مهاتري بن حممد موقف خمتلف عن غريه من زعماء ال دول ملعاجلة هذه االأزمة اإذ و ضعت حكومته قيودا على حركة روؤو س االأم وال وهو ما سب ب له انتقادات عديدة. اإال اأنه يف النهاية»ربح الرهان«كما اعرتف بذلك الحقا م شوؤولون يف صندوق النقد الدويل. وا ستطاعت ماليزيا حينها اأن تتخل ص من اآثار ا أالزمة املالية برغم اأن خرباء اقت صاديني توقعوا اأن تتفاقم اأو ضاعها ب سبب القيود التي فر ضتها على حرية ر أا س املال. جتربة مهاتري هذه اأك سبته ح ضورا يف عامل ال سيا سات االقت صادية على امل ستوى الدويل وذلك ف ضال عن شهرته ال سيا سية التي اكت سبها ب سبب انتقاداته القوية لل صهيونية واملمار سات االأمريكية.»اآفاق امل ستقبل«التقته بعد حما ضرة قد مها موؤخرا يف»مركز االإمارات للدرا سات والبحوث اال سرتاتيجية«يف أابوظبي فكانت املقابلة التالية: بناء على خربتك الطويلة يف االقت صاد االآ سيوي متى تتوقع اأن ي صبح هذا االقت صاد هو القوة االأ سا سية يف االقت صاد العاملي ه ذا االأم ر سيحدث ولكنه سيحدث ببطء وبالتدريج الأن الغرب سيقاومه ويجعله صعبا ولكن ال ميكن وقف دول مثل ال صني واليابان فهذه الدول ال ميكن احتواوؤها و ست ستمر يف النمو وهي متلك اخلربة والقدرة على االإبداع ولديها االأمور املطلوبة من اأجل جعل اأثرها قويا على امل ستوى العاملي. الكثري من اخلرباء يالحظون حاليا اأن ثم ة»فقاعة اقت صادية«يف ال صني يف طور التكو ن هل تتفق معهم على ذلك وكيف سيوؤثر ذلك يف قوة االقت صاد ال صيني وقيادته لالقت صاد االآ سيوي اإن ح دوث فقاعة اقت صادية اأم ر وارد يف اأي مكان يف العامل ولي س مقت صرا على ال صني. االأوروبيون واالأمريكيون اعتقدوا اأنه لن حتدث عندهم فقاعات اقت صادية ولكن حدثت. ويف وقت من االأوقات تكونت فقاعة اقت صادية يف جمال العقارات يف طوكيو كما اأن هونغ كونغ عانت ب سبب االأمر نف سه واليوم ن شهد دبي تواجه امل شكلة نف سها. اإال اأن ذلك ال يعني اأن منو هذه االقت صادات سيتوقف بل سيتغلب على ذلك. ولدى ال صني خا صة اإمكانية هائلة للتغلب على الك ساد يف اقت صادها الأن لديها مدخرات مالية ضخمة وعدد سكان كبريا وبالتايل اقت صادا حمليا كبريا. وبرغم اأن ال سوق املحلي ال صيني فقري فاإنه مع ذلك سوق كبري. واأعتقد اأن فكرة تكو ن فقاعة اقت صادية يف ال صني هي أامنية اأكرث من اأي شيء اآخر. ويف احلقيقة نحن ال ن سعى اإىل جعل اأي من الدول االآ سيوية تقود االقت صاد االآ سيوي نظرا إاىل الطبيعة التناف سية لهذا االقت صاد. إاننا نف ضل االعرتاف باأن ثمة دوال اآ سيوية قوية ولديها القدرة على القيادة. وهناك بالطبع اليابان والهند وال ن ستطيع أان نحدد دولة معينة. كيف ت سري عملية التعاون بني هذه الدول وهل يف االإمكان حاليا روؤية تعاون اقت صادي وثيق بني الدول االآ سيوية على غرار ما يحدث يف اأوروبا ال. ال اأعتقد أاننا سنكون قادرين على عمل شيء مثل ذل ك فبني االآ سيويني اختالفات عرقية وح ضارية كثرية جدا ولذلك لن يتمكنوا من االحتاد على غرار ما فعل االأوروبيون. فاأوروبا متاأثرة ب شكل عام باحل ضارة اليونانية و أانظمتها قائمة على تلك احل ضارة ومت شابهة اإىل حد بعيد. اأما يف اآ سيا فاإن الو ضع خمتلف حيث لدينا اأديان خمتلفة. ولكن هذا ال يعني أاننا غري قادرين على التعاون يف ما بيننا. اأما اأن ن صبح مثل االحتاد االأوروبي فاإنني اأعتقد اأن ذلك يقارب امل ستحيل. ومع ذلك فاإن التعاون االآ سيوي سيتعمق اأكرث فاأكرث مع الزمن. هل صعود دور»جمموعة الع شرين«يف االآونة االأخرية يعني تقلي صا لقوة تاأثري الواليات املتحدة يف القرارات االقت صادية يف العامل ال اأرى ذلك. ويجب هنا طرح شوؤال هو: كيف اختري اأع ضاء جمموعة الع شرين اإن التوج ه لدى الغربيني هو اختيار ا أالطراف التي يتفقون معها اأما اأولئك الذين يعار ضونهم فال يكون لهم تاأثري كبري. واأعتقد اأن جمموعة الع شرين يجب اأن تنبثق من هيئة مثل االأمم املتحدة وذلك على اأ سا س م ستوى منوها وثرائها. كما مهاتري بن حممد يتحدث ل»اآفاق امل ستقبل«يجب اأن تكون للدول الفقرية ح صة فيها. وال يجوز أان ت ختار جمموعة الع شرين على اأ سا س االتفاق )ال سيا سي( معها فقط. اإننا نعرتف ب أان جمموعة الع شرين هي جمموعة من الدول التي تتمتع بالكفاءة ولكن إاذا كانت الواليات املتحدة قد اختارتها فاإن اختيارها سيكون من بني ه ؤوالء الذين يتفقون مع سيا ساتها فقط. ماذا عن دور دول اخلليج العربية ضمن االقت صاد العاملي كيف تقو م هذا الدور منطقة اخلليج تتمتع بالرثاء ولديها دور يجب أان تلعبه. ولكن قبل كل شيء على دول اخلليج اأن تعيد توجيه سيا ساتها نحو ال شرق فحينها ميكن لها اأن تلعب دورا مهما جدا يف نظام القوى اجلديد يف العامل. لكن بعد اأحداث احلادي ع شر من سبتمرب 2001 اأ صبح هناك اهتمام بتوجيه اال ستثمارات اخلليجية اإىل ال شرق بدال من الغرب. أامل تلم س ذلك يف االقت صادات االآ سيوية نعم ولكن كما تعلمون فاإن اال ستثمارات اخلليجية حم صورة يف القطاع العقاري واملباين و أا شياء من ه ذا القبيل الأن دول اخلليج ال ت ستطيع جلب القدرات ال صناعية التي ياأتي بها الغرب لذا ف إان دور الدول اخلليجية حمدود جدا يف هذا املجال. ولكننا برغم ذلك نرى عددا متزايدا من ال سياح اخلليجيني ي أاتون اإىل اآ سيا بعد أان كانوا يتوجهون اأكرث اإىل اأوروبا أاو الواليات املتحدة وهذا الو ضع اجلديد ي ساعدنا. ماذا عن و ضع املهاجرين من اآ سيا اإىل دول اخلليج ما توقعاتك ب صاأن م ستقبلهم اإنهم يتمتعون بدور قوي جدا و إاذا ما ان سحبوا من املنطقة فاإن ذلك سيت سبب بانهيار شامل. واأعتقد اأنه مع الوقت رمبا سريغبون يف أان ي دجموا يف هذه الدول على غرار ما حدث يف ماليزيا. ولكن اأعتقد اأن سكان اخلليج االأ صليني سيحتاجون اإىل وقت لتقب ل االأجانب كجزء من جمتمعاتهم. مهاتير بن محمد من أسفل السل م إلى أعاله في 85 عاما برغم اأن مهاتري بن حممد ق ضى 22 عاما من عمره البالغ 85 عاما مرتب عا على سد ة احلكم يف ماليزيا وكاد حكمه اأن يتجه يف بع ض املنعطفات اإىل طريق ال سلطوية فاإنه ا ستقال من من صبه يف عام 2003 واأعطى الفر صة للنظام ال سيا سي املاليزي ليوا صل تطوره. ويف خطاب األقاه عام 2005 قال»اإننا بحاجة اإىل معار ضة تذكرنا باأخطائنا ف اإذا مل يعار ضك اأحد ف ستظن أان ما تقوم به كل ه صحيح«. واليوم ال ي نكر أاحد دوره يف تطوير اقت صاد بالده. وب رغ م اأن ه ذا ال سيا سي اأ صبح»اأي ق ون ة«ورم زا لتقدم بالده فاإن تاريخه ال شخ صي يتميز بالب ساطة والع صامية ف أابوه كان معلما من اأ صل هندي و أامه رب ة بيت م ن سكان ماليزيا االأ ص ل ي ني ال ذي ن مل يكونوا يتمتعون بنفوذ نظرا اإىل سيطرة املهاجرين ال صينيني على اقت صاد البالد. وقد ا ضطر مهاتري ال شاب اإب ان الغزو الياباين ملاليزيا يف اأربعينيات القرن املا ضي إاىل العمل بائعا متجوال الإعانة عائلته. يف عام 1947 دخل كلية امللك اإدوارد ال سابع الطبية وال ت ح ق ب ع د ت خ رج ه فيها ب اخل دم ة يف القطاع احلكومي املاليزي ب صفة ضابط طبيب ليوؤ س س الحقا عيادته اخلا صة. وع رف بن شاطاته ال سيا سية منذ عام 1945 فكان ع ضوا يف حزب»منظمة املاليو الوطنية امل ت ح دة«. وانتخب ع ام 1964 ع ضوا يف الربملان املاليزي. ونظرا اإىل اهتمامه البالغ بالنظام التعليمي يف ماليزيا ع ين رئي سا ملجل س التعليم العايل ا أالول وع ض وا يف املجل س اال ست شاري التعليمي العايل. كما عين ع ضوا يف جمل س ال شيوخ. وفاز يف االنتخابات الربملانية عام 1974 ليعين بعدها وزيرا للرتبية وي صبح يف ما بعد نائبا لرئي س ال وزراء. اختري وزيرا للتجارة وال صناعة. ويف ال ساد س ع شر م ن يوليو/متوز ع ام 1981 دخ ل مهاتري التاريخ كرابع رئي س وزراء لبالده و أاطلق عليه املاليزيون لقب»اأبي التقد م«. 90 يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد 06 91

43 اقتصاد العملة الخليجية الموح دة اقتصاد العملة الخليجية الموح دة العملة الخليجية الموح دة أزمة»اليورو«تعزز التفكير في بدائلها وخبراء يؤيدون تأجيلها عاد مشروع العملة الخليجية الموح دة إلى دائرة األضواء مجددا إثر تصريحات لبعض المسؤولين الخليجيين حول تجميد المشروع أو تأجيله بضع سنوات ما يطرح تساؤالت حول مستقبل الوحدة النقدية الخليجية خاصة في ضوء المستجدات االقتصادية األخيرة على الساحة العالمية وأزمة الديون السيادية في أوروبا. هذا التحقيق الذي يرصد آراء خبراء خليجيين يظهر موقفا أقرب إلى تأييد التري ث في مشروع الوحدة النقدية. بشار أكرم*»العملة الخليجية تقليد لتجربة االتحاد األوروبي وهي محاكاة غير مناسبة«صالح السلطان شهدت م سرية االحتاد النقدي اخلليجي انتكا سات عد ة منذ انطالقتها. وياأتي يف مقدمة االنتكا سات ان سحاب دولة االإم ارات من امل شروع اإثر اخلالف على ا ست ضافة مقر البنك املركزي ل دول جمل س التعاون ل دول اخلليج العربية وقبل ذلك عدم ان ضمام سلطنة ع مان إاىل خطة الوحدة النقدية اخلليجية. ثم جاء زلزال ا أالزمة املالية العاملية والهزات االرتدادية التي ت شهدها منطقة اليورو حالي ا نتيجة اأزمة الديون ال سيادية لبع ض من الدول االأع ضاء يف االحتاد االأوروبي لتوؤكد ضرورة إاجراء قراءة متمع نة يف معطيات م شروع االحتاد النقدي اخلليجي االأمر الذي يالقي ترحيبا عاما من املراقبني واخلرباء االقت صاديني الذين ا ستطلعت»اآفاق امل ستقبل«اآراءهم يف هذا التقرير. الفوائد الحقيقية للمشروع ال يحب ذ اخلبري االقت صادي ال سعودي د. صالح ال سلطان قيام عملة خليجية واحدة على ا أالقل يف الوقت احلايل ويرى اأن الفوائد حمدودة مقارنة بالتكاليف يف ظل البنية واالأو ضاع االقت صادية وال سيا سية القائمة. لذا يدعو ال سلطان اإىل تاأجيل امل شروع ويرى أانه»من املمكن احلد من تكاليف االحتاد النقدي يف حال كانت منطقة اخلليج العربي ت شك ل ما ت سم ى»منطقة العملة املثلى«لكنها لي ست كذلك حتى اإن االحتاد االأوروب ي ال ميلك تلك امليزة«. وي شرح ال سلطان وهو كبري اقت صاديني سابق يف وزارة املالية ال سعودية خ صائ ص»منطقة العملة املثلى«ويبني اأن ال دول االأع ضاء فيها يجب اأن تكون ذات دورات اقت صادية مت شابهة باالإ ضافة اإىل قدرتها على حتمل ال صدمات االقت صادية واأن تتوافر سهولة انتقال عنا صر ا إالنتاج بينها مثل انتقال العمالة. وهنا ينبغي اأن يوؤخذ يف االعتبار وجود املاليني من االأيدي العاملة االأجنبية يف الدول اخلليجية واأن كل دولة لديها قوانني هجرة واإقامة م ستقلة بذاتها. ويوؤك د ال سلطان اأن»العملة اخلليجية هي يف احلقيقة تقليد لتجربة االحتاد االأوروب ي ولكنها حماكاة غري منا سبة فالعمالت االأوروب ي ة ال سابقة كاملارك االأمل اين والفرنك الفرن سي كانت عمالت عاملية رئي سية مل تربط بعملة اأخرى كالدوالر االأمريكي مثال وكان ال سبيل االأن سب بني الدول االأوروبية هو اإ صدار عملة اأوروبية موح دة. اأما دول املجل س فو ضعها خمتلف فهي دول صغرية عمالتها مرتبطة بعمالت رئي سية اأخرى خا صة بالدوالر«. ويرى اأن ه يف حال اتفقت دول املجل س على تثبيت اأ سعار عمالتها واإدارتها ضمن جمل س نقدي سيكون هذا كافيا يف الوقت احلا ضر وهو احلل االأن سب يف نظره اإذ يحق ق تقريبا الفوائد التي ستنتج من العملة الواحدة من دون اال ضطرار إاىل دفع تكاليف عالية اأو حاجة إاىل التزام معايري و ضوابط شديدة من ال صعب جدا التزامها. أزمة أوروبا حافز لدول الخليج أاما جنيب ال شام سي مدير اإدارة الدرا سات والبحوث يف االأمانة العامة ملجل س التعاون لدول اخلليج العربية فله نظرة مغايرة. ففي راأيه أان ما يجري يف القارة االأوروبية يجب اأن يعز ز وترية العمل امل شرتك لدول اخلليج يف اإطار جهود التعاون والتكامل االقت صادي للو صول اإىل مرحلة الوحدة النقدية. وي شد د يف الوقت نف سه على اخل صو صية التي تتمتع بها دول املنطقة مقارنة مع باقي دول العامل اإذ تعتمد دول اخلليج العربي معايري خا صة واأهدافا ا سرتاتيجية تختلف عن تلك املعتمدة يف االحتاد االأوروبي ويعد تلك ال سمات واملقومات حافزا للم ضي قدما يف م شروع الوحدة النقدية اخلليجية وذلك ملواجهة التحديات اخلارجية الراهنة وامل ستقبلية التي ت ستهدف تكوين دول املنطقة وا سرتاتيجيتيها االقت صادية وا أالمنية. وي ضيف اأن ه»ال منا ص من تعزيز التكامل باأبعاده وم ستوياته جميعها بني دول جمل س التعاون خا صة أانها مل تعمل على حرق املراحل كما ح صل يف بع ض امل شروعات التكاملية العربية«. ويلفت االنتباه إاىل اعتماد التجربة اخلليجية سيا سة التقد م خطوة خطوة فقد ب د أات مبنطقة التجارة احلرة ومن ثم جاء االحتاد اجلمركي فال سوق اخلليجية امل شرتكة التي جعلت جمل س التعاون سوقا واحدة مبا يعز ز التكامل االقت صادي و صوال إاىل العملة اخلليجية املوحدة. وي شري إاىل أان هناك بيانات واإح صاءات جتارية واقت صادية تدل على جناح التجربة اخلليجية يف هذا امل ضمار. ب دوره يدعو اخلبري االقت صادي ع ضو الربملان البحريني جا سم احل سني اإىل عدم إايقاف م شروع العملة النقدية اخلليجية الذي ي شكل مرحلة ح سا سة وم شروعا حيويا على طريق التكامل االقت صادي اخلليجي خا صة يف ضوء توافق ال سيا سات االقت صادية املتبعة يف دول املنطقة. لكنه مع ذلك يوؤي د ت أاجيل التطبيق الإف ساح املجال أام ام املزيد من الدرا سات وا ستخال ص العرب من التجارب ا أالخرى التي اأبرزت أاهمية إالزام الدول تطبيق املعايري النقدية واملالية املوح دة يف ظل تباين القرارات ال سيادية بينها كما ح صل يف اليونان. فربغم أانه من املتوق ع يف هذا النوع من امل شروعات أان تطبق الدول امل شرتكة ال ضوابط املتفق عليها جميعها طواعية ف إان الواقع قد يظهر شيئا آاخر. ويقل ل احل سني من تاأثري أازمة الديون ال سيادية ا أالوروبية يف م شروع الوحدة النقدية اخلليجية خا صة أانه ما زال يف طور التح ضري لو ضع ال ضوابط يف ما يخ ص املوؤ س سات والقوانني وا أالنظمة والت شريعات. وي ضيف قائال»ت شكل جتربة منطقة اليورو وما يحدث فيها حاليا فر صا أامام دول اخلليج الإعادة درا سة املعايري املالية والنقدية املتخذة وكيفية ا ستباق ا أالمور و ضمان تطبيق الدول االأع ضاء لها«. ويرك ز على ضرورة الرتيث يف درا سة ما يح صل و أان يتم ذلك بعناية من دون احلاجة اإىل إايقاف امل شروع برمته. كذلك يدعو إاىل الرتكيز على امل شروعات التي ت سبق االحتاد النقدي و أابرزها االحتاد اجلمركي وال سوق اخلليجية امل شرتكة حيث مل يطبق كال امل شروعني بال شكل الكامل إاىل ا آالن. ويدعو اخلبري إاىل إاكمال االحت اد اجلمركي يف ما يرتبط بتبن ي سيا سة جتارية موحدة مع ال دول غري االأع ضاء يف جمل س التعاون وحل م ش أالة توزيع ا إاليرادات اجلمركية واإعطاء قوى ا إالنتاج حرية التحرك بني دول جمل س التعاون ب شكل كامل. وي رى أان ه عند مراجعة جتربة دول جمل س التعاون مببادراتها وم شروعاتها جميعها سنجد أان دول اخلليج مل تنجح دائما يف التو صل إاىل آالية توافقية موح دة يف ما بينها حتى على نطاق ق ضايا اأقل أاهمية مقارنة مع التوافق الذي يتطلبه وجود عملة نقدية موحدة. غياب اإلمارات يتفق اخلرباء على اأن غياب ا إالمارات عن م شروع الوحدة النقدية يعد حتديا رئي سيا أام ام امل شروع. فمن جهته ي شك ك صالح ال سلطان يف ق درة الدول»تشكل تجربة منطقة اليورو وما يحدث فيها حاليا فرصة أمام دول الخليج إلعادة دراسة المعايير المتخذة في ما يخص المعايير المالية والنقدية«جاسم الحسين»ما يحدث في القارة األوروبية يجب أن يعزز وتيرة العمل المشترك لدول الخليج«نجيب الشامسي الباقية يف امل شروع على التوافق م ستقبال ل ضمان ا إالجماع على ال سيا سات النقدية واملالية م شريا اإىل اإمكان هيمنة ال سعودية على نظرياتها يف امل شروع ن سبة اإىل وزن اقت صادها الكبري ومو ضحا اأن»هيمنة دولة ب صورة كبرية -وهنا اأق صد ال سعودية- رمبا تكون مو ضع اإ شكال عند بع ضهم حيث اإننا ال جند يف اأوروبا مثل هذه الهيمنة«. كذلك يرى احل سني اأن وجود اأربع دول فقط يف م شروع العملة املوحدة رمبا يكون قليال من ناحية العدد وغري واقعي اأي ضا لكنه ال يعني عدم اإمكان تطبيق امل شروع برم ته. ويقول»اأعتقد اأن عدم ان ضمام سلطنة ع مان ال ي شكل ضررا ماديا على م ستقبل العملة اخلليجية الأنها كانت وا ضحة يف قرارها املبني على معطيات اقت صادية منذ البداية. غري اأن عدم وجود االإمارات يعد أامرا غري طبيعي فهي صاحبة أاكرب اقت صاد خليجي وعربي بعد ال سعودية«. وتوق ع اأن غياب االإم ارات ميكن أان يكون له ت أاثري نوعي يف امل شروع برم ته لكنه يرى اأن الفر صة ال تزال مواتية إالعادة االأمور اإىل م سارها وحل الق ضايا العالقة مع االإمارات. معضلة اختالف السياسات المالي ة اإن مو ضوع ا ستقاللية كل دولة يف اإدارة ماليتها العامة ويف اال ستدانة اأمر بالغ ا أالهمية يف حالة الوحدة النقدية. ويف حال اإن شاء بنك مركزي خليجي ف إان ال ش ؤوال هو: كيف سيتعامل هذا البنك مع حكومة ما تعاين متاعب مالية وعندما يكون البنك املركزي م ستقال عن احلكومات فيحتمل جدا اأن ي ضع امل ستثمرون فيه ضوابط اأ شد يف منح االئتمان للحكومات. يف املقابل يجب على الدول أان متار س سيا سة مالية تتناغم مع ال سيا سة النقدية امل شرتكة وذل ك لتدعيم اال ستقرار يف ظل ظروف تت سم ب شدة التقلبات اخلارجية ذات التاأثريات بالغة احلدة يف ا أالو ضاع االقت صادية املحلية. ويقول اإن»االأزمة املالية العاملية جاءت لتزيد من تاأكيد هذا الطرح«لذا ينادي على امل شوؤولني اخلليجيني ليبحثوا ت أاثري معدالت التو سع يف االإنفاق العام يف االحتاد النقدي اخلليجي مع االأخذ يف االعتبار اأن هذا التو سع مرتبط باأ سعار النفط امل ستقبلية املتوقعة كما هو مرتبط بكون بع ض الدول يف و ضع اأف ضل من نظرياتها. اأما يف ما يخ ص ق ضية تثبيت سعر صرف العمالت اخلليجية مقابل الدوالر فريى ال سلطان اأنه برغم أان ذلك ي سه ل املواءمة بني إاي رادات احلكومة املقو م غالبها بالدوالر والعملة املحلية كالريال مثال فاإنه ي شري كذلك اإىل اأن»هذه احلجة تتجاهل التذبذب احلاد يف اأ سعار النفط ما يلغي عمليا فائدة املطابقة«. ويتوق ع ال سلطان أان يوؤدي اخلالف على هذه النقطة اإىل نقا شات مو سعة ضمن الدول اخلليجية. ونظرا اإىل كون الدول اخلليجية تتفاوت يف طبيعة م شكالتها املالية فمن ال صعب صدور عملة خليجية مبنحى عن وجود حلول وا ضحة تر ضي ا أالطراف جميعها وحتمي م صاحلها قدر امل ستطاع وحتقق النفع للجميع. * صحايف متخ ص ص يف ال شوؤون االقت صادية يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

44 اقتصاد اليونان لم تكن سوى البداية اقتصاد اليونان لم تكن سوى البداية اليونان لم تكن سوى البداية مزيد من األزمات المالية في انتظار الدول الكبرى سعت الدول الصناعية إلى إنقاذ العالم من أزمة اقتصادية أخطر من تلك التي أصابته في عام وألحقت المحاولة بالدول المعنية أضرارا قد تدفعها إلى مزيد من االهتمام بنفسها وتجاهل مبادئ الحرية االقتصادية التي تعد عماد العولمة االقتصادية. فمديونية الدول الصناعية ستكون عالمة فارقة في تحول تاريخي في االقتصاد العالمي سيفضي إلى إنهاء سيطرة الغرب على االقتصاد. وستحد السياسات الضريبية الحمائية من حرية حركة رأس المال وتقيد ديناميكيات العولمة أيضا. كما قد يصاحب ذلك إجراءات تتخذها الدول الصناعية تتسبب بالتضخم االقتصادي. هذا الوضع المنتظر يدعو الدول النفطية إلى وضع استراتيجية اقتصادية واستثمارية جديدة حسبما يرى الكاتب الذي اكتسبت توق عاته قدرا كبيرا من الصدقية بعدما ثبتت صحة تحذيراته من عواقب وخيمة لالستثمار في منتجات مرتبطة بالعقارات األمريكية إذ خسر بسببه بنك»يو.بي. إس«قرابة 35 مليار دوالر. اإذا أاتيح لنا النظر إاىل ال وراء بعد فرتة من الزمن من ا آالن فا أالرجح أاننا سرنى ا أالزمة املالية واالقت صادية العاملية ا أالخرية مبنزلة بداية حتول جذري يف العامل. ف سنوات ما قبل االأزمة متيزت بتعزيز ليربالية النظم االقت صادية و صاحب ذلك اندماج دول اآ سيا النا شئة الغنية بال سكان يف االقت صاد العاملي. أاما يف ال سنوات املقبلة ف سنجد أاننا أامام تراجع يف العنا صر االأ سا سية الداعمة للعوملة. و سيكون من اأهم مظاهر التغير ات أان زيادة مديونية الدول ستجربها على انتهاج سيا سات تركز على م صاحلها الوطنية ب شكل أاكرب. تحوالت كبرى إان تطو ر مو ضوع مديونية الدول ي ظهر طبيعة التحوالت املتوقعة يف ال سنوات املقبلة باأو ضح ما تكون. ففي حماولتها اليائ سة لتجنيب االقت صاد العاملي اأزمة اأكرب من تلك التي عاناها بدءا من عام 2008 تو سعت معظم الدول ال صناعية يف االإنفاق املايل ب شكل غري م سبوق يف أازمنة ال سلم وحاولت أان تعالج م شكلة النق ص يف الطلب لدى القطاع اخلا ص من خالل زي ادة مديونية الدولة أاو تخفي ض ال ضرائب أاو إاع ادة توزيع مدخوالت الدولة لذا جند أان مديونية جمموعة الدول ال صناعية ال سبع زادت خالل العقد ا أالول من هذا القرن بن سبة تقارب %50 قيا سا بدخلها القومي. مل ي وؤد ذلك إاىل حلول مديونية الدولة حمل مديونية القطاع اخلا ص. لكن متخ ضت مرحلة الفوائد املخف ضة ب شدة يف بداية العقد اجلاري عن صعود ال ي صدق يف املديونية. و إاذا اأ ضيفت مديونية الدولة إاىل مديونية القطاع اخلا ص ال يمكن إعطاء إشارة إلى زوال الخطر في ظل نسبة ديون إلى ناتج إجمالي %88 في أوروبا الأظهرت النتيجة اأن ديون كل من اليابان وبريطانيا ت صل اإىل اأربعة اأ ضعاف ون صف ضعف دخلها القومي اأما يف اأملانيا والواليات املتحدة فتبلغ ديون الدولة والقطاع اخلا ص ثالثة اأ ضعاف الدخل القومي لكل منهما. ومن ش أان اأ سعار الفائدة املنخف ضة انخفا ضا تاريخيا يف الوقت احلايل أان جتعل الديون املرتفعة هذه تبدو قابلة للتمويل ولكن عندما تبداأ اأ سعار الفائدة يف العودة اإىل و ضعها الطبيعي ف سيحتم ذلك تخفي ض املديونية. وم صدر عدم االرتياح حاليا هو اأن ارتفاع مديونية الدول ال صناعية جاء يف وقت يتوقع فيه اأن ت شهد مدخوالتها انخفا ضا متزايدا يف امل ستقبل اإذ إان منو كثري من اقت صادات هذه الدول يف ال سنوات االأخ رية حدث نتيجة لال ستثمار يف االآالت والعقارات وبذلك ح صلت املحافظة على معدل النمو مرتفعا ب شكل مفتعل. ولكن توقعات خف ض املديونية جتعل انخفا ض حجم اال ستثمار حمتمال. وبذلك سيرتاجع عن صر رئي سي من عنا صر النمو االقت صادي ب شكل ملحوظ و سيتزامن ذلك مع تكهنات برتاجع النمو ب سبب العن صر الدميوغرايف. وبناء على ح سابات قمنا بها ف اإن ال سنوات الع شر املقبلة ست شهد معدالت منو منخف ضة ب شكل غري مريح. وعلى سبيل املثال يبدو اأن اقت صاد كل من الواليات املتحدة االأمريكية وبريطانيا سي شهد خالل العقد املقبل معدل منو ن سبته %2. وي توقع لهذه الن سبة اأن تكون يف اأملانيا %0.9 ويف اليابان %0.6 فقط. وبالن سبة اإىل كثري من الدول النا شئة فمن املنتظر اأن تتجه معدالت منوها يف ال سنوات املقبلة نحو االنخفا ض اأي ضا. ولكن التوجه العاملي اإىل خف ض املديونية لن يكون له اأثر ي ذكر يف هذه االقت صادات ذلك اأن عددا من هذه الدول متتلك كالوس فيالرسهوف * يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

45 اقتصاد اليونان لم تكن سوى البداية اقتصاد اليونان لم تكن سوى البداية 25 األمر يتطلب استراتيجيتين دبلوماسية واقتصادية توجهان نظريهما إلى الدول ذات االقتصادات الناشئة الغنية بسكانها في آسيا الحصة من االقتصاد العالمي )بالنسبة المئوية %( مدخرات كبرية واقت صاداتها لي ست معتمدة على راأ س املال االأجنبي. والأن هذه ال دول قد حققت منوا كبريا يف دخل الفرد فاإن درجة منوها العامة ستبقى مرتفعة على الرغم من تراجعها عما كانت عليه سابقا. ونتوقع اأن ي صل النمو يف ال صني اإىل %5.3 ويف الهند اإىل %4.9 فقط خالل العقد املقبل. وبرغم هذا االنخفا ض يف معدالت النمو فاإنه يبقى من الوا ضح اأن ح ص ص دول العامل من االقت صاد العاملي ستتغري من االآن ف صاعدا ب شكل كبري. ففي عام 1999 جتاوز االقت صاد االأمريكي اأوج قدرته با ستحواذه على %24 من اقت صاد العامل. وب سبب ن سب النمو العالية لدى دول مثل الهند وال صني ف إانها ستوا صل النمو لت صل اإىل م صاف الدول ال صناعية. ون شهد اليوم حقيقة اأن اقت صادي ال صني والهند جمتمعني يكادان يكونان بحجم االقت صاد االأمريكي نف سه هذا اإذا احت سبت هذه االقت صادات على اأ سا س القوة ال شرائية. وخالل سنوات قليلة ستتمتع ال صني وحدها باالأهمية االقت صادية نف سها للواليات املتحدة. وهنا يلح شوؤال عن مدى تاأثري عن صر مديونية الدول يف ت سريع هذا التغري يف االقت صاد العاملي من وجهة نظر تاريخية فاإن ما سيحدث للواليات املتحدة اأمر طبيعي اإذ اإن الدول املهيمنة كل ها شهدت يف نهاية عهد هيمنتها ارتفاعا كبريا يف املديونية. وي صف امل وؤرخ الربيطاين ب اول كنيدي هذه الظاهرة باالإجهاد االإمربيايل imperial(.)overstretch اأما املوؤرخ االأ سكتلندي نيال فارغي سون فيذك رنا باأن دولة اأ سرة هاب سبورغ ا ضطرت يف نهاية مرحلة سيطرتها على اأوروبا اإىل اأن تعلن مرات عديدة عدم قدرتها على ال سداد واأنه يف مرحلة اأفول نفوذ كل من فرن سا )قبل الثورة( والدولة العثمانية واالإمرباطورية الربيطانية كانت الدولة ت ضطر اإىل تخ صي ص ما يقارب ن صف مدخوالتها لت سديد الديون اإ ضافة اإىل الفوائد املرتتبة عليها. اليونان هي البداية هذه النظرة التاريخية توف ر االإط ار الذي ميكننا اأن نفهم من خالله اأزمة مديونية الدول ال صناعية واأبعادها فحاليا ت صل ن سبة املديونية يف الدول املتطو رة اإىل %110 من ناجتها القومي االإجمايل وهذا يبني اأن املديونية احلالية ال ت شكل يف حد ذاتها امل شكلة احلقيقية. فاإذا اعتربنا اأن سعر الفائدة هو 5 % ف اإن ذلك يعني اأن على هذه ال دول أان تخ ص ص %5.5 فقط من ناجتها القومي خلدمة الد ي ن. وعندما يدور احلديث عن معدل ضرائب يبلغ %25 من الناجت القومي فاإن من غري املمكن -موؤقتا - الو صول اإىل و ضع ي شي بتحوالت سيا سية واقت صادية تاريخية. ولكن لي س هناك ما ي ضمن اأن االأمر سيظل على ما هو عليه فالقلق االأكرب لي س ناجما من حجم الديون احلالية بل من اإمكان االإبقاء على حجمها الراهن اإذ يتطلب هذا إاما تقلي صا سريعا وكبريا يف عجز ميزانيات الدول ال صناعية واإما ارتفاعا سريعا يف ن سبة النمو اال سمية. وب شكل اأدق ميكن القول اإن على ال دول املتطورة اأن تخف ض ن سب العجز يف ميزانياتها اإىل معدالت ت ساوي معدالت النمو لديها اأو اأقل منها. ومثال لدى مقارنة ن سب النمو االقت صادي املتوق عة للواليات املتحدة لهذا العام املقد رة ب) %5.5 ( بن سبة العجز يف امليزانية التي تقد ر ب) %11 ( يت ضح أان عليها تخفي ض ن سبة العجز يف ميزانيتها اإىل الن صف على االأقل. ويف هذا ال سياق ف اإن مبادرات ضخمة مثل تخ صي ص االحت اد االأوروب ي حزمة لدعم اال ستقرار املايل بنحو 500 مليار يورو تبدو اإج راءات ثانوية. ويف حني اأن تعا ضد دول االحتاد االأوروب ي ميكنه اأن ي ساعد دوله ال صغرية فمن الوا ضح اأنه ال ميكن احلديث عن زوال اخلطر يف ظل ديون ت صل ن سبتها اإىل %88 من الناجت القومي ا إالجمايل وعجز يف امليزانية يبلغ %6.2 مع منو ا سمي ضعيف يبلغ %2.2. وبالطبع ميكن حتقيق ن سب منو ا سمية اأعلى من خالل معدالت ت ضخم مرتفعة. وهنا من حق املراقب اأن ي شعر بالقلق الأن ن سب الت ضخم االأ سا سية مل تنخف ض يف احلقيقة اإال قليال يف معظم الدول برغم حدوث اأكرب ركود اقت صادي منذ احلرب العاملية الثانية. ويف املقابل لي س من املتوقع على املدى الق صري أان ترتفع ن سبة الت ضخم ب شكل ملمو س نظرا اإىل انخفا ض الن شاط يف القطاع ال صناعي و سوق العمل. وعلى املدى البعيد ف إان الت ضخم هو سيف ذو حدين اإذ إان ارتفاع معدالته يوؤد ي إاىل ارتفاع اأ سعار الفائدة اأي ضا. ومن املفيد اأن يح صل ت ضخم غري متوق ع أاو ت ضخم مفرط. ولكن لي س من املتوقع حدوث ذلك اإذ يتطلب جهدا جبارا على صعيد زيادة نفقات الدولة ومدخوالتها وذلك صعب التحقيق على خلفية ن سب النمو املنخف ضة املتوقعة. يف ما يخ ص نفقات الدولة ف إان ارتفاع أاعداد العاطلني عن العمل و صعوبة ت أامني التمويل للقطاع ال صحي يجعالن من توفري مبالغ معتربة اأمرا غري سهل على االإطالق بالن سبة اإىل الدولة. ي ضاف اإىل ذلك اأن سيا سات االقت صادات الكبرية ضمن ال دول ال صناعية الغربية على االأق ل ات سمت يف ال سنوات الثالثني اإىل االأربعني املا ضية بالتق شف املايل و أانها حاولت يف كثري من احلاالت التخل ص من نفقاتها الزائدة. ونتيجة لعملية التاأقلم هذه تعر ضت مدخوالت الدولة ل ضغوط كبرية. وبكلمات اأخرى فاإن أازمة املديونية ستوؤد ي إاىل عك س التوجه امللمو س يف العقود االأخرية إاىل تخفي ض ال ضرائب التي ستبد أا يف االرتفاع ملنع خطر حدوث اإفال سات دول على م ستوى وا سع. وبالطبع ف اإن رفع ن سبة ال ضرائب لي س اأم را يحظى بال شعبية وتطبيقه يف بع ض احلاالت صعب حقا خا صة يف حال فر ض ضرائب على ال شركات اأو على التحويالت واملوجودات املالية. ويف ظل نظام اقت صاد ال سوق الذي اأتاح لل شركات إامكان تغيري مقار ها مثال اأ صبح مو ضوع التناف س ال ضريبي عامال يوؤدي اإىل تخفي ض ال ضرائب فقد اأ صبحت ال شركات تاأخذ ن سبة ال ضرائب املفرو ضة يف االعتبار عند اختيار ا أالماكن التي تتخذ منها مقار لها. واإذا بد أا اجتاه نحو رفع ن سبة ال ضرائب على االأم وال املنقولة )مثل ال شركات( فال بد اأن يرافقه يف الوقت نف سه ت شديد على احلرية االقت صادية اأي ضا. ويف احلقيقة ثم ة م ؤو شرات تدل على ذلك حاليا. ومن الالفت للنظر اأن هذا يحدث يف الواليات املتحدة إاال أانه غري مفاجئ نظرا إاىل مكانتها املهيمنة. الدول التي تمتلك فائضا في الميزانية ستتمك ن من تحسين وضعها نسبيا على صعيد االقتصاد العالمي فهي تقوم حاليا بتعريف الوحدات التي يرتتب عليها دفع ال ضريبة حتى خارج نطاق الدولة كما ب داأت موؤخرا يف طلب ال شفافية الكاملة ب شاأن املوجودات املالية للم ستثمرين كل هم بغ ض النظر عن جن سياتهم اأو اأو ضاعهم ال ضريبية. وت ظهر شروط الت سجيل اخلا صة مبن يقد مون اخلدمات املالية التي و ضعتها احلكومة االأمريكية يف ال سنوات االأخ رية اأن اإج راءات احلماية ال ضريبية ستكون مو ضوعا مركزيا خالل ال سنوات املقبلة. وت صب االإجراءات التي يطلبها االحتاد ا أالوروبي بخ صو ص التحكم يف حركة راأ س املال يف االجتاه نف سه أاي ضا. و إاذا جد اجلد فاإن ا إالجبار على توفري املعلومات ميكن اأن يتحول ب سرعة اإىل فر ض ضريبة خا صة اأو إاىل حظر مبوجب القانون. ويف الوقت نف سه لي س من املتوق ع رفع ال ضرائب املفرو ضة على ال شركات من دون مزيد من التن سيق يف عمليات فر ض ال ضرائب. وباخت صار ميكن القول اإن هذه االإج راءات ست ضع شروط العوملة والتدر ج يف حترير حركة راأ س املال والب ضائع مو ضع ت ساوؤل وذلك ب شكلني مبا شر وغري مبا شر. ومبا أان فر ض ضرائب على ا أالموال املنقولة صعب التطبيق ويوؤدي اإىل تداعيات م ؤوثرة فمن املتوقع اإذا اأن تتعر ض االأموال غري املنقولة ل ضرائب عالية. ومن املفرت ض اأن ي شهد امل ستقبل ارتفاعا عامليا يف ن سبة ضريبة املبيعات وال ضريبة على ا أالرا ضي وا أالموال املقتطعة من الرواتب لتمويل التاأمينات االجتماعية. ويف الوقت نف سه سيتعز ز دور الدولة يف حتديد اأ سعار الب ضائع واخلدمات خا صة تلك التي ت شرتيها اأو ت سهم ب شكل اأ سا سي يف متويلها لذا فمن املتوقع أان يكون هناك رقابة اأكرب من جانب الدولة على الت سعري يف قطاع ال صحة والدواء. ومبا أان املق صودة هنا يف اأغلب احل االت هي دول دميقراطية ف إانه من غري املتوق ع اأن يكون هناك خف ض سريع يف ن سب العجز يف امليزانية بل سرتتفع ن سب املديونية على مدى عدد من ال سنوات. واملتوقع اأن ي ستمر هذا وقتا اأطول مم ا يرغب فيه املراقب واالأ سواق املالية. ولقد الح ظ ك ل من العاملني االقت صاديني اأالن بيكوك وج اك في سمان يف ستينيات القرن املا ضي اأن عملية تقلي ص اإنفاق الدولة بعد حدوث صدمات اجتماعية ضخمة ت سري ببطء شديد. ويبدو اأن الراأي العام يعتاد مع الوقت م شاركة كبرية من جانب الدولة يف االإنفاق. وقد امتد ت عملية خف ض مديونية دول»جمموعة ال سبع«اإىل ن سب طبيعية فرتة طويلة ا ستمرت من نهاية احلرب العاملية الثانية حتى ال سبعينيات وذلك على الر غم من اأن ن سب النمو حينها كانت أاعلى من الن سب املتوقعة لل سنوات املقبلة. ونظرا اإىل ارتفاع ن سب املديونية املحتملة يف ال سنوات املقبلة فمن املتوقع أان يبقى الو ضع غري م ستقر وذلك لتعاقب اأزمات الثقة. و سيبقى ال شك قائما يف االأ سواق املالية جتاه املدينني ممن ال يحظون بالثقة وذلك كما جتل ى يف الو ضع ال سائد بعد ا أالح داث ال صاعقة خالل االأزم ة املالية. وهذا الو ضع يدعم الراأي القائل اإن االأ سواق ستفر ق ب شكل اأو ضح بني الدول التي تتمتع بتمويل م ستقر وتلك التي تواجه م شكالت مالية. وبتعبري اآخر فاإن م شكالت اليونان مل تكن اإال البداية الصين الهند روسيا الواليات المتحدة نسب مئوية لعام الواليات المتحدة بريطانيا اليابان منطقة اليورو النمو اال سمي العجز يف امليزانية يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

46 اقتصاد اليونان لم تكن سوى البداية ويف احلقيقة فاإن هناك دوال اأخرى تعاين م شكالت مالية اأ شد وطاأة فن سب العجز يف ال والي ات املتحدة وبريطانيا واليابان ومنطقة ال ي ورو و صلت اإىل م ستويات اأعلى بكثري من تلك الالزمة لتوفري ا ستقرار م ايل. ومبا اأن هذه االقت صادات اأكرب بكثري من اقت صاد اليونان فاالأمر اإذا يتعلق باأبعاد اأ ضخم بكثري للم شكلة. وعلى سبيل املثال فاإن قيمة العجز ال سنوي يف ميزانية بريطانيا وحدها تكاد تعادل جمموع الديون املرتاكمة على الدولة يف اليونان. استراتيجية للدول الناشئة اإىل جانب م شكلة عدم اال ستقرار يف االأ سواق املالية من الوا ضح اأن الدول ال صناعية ستجد نف سها جمربة على تخ صي ص جزء كبري من مدخراتها خلدمة ديونها. وهذا يعني كذلك اأن احل سابات اجلارية لهذه الدول من دون ا ستثناء ستعاين بع ض الرتاجع ما سيوؤثر يف الدول النا شئة ب شكل مبا شر. هكذا من ال ضروري اإذا توق ع تراجع يف قدرة الدول ال صناعية على ت صدير ر أا س املال. وبالتايل ثمة احتمال كبري اأن يزيد التمايز بني فئتني من الدول النا شئة: الدول التي تعاين عجزا يف امليزانية وتعتمد على ا سترياد راأ س املال وهي ستتعر ض لرتاجع اقت صادي ب شكل عام. اأما الفئة الثانية فت ضم الدول التي متلك فائ ضا يف امليزانية وهذه ستتمكن من حت سني و ضعها ن سبيا يف سياق االقت صاد العاملي. ولن يكون من ال سهل على ال دول النا شئة أان حتقق فائ ضا يف ميزانياتها فاالنتكا سات املحتملة للعوملة ستجعل االأمر اأ شد صعوبة بالن سبة اإىل كثري من االقت صادات الفتية املعتمدة على الت صدير و ستحد من قدرتها على املناف سة لذا فاإن الدول النا شئة يف حاجة اإىل اإعادة التفكري يف و ضعها ضمن ال سياق العاملي. وبالنظر اإىل التكهنات التي تفيد باأن صعوبات التناف س ال ضريبي مثال ستتفاقم فاإنه من املهم لهذه الدول اأن حتدد موقفها اخلا ص من هذا االأمر خا صة اأن اإقبال ال شركات واالأفراد على احللول ال ضريبية سيتزايد مع تزايد اإجراءات احلماية ال ضريبية التي ستتخذها الدول ال صناعية. وي توقع يف هذا ال سياق اأن يتح سن املوقف التفاو ضي للدول التي متتلك احتياطات ا سرتاتيجية من املواد اخلام ولديها فوائ ض يف ميزانياتها تتيح لها متويل جزء من ديون الدول الغربية. كذلك من املهم جدا لكثري من الدول النا شئة اأن ت ستبق ب شكل فاعل الو ضع الذي سيرتاجع فيه دور الواليات املتحدة بحيث لن تكون هي الدولة املهيمنة على االقت صاد وال سيا سة العامليني. وهذا يتطل ب ا سرتاتيجيتني دبلوما سية واقت صادية توجهان نظريهما اإىل ال دول ذات االقت صادات النا شئة الغنية ب سكانها يف اآ سيا. كما أان ه من املهم على صعيد ال سيا سات النقدية و ضع ا سرتاتيجية للتخل ص التدريجي من االعتماد على الدوالر كعملة مرجعية. وبرغم اأن اأ سواق املال االآ سيوية ال تزال بعيدة بعقود عن و ضع يتيح لها اال ستعا ضة عن الدوالر االأمريكي فاإنه ي ن صح بالتخل ص سريعا من االعتماد ب شكل اأحادي على العملة االأمريكية وذلك الأ سباب تتعلق باتقاء اخلطر فقط. هذا الو ضع ي ستوجب اأن تطو ر كثري من الدول سيا سة اقت صادية وا ضحة خا صة جلهة التناف س ال ضريبي. ويجب هنا أان ي حدد املوقف التفاو ضي ب شكل وا ضح تبعا للواقعية ال سيا سية فمن الوا ضح اأن ال صراعات ستزيد يف ال سنوات املقبلة ب سبب م شكلة املديونية. * خبري اقت صادي عمل من عام 1997 اإىل عام 2009 كبريا لالقت صاديني يف بنك»يو بي اإ س«. ثم اأ س س شركته اخلا صة التي تقدم حتليالت اإىل كربى ال شركات حول املخاطر اال ستثمارية على الدول الناشئة تجهيز استراتيجية للتخلص التدريجي من االعتماد على الدوالر كعملة مرجعية يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

47 استراتيجيا األمن القومي األمريكي استراتيجيا األمن القومي األمريكي تعامل مختلف مع مفهوم»القوة«األمن القومي األمريكي.. ال تغيير كبيرا في االستراتيجية أحد أسباب الترق ب واالنتظار الستراتيجية األمن القومي األمريكي توقع وجود تغيير في المواقف إزاء عدد من القضايا المحورية الدولية. من هذه القضايا موضوع الفهم األمريكي لشكل توزيع القوى دولي ا وموضوع مقاربات السياسة الخارجية األمريكية والموقف من المنظمات الدولية واإلرهاب ونشر الديمقراطية وقضايا مختلفة. وهناك كذلك مسألة النظرية السياسية التي تحكم ساكن البيت األبيض وهل هي مثالية واقعية ليبرالية...إلخ هذا المقال يقد م قراءة لهذه االستراتيجية الجديدة في محاولة لإلجابة عن هذه التساؤالت.»ال توجد دولة واحدة مهما بلغت قوتها تستطيع التصد ي للتحديات العالمية كل ها بمفردها«باراك أوباما عمرو عبدالعاطي* اأعلنت الإدارة الأمريكية ا سرتاتيجيتها للأمن القومي الأمريكي )1( يف ال سابع والع شرين من مايو/اأيار املا ضي معبر ة عن مقاربة الرئي س الأمريكي لل سيا سة اخلارجية الأمريكية التي ك شفت عنها ال شهور ال ستة ع شر له يف املكتب البي ضاوي وهي مقاربة قوامها التعاطي من خلل التفاو ض والإقناع بدل من املواجهة. وبذلك ت ضع الإطار العام الذي ستدور يف فلكه املوؤ س سات والوكالت الأمريكية كافة خلل فرتة حكم الإدارة الأمريكية احلالية. نظام دولي متعد د القوى صدرت ال سرتاتيجية اجلديدة للأمن القومي الأمريكي على خلفية جدل حمتدم داخ ل الأو س اط ال سيا سية والبحثية والأك ادمي ي ة داخ ل ال ولي ات املتحدة الأمريكية وخارجها حول شكل التغير يف النظام الدويل وم ستقبل القوة والقيادة الأمريكيتني يف هذا النظام الدويل املتحول خا صة يف وقت ورثت فيه اإدارة «أاوباما«تركة ثقيلة من سابقتها فهي تخو ض حربني انطلقتا يف اأفغان ستان )عام 2001( والعراق )عام 2003( واأثقلتا كاهل القت صاد الأمريكي املتعرث و صاحبهما تراجع يف صدقية الوليات املتحدة وقيادتها يف وقت تكابد فيه املوؤ س سات الدولية التي كانت ت سيطر عليها وا شنطن تغيات شمولية. هذا اجلدل عك سته كتابات كثي من الباحثني واملتخ ص صني اأمثال بول كنيدي وريت شارد ها س وجورج فريدمان وروبرت كاغان واأخيا فريد زكريا وفران سي س فوكوياما. ومن يطر لع على ن ص الوثيقة سيح س من دون شك ومنذ الوهلة الأوىل باأنر ثمة تعامل خمتلفا هذه املرر ة مع مفهوم القوة. يذكر أاوباما يف املقدمة ما يلي:»ل توجد دول ة واح دة مهما بلغت من القوة ت ستطيع منفردة الت صدي لكل التحديات العاملية«. واحل ال ف إان تعاطيا جديدا مع القوى العاملية سيفر ض واقعا جديدا مل يعت ده البيت الأبي ض خلل فرتتي الرئي س ال سابق بو ش. وهو ما يفر ض على الإدارة احلالية اإعادة صياغة املقاربات التعاونية-الت شاركية القادرة على حتقيق جناحات على امل ستوى الدويل. وذلك ما اأكده اأوباما يف كلمة األقاها يف اأكادميية»وي ست بوينت«الع سكرية يف 22 مايو املا ضي وكذلك كلمة وزيرة اخلارجية هيلري كلينتون يف ال سابع والع شرين من ال شهر نف سه يف موؤ س سة»بروكينغز«الأمريكية يف اإطار تف سيها و شرحها لل سرتاتيجية )2(. وتعرتف ال سرتاتيجية بوجود»فواعل غي الدول«على امل سرح الدويل قد يكون دورها وتاأثيها اأكب بكثي من دول قومية معرتف بها دوليا. فاأكدت اأن التحديات التي تع صف باملجتمع الدويل مع بدايات القرن احلادي والع شرين ل ميكن اأن تقع على كاهل ال شعب الأمريكي وحده يف وقت يريد فيه اأعداوؤه أان ت ستنزف الوليات املتحدة قواها بن شر قواتها اإىل اأبعد حدر ممكن. وترف ض العمل النفرادي الذي أالزمت اإدارة بو ش نف سها إاياه م ستح ضرة يف ذلك خبة احلرب العاملية الثانية. وحجر الزاوية يف هذا العمل اجلماعي-الت شاركي هو الدول التي ت شارك الوليات املتحدة يف امل صلحة والقيم امل شرتكة ول سيما العلقات بني وا شنطن واأقرب اأ صدقائها وحلفائها يف اأوروبا و آا سيا وال شرق الأو سط. بالإ ضافة إاىل العمل مع 100 يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

48 استراتيجيا األمن القومي األمريكي استراتيجيا األمن القومي األمريكي الدول التي يتزايد دورها اإقليميا ودوليا التي ميكن أان تكون منوذجا للنجاح وال ستقرار الإقليميني وت ضرب ال سرتاتيجية جنوب إافريقيا و إاندوني سيا مثالني يف هذا ال صدد. وتدعو اإىل ال سعي الأمريكي اإىل التوا صل مع الدول املعادية لختبار نياتها واإعطائها الفر صة لتغيي م سارها. ومع تاأكيد ال سرتاتيجية اأهمية تعزيز العمل اجلماعي التعاوين فاإنها يف املقابل توؤكد اأهمية قيادة الوليات املتحدة لهذا التحالف اجلماعي وترف ض ال سرتاتيجية ان سحاب الإدارة ال سابقة من امل ؤو س سات الدولية التي اأظهرت عجزها و ضعفها عن مواجهة التحديات الدولية لكنها يف املقابل توؤكد ضرورة موا صلة الوليات املتحدة تقوية نفوذها وتعزيز امل ؤو س سات الدولية وتن شيط العمل اجلماعي مبا يخدم امل صالح امل شرتكة. ولتفعيل تلك امل ؤو س سات الدولية دعت اإىل اأن تكون اأكرث فاعلية يف متثيلها للعامل يف القرن احلادي والع شرين باأن يكون هناك متثيل و صوت وم سوؤوليات اأكب للقوى النا شئة وال صاعدة على امل سرح الدويل. بناء القوة األمريكية واستعادة القيادة العالمية ورث الرئي س الأمريكي باراك اأوباما نظاما ي شهد تراجعا يف م صادر قوته على ال سر ع د كافة سيا سيا واقت صاديا وثقافيا وع سكريا فقد تراجع دور الوليات املتحدة خلل فرتتي الرئي س جورج دبليو بو ش ناهيك برتاجع ال صدقية عن القيم واملبادئ الأمريكية لذا عمل اأوباما منذ اأن وطئت قدماه البيت الأبي ض يف الع شرين من يناير 2009 على ا ستعادة القوة واملكانة والريادة الأمريكية وهو ما كان جليا يف ا سرتاتيجيته للأمن القومي لعام تو ضح ال سرتاتيجية اأن قوة القيادة الأمريكية تبداأ من داخل البلد اإذ إان ما يجري فيها هو ما يحدر د درجة نفوذها يف اخلارج. وتربط بني ا ستعادة مكانة اأمريكا وقدراتها التناف سية وما تب سر ر به من اأخلقيات. وترى وا شنطن اأن القت صاد الأمريكي هو منبع القوة ولذا فقد ركر زت على ضرورة العمل للنهو ض من عرثتها القت صادية وحتقيق انتعا ش اقت صادي وا سع ودائم وخف ض العجز املايل واإيجاد وظائف جديدة وتخفي ض تكاليف الرعاية ال صحية للمواطنني الأمريكيني واإعادة ت شييد بنية حتتية جديدة اأكرث اأمنا وقادرة على مواجهة التحديات الأمنية والكوارث الطبيعية. كما اأكدت زيادة قدرة الأمريكيني على املناف سة على املدى الطويل فقد كتب اأوباما يف مقدمته لل سرتاتيجية:»يجب اأن نعلم اأبناءنا التناف س يف عامل تكون فيه املعرفة هي راأ س املال«. وانطلقا من هذا فقد ركزت ا سرتاتيجيته على اأهمية تعزيز الوليات املتحدة قدراتها العلمية ورفع ق درات البحث العلمي والكت شافات العلمية وحتقيق اخرتاقات علمية غي متوقعة. كما يقول»يجب اأن ننظر اإىل البتكارات الأمريكية كاأ سا س لقوة الوليات املتحدة«. وي ضاف اإىل ذلك العمل على تطوير م صادر الطاقة النظيفة لتحلر حمل الوقود الأحفوري الذي تدار به امل صانع الأمريكية الذي يقود اإىل فكر ارتباط البلد بالنفط ركزت االستراتيجية على أهمية تعزيز الواليات المتحدة قدراتها العلمية ورفع قدرات البحث العلمي واالكتشافات العلمية وتحقيق اختراقات علمية غير متوقعة اخلارجي وهو ما تبناه يف برناجمه النتخابي خلل عام وي ضاف اإىل اأحد م صادر قوة الوليات املتحدة التي يجب العمل على اإعادة العتبار إاليها ت أاكيد جمموعة القيم واملبادئ الأمريكية التي ت شكل ال سيا سة اخلارجية الأمريكية منذ الآباء امل ؤو س سني للوليات املتحدة التي تتمثل يف تعزيز احلقوق الأ سا سية التي أا سر ست عليها اأمريكا -ح سبما تذهب ال سرتاتيجية- وحكم القانون ودعم التنمية ومواجهة الفقر والف ساد ودفع عملية ال سلم بني الأمم والدميقراطية وحقوق الإن سان. وه ي قيم ل ميكن فر ضها بالقوة»فالقيادة الأمريكية لن تتاأتى من خلل زرع اخلوف يف قلوب الآخرين ولكن من خلل خماطبة اآمالهم«. والطريقة املثلى لذلك كما تذهب ال سرتاتيجية تتمثل يف قوة شرف ال شعب الأمريكي وا ستقامته وذلك مرتبط بالقوات امل سلحة والدبلوما سية والقطاع اخلا ص واملنظمات غي احلكومية واملواطنني الأمريكيني العاديني فكل منهم يلعب دورا يف حتقيق أامن الوليات املتحدة وخماطبة شعوب العامل. وات ساقا مع ال سرتاتيجيات ال سابقة للأمن القومي الأمريكي أاكدت ا سرتاتيجية اأوباما للأمن القومي اأن القوة الع سكرية هي حجر الزاوية يف اأمن الوليات املتحدة. فالقوة الع سكرية ح سب ال سرتاتيجية اجلديدة قد تكون ضرورية اأحيانا وقد تكون خيارا حتميا بعد ا ستنفاد اخليارات الأخ رى كافة ولكن ا ستخدامها يقوم على املقارنة بني تكلفة ا ستخدامها وتكلفة عدم ا ستخدامها. ماذا حدث تجاه مشكالت العالم الساخنة على صعيد ال سيا سة اخلارجية الأمريكية عك ست ال سرتاتيجية اجلديدة للأمن القومي التغي يف ال سيا سة اخلارجية الذي تبناه اأوباما منذ حملته النتخابية يف عام 2008 ووعد باإحداثه فعك ست الكثي من ال سيا سات التي اتخذتها الإدارة على ال صعيد اخلارجي. ففي ما يخ سر ق ضايا منطقة ال شرق الأو سط مل تعط ال سرتاتيجية اجلديدة اأهمية لق ضايا املنطقة توازي أازماتها وق ضاياها امل شتعلة التي لها جلر الأثر يف امل صلحة والأمن القومي الأمريكيني. فموقف ال سرتاتيجية من ق ضايا املنطقة جاء ترجمة للوعود التي قطعها اأوباما على نف سه يف اأيامه الأوىل يف البيت الأبي ض. ومل تذهب سيا سته اإىل أابعد من تكرار تلك الوعود فمثل مل تتحدر ث عن كيفية التعامل الأمريكي مع التحديات التي واجهتها على اأر ض الواقع عند تنفيذ تلك الوعود خلل شهورها ال ستة ع شر يف البيت الأبي ض وهي يف حقيقة الأمر حتديات جمة تقور ض من فر ص النجاح الأمريكي جرى التغا ضي عنها يف ال سرتاتيجية وهو ما يوؤ شر إاىل غياب الر ؤوية الأمريكية للتعامل مع تلك التحديات خلل ال سنوات املتبقية للإدارة احلالية يف املكتب البي ضاوي. وعلى صعيد ق ضايا ال صراع العربي-الإ سرائيلي اأك دت النخراط الأمريكي يف ق ضايا ال صراع وعملية ال سلم على اأ سا س حلر الدولتني: دولة فل سطينية تعي ش جنبا إاىل جنب مع نظيتها الإ سرائيلية وعملية ال سلم بني إا سرائيل وجيانها ) سوريا ولبنان( مع التاأكيد يف الوقت نف سه للتزام الوليات املتحدة اللمتناهي وغ ير القابل للنقا ش والتفاو ض اأم ن إا سرائيل وم صلحتها. ولكن مل تتطرر ق إاىل كيفية التعامل الأمريكي مع التعنت الإ سرائيلي يف عملية ال سلم مقارنة ببحثها وتف صيلها يف ق ضايا ل يقل ال صراع العربي-الإ سرائيلي أاهمية عنها يف تاأثيها يف الأمن القومي وامل صلحة الأمريكيني والأمن وال سلم الدوليني. فقد شرحت -على سبيل املثال ولي س احل صر- كيفية مواجهة تنظيم»القاعدة«وتابعيه وق ضية منع انت شار الأ سلحة النووية وت أامني املواد النووية. ولعل هذا يبره أان الإدارة الأمريكية لي ست لديها ر ؤوية شاملة لعملية ال سلم يف املنطقة وكيفية التعامل مع احلكومة اليمينية الإ سرائيلية يف ظل ان شغال اأجندتها بق ضايا دولية ضاغطة. وتن سجم يف طرحها للملفني العراقي والإيراين مع ما طرحته الإدارة منذ اأيامها الأوىل. ففي ما يخ ص امللف العراقي تطرر قت إاىل نقل ال سيادة وامل س ؤوولية إاىل ال سلطة العراقية واعدة بجلء شامل للقوات الأمريكية وتعزيز القدرات املدنية وال شراكة مع حكومة بغداد. وبالن سبة إاىل امللفني النوويني الإيراين والكوري ال شمايل عك ست م ساعي الإدارة الأمريكية اإىل العتماد على العمل الدبلوما سي والتفاو ض واحلوار مع اأطراف امل شكلة وال ستناد إاىل الإجماع الدويل يف فر ض مزيد من العقوبات يف حال عدم التزام الدولتني معايي»معاهدة منع النت شار النووي«وحتمل م سوؤولياتهما الدولية. وجاءت ال سرتاتيجية لت ؤوكد تعهد اأوباما بفتح صفحة جديدة مع العامل الإ سلمي قوامها امل صالح امل شرتكة والح رتام املتبادل ولتطوي صفحة من التدهور يف العلقات مع العامل الإ سلمي ل سيا سات سنوات حكم الرئي س ال سابق بو ش الثماين واأقطابها من املحافظني اجلدد. و أاكدت وعد اأوباما بغلق معتقل غوانتنامو. لكنها مل تتطرق إاىل آالية التعامل مع معتقليه. غياب»الحرب على اإلرهاب«ما يح سب لل سرتاتيجية اأنها أاحدثت حتول يف مقاربتها لل سيا سة اخلارجية الأمريكية بحيث مل تعد تركز على القوة ال صلدة )الع سكرية( فقط واإمنا اأ ضحت هناك اأدوات اأخرى ل تقل أاهمية عن القوة الع سكرية تتمثل أاهمها يف الدبلوما سية الأمريكية وخباء التنمية الذين ي ستطيعون تعزيز احلكم الر شيد -بح سب كلمات ال سرتاتيجية- و آالية تطبيق القانون وتعزيز النظام الق ضائي وال ستخبارات. ولعلها املرة الأوىل التي ت سي فيها ا سرتاتيجية أامريكية إاىل «إارهاب متنام يف داخل البلد«ومل يرد فيها ذكر عن»احلرب على الإرهاب«أاو»الفا شية الإ سلمية«. لكن أاوردت»مواجهة تنظيم القاعدة واجلماعات التابعة له يف أاي مناطق ينت شران فيها خا صة يف أافغان ستان وباك ستان«وهو ما يف سر نظرة اأوباما اإىل احلرب يف أافغان ستان على اأنها»حرب ضرورية«كان يجب أان تركز عليها الإدارة ال سابقة بدل من خو ضها ك»حرب اختيارية«يف اإ شارة إاىل احلرب الأمريكية على العراق يف عام 2003 احلرب التي رف ضها اأوباما منذ الوهلة الأوىل. وبهذا اأ ضحى الإرهاب حمدر د املعنى والنوع. وتختلف ال سرتاتيجية اجلديدة عن ا سرتاتيجية ما بني عامي 2002 و 2006 يف أانها تدعم تعزيز الدميقراطية ب صفتها قيمة أامريكية عليا لكنها يف الوقت نف سه ترف ض ا ستخدام القوة يف فر ضها كما فعلت الإدارة ال سابقة. وترف ض فر ض أاي نظام حكم على الدول فالوليات املتحدة -ح سب كلمات ال سرتاتيجية-»ترف ض اخليار الزائف بني ال سعي ال ضيق اإىل حتقيق م صاحلنا و شنر حملة ل نهاية لها لفر ض قيمنا«وتتحدث عن التحاور والتوا صل مع الأنظمة غي الدميقراطية توضح االستراتيجية أن قوة القيادة األمريكية تبدأ من داخل البالد إذ إن ما يحدث فيها هو ما يحد د درجة نفوذها في الخارج. وتربط بين استعادة مكانة أمريكا وقدراتها التنافسية وما تبش ر به من أخالقيات 01. ميكن الرجوع اإىل ن سر ا سرتاتيجية اإدارة اأوباما للأمن القومي الأمريكي لعام 2010 على الرابط التايل: ن ص كلمة وزيرة اخلارجية هيلري كلينتون اأمام موؤ س سة»بروكينغز«يف ال سابع والع شرين من مايو 2010 حول ا سرتاتيجية الأمن القومي لإدارة اأوباما على الرابط التايل: مع الرتحيب بجميع احلركات الدميقراطية ال سلمية اإىل جانب ت أاكيد تطوير امل ؤو س سات داخل الدميقراطيات اله شة واعتبار حقوق الإن سان جزءا من احلوار الأمريكي مع احلكومات»القمعية«وتدعيم انت شار التكنولوجيا التي ت سهر ل حرية الو صول اإىل املعلومات. واحتلت ق ضية منع النت شار النووي وتاأمني امل واد النووية ول سيما يف ظل سعي عديد من الدول والتنظيمات الإرهابية اإىل امتلكها جزءا من تغطية ال سرتاتيجية. ففي ظل تزايد هذا اخلطر تتبنى ال سيا سة املعلنة إاجراءات تعزيز معاهدة منع النت شار النووي لتكون الدعامة الأ سا سية ملنع النت شار النووي ويف الوقت نف سه العمل على حما سبة الدول التي حتجم عن التزام اللتزامات الدولية التي تفر ضها املعاهدة على اأن يجرى ذلك يف اإطار اإجماعي دويل. واأكدت م ساعي الإدارة لت أامني املواد النووية املعر ضة للأخطار من التنظيمات الإرهابية واتخاذ احتياطات حلماية الأرا ضي الأمريكية من الهجمات ب أا سلحة الدمار ال شامل )النووية والبيولوجية والكيميائية( وكذلك التحديات التي تهدد ال شبكات الإلكرتونية التي تعتمد عليها مناحي احلياة الأمريكية كافة. وعلى الرر غم من التغيات التي اأدخلتها ال سرتاتيجية اجلديدة للأمن القومي الأمريكي لتو سيع مفهوم الأم ن القومي واقرتانه باأمن العامل و إانهاء حالتي ال ستثنائية والعمل النفرادي اللتني سيطرتا على ا سرتاتيجيتي بو ش البن للأمن القومي والعمل على اإع ادة العتبار اإىل القوة والقيادة الأمريكيتني عامليا فاإن ال سرتاتيجية اجلديدة اأعادت اإنتاج القدمي يف ثوب جديد. ويف حال تطبيقها فلن تختلف اإل يف القليل عن ال سيا سة اخلارجية الأمريكية للرئي سني ال سابقني بيل كلينتون وجورج دبليو بو ش. * حمرر»تقرير وا شنطن«اأحد م شروعات معهد الأمن العاملي يف وا شنطن يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

49 علوم وبيئة هيلين بيلوسي علوم وبيئة هيلين بيلوسي أساسية لصناعة الطاقة المتجددة.. والصين تقي د تصديرها مديرة»إيرينا«: تنافس عالمي على»العناصر النادرة«تؤكد مديرة الوكالة الدولية للطاقة المتجد دة هيلين بيلوسي أن العالم مقبل على عصر طاقة جديد خاصة أن مجموعة العشرين قررت المضي في رفع الدعم عن صناعة الوقود األحفوري. إال أنها تحذر في الوقت نفسه من عدم االلتفات إلى بعض التحديات ومنها توفير الطاقة بأسعار مناسبة وإيجاد بدائل للمواد الخام النادرة ذات األهمية في صناعة أجهزة الطاقة المتجددة إذ إن الصين وبوليفيا أصبحتا محط أنظار كثير من دول العالم نظرا إلى احتوائهما على نسبة وفيرة من هذه المواد. بشار حميض*»الصين تستثمر اآلن بشكل هائل في الطاقة المتجد دة وليس أمامها خيار آخر سوى ذلك«اإذا كان العامل يتجه اإىل ع صر الطاقة املتجددة ح سب ما تقول مديرة الوكالة الدولية للطاقة املتجددة فاإن ال س ؤوال الذي يطرح نف سه هو: ماذا سيكون شكل هذا العامل من الناحية ال سيا سية وهل ستبقى منطقة اخلليج تلعب الدور املحوري نف سه يف جمال الطاقة اإن الإجابة عن هذين ال س ؤوالني املرتبطني بامل ستقبل لي ست بالأمر الهنين. اإل أان بيلو سي ترى أان املنطقة مر شحة للعب دور مهم يف هذا الع صر اجلديد الذي يبدو أان اجليو- سيا سة ستتخذ فيه اأ شكال أاخرى غري معهودة.»اآفاق امل ستقبل«حاورتها اأخريا وهنا إاجاباتها التي تو ضح روؤيتها ل»املناف سة اجلديدة«وم ستقبل الطاقة. متى ي توقع اأن ت صبح الطاقة املتجد دة هي امل صدر الرئي سي للطاقة يف العامل هناك درا سات عديدة تبحث يف هذا الأمر بع ضها يتنباأ باأن ت صل ن سبة الطاقة املتجددة اإىل %50 من م صادر الطاقة يف العامل بحلول عام لكن التنبن وؤ بهذا التاريخ وب سرعة زيادة م شاركة الطاقة املتجددة يف إانتاج الطاقة مرتبط بعوامل اأهمها مدى التطوير يف جمال كفاءة ا ستخدام الطاقة املتجددة وهذا املوعد ل يزال قابال للنقا ش. غري أان اجلميع يتفق على أاننا نتجه اإىل و ضع تكون فيه ن سبة م شاركة الطاقة املتجدن دة اأكرب. وثمن ة سيناريوهات ي ضعها الباحثون ت صون ر و ضعا ي عتمد فيه على الطاقة املتجددة بن سبة %10. و أاود هنا ذكر ال صني كمثال فاإذا بداأت هذه الدولة يف ا سترياد احتياجاتها كلن ها من الوقود الأحفوري ف إاننا سن صل إاىل مرحلة لن يكون فيها وقود العامل كلن ه كافيا باأي حال من الأحوال لذا ف إاننا نرى ال صني الآن ت ستثمر ب شكل هائل يف م صادر الطاقة املتجدن دة ولي س أامامها خيار آاخر سوى ذلك. اإذا كان االقت صاد يدفع الدول اإىل االعتماد على الطاقة املتجددة فلماذا نحتاج اإذا اإىل وكالة حكومية دولية للطاقة املتجددة مثل»اإيرينا«القت صاد ل يقوم بدور جيد يف جمال الطاقة املتجددة. ويكفي هنا ذكر اأن الأ سعار املوجودة يف ال سوق ل تعربن عن احلقيقة فهناك دعم حكومي هائل لأنواع الوقود الأحفوري يبلغ 400 مليار دولر سنويا. والآن يوجد اتفاق بني جمموعة الع شرين على وقف هذا الدعم. لكن هذا التوجه جديد اإذ يعود اإىل سبتمرب/اأيلول عام واحلال اأن الدول ما زالت تقدن م دعما للوقود الأحفوري من ناحية ولكنها ل تطرح دعما للطاقة املتجددة بامل ستوى نف سه من ناحية أاخرى. معلوم اأن الطاقة املتجددة هي صناعة نا شئة. وعندما ننظر اإىل تاريخ ال صناعات النا شئة ف إاننا نالحظ اأنها كانت دائما بحاجة اإىل معونة من الدول قبل أان تن ضج هذه ال صناعات وت صبح قادرة على حتقيق الأرباح. واأرى اأن عدم دعم الطاقة املتجددة ي شكل ما ي شبه اجلرمية لأنه يعني اأنك ل حت سن ر نف سك للم ستقبل. والأ سلم بالن سبة اإيلن هو أان ن ستخدم العوائد النفطية يف دعم الطاقة املتجددة وهو بال ضبط ما تفعله الإمارات فهي ت أاخذ من عوائد النفط وت ستثمرها يف»م صدر«. ونعلم أان عوائد النفط ستنتهي بعد 50 اأو سنة 100 من الآن لذا ف إان ا ستثمار هذه العوائد الآن يف دعم صناعة الطاقة املتجددة امل ستقبلية هو اأمر عقالين جدا. هل ستدفع»اإيرينا«اإذا نحو اإلغاء الدعم املقد م اإىل الطاقة ا أالحفورية ل سنا بحاجة اإىل الدن فع يف هذا الجتاه لأن لدينا قرارا من جمموعة الع شرين يف هذا اخل صو ص. وهذه املجموعة متثل %80 من القت صاد العاملي. اإن النتقال اإىل الطاقة املتجددة سيحدث ولكن اإلغاء الدعم احلكومي للطاقة الأحفورية هيلني بيلو سي تتحدث ل»اآفاق امل ستقبل«صعب بالن سبة اإىل بع ض الدول ف إاذا اأخذنا م صر على سبيل املثال جند أان حكومتها تدعم الوقود هناك حتى يتمكن ن ال سكان من احل صول على الطاقة التي يحتاجون إاليها ب أا سعار منا سبة. ولكن من ال ضروري أان تدعم و سائل الطاقة املتجددة و أان يرفع الدعم عن الوقود الأحفوري اأي ضا وهذه معادلة صعبة. واأنا اأرحب بالجتاه نحو رفع الدعم عن الوقود هنا يف الإمارات و أادرك أان هذا التوجن ه صعب اأي ضا ولكنه سيحدث يف وقت ما. كما يجب اأخذ مو ضوع الآثار اخلارجية يف احل سبان فعند ا ستخدام الوقود الأحفوري ف إان ثمن ة آاثارا خارجية سلبية يجب أان تدخل يف احل ساب بينما ستكون الآثار اخلارجية إايجابية عند ا ستخدام الطاقة املتجددة. لذا علينا أان جنعل الأ سعار يف ال سوق تعك س احلقيقة و إاذا مل نفعل ذلك فاإننا سن صل إاىل طريق م سدود. هيلين بيلوسي.. فرنسية بسيرة عالمية ت شغل الفرن سية هيلني بيلو سي من صب املدير العام املوؤقت للوكالة الدولية للطاقة املتجددة»اإيرينا«)IRENA( منذ انتخبتها الدول الأع ضاء )143 دولة( يف 30 يونيو/حزيران عام قبل هذا املن صب ت سلن مت م سوؤولية ال س ؤوون اخلارجية يف وزارة البيئة والطاقة والتنمية امل ستدامة الفرن سية. ويف من صبها هذا الذي شغلته منذ عام 2007 اأدارت دفن ة املفاو ضات الفرن سية ضمن جمموعة املناخ والطاقة التابعة لالحتاد الأوروبي كما كانت م س ؤوولة عن و ضع خطة الطاقة املتجددة لفرن سا. وتولن ت عددا من املنا صب الدولية الرفيعة منها: م ست شارة املكتب اخلا ص للم ست شارة الأملانية أانغيال مريكل وذلك اإبن ان رئا سة اأملانيا الحتاد الأوروبي يف عام 2007 و ساعدت ب صفتها ع ضوا أا سا سيا يف اللجنة التوجيهية للرئا سة الأملانية على تبنن ي اأهداف الحتاد الأوروبي ال سيا سية حيال كفاءة الطاقة والطاقة املتجددة وانبعاثات ثاين أاك سيد الكربون. كما عملت مديرة لل س ؤوون ال سرتاتيجية يف»جمموعة سان غوبان«يف ما سا شو سيت س يف الوليات املتحدة الأمريكية ) (. وعملت يف وزارة املالية الفرن سية ) ( وان صبن تركيزها يف تلك الفرتة على التحون ل اإىل عملة اليورو. تخرجت بيلو سي يف الكلية الوطنية لالإدارة يف باري س عام 1996 وحازت بعدها اإجازة املاج ستري يف القانون العام والعلوم ال سيا سية من معهد الدرا سات ال سيا سية يف باري س ودرجة املاج ستري يف اإدارة الأعمال من املدر سة العليا للعلوم القت صادية والتجارية يف فرن سا. كيف تقو مني اجلهود املبذولة يف اخلليج على صعيد الطاقة املتجددة وهل هذه اجلهود كافية دائما ميكن للمرء اأن يبذل جهدا اأكرب ولكنني واقعية جدا وقد عملت مل صلحة ر ؤو ساء حكومات ووزارات. لذا بالرغم من اإمياين بحدوث ثورة يف عامل الطاقة ف إانني ل اأتوقن ع اأن يحدث ذلك بني ع شية و ضحاها. الأمور حت صل عندما يقتنع النا س بها واأحيانا اأف سن ل القيام بخطوات صغرية بدل من حماولة حتقيق خطوة كبرية ومن ثم الف شل يف ذلك. و أاتوقع اأن يحدث الحتبا س احلراري ب شكل من الأ شكال ولكن علينا اأن نبحث عن و سائل جتعله صغريا باأكرب قدر ممكن. إان الأمر متعلن ق بالوعي واإذا نظرنا اإىل مثال الهيئة احلكومية الدولية املعنية بتغري املناخ )IPCC( فاإنها اأ س ن ست عام 1988 وبعد مرور 20 عاما يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

50 علوم وبيئة هيلين بيلوسي»هناك دعم حكومي هائل ألنواع الوقود األحفوري يبلغ 400 مليار دوالر سنويا. واآلن ثم ة اتفاق بين مجموعة العشرين لوقف هذا الدعم ح صلت هذه الهيئة على جائزة نوبل. اأي اأن انتقال الفكرة من املجال الأكادميي اإىل الوعي العام ا ستغرق نحو جيل كامل. واملثري يف الأمر هو اأن اأحدا مل يكن يتوقع قبل سنوات 10 من الآن اأن ت ضع دولة خليجية مثل الإمارات العتماد على الطاقة املتجددة بن سبة %7 بحلول عام 2020 هدفا لنف سها ولكننا اليوم أامام هذا الهدف. اإذا و صلت منطقة اخلليج إاىل اأهدافها يف جمال الطاقة املتجددة وا ستثمرت بال شكل الكايف يف هذا القطاع هل تتوق عني حينها اأن ت ستمر املنطقة يف لعب دور ا سرتاتيجي مهم يف هذا املجال كالذي تلعبه ا آالن يف جمال الطاقة االأحفورية اأعتقد اأنه توجد اإمكانات هائلة لذلك فلديك هنا الإ شعاع ال شم سي وامل ساحات املطلوبة. و صناعة الطاقة املتجددة حتتاج اإىل م ساحات وا سعة وهناك حاجة اإىل و ضع املرايا يف هذه امل ساحات عند ا ستخدام نظام الطاقة ال شم سية املركن زة.)PV( نظام اخلاليا الكهرو ضوئية وكذلك الأمر عند ا ستخدام )CSP( وعلى سبيل املثال ل تتوافر مثل هذه امل ساحات يف جنوب فرن سا لذا فاإن جمرد توافر امل ساحات هنا هو اأمر فريد و سيتيح للمنطقة م صدر طاقة ثمينا جدا. ولكن يف الوقت نف سه ل بدن من تعديل شبكات الكهرباء وربط بع ضها ببع ض. وعلى كلن حال فاإن لدى املنطقة املوارد الالزمة لذلك ول شكن يف حدوثه. يف مقابلة مع جملتنا ن شرت يف العدد ال سابق قال خبري الطاقة املتجددة جريمي ريفكن إان مفهوم اجليو- سيا سة سينتهي يف ع صر الطاقة اجلديد. ولكن ماذا عن ال صراع على املوارد الالزمة ل صناعة الطاقة املتجددة هل سن شهد يف امل ستقبل حروبا من اأجل احل صول على العنا صر الالزمة ل صناعات الطاقة املتجددة يجب اأول التفريق بني صناعة الطاقة املتجددة املعتمدة على نظام الطاقة ال شم سية املركزة )CSP( وتلك املعتمدة على نظام اخلاليا الكهرو ضوئية.)PV( ففي النظام الأول لي ست هناك حاجة اإىل عنا صر نادرة الوجود ولكن الأمر خمتلف يف حالة نظام اخلاليا الكهرو ضوئية التي حتتاج اإىل بع ض املواد كذلك فاإن هناك حاجة اإىل مادة الليثيوم يف صناعة البطاريات. ومن املمكن اكت شاف مناجم جديدة حول العامل لزيادة ا ستخراج هذه املواد كما ميكن اخرتاع بدائل لهذه املواد من خالل البحث والتطوير التقنيني. وهذا ي شكل حتديا اأمام الب شرية ولكن التحديات ميكن اأن توجد احللول. اإن الطاقة املتجددة تعتمد على م صادر جمانية ومتوافرة بكرثة ولكن صناعة اأجهزة»علينا أن نجعل األسعار في السوق تعكس الحقيقة وإذا لم نفعل فسنصل إلى طريق مسدود«الطاقة املتجددة تتطلب بع ض امل صادر املتوافرة ورمبا تكون هناك مناف سة عليها ويجب علينا اأن ن أاخذ ذلك يف احل سبان. واأعتقد اأن قرار ال صني البدء يف التخزين ال سرتاتيجي للعنا صر النادرة امل ستخدمة يف صناعات الطاقة املتجددة وخططها لو ضع قيود على ت صدير هذه العنا صر ووجود نقا ش حول هذا الأمر داخل منظمة التجارة العاملية ت شكل تطورا مهما ويجب األ نكون ساذجني يف هذا ال صدد. وبالن سبة إاىل مادة الليثيوم نرى اليوم اأن العديد من الأطراف تتجه الآن اإىل التفاو ض مع الرئي س البوليفي أايفو مورالي س لأن بالده متلك اأكرب احتياطي مقدن ر يف العامل من هذه املادة التي ست صبح ذات قيمة جتارية مهمة جدا يف حال التحول اإىل ال سيارات الكهربائية املعتمدة على البطاريات. اإل أاننا إاذا ا ستثمرنا م ستقبال يف البحث والتطوير فرمبا سنجد بديال ملادة الليثيوم أاو نعرث على طرق اأخرى ل صناعة البطاريات. بيد اأن هذا غري متاح إاىل الآن. ماذا عن مو ضوع امللكية الفكرية هل تالحظني هنا نزعة لدى بع ض الدول اإىل احتكار تقنيات الطاقة املتجددة ل اأعتقد أاننا سن صل اإىل مرحلة الحتكار. واإمنا ست صبح تقنيات الطاقة املتجددة سلعا تباع وت شرتى. وما حدث يف ولية اأونتاريو الكندية يدل على ذلك فبعد اأن اأجرت حكومة هذه الولية التح ضريات القانونية الالزمة لقطاع الطاقة املتجددة وحدن دت تعرفة تزويد ال شبكة الكهربائية بالطاقة املتجددة شرعت بعدها يف اإعالن املناق صات لبناء م شروعات الطاقة املتجددة وحينها مل تف ز أاملانيا ول إا سبانيا بالعقود و إامنا كوريا اجلنوبية. اإن هذا ي شكل تغريا كبريا. واحلقيقة هي اأنه عندما يبداأ بناء وحدات الطاقة املتجددة يف منطقة ال شرق الأو سط و شمال اأفريقيا فاإن ال صني أاو كوريا اجلنوبية هي التي ستفعل ذلك لأنهما ستقدمان اأ سعارا اأرخ ص من غريهما. ما موقف»اإيرينا«من مو ضوع تخزين ثاين اأك سيد الكربون يف باطن االأر ض وهل هذه التقنية صديقة للبيئة قبل اأن اأ صبح رئي سة ل» إايرينا«سعيت اإىل دعم م شروعات تخزين ثاين اأك سيد الكربون لأنني اأعتقد اأنه اإذا كان ل بدن من ا ستمرارنا يف العتماد على الطاقة الأحفورية ف إان علينا على الأقل اأن جنعلها اأكرث نظافة ومالءمة للبيئة. ولكن ل اأعتقد أان هذه التقنية متثل امل ستقبل لأنها مرتبطة بالوقود الأحفوري كما اأن عملية جمع ثاين اأك سيد الكربون وتخزينه يف حدن ذاتها حتتاج اإىل طاقة وهذا يعني اأننا ح صلنا على طاقة نظيفة ل تبثن ثاين اأك سيد الكربون يف اجلو غري اأن تكلفة إانتاج الطاقة ستزيد اأي ضا. ومع ذلك يجب علينا اأن ن سعى اإىل احللول كلن ها. واأح سب اأن تخزين ثاين اأك سيد الكربون يف باطن الأر ض ي ساعد على التخفيف من حدن ة م شكلة الحتبا س احلراري. ولكن لي ست لدينا حتى الآن خطط اقت صادية لتطبيق هذه التقنيات ول نزال نعمل على تطويرها. كما جتب الإ شارة اإىل أان هذا احلل ل ي شكل حال م ستداما لأكرث من سنة. 40 * من اأ سرة «آافاق امل ستقبل«يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

51 علوم وبيئة»أسبوع الرماد«علوم وبيئة»أسبوع الرماد«إبراهيم خياط* شهد إلغاء 100 ألف رحلة في أوروبا»أسبوع الرماد«غي ر النظرة إلى حصانة اآللة برغم أن أسبوع الرماد البركاني الذي غط ى أجزاء واسعة من القارة األوروبية قد مر وبدأ العالم ينشغل بكوارث أخرى فإنه بقي دليال على هشاشة األنظمة التي بناها البشر المعتمدة على اآللة بشكل مفرط. هذا التقرير يدخل بنا في تفاصيل هذه الكارثة مبينا لنا قوة الطبيعة وضعف اآللة والتقنيات الحديثة أمامها خاصة أن تقارير متعد دة تشير إلى قرب تفاقم أزمات بيئية ستؤثر في قطاعات اقتصادية مهم ة مثل السياحة التي يرتبط بها قطاع الطيران العربي بشكل وثيق. وقف العامل مدهو شا ي شاهد كتلة ضخمة من سحب الدخان تعطن ل حركة النقل اجلوي يف ال سماء فوق شمال املحيط الأطل سي والقارة الأوروبية. و سارعت سلطات الطريان املدين يف أاغلب الدول الأوروبية ال 37 اإىل اإغالق ف ضائها اجلوي لتتوقف احلركة يف اأكرث من 300 مطار منها املطارات الأوروبية الأكرث ازدحاما مثل شارل ديغول يف باري س وهيرثو يف لندن ومطار فرانكفورت يف أاملانيا. وعلى امتداد سبعة اأيام تعطن لت رحالت اأكرث من سبعة ماليني م سافر وجدوا اأنف سهم وقد تقطن عت بهم ال سبل يف خمتلف أانحاء الأر ش. و شلن ت الأزمة حركة امل شاهري وال سيا سيني ومنهم زعيمة اأكرب اقت صاد اأوروبي امل ست شارة اأنغيال مريكل التي ا ضطرت إاىل الهبوط يف الربتغال عائدة من الوليات املتحدة لتنتقل يف رحلة جوية ق صرية اإىل اإيطاليا ومن ثم برا إاىل بلدها حيث و صلت بعد يومني. وللمرة الأوىل منذ مطلع اخلم سينيات حينما جعل اخرتاع املحركات النفن اثة من النقل اجلوي البديل اجلديد الأرخ ص والأ سرع من صناعة النقل البحري و سفن الركاب عرفت صناعة الطريان التجاري كبوة مفاجئة مل يكن اأحد يتوقن عها. وتقاذفت شركات الطريان والت أامني و سلطات الطريان املدين وهيئة الطريان الأوروبية»يوروكونرتول«و شركات الت أامني امل س ؤوولية عن املاأزق املفاجئ والرتباك يف التعامل مع الظاهرة اجلديدة. واحلقيقة اأن ما جرى قدن م منوذجا ب سيطا وعلى نطاق كوين وا سع ملدى ه شا شة اأن شطتنا القت صادية حتى تلك الأكرث انتظاما و سالمة ومدى ارتهانها بعوامل الطبيعة وبقدرتها على اأن تلغي نظام حياتنا نحن املخلوقات ال صغرية التي تعي ش فوق ق شرة الكوكب. ولكن ما الذي حدث يف كارثة الرماد الربكاين الأخرية تفاصيل الكارثة عند ظهر الأربعاء 14 أابريل/ني سان املا ضي بداأت سحابة بركانية ترتفع يف سماء آاي سلندا. ويف البداية مل يتوقف املراقبون اجلويون كثريا عند ال سحابة لأن اآي سلندا بلد ن شط بركانيا نظرا اإىل وقوعه عند ال صدع الأطل سي الأو سط وهي منطقة تعجن بالرباكني بحكم وقوعها بني ال صفيحتني القاريتني لكل من القارة الأورا سية والقارة الأمريكية. ال صهارة التي كانت تنبعث بقوة يف الف ضاء كانت تتدفق من بركان اآيافالجوكول وهو بركان بقي خامدا منذ عام 1821 حينما ا ستمر يبعث احلمم ب صورة متقطعة اإىل ال سطح طوال تلك ال سنة ثم ن سيه النا س. احلمم الربكانية التي كانت تندفع اإىل سطح الأر ض كان يفرت ض بها أان تن ساب من دون عائق ومن دون أان ترتفع يف طبقات اجلو لكنها وجدت نف سها حبي سة على امتداد اأ سابيع و سط اجلليد لأن ال سطح الذي كانت تندفع نحوه كان يرزح حتت وطاأة كتلة جليدية هائلة متتد لع شرات الكيلومرتات وبارتفاعات عالية. وقد ولن د ال ضغط الهائل لكتلة احلمم واملياه املتبخرة العاجزة عن اخرتاق اجلبل اجلليدي الهائل ما ي شبه»طنجرة ال ضغط«. و أادت الطاقة الهائلة احلبي سة يف 22 من ال شهر الذي سبق اأي مار ش/اآذار اإىل حدوث صدع عميق بطول ن صف كيلومرت يف اجلانب ال شرقي للجبل اجلليدي من دون اأن تخرج ال صهارة الربكانية املوؤلفة من خليط احلمم واملياه والبخار احلارق. لكن يف 14 اأبريل جنح ال سائل الربكاين ال ساخن يف حفر طريقه اإىل ال سطح. وعند منت صف النهار من ذلك اليوم كانت سحب الرماد الربكاين املكون نة من مزيج من جزيئات الزجاج والرمل وال صخور قد ت صاعدت اإىل علو 3500 مرت يف اأجواء الف ضاء. ومل تلبث سلطات الطريان املدين يف اآي سلندا و شمال اأوروبا اأن بثت حتذيرات للطائرات من التحليق فوق ارتفاعات منخف ضة ودعتها اإىل جتنن ب املرور فوق آاي سلندا حيث يعرب عدد قليل من الرحالت ال 600 بني اأوروبا و شمال اأمريكا كل يوم. لكن الأزمة تفاقمت يف ال ساعات التي تلت حيث ابتد أا الإغالق التدريجي ميتد من فوق الأطل سي اإىل القارة الأوروبية. وببطء امتد اإلغاء رحالت الطائرات من غرب اأوروبا اإىل و سطها ف شرقها وجنوبها. وكان الإلغاء يف البداية حمدن دا ب ساعات ثم لأيام ووجدت شركات الطريان واجلهات الر سمية ومعها امل سافرون اأنف سهم يف مواجهة مل ي ستعدوا لها. وامتدت الكارثة اإىل أاقطار الأر ض لتتعطل الآلف من الرحالت اجلوية. الطيران آم ن وسائل النقل تطبق هيئات الطريان الوطني يف معظم اأنحاء العامل معايري سالمة مرتفعة للغاية ل ضمان عدم وقوع حوادث. وبف ضل هذه الت شريعات امل شددة اأ صبح التنقل بالطائرة إاحدى اأكرث و سائل التنقل اأمنا يف العامل اإذ ي صل معدل احلوادث اإىل حادث واحد من اأ صل كل 1.4 مليون رحلة جوية. اإل اأن هناك اأج ساما ميكن لها اأن تدخل اإىل حمرك الطائرة وتوؤدي إاىل تعطيله وهي اجلزيئات ال صغرية التي يتكون منها الرماد الربكاين. وكان هذا هو ال سبب خسائر قطاع النقل الجوي خالل أسبوع الكارثة البركانية بلغت 4.7 مليار دوالر وكبرى الخسائر تحملتها الناقالت األوروبية تلتها األمريكية ثم ناقالت الشرق األوسط وأفريقيا 108 يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

52 علوم وبيئة»أسبوع الرماد«علوم وبيئة»أسبوع الرماد«الذي حمل سلطات الطريان املدين على امل سارعة اإىل وقف حركة الطائرات. وقد اعتمد الحتاد الدويل للطريان املدين قواعد حمددة تن ص على منع حركة الطائرات حينما تنت شر سحب رماد بركاين ت ضم جزيئات بحجم 0.02 ملم يف املرت املكعب من الهواء. وكانت حادثتان وقعتا يف الثمانينيات واأو شكت خاللهما طائرتان عربتا سحابتني بركانيتني على ال سقوط والتحطم مع ركابهما جراء دخول ذرات الرماد الربكاين وتعطيلها املحركات بعد ان صهارها داخلها و سدن فتحات التربيد. وقد جنح قائد اإحدى هاتني الطائرتني وهي كانت تابعة للخطوط اجلوية الربيطانية يف اإعادة ت شغيل املحركات برغم اأنها كانت قد توقفت متاما واأو شكت الطائرة على التحطم بعد اقرتابها من الأر ش. اأما الطائرة الثانية فا ستاأنفت حمركاتها دورانها وهي ل تزال يف اجلو. وتخ ضع حمركات الطائرات اجلديدة امل صممة للعمل لع شرات اآلف ال ساعات لتجارب قا سية قبل أان ترخن صها سلطات الطريان الفيدرالية الأمريكية وهي اأكرث الهيئات صرامة وتعدن مرجعا ل صناعة الطريان يف العامل. وتعمل حمركات الطائرات ب سرعة فائقة حيث تدور عنفات املحرك اآلف الدورات يف الدقيقة الواحدة. وهي تدفع الهواء امل شفوط بقوة ضخمة داخل غرفة الحرتاق ما يتيح توليد ضغط يعادل ضعف 28 ال ضغط اجلوي. وهو ما مينح الطائرة قوة دافعة تتيح لها النتقال ب سرعة يف اجلو. ويدخل الهواء عرب العنفات ليذهب اأكرث من %40 منه اإىل حجرة الحرتاق حيث ت صل احلرارة اإىل 1500 درجة مئوية بينما يتوزع الهواء املتبقي ويدخل اأكرث من ثلثه من خالل فتحات التربيد التي تتيح ضبط حرارة غرفة الحرتاق وجدرانها. وحلماية املحرك من خطر الن صهار فاإن اأجهزة ال ست شعار الإلكرتونية تنظم دخول الهواء اإىل املحركات وخروجه منها للحفاظ على حرارتها دون الدرجة التي تهدن د سالمة املعادن التي تتاألف منها جدران املحرك. ولأن الرماد الربكاين ي ضم ذرات زجاج وذرات صخرية ورمال فاإن احتمال ان صهار الرماد داخل املحرك وحول غرفة الحرتاق حيث احلرارة مرتفعة هو احتمال وارد ويوؤدي اإىل سدن فتحات التربيد ما يرفع درجة حرارة املحرك اإىل اأكرث من 2000 درجة مئوية وهو ما يدفع اأجهزة ال ست شعار اإىل اإغالق املحركات. ويعني حدوث اأمر من هذا القبيل اأن الطائرة تتحول يف ثوان معدودة اإىل كتلة من اخلردة معلن قة يف ال سماء الأمر الذي سينتهي حتما ب سقوطها وحتطمها. داللة الكارثة قدن رت هيئة الطريان املدين الأوروبية»يوروكنرتول«التي تتوىل تن سيق العمليات اجلوية يف 37 دولة اأوروبية اأن خ سائر قطاع النقل اجلوي خالل أا سبوع الكارثة الربكانية بلغت 4.7 مليار دولر واأن كربى اخل سائر حتملتها الناقالت الأوروبية تلتها الناقالت الأمريكية تلتها ناقالت ال شرق الأو سط واأفريقيا لت أاتي الناقالت الآ سيوية الأخرى يف آاخر مرتبة بني املت ضرن رين. وقالت»يوروكنرتول«اإن 100 األف رحلة جوية من اأ صل 180 األف رحلة يف اأوروبا األغيت مبا شرة ب سبب الرماد الربكاين يف حني األغيت خم سة اآلف رحلة اأخرى خارجها ب صورة غري مبا شرة. بدورهم حتمن ل امل سافرون الذين اأجربوا على اختيار و سائل نقل اأخرى ب سبب تعطن ل اأعمالهم وا ضطرارهم إاىل النزول يف فنادق تكاليف مالية غري متوقعة مل يعو ضها اأحد لهم و ضاعف من ثقلها جلوء كثري من الفنادق و شركات النقلني الربي والبحري إاىل رفع الأ سعار ب صورة انتهازية. وتن شن القوانني الأوروبية على تقدمي ت سهيالت اإىل امل سافرين تت ضمن ن اإجراء ات صالني هاتفيني واإر سال فاك س وم شروبات لكل م سافر يف حال تاأخن ر الرحلة اأكرث من ثالث ساعات. اأما يف حال كان التاأخر خم س ساعات فما فوق فيتعني تعوي ض امل سافر مبا يعادل ثمن رحلته وتاأمني اإيواء وطعام وم شروبات له اإل صناعة النقل الجوي تنشط فيها 4500 شركة طيران حول العالم وصناعة السياحة ت عد أحد أكبر ثالثة مصادر للدخل في العالم ومسؤولة عن %9.2 من إجمالي الناتج العالمي اأن شركات الطريان ومعها شركات التاأمني رف ضت حتمن ل امل س ؤوولية عن قرار اتخذته سلطات الطريان املدنية التي اعتبر ت مق سن رة يف ال ستعداد لكارثة من هذا القبيل كما اأنها تعجلت يف إاغالق الأجواء من دون البحث عن بدائل عقالنية تراعي متطلبات ال سالمة وتقلل من ن سب تعطيل الرحالت. وانتهى الأمر ب شركات الطريان اإىل املطالبة بتقدمي تعوي ضات حكومية اإليها ول سيما اأن خ سائرها يف اأ سبوع الكارثة قاربت ن صف خ سائر كل قطاع الطريان خالل العام املا ضي التي بلغت 9.4 مليار دولر. وكانت صناعة النقل اجلوي ت شهد تعافيا لفتا للنظر منذ مطلع ال سنة بعد الرتاجع الكبري الذي شهده العامان ال سابقان حيث شهدت منوا يف عدد الركاب و صل اإىل %10 خالل شهر مار س املا ضي ومنوا بن سبة %30.5 يف قطاع ال شحن اجلوي. وقد اأثن ر أا سبوع الرماد الربكاين يف جعل النمو يف عدد الركاب يرتاجع إاىل %2.4 فقط خالل اأبريل املا ضي. وتعلن ق شركات الطريان اآمالها كلن عام على مو سمني حتقق فيهما أاكرب ن سبة من الدخل وهو ما يف سر الذعر الذي انتاب قطاع النقل اجلوي خوفا اأن تتوا صل اأزمة الرماد الربكاين مبا يق ضي على مو سم ال صيف. ومعروف اأن اأرباح شركات الطريان تدور يف حميط %3 يف املتو سط سنويا وهو هام ش ربح حمدود يجعلها يف و ضع ه ش ماليا يف حال حدوث اأين تقلبات يف بيئة عملها. وقد سارعت املطارات الأوروبية بدورها إاىل ال شكوى من خ سائرها خالل الأزمة التي قدرتها بنحو مليار دولر برغم اأن هذا املبلغ لي س كبريا مقارنة بحجم ما تنفقه املطارات سنويا لت سيري عملياتها و ضمان سالمتها البالغ 40 مليار دولر مقابل 95 مليار دولر من العوائد التي جتنيها. الرهان الخاسر على اآللة ويقول اخلرباء إان ج سم الطائرة يف حال مرورها داخل سحابة للرماد الربكاين سيتعر ض لت شويه كامل ب سبب وابل من الرذاذ ال صلب من جزيئات الرماد الربكاين الذي سي صطدم به ب سرعة تقارب 900 كلم ما سيوؤدي اإىل تخرن ش زجاج قمرة القيادة والنوافذ والألواح املعدنية جل سم الطائرة وم صابيح الأجنحة. ويف هذه احلالة ف إان اإ سالح الطائرة سيقت ضي اإنفاق ماليني الدولرات لإ صالح البدن والألواح. وقد قادت الكارثة الأخرية إاىل البحث عن و سائل لتقليل ن سبة انك شاف ال صناعة أامام مثل هذه التقلن بات ومنها اإدخال تعديالت على املحركات وكذلك منح مرونة فردية للطائرات من خالل تزويدها برادار ي ستطيع قيا س حمتوى ال سحب التي تواجهها ما ميكن نها من الإفالت منها والبتعاد عنها مب سافة كافية و ستكون شركة»اإيزي جت«أاول من ي ستخدمه يف خطوة جتريبية هي الأوىل من نوعها يف عامل الطريان. و ست ضعه ال شركة على 12 طائرة من طائراتها قبل نهاية العام اجلاري. كما يقرتح بع ضهم ال سماح بتحليق الطائرات ذات اجل سم العري ض التي ت ستطيع الو صول اإىل ارتفاع 45 األف قدم وهو أاعلى من امل ستوى الذي ميكن اأن ت صل إاليه الرياح املحملة باجلزيئات الثقيلة. وطالبت املنظمة الدولية للطريان املدين )اإيكاو( شركات الطريان باأن ت شكل كل منها»فريق عمل للرماد الربكاين«لدرا سة ال شروط العلمية وحتديد مقاربة دولية موحن دة لعملية إاغالق الف ضاء اجلوي على أان ترتجم اخلال صات النهائية بقرار تتفق عليه اجلمعية ال سنوية للمنظمة يف سبتمرب/ أايلول املقبل. لكن سواء توافقت ال سلطات على الأر ش على حت سني اإجراءاتها الوقائية أاو جنحت التكنولوجيا يف تقدمي حلول معقولة ت ضفي املرونة على عمليات شركات الطريان وتزيد معدلت ال سالمة لطائراتها فاإن صناعة النقل اجلوي التي تن شط فيها شركة 4500 طريان حول العامل ومعها صناعة ال سياحة اأحد اأكرب ثالثة م صادر للدخل يف العامل وامل سوؤولة عن %9.2 من اإجمايل الناجت العاملي تبقيان عر ضة لعوامل الطبيعة. وي سافر كل عام قرابة 4.4 مليار م سافر جوا منهم 1.8 مليار م سافر دويل مقابل نقل كميات هائلة من ال شحن اجلوي ت صل اإىل 71.3 مليون طن مرتي ) ضمنها الربيد( وتت ضمن 41.7 مليون طن مرتي لل شحنات الدولية. وتراجع عدد الرحالت اجلوية من 77 مليون رحلة عام 2008 اإىل نحو 64 مليون رحلة العام املا ضي منها 964 األف رحلة يف منطقة ال شرق الأو سط وحده نقل خاللها نحو 100 مليون م سافر. الطبيعة القاهرة إاىل جانب كارثة الربكان التي كانت حدثا موؤقتا ا ستمر اأ سبوعا واحدا فاإن اأبرز املخاطر الدائمة التي يحذن ر منها العلماء هو»ظاهرة الدفيئة«وارتفاع حرارة الغالف اخلارجي لالأر ض مع ما ميثله ذلك من جفاف كتلة البحار واملحيطات وارتفاعها ب سبب ذوبان ثلوج القطبني عالوة على غرق اأجزاء كبرية من ال سواحل التي تقوم عليها املدن واملن ساآت والبنى التحتية وال سياحية. ويحذن ر التقرير ال سنوي الأخري الذي ن شره»املنتدى العربي للبيئة والتنمية«قبل اأ شهر قليلة و أاعده بالتعاون مع مركز ال ست شعار عن بعد يف جامعة بو سطن من أان الو ضع احلرج اأ صال ل شح املياه يف العامل العربي سي صل اإىل م ستويات خطرة عام 2025 واأن ما يعرف بالهالل اخل صيب املمتد من العراق اإىل سوريا ولبنان والأردن وفل سطني سيفقد جميع سمات اخل صوبة جراء تفاقم هذه امل شكلة يف الفرتة الالحقة. وت ساءل التقرير:»اإذا كانت احلال هكذا يف الهالل اخل صيب فكيف سيكون الو ضع يف البلدان العربية القاحلة «. كما حذر التقرير من دمار سيتعر ض له قطاع ال سياحة جراء التغيريات التي ست صيب املنطقة ودعا اإىل تطوير ال سياحة يف املناطق الداخلية بعيدا عن ال شواطئ. حيث اإن ارتفاعا مرتقبا يف م ستويات البحار مقداره مرت واحد سيق ضي على ال سياحة والزراعة فوق 41.5 األف كيلومرت مربع من الأرا ضي ال ساحلية العربية. وتتفق درا سة أاخرى اأ صدرتها هيئة البيئة يف اأبوظبي مطلع العام اجلاري مع هذه التحذيرات وجاء فيها اأن سواحل دولة الإمارات حيث يعي ش %85 من ال سكان ستكون عر ضة لتقدم مياه البحر وطغيانها على الياب سة. و سواء صحت هذه التقديرات اأم ل فاإن العامل بداأ يدرك أاكرث ف أاكرث أان تالعبه بالطبيعة والغالف اجلوي لالأر ض واإفراطه يف ا ستخدام الآلة كمربر لأي اعتداء على الطبيعة قد يرتدان عليه وعلى بقية سكان العامل. وقد يف ضل بع ضهم تنا سي الأمر غري اأن اأ سباب القلق تبقى قائمة فالربكان الآي سلندي نف سه عاد وبداأ ي صدر اإ شارات الدخان والرماد كما اأن هناك زيادة مبقدار %200 سجلت يف حجم ن شاطه الربكاين أاخريا. اإن املوؤكن د هو اأن 235 مليون شخ ص يعملون يف قطاع ال سياحة اأو ما يعادل %8.2 من جمموع اليد العاملة يف العامل لن يكونوا يف اأف ضل حال اإذا عاد الربكان لينفث الرماد. و سيزداد سخطهم لو اأنهم فقدوا وظائفهم ب سبب ا ستمرار اأزمة الربكان. ولن يكون ماليني العاملني يف قطاع النقل اجلوي اأف ضل حال. اإنها الطبيعة تثبت اأنها قادرة على هزمية الإن سان مهما علت قدراته وتو سن عت مدنه وحياته. * خبري دويل يف سوؤون الطريان مقيم يف دبي يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

53 إعالم إغالق عشرات الصحف خالل أشهر إعالم إغالق عشرات الصحف خالل أشهر إغالق عشرات الصحف خالل أشهر انهيار المؤسسات الصحافية العربية األسباب واآلفاق تواجه الصحافة العربية خاصة ووسائل اإلعالم العربية عامة تحديات جم ة يحاول هذا المقال تلم سها في مواكبة لما يدور في العالم من جدل حول بقاء المطبوعة منها أو اندثارها واألمر يتطلب البحث بشكل أساسي في أوضاع الصحف ومحيطها كمشروعات ومؤسسات وإمكانياتها مع استعراض نماذج مما حل بها مؤخرا نتيجة األزمة المالية العالمية وازدهار اإلعالم اإللكتروني إلى جانب ظروفها الخاصة إقليميا ووطنيا. وعل ذلك يحدد المشترك والمختلف بين حاضر الصحافة العربية ومستقبلها وحاضر الصحافة في العالم ومستقبلها. إلياس البراج* يعد كتمان املعلومات الداخلية قاعدة للم ؤ س سات الإعالمية العربية عامة. وهذا ي شمل أارقام توزيعها ودخلها الإعالين واأو ضاعها املالية كما ي شمل»روؤاها وا سرتاتيجياتها«اإن وجدت وخطط عملها. وي ساعد غياب نظم ال شراكتني املهنية والنقابية و ضعف اللتزامات املتبادلة بني أاطراف العمل على اإ ضعاف النتماء إاىل امل ؤ س سة. كذلك ي سهمان يف التمويه على م صادر التمويلني املنظور وغري املنظور. وعلى الر غم من انخراط الكثري من و سائل الإعللالم العربية يف حمالت ترويج ال شفافية والدعوة اإىل الإ لسلالح فلاإن ال صحافة العربية ت ستثني نف سها من كل ذلك. وبينما ميكن درا سة تفا صيل اأحل ال اإعالم دول الدميقراطيات الغربية ف إان و سائل الإعالم العربية قد تن س أا وتتطور اأو تختفي فج أاة ومتوت ول يقف اأحد على تفا صيل اأو ضاعها املالية. ويف اأو ضاعها الراهنة اليوم حتوم اأجواء قلق خمتلفة الأ شكال حول امل ؤ س سات الإعالمية العربية. وي صح ذلك على امل ؤ س سات العريقة والأحلدث ظهورا الليربالية واحلكومية وامل ستقلة وما تتمتع منها بهام ش كبري من احلرية اأو تلك التي تعاين قيودا اأكرث من غريها. لقد بداأت اأخبار اإغالق ال صحف العربية تتوارد ب سرعة مع اأول أاخبار الأزمة املالية. فمنذ بداية الربع الأخري من عام 2008 وحتى نهاية الن صف الأول من عام س 2009 ج ل التوقف النهائي ل 64 و سيلة اإعالم فيما احتجبت 57 و سيلة اأخرى عن الظهور )ب شكل م ؤقت( وهي ت شمل: 52 جملة توقفت متاما عن ال صدور و 48 جملة علقت صدورها وحتولت ثالث جمالت اإىل موقع اإلكرتوين وتوقفت ثالث صحف يف الكويت واجلزائر وم صر مع تعليق العمل يف صحيفتني يف كل من ال سعودية وتون س. وي ضاف اإىل ال صحف توقف قناة»اإم ليف تي يف«يف لبنان وقناة»الربكة«يف م صر وقناة»بحري تي يف«يف الكويت وحمطة»اأهلني«الإذاعية يف الأردن )1(. على الر غم من انخراط الكثير من وسائل اإلعالم العربية في حمالت ترويج الشفافية والدعوة إلى اإلصالح فإن الصحافة العربية تستثني نفسها من كل ذلك من الكويت إلى نواكشوط بينما كانت تقارير عديدة تنو ه بازدياد عدد ال صحف العربية يف ال سنوات القليلة املا ضية م ست شهدة بحالة الكويت جاءت التطورات يف الأ شهر املا ضية لتخالف هذا التنويه بلدءا من الكويت نف سها لي س من جهة وقع املفاجاأة التي اأحدثها اإقفال صحيفة كويتية ثانية يف اأقل من عام فقط بل من حيث ا ستمرار م سل سل التوقف والإيقاف والحتجاب وغرق الكثري من امل ؤ س سات يف اإجراءات ت سريح جماعي و»تق شف«. واإذا كان اإعلالن صحيفة مثل»اأوان«بداية مايو/اأيار املا ضي توق فها عن ال صدور»لأ سباب اقت صادية«مل مير من دون الإ شارة إاىل مدى اجلدوى ال سيا سية لل صحيفة فل إان ذلك يفرت ض فتح ملف اجللدوى العامة لطفرة ت أا سي س ال صحف والو سائل الإعالمية كما ح صل يف الكويت يف ال سنوات الأربللع املا ضية عندما صدرت اأكلرث من ع شر صحف جلديلدة ونحو سبع 112 يوليو/ أغسطس العدد 06 يوليو/ أغسطس العدد

54 إعالم إغالق عشرات الصحف خالل أشهر إعالم إغالق عشرات الصحف خالل أشهر ما حدث في لبنان في الربع األخير من العام الماضي من تسريح جماعي لعشرات الصحافيين واإلداريين من صحيفة»النهار«العريقة كشف عن واقع مر في صحافة كانت قبل سنوات مفخرة للعرب حمطات ف ضائية يف حيز زمني متقارب ويف سوق ل يزيد عدد مواطنيه كلهم على املليون ن سمة. ثم ما لبثت اأن توقفت اإحداها )ال صوت( بعد اأربعة اأ شهر من ال صدور يف حني خيمت اأجواء القلق فوق اجلميع لتنعك س»ع صرا للنفقات«و»تخفي ضا لعدد ال صفحات«و»اإيقافا للحوافز واملكافاآت«و»ا ستغناء عن عدد من العاملني«. هذا الواقع ميثل بع ض تداعيات الأزمة املالية على صحف مقر بة من احلكومة اأو مملوكة للتجار يف واحدة من اأغنى دول املنطقة ليبدو معه اإعلالن ملربرات توقف صحيفة»الوقت«البحرينية يف 3 مايو املا ضي ك أانه من لزوم ما ل يلزم. ففي سوق صغرية مثل البحرين ي صبح من امل ؤك د نعي اإمكانية»ال ستقالل عن الأحزاب وتكتالت امل صالح والللطلل ائللف وامللللذاهلللب«وملعله»احللل للسللاران الإعلللالين والإعالمي«يف بلد تتناف س فيه ت سع صحف ويبلغ جممل سكانه أاكرث بقليل من مليون واحد. واإذا كان توق ف صحيفتني قد حدث يف بلد مثل الكويت التي تتمتع باإنفاق اإعلالين ضخم قارب قبل عام 2008 نحو 500 مليون دولر ثم تراجع بحدة ب سبب الأزملة ف إان امل ؤ س سات الإعالمية يف بع ض البالد شهدت عوار ض اأزمات اأخرى من نوع خمتلف. ففي موريتانيا ا ستقبلت ال صحف جمتمعة مطلع الللعللام اجللللاري بالحتجاب احتجاجا على زيللادة املطبعة الر سمية )الل حليلدة يف البالد( ر سومها بن سبة اأكرث من %300 ليتحول احلدث اإىل منا سبة للالإ لسلاءة على ملعلانلاة نحو صحيفة 30 ودوريللة. وقلد يعني رفلع اأ سعار طباعتها -ح سب رئي س نقابة نا شري ال صحف اأحمد ولد ال شيخ-»الق ضاء نهائيا على هذه ال صحف«)2(. أبعد من األزمة العالمية اإيقاف ست صحف يومية وواحدة أا سبوعية دفعة واحدة يف مايو العام املا ضي )3( يف اليمن )اتهمت ببث اأخبار»تبث الفرقة وال ضغائن وتدعو إاىل تق سيم الأر للش اليمنية«( رمبا يندرج ضمن تاأثر ال صحافة باحلروب والنزاعات الداخلية وذلك اأمر معتاد عربيا. لكن ظاهرة اأخرى بداأت ترهق بع ض ال صحف العربية تتمثل يف اأحكام غرامات ل طاقة لها بتحم لها: مثل تغرمي صحيفة»امل ساء«املغربية يف نهاية عام ستة 2008 ماليني درهم مغربي )نحو 700 األف دولر أامريكي( لإدانتها بتهمة القذف على خلفية ن شر معلومات تفيد مب شاركة اأحد نواب املدعي العام يف عر س مثري للجدل. وهي غرامات راأى نقيب ال صحافيني املغاربة يون س جماهد أانها تدفع ال صحف اإىل التوقف عن ال صدور )4(. ويف ثالثة اأحكام اأخرى صدرت العام املا ضي اأمرت حمكمة مغربية ثالث صحف حملية بدفع نحو 370 األف دولر إاىل ليبيا لن شرها مقالت تنتقد الزعيم الليبي معمر القذايف علما باأن الدعاء كان طلب 3.67 مليون دولر من كل من ال صحف الثالث. وغري بعيد عن املغرب احتجبت ثالث صحف تون سية يف نهاية العام املا ضي ملدة اأ سبوع احتجاجا على تعر ضها ملا سم ته»اإجراءات ت ضييق غري م سبوقة«تتمثل يف منعها من الت صرف يف ن سخها بهدف اإرباكها جتاريا كي ت ضطر إاىل التوقف من تلقاء نف سها )5(. تداعي النموذج اللبناني ما حدث يف لبنان يف الربع الأخلري من العام املا ضي من ت سريح جماعي لع شرات ال صحافيني والإداريني من صحيفة»النهار«العريقة ك شف عن واقع مر يف صحافة كانت قبل سنوات مفخرة للعرب وعرب عنه رئي س جمل س اإدارة اإحلدى ال صحف اللبنانية )6( بالقول: اإن اأزملة»النهار«جزء من اأزمة ال صحافتني اللبنانية والعربية وفر صة لإزالة الأقنعة عن وجه ال صحافة. وو صف الإطار القانوين لل صحافة يف لبنان ب»قانون العار«الذي»يكر س حق احل صول على امتياز صحايف لفئة معينة -هي الفئة القادرة- ما يعني عمليا اأنه ل جمال لت شغيل امتياز من دون ال ستعانة برجال ال سلطة واملال )..( وبالتايل ي صبح ال ساعون اإىل العمل يف هذه املهنة اأ سرى اإقطاع اأيلن منه الإقطاع ال سيا سي اأو املايل «. أسباب وخيارات قد م نهج بع ض ال صحف يف بدايات الأزمة املالية العاملية اأبرز مثال لرتباط ال صدقية مب صري عالقة القراء ب صحفهم. ففي الأ شهر الأوىل من تلك الفرتة مل تلرتد د بع ض ال صحف العربية يف اإبللراز مان شيتات ت شجع فيها صراحة على ال ستثمار يف الأ سهم املنخف ضة التي اأدى شراوؤها لحقا اإىل املزيد من اخل سائر. وكان ذلك جت سيدا حلقيقة بد أات ترت سخ يف الإعالم منذ سنوات. يف مقالة له يف عام شرح 2005 إاينا سيو رامونيه مدير صحيفة»لوموند دبلوماتيك«) ( اأ سباب تراجع مكانة ال صحافة عامليا ومنها النت شار ال سريع لالإنرتنت. لكنه اأفا ض يف احلديث عن»خ سارة صدقية ال صحافة املكتوبة نظرا اإىل ازديلاد ارتباطها مبجموعات صناعية تتحكم يف ال سلطة القت صادية واإىل ازدياد ظاهرة الأكاذيب والتالعب التي بداأت تطول حتى ال صحف اليومية الراقية«ضاربا أامثلة حية عد ة من الإعالم الأمريكي واإدارة الرئي س ال سابق جورج دبليو بو ش واحلرب على العراق و أامثلة من الإعالمني الإ سباين والفرن سي )7(. ويبدو اأن ال صحافة كانت املت ضر ر الأكلرب من فقد الإعلالم ال صدقية على الرغم من القدرة امل ضاعفة للتلفزيون على خداع امل شاهد وتوجيه اجلماهري وت ضليلها. وبينما تعي ش ال صحف خماوفها يف كل حلظة ي ستمر فتح املزيد من القنوات التلفزيونية عامليا وحتى عربيا حيث اأعلنت م ؤخرا م شروعات قنوات جديدة منها م شروع الأمري الوليد بن طالل لفتتاح ف ضائية تناف س»اجلزيرة«و»العربية«وم شروع ف ضائية سورية اإخبارية وتوج ه»اجلزيرة«اإىل افتتاح حمطة اإقليمية تغطي منطقة البلقان. لقد بداأت اأزمة ال صحافة العاملية منذ أاكرث من عقدين حني بد أا الرتاجع يف معدلت توزيع ال صحف )8( منذ منت صف الثمانينيات ع شية انت شار الإنرتنت وذلللك قبل اأن تلاأتلي الأزمللة الأخللرية لتك شف نقاطا قاتلة لل صحافة حني توقفت مئات ال صحف )9( وحتول عدد منها إاىل الن سخ الإلكرتونية )واأهمها»كري ستيان ساين س مونيتور«( واأعلنت صحف اأخرى شهرية أانها يف حالة اإفال س )»لو س أاجنلي س تاميز«( و سارعت م ؤ س سات كربى اإىل ال ستغناء عن مئات ال صحافيني وخف ض النفقات قبل اأن يعود بع ضها ويتمكن من خف ض اخل سائر. وحتقق قل ة من ال صحف يف الأ شهر الأخللرية اإجنللازات حقيقية لت ستعيد ال صحافة أانفا سها وبع ض هيبتها. لكن بع ض ال صحف العاملية مل ت سعفها اأي اإجراءات فعر ضت نف سها للبيع مثلما ح صل مع جملتي»نيوزويك«الأمريكية و»لوموند«الفرن سية م ؤخرا. وملن خلالل متابعة مثل هلذه التجارب واأو لسلاع التقدم املحقق يف الإعلالم الرقمي ميكن ا ستنتاج التايل: اإن وجود قطاعات نافذة وطبقات مهنية وا سعة يرتبط وجودها بال صحافة يف الغرب ي شكل عامل مقاومة ضد اندثار ال صحافة الورقية ما ي ستبعد معه حدوث حت لت درامية يف العقود القليلة املقبلة وي ضغط باجتاه التعاي ش بني الإعالمني القدمي واجلديد. ومن هنا ميكن فهم امل ساعدات احلكومية لقطاع ال صحافة يف بع ض الدول )10(. العامل العربي مل يعرف صناعات صحافية كربى تقارن بالإمرباطوريات الغربية ما قد يعني اأن مقاومة صحافته لندثار»الورقية«ستكون اأ ضعف. كذلك فاإن معاناة صحافته ضروبا خمتلفة من امل شكالت اخلا صة برتكيبة ال سلطة واملجتمعات العربية جتعل الإعلللالم الرقمي»اللرخليل لش«ملجاأ بللديللال ي ساعد على ذلللك التمك ن املتزايد لل شباب من ا ستخدام الإنرتنت. اأثبتت ال صحافة القت صادية الغربية )الورقية( يف الأ شهر الأخللرية جناحات فريدة وفلاق توزيعها اأو سع ال صحف العامة )11(. لكن اللعلامل العربي غلري مر شح لإجنللاح هلذه التجربة ب سبب تلل ز ع جمهور قللراء اأخبار امللال والأعلملال. لكن ذلك لن مينع الهتمام مبثل هذه ال صحافة عرب الإعالم الرقمي. الإعلالم الرقمي العربي ما زال يف بدايته وما زالت ال صحف العربية تكتفي بن شر ن سخها الل رقليلة على مل اقلعلهلا الإلللكللرتونلليللة يف حللني اأن الإعللللالم اجللديلد يتطل ب نهجا صحافيا اأ صيال ومنتجا اإعالميا مالئما وا ستثمارات خا صة غري قليلة. اإن ال صحافة كمهنة بحث يومي عن املعلومات اجلديدة التي تهم اأو سع قطاع من النا س سوف تبقى مهما تعددت و سائل الإعلللالم وتلغلريت. واأيلللا كللان م صري ال صحافة املكتوبة على املللدى البعيد ستبقى ال صحافة مرتب عة على عر ش املعلومات اليومية يف الإنرتنت وكل شبكاتها وملحقاتها. ملا يجب اأن يتغري هل ال سلوك واللعلادات ال صحافية ونظم ملكية ال صحف العربية التي يغيب عن معظمها نظام ال شراكة والتعاون. كما تبقى ال صدقية شرطا لعودة ج سور الثقة مع اجلمهور وذللك يتطلب ا لسلتليلعلاب حللاجللات الللقللراء والللنللا للش بلعلملق وال شعور باأهميتها عرب حمتوى مبتكر جديد ووعلي بلاأن الأجيال القادمة من القراء الإلكرتونيني ين ش ؤون على حقائق منها هو س اإثبات كل فرد حلقيقته أايا كانت سلطة كل صحف العامل ورقية كانت اأم رقمية. * خبري اإعالم وباحث يف ال ش ؤون ال سرتاتيجية يعمل حالي ا م ست شارا ملجلة»الثقافة العاملية«ومديرا ملن شورات»مركز البابطني«لدعم الرتجمة ما يجب أن يتغير هو السلوك والعادات الصحافية ونظم ملكية الصحف العربية التي يغيب عن معظمها نظام الشراكة والتعاون. كما تبقى الصدقية شرطا لعودة جسور الثقة مع الجمهور انظر:»تراجع الإعالنات يحجب 121 و سيلة إاعالم عربية منذ بداية الأزمة املالية«جريدة الريا ض 12 اأغ سط س العدد )نقال عن تقرير ن شرت تفا صيله و سائل الإعالم الإماراتية(.»احتجاب ال صحف املوريتانية احتجاجا على رفع اأ سعار الطباعة«وكالة الأخبار العربية 3 يناير »اإيقاف سبع صحف مينية وتوقيف مت ضامنني معهااجلزيرة نت«7 مايو 2009»الق ضاء املغربي يغر م صحيفة امل ساء 700 األف دولر«اجلزيرة نت 1 نوفمرب 2008.» صحف تون سية حتتجب احتجاجا على الت ضييق يف التوزيع جريدة اخلرب الأ سبوعي )اجلزائرية( 5 نوفمرب اإبراهيم الأمني اأزمة»النهار«: العجز املايل ملاذا ي صيب ال صحف دون اأ صحابها يف جريدة الأخبار-بريوت سبتمرب انظر: 6 Ignacio Ramonet, Médias en crise,le Monde Diplomatique, février 2005-Page انظر رميونيه م صدر سابق وموقع جمعية ال صحف الأمريكية :)NAA( انخف ض عدد ال صحف يف ال ليات املتحدة بن سبة %7 بني عامي 2007 و 2008 وا ستمر يف النخفا ض يف عام 2009/ انظر: تقرير»نظرة على الإعالم العربي «يف قررت فرن سا مطلع العام املا ضي برناجما لدعم قطاع ال صحف بقيمة 200 مليون يورو/انظر:»ال صحف املجانية تزدهر يف اأوروبا«/ صحيفة الحتاد الظبيانية 6 يونيو احتلت»وول سرتيت جورنال«القت صادية م ؤخرا املرتبة الأوىل بني جميع ال صحف الأمريكية مع مليون ن سخة. يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

55 ثقافة محمد عابد الجابري ثقافة محمد عابد الجابري ناقش السلفي ات الدينية والليبرالية والماركسية رحلة محمد عابد الجابري في أعماق الفكر العربي رحل الفيلسوف محمد عابد الجابري بعد حياة عامرة أمضاها في البحث والتفكير في أمور النهضة العربية. هذا المقال الذي ينشر بعد شهرين من وفاته يمر على رؤيته للحداثة وكيف اتفق الناس معه أو خالفوه وإلى أين قاده البحث المتعم ق حتى خلص إلى نقد الذع للعقل العربي إلى درجة وصفه فيها بأنه»عقل مستقيل«ينتابه الخوف والترد د من كل ما هو معق د أو مثير للجدل ذلك األمر أثار عليه العديد من النقاد والمفكرين فقارعوه وبذا نش طوا وهو ضمنهم بالطبع المشهد الثقافي والفلسفي العربي وأضافوا إليه أسسا متينة للبحث في تراثه ومستقبل نهضته. محمد عابد الجابري ولد يف يوم 27 دي سمرب/كانون الأول يف واحة فكيك )وجدة املغرب(. تخرج يف جامعة حممد اخلام س يف الرباط يف كلية الآداب )دبلوم درا سات عليا يف الفل سفة( عام ونال منها دكتوراه الدولة يف الفل سفة عام اأجاد إاىل جانب لغته الأم العربية الفرن سية كلغة اأجنبية اأوىل والإنكليزية كثانية. ا شتغل يف بداية حياته العملية مدر سا ثم ناظرا ملدر سة ثانوية يف عام ويف الفرتة بني عامي 1965 و 1967 عمل موجها تربويا لأ ساتذة الفل سفة يف التعليم الثانوي. ثم عمل اأ ستاذا للفل سفة والفكر الإ سالمي يف كلية الآداب يف جامعة حممد اخلام س يف الفرتة من عام 1967 إاىل عام ح صل على جوائز عد ة من أابرزها جائزة بغداد للثقافة العربية يف يونيو 1988 واجلائزة املغاربية للثقافة عام 1999 وجائزة الرواد من موؤ س سة الفكر العربي يف بريوت عام محمد سعدي * فارق احلياة املفكر املغربي حممد عابد اجلابري يف يوم 3 مايو/اأيار املا ضي عن 75 عاما بعد حياة حافلة أاثرى خاللها املكتبة العربية بقائمة من املوؤلفات الفكرية املهمة التي حاولت تقدمي قراءة نقدية حتليلية للفكر العربي املعا صر من خالل مقاربة جمموعة من اإ شكاليات حيوية شغلت الوعي العربي املعا صر ومنها: الأ صالة واملعا صرة احلداثة والرتاث العقالنية يف الفكر العربي خطاب النه ضة يف العامل العربي تاأ صيل الفقه ال سيا سي الإ سالمي التاأ صيل الثقايف حلقوق الإن سان الإ سالم والغرب التطر ف الديني...اإلخ. ينتمي اجلابري اأحد أابرز اأعالم الفل سفة والفكر يف املغرب والعامل العربي اإىل طليعة املفكرين العرب املعا صرين مم ن حاولوا الإجابة عن اأ سئلة التخلف والنه ضة. وعرفت كتاباته تاأثريا و صد ى كبريين يف امل شهد الفكري العربي م شرقا ومغربا حيث اأثارت نقا شات فكرية مهم ة. وقد حمل نظرة يقظة ونقدية اإزاء الفكر العربي ما جعله من رموز الفكر العقالين التنويري يف العامل العربي واأقطابه. وعلى مدى اأكرث من ثالثة عقود من البحث والت أاليف حاول تفكيك»العقل العربي«منتقدا بناه الذهنية التاريخية وم سائال مرجعياته و سياقاته وم لخ ال م سلم اته الفكرية والدينية. وخل ص يف م شروعه الفكري ال ضخم اإىل اأن هناك تالزما بني النه ضة والعقل والفكر العقالين النقدي مقد مة من مقدمات النه ضة ول ميكن بناء نه ضة فكرية واجتماعية و سيا سية حقيقية بعقل متاأز م ومتخلف وم ستقيل. قراءة جديدة للتراث كر س اجلابري فكره لإع ادة ق راءة ال رتاث العربي الإ سالمي لي س لإح داث القطيعة معه بل لإعادة اإحياء جزئه احلي وامل ضيء فحفر يف متلف ق ضايا هذا الرتاث لريبطها بق ضايا الع صر وذلك كخطوة متهيدي ة ضروري ة لبناء امل شروع النه ضوي العربي. وبداأ طرح م شروعه حول نقد»العقل العربي«منذ الثمانينيات يف القرن املا ضي بعد اأن اأ صدر كتابه»نحن والرتاث: قراءات معا صرة يف تراثنا الفل سفي«ثم طو ره من خالل رباعيته حول»نقد العقل العربي«. وكان املدخل الذي اختاره يف اأبحاثه هو املنهجية النقدية القائمة على املنطق العقالين والتحليلني املعريف )الإب ستمولوجي( والتاريخي. ودعا اإىل التعامل مع الرتاث ب شكل يجعله معا صرا لنف سه ومعا صرا لنا يف اآن واحد اأي اإىل التحر ر من الروا سب الرتاثية يف عملية فهمنا للرتاث. وتو صل اإىل اأن الفكر العربي سلك منهجني منذ القرن التا سع ع شر الأول يدعو اإىل العودة اإىل املا ضي وتقدي سه. والثاين يتبن ى القطيعة مع الرتاث ويرو ج للنموذج الغربي للحداثة. ومن خالل تفكيكه ل سلطة»براديغم«)منهاج( ال سلف كخطاب يوؤط ر الوعي الفكري العربي ويوج هه ا ستنتج اأن القراءات كل ها التي خ ضع لها الرتاث كانت قراءات سلفية لتاريخية واإن اختلفت منطلقاتها. والفرق بينها هو يف نوع ال سلف الذي يتح صن به كل تيار. وهو يف ذلك ي ساوي بني التيارات: ال سلفي الديني والليربايل احلداثي واملارك سي: طرحت ال سلفية الدينية ضوؤال»كيف ن ستعيد جمد ح ضارتنا كيف نحيي تراثنا «. وهي ترفع شعار»الأ صالة والتم سك باجلذور واحلفاظ على الهوية«. ويف مواجهة التحدي احل ضاري الغربي مبختلف اأبعاده اتخذت عملية تاأكيد الذات ورد العتبار لها شكل ارتداد ونكو ص اإىل املا ضي لالحتماء به. ويتحول هذا املا ضي الذي ي ع اد بناوؤه كو سيلة لتحقيق النه ضة اإىل غاية يف حد ذاته اأي ي صبح بتعبري اجلابري هو نف سه م شروع النه ضة. وبذلك ي صري امل ستقبل رهينة يف قب ضة هذا املا ضي لي س كما كان بالفعل بل كما كان ينبغي اأن يكون. اأما احلا ضر فهو غري حا ضر وم شغول مب شكالت املا ضي و صراعاته. طرحت ال سلفية الليربالية ضوؤال»كيف نعي ش ع صرنا كيف نتعامل مع تراثنا «. ويقراأ الليربايل العربي الرتاث قراءة ا ست شراقية سلفية تتاأ س س على ر ؤوية غربية تنطلق من منظومة مرجعية ومنهجية اأوروبية ت ستدعي حا ضر الغرب الأوروبي واإرثه لت سقطه تع سفا على الواقع العربي ولتحوله إاىل منطلق لتحقيق النه ضة والتقدم وذلك على اعتبار اأن الفكر الليربايل الغربي يفر ض نف سه كاأفق اأ سمى للع صر ولالإن سانية جمعاء. ومطلب املعا صرة يف الفكر الليربايل العربي احلديث هو جت سيد ل ستالب خطر للذات. طرحت ال سلفية املارك سية ض ؤوال»كيف نحق ق ثورتنا كيف نعيد بناء تراثنا «. وتنطلق القراءة املارك سية للرتاث العربي الإ سالمي من فكرة اأنه يجب اأن يكون انعكا سا لل صراع الطبقي من جهة وميدانا لل صراع بني املادية واملثالية من جهة اأخرى. ولذلك حاول الي ساريون يف قراءتهم للرتاث اأن يف صلوا الواقع التاريخي وفق قوالبهم النظرية ما أانتج سلفية مارك سية حتاول تطبيق طريقة»ال سلف املارك سي«للمنهج اجلديل وك أان الهدف هو الربهنة على صح ة املنهج املطب ق ل تطبيق املنهج )1(. اإذا فالقراءات كل ها سواء الدينية اأو الليربالية اأو الي سارية كان لها» سلف من مؤلفاته: - الع صبية والدولة: معامل نظرية خلدونية يف التاريخ الإ سالمي/ أا ضواء على م شكل التعليم باملغرب/ مدخل إاىل فل سفة العلوم-جزءان الأول: تطور الفكر الريا ضي والعقالنية املعا صرة. والثاين: املنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي/ من أاجل ر ؤوية تقدمية لبع ض م شكالتنا الفكرية والرتبوية/ نحن والرتاث: قراءات معا صرة يف تراثنا الفل سفي/ اخلطاب العربي املعا صر: درا سة حتليلية نقدية/ تكوين العقل العربي/ بنية العقل العربي/ اإ شكاليات الفكر العربي املعا صر/ العقل ال سيا سي العربي/ حوار املغرب وامل شرق: حوار مع د. ح سن حنفي/ الرتاث واحلداثة: درا سات ومناق شات/ ابن ر شد: سرية وفكر/ العقل الأخالقي العربي: درا سة حتليلية نقدية لنظم القيم يف الثقافة العربية/ واأ صل«تعتمد عليه وت ستنجد به وم شروعات النه ضة جميعها ا ستلهمت املا ضي سواء املا ضي العربي الإ سالمي أاو املا ضي الأوروب ي. والدوغمائيات ال سلفية واملارك سية والليربالية التي سادت الفكر العربي يف العقود املا ضية كانت تفر ض على النا س روؤية اأحادية. يقول اجلابري»بالفعل كان تعاملنا مع ما ضينا اأ شبه بالتعامل البولي سي والتعامل الل صو صي: كنا إاما ن ستنطقه بالقوة قوة القوالب اجلاهزة ليعطينا ما نريد أاي ما تقر ره النظرية سلفا. واإما نقتطف منه على عجل ما يروي ظم أانا لفرتة ثم نعود لنقتطف ثانية وثالثة للغر ض نف سه«)2(. وهذا ما ي سميه املفكر جورج طرابي شي»مذبحة الرتاث«اإذ اإن النتقاء الأيديولوجي الذي ا ستخدمته التيارات املارك سية والعلمانية والإ سالمية يف تعاملها مع الرتاث خدمة مل صاحلها جعل»منهج الإ سقاط الأيديولوجي ين ص ب نف سه جر احا يريد إاخ ضاع الرتاث لعملية جراحية لي ستاأ صل منه ما يعتقد اأنها اأورامه اخلبيثة«)3(. وكان اجلابري على وعي تام مبخاطر القراءات التي ت ستثمر الرتاث وحتتكره وت ؤوو له ليتطابق مع انتمائها الأيديولوجي. وقد اأدرك اأن املعركة على اأر ضية الرتاث ستكون حا سمة وم صريية بالن سبة إاىل التطل ع نحو العقالنية والتقدم والتحديث. ولأن قراءات الرتاث كانت سلفية مع اختالف املرجعيات فقد حاول اجلابري حتليل آاليات ا شتغال العقل العربي املنتج لهذه القراءات ونقدها ملعرفة الدوافع التي جعلته ل ينتج اإل روؤ ى سلفية للرتاث. كما طالب ب ضرورة حتقيق القطيعة الإب ستمولوجية لي س مع الرتاث يف حد ذاته بل مع الفهم الرتاثي للرتاث وذلك عرب اإعادة تاأ سي س هذا الرتاث وبنائه لردم اله و ة التي تف صله عن معطيات الع صر ومقت ضيات النه ضة. ويقرتح قراءة ع صرية للرتاث العربي الإ سالمي تكون من وحي الع صر ويكون هدفها»جعل املقروء معا صرا لنف سه على صعيد الإ شكالية النظرية واملحتويني املعريف والأيديولوجي اأي قراءته يف حميطه الجتماعي التاريخي من جهة ويف الوقت نف سه جعله معا صرا على صعيد الفهم واملعقولية من جهة أاخرى«)4(. صدمة الحداثة ع رف املغرب سجال ومعركة فكرية ح اد ة منذ اأواخ ر ال سبعينيات وبداية الثمانينيات بني خطابني جمعهما هاج س طموح النه ضة العربية والتحر ر يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

56 ثقافة محمد عابد الجابري ثقافة محمد عابد الجابري»إن الرأي ال يعيش إال إذا كان هناك رأي آخر يخالفه« من التخلفني الفكري وال سيا سي وف ر ق بينهما الختالف يف منهجية حتقيق ذلك و سبله. وحاول امل شروع النه ضوي النقدي للمفكر واملوؤرخ املغربي عبداهلل ال ع روي وم ن منهج تاريخاين م ساءلة مظاهر التاأخر التاريخي والفكري وال سيا سي والجتماعي يف العامل العربي. وخل ص اإىل اأن ض ؤوال النه ضة مرتبط ومرهون مبدى قدرة الوعي العربي واملجتمعات العربية على ا ستيعاب مكت سبات الفكر الليربايل واعتناق قيم احلداثة خا صة قيم العقالنية والتقدم والنقد واحلرية. لذلك راأى اأنه ل بد من اإح داث القطيعة املعرفية مع ال رتاث وذلك عرب جتاوز املناهج الفكرية التقليدية التي وظ فت يف قراءة الرتاث وا ستبدال املناهج العقلية احلديثة بها. كما راأى اأن اخلروج من امل اأزق التاريخي العربي يتطل ب اللتحاق بركب احلداثة الإن سانية الكونية عن طريق تبن ي معطيات احلداثتني الفكرية والعلمية للفكر الغربي احلديث. ودعا )العروي( إاىل التوق ف عن النكما ش والنعزال با سم الأ صالة واخل صو صية واإىل التخلي عن التم سك الأعمى بالرتاث )5(. وعك س ذلك كانت روؤية اجلابري للحداثة وللنه ضة العربية فلم يطالب بالتجاوز املطلق للرتاث بل بتجديده وحتديثه من داخل الرتاث نف سه. ويف راأيه ل ميكن حتديث العقل العربي من دون الأخ ذ يف العتبار م ضاألة ال رتاث واأهميته يف وج دان الإن سان العربي املعا صر وثقافته ووعيه في ؤوكد يف ه ذا ال سياق»ل اأظن اأن هناك من ي ستطيع اأن يجادل يف اأن املا ضي ي شك ل يف الوعي العربي الراهن عن صرا حموريا يف اإ شكاليته ومن ال سذاجة اإغفاله أاو الطموح اإىل حتقيق احلداثة بالقفز عليه«)6(. والتحديث ل ميكن اأن يبداأ من ال صفر ول بد من العودة اإىل الرتاث املطلوب لي س هو ا ستن ساخ الرتاث والتبعية له إامنا»توظيف النزعة العقالنية النقدية كمنطلق يربطنا بق ضايا تراثنا ل من اأجل متجيدها اأو الغ رتاب فيها اأو رف ضها ولكن لنقلها اإىل حا ضرنا والتعامل معها على اأ سا س متطل بات احلا ضر وحاجة امل ستقبل بال ستناد اإىل فكر الع صر ومنطقه«)7(. وعلى خالف روؤي ة احلداثة يف امل شروعات ال سلفية والليربالية واملارك سية فاإن اجلابري يدافع عن تاأ سي س حداثة عربية اإ سالمية لها ارتباط باخل صو صيات التاريخية والثقافية للعامل العربي الإ سالمي وعربها ميكن النخراط يف احلداثة املعا صرة بقيمها الإن سانية الكونية. وبالتايل»ما مل منار س العقالنية يف تراثنا وما مل نف ضح اأ صول ال ستبداد ومظاهره يف هذا الرتاث فلن ننجح يف تاأ سي س حداثة خا صة بنا حداثة ننخرط بها ومن خاللها يف احلداثة املعا صرة»العاملية«كفاعلني ل كمجرد منفعلني«)8(. ويف هذا ال سياق ابتكر اجلابري م صطلح»العقل امل ستقيل«. ويعني به التفكري التقليدي الذي ي ستكني مكتفيا بالأفكار ال سائدة لت ج م د بذلك الفاعلية الفكرية ضمن قوالب جاهزة. والعقل العربي ح سب ت صو ره هو عقل م ستقيل يخ شى النقا شات يف الق ضايا احل ضارية الكربى ويبتعد عن كل ما هو معقد اإ شكايل اأو مثري للجدل. وقد اأدى تغييب الفكر النقدي ال شامل والعميق ل آالليات الذهنية للفكر العربي اإىل ال ستقالة من الفعل التاريخي املنتج للتحديث الفكري وال سيا سي والجتماعي. تجديد العقل السياسي العربي ح اول اجلابري تفكيك مح د دات الفعل ال سيا سي ال شعورية والال شعورية وجتلياته النظرية والتطبيقية يف احل ضارة العربية الإ سالمية وامتداداتها يف العامل املعا صر. وميكن ح صر هذه املحد دات يف:»أنا أوافق جميع الذين ناقشوا أفكاري سواء منهم من اتفق معي أو من اختلف. أوافق من خالفني أو اختلف معي ألنه من دون خالفه واختالفه يصبح رأيي عدما. أما إذا قال الجميع»آمين«فتلك عالمة من عالمات انتهاء الدعاء على الميتال أظن أن هناك من يستطيع أن يجادل في أن الماضي يشك ل في الوعي العربي الراهن عنصرا محوريا في إشكاليته ومن السذاجة إغفاله أو الطموح إلى تحقيق الحداثة بالقفز عليه«محمد عابد الجابري الجابري أمازيغي األصل لكن الحركات األمازيغية عاتبته على موقفه»الالمبالي«بعدم منحه أي حيز لمناقشة هذا الموضوع في مؤلفاته. وكان يرى أن مشكالت األمازيغ المغاربة هي مع التنمية وليست مع اللغة أو الهوي ة القبيلة: وجت س د مفعول القرابة يف املمار سة ال سيا سية ويف التما سكني الجتماعي وال سيا سي. و شكلت العقلية القب لية املرتكزة على رابطة الدم والقرابة اأو ما ي سميه العالمة ابن خلدون»الع صبية«عن صرا مهما يف حتديد طبيعة احلكم وال صراعات ال سيا سية يف التاريخ ال سيا سي الإ سالمي. وكان لها ت أاثري وا ضح يف اأ صول الفقه ال سيا سي الإ سالمي. وتتج س د العقلية القب لية اليوم يف ما يطلق عليه الع شائرية اأي احلكم اأو ال سلوك ال سيا سي اأو الجتماعي الذي يعتمد معيار القرابة على ح ساب معيار اخلربة واملقدرة. ول يتعل ق الأمر بقرابة الدم وحدها بل بالقرابات كل ها ذات ال شحنة الع صبية مثل النتماء اإىل مدينة اأو جهة اأو طائفة اأو حزب. الغنيمة: اأي الدور الذي يوؤديه العامل القت صادي يف املجتمعات القائمة على اقت صاد اأ سا سه اخلراج والريع. والغنيمة ل يق صد بها املداخيل املرتبطة بالريع واخلراج فقط بل طريقة صرفها خا صة العطاء مبختلف اأنواعه الذي يعي ش به ذوو ال سلطة واملقر بون منها. وهذا ما ينتج عنه عقلية ريعية تواكلية تبخ س من قيمة العمل والإنتاج. واقت صادات الدول العربية تعتمد اليوم يف جزء كبري منها على الريع سواء على شكل موارد طبيعية كالنفط اأو على شكل اإعانات خارجية اأو عائدات العمال املهاجرين. العقيدة: واملق صود لي س العقيدة يف حد ذاتها أاو م ضمونها بل مظهرها ال سيا سي أاي مفعولها على م ستوى التمذهب والعتقاد. وحني يتعل ق الأمر باحلياتني الجتماعية وال سيا سية فاملهم يف كل عقيدة لي س هو ما تقرره من حقائق ومعارف لكنه قوتها وقدرتها على حتريك الأفراد واجلماعات وتعبئتهم داخ ل ما ي شبه»القبيلة الروحية«. ومنطق اجلماعة يتاأ س س ل على مقايي س معرفي ة اإمنا على رموز ميالية توؤ س س العتقاد والإميا ن. ومن هنا نفهم هذا الرتباط الع ضوي بني العقيدة والفعلني الجتماعي وال سيا سي )9(. هذه امل حد دات الثالثة حكمت العقل ال سيا سي العربي وما زالت حتكمه ب شكل من الأ شكال يف احلا ضر. لكن احتكاك العامل العربي باحل ضارة املعا صرة وبروز التيارات الأيديولوجية النه ضوية من سلفية وعلمانية وليربالية وقومية وا شرتاكية وكذلك ظهور الأحزاب والنقابات واجلمعيات ون شوء بنى اقت صادية حديثة كل هذا اأ سهم يف قمع امل حد دات الثالثة وت آاكلها لت شك ل نوعا من املكبوتني ال سيا سي والجتماعي. وقد سعى خطاب النه ضة العربية اإىل الق ضاء على تلك امل حد دات ال سيا سية املوروثة واإح الل حمددات ع صرية جديدة مكانها. لكن نتيجة لعدم النخراط الفعلي يف احلداثة ونتيجة للنك سات والإحباطات املتتالية عاد املكبوت وانتع شت الع شائرية والطائفية والتطر ف الديني يف ال ساحة العربية ب شكل مل يتوقعه اأحد من قبل. فاأ صبحت القبيلة حمركا لل سيا سة والريع جوهر القت صاد والعقيدة دافعا اإىل التطر ف وتربيرا للقمع )10(. ولتجديد العقل ال سيا سي العربي ينبغي العمل على حتقيق النفي التاريخي لهذه املحددات وذلك ب: حتويل القبيلة اإىل تنظيم مدين سيا سي اجتماعي: اأي أاح زاب وجمعيات ونقابات وموؤ س سات د ستورية. وفتح الباب لقيام جمال سيا سي حقيقي منفتح تم ار س فيه ال سيا سة وت صنع القرارات ب شكل عقالين. ويحدث فيه التمايز بني املجتمع ال سيا سي واملجتمع املدين وحتد د فيه العالقات ب شكل وا ضح بني احلاكم واملحكومني. حتويل الغنيمة اإىل اقت صاد ضريبة أاي حتويل القت صاد الريعي اإىل اقت صاد منتج. واإيجاد تكامل اقت صادي اإقليمي يف اإطار سوق عربية م شرتكة تف سح املجال لقيام وحدة اقت صادية عربية. حتويل العقيدة إاىل جمال ي سمح بالتعد دية وحرية التفكري واحلق يف الختالف والتحرر من سلطتي الدوغمائيتني الدينية والعلمانية. وهذا من ضاأنه أان ي شج ع التعامل بعقل اجتهادي نقدي مع ال رتاث للحد من سطوة التفكري املذهبي املتع صب الذي يدعي امتالك احلقيقة وحده )11(. نقطة تحول فكرية غا ص اجل اب ري يف أاع م اق الفكر العربي من أاج ل الإج اب ة عن العديد من اإ شكاليات التخلف وان شغالت النه ضة الفكرية يف العامل العربي. ومن خالل تفكيكه لآليات ا شتغال العقل العربي حاول أان يطرح اأ سئلة راهنة عميقة ما زلنا يف اأم س احلاجة إاىل الإجابة عنها. وكان الراحل ينفر من سيادة التفكري الآين اللحظي و ضمور احل س التاريخي الذي ي ؤوكد التوا صل بني املا ضي واحلا ضر وامل ستقبل. وتعر ض م شروعه الفكري للعديد من النتقادات الفكرية احلادة من مفكرين ينتمون إاىل تيارات متعددة ومتباينة منهم عبداهلل العروي وجورج طرابي شي وه شام شرابي وعلي حرب ور ضوان ال سيد وفتحي تريكي... وهذا ما اأ س س ل سجالت فكرية ثرية يف امل شهد الثقايف العربي. وع ر ف عن الراحل هدوءه الفكري و إاميانه بروح احلوار الفكري. يقول «أانا أاواف ق جميع الذين ناق شوا اأفكاري سواء منهم من اتفق معي أاو من اختلف. أاوافق من خالفني أاو اختلف معي لأنه من دون خالفه واختالفه ي صبح ر أايي عدما. إان ال ر أاي ل يعي ش اإل إاذا كان هناك راأي اآخر يخالفه. اأما اإذا قال اجلميع»اآمني«فتلك عالمة من عالمات انتهاء الدعاء على امليت«)12(. ومتحورت اأهم النتقادات التي وج هت اإىل موؤلفاته حول مفهوم»العقل العربي«إاذ انتقد لكونه وظ ف ه ذا امل صطلح كبنية منغلقة ومنحه حمولة وجودية )اأنطولوجية( مكثفة لي صبح وكاأنه جوهر متعال وثابت يرتف ع عن متغريات الزمان وامل ك ان ويتمايز جذريا عن»العقل الغربي«وع ن باقي العقول. إان العقل واح د واإن اختلفت آالياته ومناهجه وجتلياته. األي س ديكارت من قال»العقل اأعدل ق سمة بني النا س«كما اتهم اجلابري بالتع صب ل»مغرب علمي عقالين«ضد»م شرق بياين صويف«وذلك من خالل ت أاكيده فكرة»غلبة املنهج البياين العرفاين«لدى امل شارقة ومتيز الفكرين املغربي والأندل سي ب»الفل سفة الربهانية العقالنية ذات الأ صل الأر سطي«التي كان لتطويرها تاأثري كبري يف حتقيق النه ضة الأوروبية ح سب ت صوره. وهذا ال ستنتاج كان حمل م ؤواخذات قوية م ن العديد م ن ال دار س ني املتخ ص صني يف امل و ض وع. كما أان النزوع الأيديولوجي القومي للجابري وربط اإنتاجه الفكري باخلطاب القومي العربي قل صا من اإمكانات اإ شعاع اأفكاره داخل ال ساحة الفكرية العربية و آافاقه خا صة مع ت أاز م امل شروع القومي العربي. ورمبا التقوقع الأيديولوجي القومي هو ما جعله )وه و ال ذي داف ع عن قيم التعددية واحل ق يف الختالف( ي صادر هذا احلق حني يتعل ق الأمر بثقافات الأقليات والقوميات غري العربية داخل العامل العربي ولغاتها. فهو يطالب ب صهرها ودجمها الق سري عرب تعريبها بهدف اإزالة ال صفة»الأقوامية«عنها ال صفة التي ترتبط غالبا مبفهوم الأقلية ال سلبي الذي يعني النكما ش والتقوقع والت شب ث يف مراحل دنيا من التطور«)13(. ويف هذا ال سياق عاتبت احلركات الأمازيغية اجلابري ب شد ة على موقفه الالمبايل من الق ضية الأمازيغية يف املغرب. ومعروف اأنه اأمازيغي الأ صل ن ضاأ وترعرع يف تربة أامازيغية اأ صيلة )واح ة فكيك يف شرق املغرب( وبرغم ذلك مل مينح أاي حيز ملناق شة هذا املو ضوع يف موؤلفاته. وكان دائما يرى اأن م شكالت الأمازيغ املغاربة هي مع التنمية ولي ست مع اللغة اأو اله وي ة. وبغ ض النظر عن مدى اتفاقنا اأو اختالفنا مع ت صوراته ملجموعة من الق ضايا فاإنه ل ي سعنا اإل الت سليم باأن م شروعه الفكري ي شكل نقطة حتول فكرية ومنارة فل سفية ملختلف الباحثني يف ق ضايا الرتاث والنه ضة يف العامل العربي الإ سالمي واأفكاره جديرة بالدرا سة والنقد العلمي. برحيله تكون ال ساحتان الفكرية والثقافية املغربية والعربية قد خ سرتا واحدا من اأكرث املفكرين متيزا وح ضورا داخل امل شهد الفكري والفل سفي العقالين يف العامل العربي. * اأ ستاذ العلوم ال سيا سية وحقوق الإن سان يف جامعة حممد الأول-وجدة اململكة املغربية حممد عابد اجلابري نحن والرتاث بريوت دار التنوير 1985 ص حممد عابد اجلابري العقل ال سيا سي العربي: حمدداته وجتلياته الدار البي ضاء املركز الثقايف العربي 1991 ص. 48. جورج طرابي شي مذبحة الرتاث يف الثقافة العربية املعا صرة بريوت دار ال ساقي 1993 ص. 11. حممد عابد اجلابري نحن والرتاث ص. 60. عبداهلل العروي الأيديولوجية العربية املعا صرة ترجمة حممد عيتاين بريوت دار احلقيقة 1979 ص حممد عابد اجلابري امل ض أالة الثقافية بريوت مركز درا سات الوحدة العربية 1994 ص حممد عابد اجلابري بنية العقل العربي الدار البي ضاء املركز الثقايف العربي 1993 ص حممد عابد اجلابري الرتاث واحلداثة الدار البي ضاء املركز الثقايف العربي 1991 ص. 17. حممد عابد اجلابري العقل ال سيا سي العربي ص املرجع نف سه. املرجع نف سه ص ح سن حنفي حممد عابد اجلابري حوار امل شرق واملغرب الدار البي ضاء دار توبقال للن شر 1990 ص حممد عابد اجلابري امل ض أالة الثقافية ص يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

57 الغزالي والفارابي تناقضت آراؤهما حوله التعليم متجاذ ب بين»الوطنية«و»العلمية الكونية«Trajectories of Education in the Arab World.. Legacies and Challenges Routledge in Association with the Center for Contemporary Arab Studies, Georgetown University, 2010 الكتاب: مسارات التعليم في العالم العربي.. الميراث والتحديات المحرر: أسامة وليد أبي مرشد الناشر: دار نشر روتلدج الواليات المتحدة األمريكية )2010( الموضوعات التي تداولها كل من الفارابي والغزالي ليست وثيقة الصلة بيومنا الحاضر فحسب بل»حديثة«لجهة تعاطيها مع التربية كوسيلة فع الة وعملية لتطوير مجتمعاتهما وكياناتهما السياسية. هذه قراءة لكتاب يناقش أن الحضارة األوروبية والحداثة لم تتطو را بعملية ذاتية بل جاء ذلك حصيلة تفاعل مع العالم الخارجي. وتتناول خطابين فكريين مختلفين لكل منهما نظرته إلى دور األنظمة التربوية ومهم تها في المجتمعات العربية الحديثة. صالح سليمان عبدالعظيم* تعبر اأق سام كتاب»م سارات التعليم يف العامل العربي.. املرياث والتحديات«عن مدخل شامل يحاول التعمر ق يف م ساألة التعليم يف العامل العربي من خالل منظومة متكاملة ومركبة. ويهتم الق سم الأول باجلانب التاريخي الذي يتناول الأفكار التعليمية والرتبوية الإ سالمية من خالل الرتكيز على شخ صيتني إا سالميتني هما الفارابي والغزايل اإ ضافة اإىل تناول و ضعية امل ؤو س سات الدينية يف العامل العربي منذ القرن الثامن ع شر والتحولت املرتبطة بها. ثم يحمل الق سم الثاين تو صيفا وا سع النطاق لو ضع التعليم يف مرحلة ما بعد ال ستقالل والأدوار املختلفة التي اأدر تها الدولة ومنها كيفية تعاملها مع امل ؤو س سات التعليمية الدينية. ويف ضوء ذلك ينتقل الكتاب عب ق سمه الثالث اإىل تناول الو ضع الراهن للتعليم من خالل تناول عالقته بالتنميتني القت صادية وال سيا سية يف ضوء حماولت التطوير التعليمية اخلليجية وعلى راأ سها اإن شاء مدار س وجامعات تتوافق مع املعايري الكونية املتفق عليها. الميراث والقطيعة المعرفية برغم حماولة املحرر ر تقدمي اإطار تاريخي يتناول اجلوانب التعليمية والرتبوية اخلا صة باملفكرين الإ سالميني من خالل تناول حالتي كلر من الفارابي والغزايل فاإنه مل ي ستط ع اأن يك شف عن اأهمية هذه الق ضايا بالن سبة اإىل العمل الراهن. صحيح اأن الكتاب يو ضح اأن اأعمال هذين املفكرين ت ضم بع ض الأ س س التعليمية والرتبوية الإ سالمية اإل اأن امل شكلة الرئي سية هنا تتمثل يف اأن العودة اإىل التاريخ مهما كانت موؤثرة ومهمة قد شكلت عبئا على طبيعة العمل البحثي الذي يهدف اإىل الوقوف على اأو ضاع التعليم العربية الراهنة وحماولة اإ صالحها وتطويرها. ويرجع ذلك اإىل ما ميكن أان نطلق عليه»القطيعة«املعرفية التي حتور ل املمار سات والر ؤوى التعليمية من فرتة اإىل أاخرى وت ضيف اإليها العديد من التغريات امللزمة للمجتمع العلمي بحيث ت صبح العودة اإىل التاريخ غري ذات نفع يف ظل القفزات العلمية الهائلة وحتولت النماذج املعرفية والعلمية. وبرغم الت ساق بني عنوان الكتاب وف صوله فاإن اجلزء الأول بدا بعيدا عن هدف الكتاب وكان يحتاج اإىل تناول اآخر أاو منا سبة اأخرى. وبرغم ذلك يك شف هذا اجلزء عن جوانب مهمة تتعلق مب سرية التعليم. ففي درا س ة سبا ستيان غ ون رت التي ت ستند اإىل التقومي امل ق ارن لتقاليد الرتبية والنظريات املرتبطة بها لدى كل من اأبي ن صر الفارابي واأبي حامد الغزايل يف الع صور الو سطى بنير اهتمامهما بالحتياجات الجتماعية لالأفراد واأهمية املعرفة بنوعيها العام واخلا ص يف حتقيق الرفاهية للمجتمع كلر ه. ويلفت النظر اهتمام كال املفكرين ببع ض النقاط املهمة مثل أاه داف التعليم والو سائل الرتبوية والعالقة بني املدرر سني والطالب واملقررات الدرا سية. كما أان كليهما ميثل جزءا من نظام معريف أاو سع ويركز على احلجج العقلية والعقالنية ويت سم بالباغماتية وب شكل خا ص يف ما يتعلق بعالقة العلم باملجتمع وهو ما يوؤكد ت شابههما على الرر غم من أان الفارابي فيل سوف والغزايل رجل دين. وبرغم ذلك توجد بع ض الختالفات بينهما فبينما يوؤكر د الفارابي امل ساواة بني العلوم املدنية والدينية ف إان الغزايل مينح العلوم الدينية اأهمية اأكب من العلوم املدنية الأخرى مثل الفل سفة واملنطق برغم دعمه درا سة العلوم الطبيعية. ويتناول الكتاب التعليم ما بعد الكولونيايل من خالل التعامل مع التعليم احلديث كاآلية من اآل ي ات الغزو الغربي برغم حم اولت املقاومة امل ستمرة من خالل م شروعات التعليم الوطنية املختلفة. اإن التعليم يقف هنا كعامل موؤثر بني التقليد والتحديث والأ صالة واملعا صرة. وهي م ساألة تركز عليها ناديا سبيتي يف درا ستها امليدانية لثالث مدار س متنوعة يف املرحلة الثانوية يف لبنان يف اأثناء النتداب الفرن سي )الفرتة من عام 1920 اإىل عام 1943(. فالتعليم من وجهة نظرها كان دائما ساحة للعديد من اخلطابات والأجندات واملطالب العديدة واملتناق ضة من خالل اجلماعات املختلفة واملتناف سة ويف بع ض الأحيان املتوازية. وتبز ت أاثريات التعليم كتعبري عن حالة ال صراع يف الدولة اللبنانية اإىل احلدر الذي و صف فيه بع ضهم الواقع اللبناين لغويا على النحو التايل: املوارنة كلر هم يتحدثون الفرن سية والدروز كلر هم يتحدثون الإنكليزية وامل سلمون كلر هم يتحدثون العربية. والواقع اأنه من ال صعوبة مبكان حتديد العالقة بني اللغة والدين يف فرتة تاريخية حمددة وعب جماعة واحدة فالعالقات تتغري من فرتة اإىل اأخرى وح سب طبيعة العالقات بني اجلماعات يف املجتمع الواحد. ويف ه ذا ال سياق تبدو درا س ة سبن سر سيغال حماولة من اأج ل فهم التعليم الكولونيايل يف فرتة احلماية الفرن سية للمغرب ) (. وتقدم درا سته وجهة نظر ميكن بو ساطتها تعرر ف ال صراعات امل ستمرة بخ صو ص شكل التعليم وحمتواه بعد ت أا سي س الدول امل ستقلة. التعليم ودولة ما بعد االستقالل اإن هذا املرياث وب شكل خا ص يف ارتباطه بالتعليم ال ستعماري قد أادى بدولة ما بعد ال ستقالل اإىل ا ستخدام التعليم ك آالية من اآليات ال ستخدام ال سيا سي والدعاية الأيديولوجية مل شروعاتها املنجزة وهي م س أالة أاثرت يف بنية التعليم يف ما بعد فقد فر ضت الدولة هيمنتها على امل ؤو س سات التعليمية كافة و ضمنها امل ؤو س سات الدينية التاريخية. وتك شف درا سة مليكة زغل عن الدور الكبري الذي لعبته دولة ما بعد ال ستقالل يف العامل العربي يف امل ؤو س سات التقليدية للتعليم العايل وذلك من خ الل دور ال سيا سات احلكومية يف ا ستهداف جامعة الزيتونة يف تون س ) ( وجامعة الأزهر يف م صر )1961(. اإ ضافة اإىل ذلك فالكاتبة ت ظهر دور دولة ما بعد ال ستقالل يف كل من تون س وم صر يف تعديل املقررات يف هاتني امل ؤو س ستني الدينيتني اإ ضافة اإىل ال سيطرة عليهما. وجاء ذلك من خالل تغيري التوجر هات ال سيا سية والأيديولوجية للمقررات التعليمية يف اجلامعتني فالهدف من تدخل الدولة متثل يف اإعادة ا ستخدام هذه امل ؤو س سات ب شكل يتواءم وين سجم مع اأيديولوجياتها. ومل تبتعد ال سلطة الفل سطينية عما قامت به دولة ما بعد ال ستقالل يف كل من م صر وتون س اإذ وقفت بريوقراطية وزارة التعليم الفل سطينية ضد حماولت الأكادميي الفل سطيني اإبراهيم أابولغد وجماعته الإ صالحية الرامية اإىل إايجاد تعليم فل سطيني راديكايل ي ؤو س س له وية مقاومة ت ساعد على م ساءلة ال سلطة وحتدر يها واإيجاد معرفة جديدة حقيقية من خالل مدخل قائم على امل شاركة ي ضع املكان والب شر يف احل سبان ولي س املقررات التعليمية فقط. وتعالج زينا زاخاريا يف درا ستها عن ال سيا سات اللغوية يف التعليم اللبناين اجلوانب ال سيا سية والأيديولوجية التي تلعب دورا يف الختيار بني ا ستخدام اللغات الأجنبية وا ستخدام اللغة العربية. وتقدم بيانات تفيد ب أانه بينما أادت ال صراعات ال سو سيو سيا سية الكبى اإىل الدفع نحو اللغات الأجنبية عب املدار س املختلفة فاإن هذه ال صراعات مل تلبث اأن اأنتجت معادل وطنيا يدفع نحو ا ستخدام اللغة العربية. فاملعطيات املتعلقة بالكمية والكيفية التي ح صلت عليها الباحثة من ال شباب يف املرحلة الثانوية ك شفت عن رغبتهم الناجمة من انتماءاتهم الدينية وب شكل خا ص يف ما بعد احل رب الأهلية يف تعلر م اللغة العربية والنطق بها. فال شباب البريوتي يتمف صل بقوة مع اللغة العربية ومع الأيديولوجيات التي توؤيد اللغات املتعددة اأي ضا. وهي ترى اأن تعلر م اللغتني الفرن سية والإنكليزية ي ساعد على التوا صل مع اجلماعات الأخرى واحل صول على تعليم جيد. اإ ضافة اإىل ذلك تبني درا ستها حماولة العتماد على اللغة العربية كلغة قومية من خالل جمع ال شباب حتت سياق لغة واحدة وبرغم ذلك فاإن حماولة تو سيع اللغة العربية من اأجل تدعيم التكامل الجتماعي لن تفيد شيئا ما دامت التفاوتات الجتماعية شائعة وما دامت التاأثريات الدينية م ستمرة يف خدمة القوى املختلفة. فاللغة مبفردها غري كافية لبناء جمتمع متما سك لكن ميكن حتقيق ذلك من خالل منظومة جمتمعية متكاملة تدعم التنمية والعدل الجتماعي. ويف خ ت ام ه ذا اجل زء ي ح اول ك ل م ن ك ول ن ب روك ولل دمي ريدج ي ان Colin Brock and Lala Demirdjian اأن ي سلر ط ال ضوء على التحديات التي تواجه دولة ما بعد ال ستقالل وحماولتها التوفيق بني احتياجاتها التعليمية املحلية والتكامل الإقليمي املتزايد اأو التداخل الدويل. وعلى الرر غم من تركيزهما على احلالة الفل سطينية واإمكانات التعليم املتاحة فاإنهما يحددان بع ض الت صور رات اخلا صة بال سيا سات التعليمية التي ميكن اأن تفيد ال دول العربية الأخ رى وعلى راأ سها ابتعاد»ال سيا سي«عن الهيمنة على املقرر رات التعليمية املختلفة. فمن الوا ضح اأن دولة ما بعد ال ستقالل قد اأف سدت التعليم بغلبة»ال سيا سي والأيديولوجي«على»املعريف والعلمي«وهي و ضعية انتهت بالعديد من امل ؤو س سات التعليمية يف العامل العربي اإىل اأو ضاع مزرية ل تتفق واملعايري العاملية. التعليم والتحديات ومجتمع المعرفة يهدف هذا الق سم إاىل تعرر ف جتارب الإ صالح التعليمي يف العامل العربي وت أاثري ذلك يف النواحي التنموية املختلفة من خالل بع ض التجارب الفعلية املطبر قة وعلى ر أا سها جتربة قطر يف تطوير التعليم من خالل العتماد على م ؤو س سة»راند«الأمريكية وتو صياتها لتطوير التعليم القطري. أاوىل درا س ات ه ذا اجل زء درا سة أان دري ه م ازاوي التي ي ستعني فيها ب اأدوات التحليل ال سو سيولوجي لتعرر ف»جمتمع املعرفة«العربي. ويربط بني هذا املجتمع ورغبة الدول العربية يف حتقيق»اقت صاد املعرفة«. فلم يعد يكفي احلديث فقط عن»جمتمع املعرفة«من دون تطبيقات فعلية تقود يف النهاية اإىل حتقيق منو اقت صادي حقيقي ينتقل من التنظري اإىل املمار سات املادية امللمو سة. ويرتبط»جمتمع املعرفة«لي س بالنواحي املعرفية والتكنولوجية فقط بل كذلك بتوزيع القوى ال سيا سية والقت صادية سواء على امل ستوى املحلي اأو الإقليمي اأو الكوين. ف»تقرير املعرفة العربي«يعتمد على نظرية التحديث واملفاهيم املرتبطة باملوؤ س سات الدولية وعلى راأ سها الأمم املتحدة وك أانه يقور م التعليم من واقع ارتباطه مبيزان القوى العاملية. وهذا يعني اأن التقرير متاأثر يف النهاية بالتوجهات يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

58 الغربية التي تم ليها املوؤ س سات الكونية الفاعلة ويف مقدمتها الأمم املتحدة. كما يوؤكد م ازاوي اأهمية فكر الرتباط ال سيا سي باملحتوى التعليمي والرتكيز على املهارات املعرفية وب شكل خا ص تلك التي تتفق مع املتطلبات الكونية. وتخل ص الدرا سة الثانية لدومينيك بريوير وت شارلز غولدمان عن التقرير الذي اأجرته موؤ س سة»ران د«حول تقومي التعليم ما قبل اجلامعي يف دولة قطر اإىل اأن من ال ضروري اأن يتحلر ى النظام التعليمي بال ستقاللية وامل س ؤوولية والتنوع والختيار وكذلك وجوب توافر موؤ س سات خا صة بتقومي التعليم وعلى ر أا سها املجل س الأعلى للتعليم اإ ضافة اإىل مراكز التقومي الأخرى التي يجب اأن تكون م ستقلة متاما عن وزارة التعليم. ومل يقف هذا اجلزء عند م ساألة تطوير التعليم قبل اجلامعي فقط بل يتناول م ساألة تطوير التعليم اجلامعي اأي ضا وب شكل خا ص بناء فروع جلامعات اأجنبية يف دول اخلليج املختلفة عب درا سة منري ب سر ور. ويو صي الكاتب ب ضرورة التو سع يف العالقات الأفقية التي تربط اجلامعات العربية بغريها من اجلامعات الغربية وع دم الكتفاء بالعالقات الر أا سية التي تربط بني اجلامعات الأم وفروعها يف دول املنطقة. الكتاب ي ضع القارئ من هذه الزاوية يف ماأزق فهو يتبنر ى توجها وطنيا يحاول التو صل اإىل اأ س س علمية قومية حقيقية من جهة ويدعو إاىل تبني املعايري العلمية الكونية من جهة ثانية. كما يدعو من ناحية اإىل ف سر ال شتباك بني»التعليمي«و»ال سيا سي«مبا يعني رفع يد الدولة عن التعليم ويرف ض من ناحية اأخرى املركزية الغربية عليه ويفنر د التعليم الكولونيايل ويك شف عن سوءاته. ومل ي جب الكتاب عن هذه التناق ضات الكامنة يف م سرية التعليم العربي بل تركها مفتوحة لالحتمالت والروؤى واملمار سات احلالية وامل ستقبلية كافة. * كاتب وباحث م صري حول المدخل النظري لتبني مفهوم وطني للتعليم راأى صاحب املراجعة اأن امل شاركني يف الكتاب حاولوا تقدمي مدخل نظري م ستقل. كما ر صد حرية بع ض الدرا سات يف تبنر ي مفهوم وطني للتعليم يرتبط اإىل حد ما بدولة ما بعد ال ستقالل. وهنا حواره املوجز مع حمرر الكتاب أا سامة وليد أابي مر شد ( أا ستاذ م ساعد يف ق سم التاريخ بجامعة جورج تاون حيث يدرر س التاريخني الو سيط واحلديث لل شرق الأو سط و شمال أافريقيا وغرب البحر املتو سط( حول هاتني املالحظتني وغريهما من النقاط ذات ال صلة: هل تعتقد اأن القائمني على الكتاب قد و فقوا يف الإتيان مبدخل نظري م ستقل عن خطاب املركزية الأوروبية يف حتليل التاريخ العربي جمموعة من هذه الطروحات قدر مها»ممار سو«الرتبية اأي الخت صا صيون املعنير ون بتحديد ال سيا سات الرتبوية يف العامل العربي كما متار س عب القنوات احلكومية اأو شبه احلكومية واملوؤ س سات الدولية مثل»يو إا س اإيد«والبنك الدويل وم ؤو س سة النقد الدولية وموؤ س سة»راند«. واأولئك املمار سون يعرر فون حتديث مناهج الرتبية العربية باإعادة اإنتاج اأو إاعادة التطبيق املطلق ملعايري تعدر دوليا اأو اإجمال صاحلة برغم أانها انبثقت من جتارب تاريخية معينة للمجتمعات الأوروبية الغربية اأو الأمريكية ال شمالية. بالن سبة إاليهم تقا س املح سر الت الرتبوية مبدى إا سهامها يف التحرر ال سيا سي والتطور القت صادي والرفاه املعنوي والتنوع الثقايف ملجتمعها. اأما اأ صحاب جمموعة الطروحات الثانية فهم اإما من»منظر ري«الرتبية و إاما اأفراد ميلكون ارتباطات اأكادميية وا سعة - سواء اجتماعية اأو تاريخية اأو علمية- باملناهج الرتبوية يف العامل العربي. وهوؤلء يعدر ون الأنظمة الرتبوية مدخال للمحافظة على الهوية القومية والرتاث الثقايف وال سيادة القت صادية. ولكنهم يخ شون يف ظل اخللل القائم بني منتجي الثقافة ال شمولية وم ستهلكيها اأن يوؤدي اإ صالح الأنظمة الرتبوية العربية وفق املقايي س»الدولية«اأو»العاملية«اإىل تهديد اخل صو صية املحلية ملجتمعاتهم واأن يبقيها على عالقة تبعية نيو-اإمبيالية اإ ضافة اإىل اإدامة هجرة الأدمغة العربية نحو الغرب ال صناعي. والكتاب يو ضح اأن كل مع سكر من املع سكرين دافع عن مفهومه املحدد للرتبية واحلداثة والكونية )ال شمولية( املختلف عن مفهوم املع سكر الآخر. األ تعتقد أان درا سات الكتاب كانت حائرة بني تبني مفهوم وطني للتعليم يرتبط اإىل حد ما بدولة ما بعد ال ستقالل وتبن ي اأطر تعليمية غربية مثلما احلال يف قطر ودول اخلليج الأخرى وهو ما اأف ضى يف النهاية اإىل عدم و ضوح الروؤية العامة للكتاب ب سبب التعار ض بني هيمنة الدولة على التعليم من جهة والرغبة يف حترير التعليم وربطه بالتوجهات الكونية ومبتطلبات جمتمع املعرفة من جهة اأخرى ميكن و صف بع ض امل سهمني ب»القوميني«لأنهم ي شكر كون يف منحى التوجه نحو الكونية والعوملة يف الرتبية. يف الواقع هم يوؤكدون فقط ا ستحالة اأن تكون الأنظمة الرتبوية حمايدة سيا سيا واأن طرق التعليم املحلية أاو التقليدية ترتبط ب صلة مع املواطنة احلديثة. وبرغم أانهم قد يكونون من حمبر ذي ات صالت دولية اأو سع فهم يتح سبون للمخاطر املت صلة بعملية»تغريب«الرتبية العربية إاذا ما ق ورنت بالختالل البنيوي يف العالقات الدولية. ويف هذا ال سياق تطلع م سهمون اآخرون اإىل جتاوز الفروق بني الغرب وال شرق اأو بني احلديث والتقليدي فعلى سبيل املثال يحاول اأندريه مازاوي الرتكيز على مراجعة املناهج الواجب اعتمادها لإيجاد»جمتمعات معرفة«تت ساوى يف املعرفة يف العامل العربي وتطويرها ما ميكن اأن ي شكل حال و سطا بني املفهومني املحلي والدويل ومتطلبات القت صاد املعومل واحتياجات الكيان القومي.»النسوي ة اإلسالمي ة الرافضة«.. حرية بال سقف الكتاب: خارج السرب.. النسوية اإلسالمية الرافضة وإغراءات الحرية الكاتب: فهمي جدعان عدد الصفحات: 280 الناشر: الشبكة العربية لألبحاث والنشر-بيروت الطبعة األولى فبراير/شباط 2010 يعرض الكاتب األسلوب المتعم ق الذي اتبعه مؤلف الكتاب فهمي جدعان لإلحاطة بكتابات»النسوي ة اإلسالمية الرافضة«التي ترعرعت خارج اإلطار الجغرافي للعالم اإلسالمي وأسباب استخدامها العنفين اللفظي والوجداني. ويبين تمايزها عن تيار نسوي إسالمي أكثر اعتداال. كما يطرح بضعة أسئلة للمؤلف الستكمال عرضه للكتاب. محمد خلفان الصوافي* من عنوان هذا الكتاب ميكن للقارئ أان ي صفه ب أانه»متفرر د«سواء لطبيعة املو ضوع اأو ملا يعر ضه من أافكار ما زال املجتمع الإ سالمي عامة والعربي خا صة يتحفر ظ عليها برغم أان النقا ش ب صددها قائم ويدور هم سا اأو جهرا. وقبل تقدمي قراءة له ينبغي أان نعرر ف املق صود ب»الن سوية الإ سالمية الراف ضة«ح سبما اأوردها امل ؤولف الدكتور فهمي جدعان أا ستاذ الفل سفة والفكر العربي والإ سالمي يف جامعة الكويت. فهو يعرر ف»الن سوير ة الإ سالمية الراف ضة«من خالل بحث طروحات أاربع من الن سوة امل سلمات الالئي ن س أان يف ف ضاء»الإ سالم املعومل«خارج بيئته املحلية حيث احلرية بال حدود ول سقف ول موانع ما أادى إاىل اأن ي سمح املجال لهن بالتعبري ب أاق صى ال شحنات النفعالية عن م س أالة املراأة امل سلمة وق ضاياها وحقوقها وهن»الراف ضات«حيث يربطن و ضع املر أاة امل رتدر ي يف العامل الإ سالمي اإجمال بالدين الإ سالمي ب صفته -من وجهة نظرهن- ال سبب واملعور ق واإ صالح و ضعهن مرتبط بتفكيك هذا الدين ونقده و إازاحته وحتريره. يحلل الباحث الظاهرة من واقع كتابات الن ساء الأربع ويقارنها مبا تراه أاخريات يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

59 يف املو ضوع نف سه وبالتايل يعلر ق على طريقة تناولهن لهذه املو ضوعات. واإذ يبدي راأيه يف بع ض املواقف احل سا سة وهو كثريا ما ي شري اإىل عدم اتفاقه متاما مع اأفكار الراف ضات رمبا نظرا اإىل ح سا سية املو ضوع اأو كون التناول غري مو ضوعي فهو ي سعى اإىل اإظهار املواقف ونقدها ويلفت النظر يف سياق التحليل اإىل ما ضي هوؤلء الن سوة الأربع وتاأثري البيئة الرتبوية واملجتمع يف ما يقدر من الآن من اأفكار يد ر عني اأنها اإ سالمية. ويتعر ض الباحث لأمينة ودود ب صفتها مثال للن سوة الراف ضة ولكنه ي صنفها بعد ذلك ضمن املجموعة املعتدلة مع فاطمة املرني سي ورفعت ح سن ومثيالتهما كما سياأتي لحقا. واأمينة ودود كانت قد اأثارت زوبعة عام 2004 عندما ن ص ر بت نف سها اإماما وتقدر مت لل صالة مبجموعة من امل صلني رجال ون ساء يف صفوف خمتلطة واإميانها ببع ض املمار سات مثل حقوق ال شذوذ. ومن خالل طرح املو ضوع يت ضح اأن جدعان مع فكرة مناق شة ق ضايا املراأة امل سلمة ولكن بطريقة عقالنية وعلمية. القرآن بين»الرفض«و»القراءة الذكورية«يدر س الباحث اأفكار الأرب ع»ن سويات«ب صفتهن حالت تطبيقية ملا يوؤمن به هوؤلء الن سوة: الهولندية من اأ صل صومايل اأيان حر سي علي والبنغالدي شية الأ صل»امل شردة«)غ ري امل ستقرة يف بلد بعينه( ت سليمة ن سرين والكندية الباك ستانية الأ صل اإر شاد منجي والأملانية الرتكية الأ صل جنال كيليك. هوؤلء الن ساء يحمر لن القراآن والدين الإ سالمي م سوؤولية اإ ساءة معاملة املراأة و إاهانتها والعن صرية ضد امل راأة دون اأن يف صلن بني الن سر الديني وتف سريه كما ل يبحثن يف تاأثري العادات والتقاليد الجتماعية التي جئن منها. فعلى سبيل املثال ل احل صر تقول حر سي علي بعد اأح داث سبتمب/اأيلول 11»توقفت على اعتبار اأن القراآن كتاب مقد س فاأ صبحت أارى فيه وثيقة تاريخية من عمل ب شر«وتورد ن صو صا م سيئة اإىل الر سول حممد عليه ال صالة وال سالم. أاما ت سليمة ن سرين فتقول يف تعليقها على الآية القراآنية )223( من سورة البقرة )ن سا ؤوكم حرث لكم ف أاتوا حرث كم اأن ر ى شئتم(:»لقد حور ل الدين الن ساء اإىل مرتبة العبيد واأنكر عليهن اإن سانيتهن فهن ل سن سوى اأ شياء ا ستهالكية«. وت شري جنالء كيليك يف نقدها ل إال سالم اإىل اأن: «أايا كانت الر سالة الإ سالمية جميلة فاإن الإ سالم ينطلق من مبداأ اأن الإن سانية ل تتكون اإل من الرجال اأما الن ساء فاإنهن سبب النحراف والف ساد«. ويحاول الباحث اأن يوازن بني هذه الثلة من الن سوة ال صاخبات واملنفعالت بقوة اإىل درجة»التطاول«اأحيانا وجمموعة اأخرى اأكرث اعتدال ممن يرى اأنهن اأكرث عقالنية من املجموعة الأوىل»الراف ضة«. وهوؤلء»املعتدلت«الالتي ا ستعان الباحث باأفكارهن يف الف صل الأول للكتاب هن أا سماء برل س ورفعت ح سن وفاطمة املرني سي وكذلك اأمينة ودود )تدعم حق امل سلم يف ال شذوذ اجلن سي وهنا هي اأقرب اإىل اإر شاد منجي(. فهن يعتقدن -كما يرى جدعان- اأن امل شكلة لي ست يف الدين بقدر ما هي يف التاأويالت والتف سريات لذا يطالنب باإعادة قراءة القراآن بطريقة خمتلفة عن القراءة الذكورية واإمنا بطريقة القراءة الن سوية له وينادين باإ صالح النظرة الإ سالمية للمراأة. أهمي ة الكتاب يبحث الكتاب يف»اأ سباب اخلروج ال صاخب ملجموعة من الن سوة الراف ضات يف مدينة الإ سالم الكونية مدينة الإ سالم املعومل«و»من ال سرب الإ سالمي اإىل حيز الإط الق واحلرية «. كما يبحث يف»علة هذا الغ ضب غري املقدر س«ال ذي»ي ستبد بهن ويدفعهن إاىل اجلنوح للعنف اللفظي والعنف الوجداين يف مقاربة املقد س الديني واجلن س الآخ ر«. حم اول فهم الأ سباب التي تقف وراء ذل ك. ويقول جدعان يف كتابه امل ؤولف من ستة ف صول اإن الكالم عن»الن سوية الإ سالمية«قد يبدو لعامة امل سلمني والإ سالميني اأحد اأ شكال التحدي وال ستفزاز اإل أان الن سوية الإ سالمية اأ صبحت اليوم واقعا م شاهدا وتبدو ظاهرة عادية يف الف ضاءات الغربية يف وقت اأ صبحت الن سوية الغربية نف سها تتجه نحو الت ضاوؤل. وتعرر ض الباحث للن سوة الراف ضات ل يرمي اإىل بث الدعاية لهوؤلء بل على العك س اإذ يت ضح اأن الكاتب ل مييل اإىل طريقتهن يف املقاربة لكونه باحثا اأكادمييا و إامنا يهدف اإىل فهم هذه احلركة اجلديدة على املجتمع الإ سالمي واإج راء تقومي نقدي لأفكارهن وك شف جوانب الق صور واخللل امل صاحبة لهن من صورة متحاملة ومتجنية على الإ سالم. أاهمير ة الكتاب اأنر»الن سوية«كاأطروحة فكرية متعلقة باملعطيات الإ سالمية والف ضاء الإ سالمي مل ت در س بدقة ومو ضوعية وتب سر ر يف الكتابات العربية اإل على نحو نادر كما يف هذا الكتاب الذي نحن ب صدده. فهو خال صة جهد لقي ترحيبا كبريا على ال ساحة الفكرية والثقافية وبالتايل ي توقع اأن ي شرع الباب وا سعا اأمام طروحات جديدة. ويف مقابل التجاهلني العربي والإ سالمي لهذه الظاهرة اجلديدة فاإن املجتمع الغربي ن شط فكريا يف تناولها. العالقة بين الحرية والرفض ي ستخدم جدعان يف مقاربته لأفكار ه وؤلء»الن سويات الراف ضات«املنهج النقدي املقارن والتمييز بني»العقل املعريف«و»العقل النفعايل«فيذهب اإىل اأن الإفراط النفعايل كما جاء يف اأعمالهن قد بلغ عندهن على وجه العموم مد ى بعيدا واأن ف ضاء احلرية الف سيح الذي توافر لهذه املجموعة من الن سوة وجر ه اإىل اأن يت شكر لن يف بنية الرف ض احلاد ويتطاولن بدورهن على كل ما أال ف العقل املعريف أان يقف عنده موقف التفكر وحماولة الفهم والتقومي املو ضوعي احلكيم والأخ الق ي. ويعود العقل النفعايل اأو الوجداين امل اأزوم عند هوؤلء الن سوة إاىل تربيتهن يف جمتمعات تتبع النظام الأبوي بح سا سية مفرطة ما اأدى اإىل الحتجاج على اأحكام الدين املتداولة يف حق الن ساء. وهذا بدوره اأدى اإىل الغ ضب الذي تفجر يف»عنف لفظي«غري عادي خا صة عند حر سي علي حتى اإن الأوروبيني أانف سهم قد لحظوا هذا ال صراخ وهذه احل سا سية يف طرح اأفكارها ورف ضها أاي نقد. لذا فاإن امل ساألة لدى الن ساء الأرب ع مل تكن م ساألة»اإ صالح الإ سالم«باإعادة قراءته اأو تاأويله و إامنا باإق صائه وا ستبدال قيم»التنوير«به. وعلى هذا الأ سا س يرى جدعان اأن ن سويات الرف ض اأغفلن اإغفال جليا الأ سا س»العلمي«اخلال ص يف س أان ما ا ستح ضرنه من اأ شكال الفتئات والظلم والتفاوت والتمييز يف حق الن ساء اإذ حم ر لن اهلل والنبي - صلى اهلل عليه و سلم- والقراآن امل سوؤولية يف حني أان املجتمع يف العامل الإ سالمي هو الذي يتحمل هذه املظامل. ولذا كان ينبغي لهن بذل جهد علمي من اأجل و ضع الأمور يف ن صابها ومن اأجل اأن يكون»النقد العلمي«ل الهجاء والقدح والذم وال سبر هو الأ سلوب واملنهج. ويف هذا ال سياق يبدو ما جاء يف»خارج ال سرب«مقنعا لأن ال ضجيج عادة ما ي ستقطب العامة ويثري م شاعرهم ولكنه ل يقنع الباحثني اجلادين. تأثير البيئة في الرافضات يك شف الكتاب ب شكل عام الآراء ال سديدة والباطلة ملدعيات الإ صالح ويوؤ شر اإىل شططهن وعنفهن الفكري النابع من صدمات طفولتهن ما ي شكك يف كفايتهن العلمية خلو ض ق ضية الإ صالح الديني التي يدعينها بينما ينخدع بطروحاتهن ح شد من املبهورين واملبهورات ب أافكارهن العنيفة التي تدين منظومة الثقافة الإ سالمية بطريقة إارهابية متاثل أا ساليب الإرهابيني أانف سهم يف إالغاء املختلف. ويرى الباحث أان توافر احلرية يف الف ضاءات الغربية هو ما أاتاح لهذه املجموعة من الن سوة اأن يعبر ن بحرية أاعظم عن آاراء ومذاهب مل يكن يف قدرتهن التعبري عنها يف جمتمعاتهن بل يذهب اأحيانا اأخرى إاىل الإ شارة إاىل أان هذا النقد اأقرب اإىل اأن يكون قربانا للتقرر ب من املجتمعات التي يع شن فيها باعتبار أان الإح سا س بالدونية يدفعهن إاىل أان يقدمن ما يجعلهن جزءا من املجتمع نف سه. ورمبا يكون يف هذا التحليل جزء من احلقيقة والواقع. امل خرج الذي يدعو اإليه جدعان كما قال يف لقاء تلفزيوين مع قناة»اجلزيرةهو ت شغيل العقل املعريف ملقاربة هذه احلركة الراف ضة والقيام مبراجعة ت أاويلية ل»جمموع الفقه الن سائي«بق صد ت صويب و ضع املراأة امل سلمة اخلا ضع ملن )يتعللون بظاهر الن ص وتقليد ال سلف(«. * مدير إادارة الن شر العلمي يف مركز الإمارات للدرا سات والبحوث ال سرتاتيجية من باب ا ستكمال»ال صورة الكاملة«للكتاب فقد طرح صاحب املقال ب ضعة اأ سئلة على املوؤلف: إاذا ا ستثنينا اأيان حر سي علي فاإن الراف ضات جميعهن غري عربيات فهل يعني ذلك أانه ل توجد بيننا راف ضات بالطريقة التي تطرحها هوؤلء الن سوة الأربع من امل ؤوكد أان بيننا راف ضات بالطريقة التي تطرحها الن سوة الأربع. لكن»ال ضبط الجتماعي«و»املراقبة«الدينية وال سيا سية والقانونية وحدود احلرية يف املجتمعات العربية والإ سالمية ل ت سمح حتى الآن بتطوير وبلورة اأعمال فكرية ن سوية عربية تذهب مذهب هوؤلء الن سوة الالئي ي سمح لهن جمال احلرية يف العامل الغربي بالتعبري على النحو الذي سرن عليه من النقد العنيف القا سي للمقد س الديني وللثقافة الأبوية ال سائدة. األ ترى أان الكتر اب واملفكرين واملبدعني العرب الذين جنحوا إاىل مواقف خالفية اأو م ضادة للفهم التباعي وال سلفي اأو خاطروا با ستخدام بع ض العبارات امل سيئة إاىل املقد س الديني أاو قدموا اجتهادات مباينة ملا ا ستقر عند امل سلمني املحافظني قد تعر ضوا ل أالذى وال ضطهاد أاو للفتاوى احلدية الق صوى أاو لإعمال قانون»احل سبة«عليهم والتفريق بينهم وبني أازواجهم اأو نبذهم خارج الف ضاء الوطني احلقيقة أان ف ضاءاتنا العربية ما زالت ع صية على قبول مبد أا حق الختالف والعرتاف بالآخر واأن م ساحة احلرية ت ضيق حني يتعلق الأمر باملقد س الديني على وجه اخل صو ص. يف اعتقادك ملاذا مل يتطرق اأحد قبلك إاىل معاجلة هذه الظاهرة برغم أان اخلالف على ق ضايا املر أاة قدمي قدم احل ضارة الإ سالمية المسألة متعددة األسباب والدواعي: فاأول يتعلق الأمر مبدى توافر املعرفة وال ستق صاء لدى الباحثني اأعني مدى كفايتهم يف متابعة الق ضايا والأعمال امل ستجدة يف مظانها و شروطها أاي مبدى الطالع على الأعمال اجلديدة التي ت صدر بلغات غري اللغة العربية ويف الأماكن التي تخرج هذه الأعمال وتنت شر فيها. وعلى سبيل املثال يف ما يتعلق بالن سويات الراف ضات ما كان يل أان أادرك اأو اأطلع على اأعمالهن لول تقلبي يف مكتبات باري س ومونرتيال ومتابعتي ملا ي صدر يف عدد من اللغات الأوروبية احلديثة إاذ لي س ثمة أاي كتاب من كتبهن قد و ضع باللغة العربية أاو نقل اإليها. وثانيا يعلم الذين يتابعون أاعمايل العلمية والفكرية أانني اأذهب دوما إاىل املناطق غري املرتادة من البحث واأن هاج سي الأ سا سي هو دوما اإجناز أاعمال مبتكرة اأ صيلة ل أان أاهدر وقتي يف امل أالوف وال سائد من القول على سبيل الإعادة والتكرار وعدم اإ ضافة شيء جديد. يف جميع اأعمايل خا صة يف كتبي: «أا س س التقدم عند مفكري الإ سالم يف العامل العربي احلديث«و»الطريق إاىل امل ستقبل«و»يف اخلال ص النهائي«و»خارج ال سرب«اأزعم أانني أاعالج ق ضايا وطروحات اأ صيلة مبتكرة. اأعمايل تغلب عليها ال سمة النوعية ل الكمية لكن ما اأجنز منها قد تطلر ب مني جهودا عظيمة واأزمنة متطاولة وق صودا صريحة يف مطالب الك شف والتجديد والتنوير. وثالثا هذه الظاهرة دقيقة ح سا سة خطرة والقرتاب منها ومقاربتها يتطلبان شجاعة غري عادية. ونظرا اإىل خطورتها الق صوى وموقعها يف م شكل الإ سالم احلديث قدر رت أان علي -بل من واجبي- أان أاقدم على طرق هذا املو ضوع واإثارته بقوة. هل جاء ا ستخدام املنهج النقدي املقارن بهدف البتعاد عن املواجهة مع الراف ضني لأفكار النماذج الأربعة ل بكل ت أاكيد. أانا مل أاختبئ خلف»الن سويات التاأويليات«لجتناب املواجهة مع»الإ سالميني التباعيني«اأو»ال سلفيني الظاهريني«اأو»الوهابيني احل ر فيني«ونظرائهم. لقد و ضعني ا ستق صائي للبحث قبالة منظورات عدر ة للم ساألة»اجلندرية«: املنظور ال سلفي الظاهري وقريب منه مع قدر من الجتهاد»املنظور الإ صالحي«ويقابله املنظور الن سوي الراف ض الذي ي شخ ص كنقي ض مطلق له واأخريا املنظور الن سوي التاأويلي. ووفقا ملا جريت على الأخذ به يف جممل أاعمايل مما أا سميته مرارا»العقالنية النقدية امل شخ صة«راأيت باقتناع تام اأن قدر الإ سالم يف زمننا احلايل ويف الزمن املنظور ويف امل س أالة اجلندرية يكمن يف تبني»الن سوية التاأويلية«. وقد كنت صريحا متاما يف التعبري عن هذا اخليار ويف ت أاكيد القول إانه اخليار ال سديد من أاجل اجتناب صيغ الإ سالم»الطاردة«واإعادة ت شكيل ال صورة»اجلاذبة«لإ سالم ذي سمات عقالنية واقعية إان سانية تنويرية عادلة ل يف م س أالة املر أاة فقط بل يف جميع امل سائل»املت شابهة«واجلوهرية التي يطرحها علينا زمن العوملة والزمن الآتي اأي ضا. يوليو/ أغسطس العدد يوليو/ أغسطس العدد 06

60 شهادة كانت رايس كمن يتذو ق الطعام قبل الرئيس حافظ الميرازي* مل اأجر معه اأي مقابلة كرئي س للواليات املتحدة االأمريكية برغم كرثة مقابالت جورج بو ش االبن خالل فرتت ي رئا سته مع إاعالميني عرب وبرغم كرثة مقابالتي مع وزرائه وم ست شاريه. لكن اإحدى اأكرث املقابالت التي اأذكرها -لي س الأهميتها- كانت معه شخ صيا ومل يكن وقتها يف من صب سيا سي. وكنت اأعمل وقتها يف االإذاعة ال التلفزيون. كان اللقاء يف صيف عام 1988 يف مدينة نيو أاورلينز. كنت مذيعا يف الق سم العربي الإذاعة» صوت أامريكا«يف وا شنطن وكنت اأغطي حملة انتخابات الرئا سة ا أالمريكية بني املر شح عن احلزب الدميقراطي مايكل دوكاكي س ومر شح احلزب اجلمهوري جورج بو ش )ا أالب(. جاء بو ش االبن إاىل املوؤمتر ضمن جوالته للدعاية لوالده مع رجال االأعمال وغريهم. كان قد جر ب ال سيا سة يف صدر شبابه ور شح نف سه مرة يف واليته تك سا س لع ضوية جمل س النواب لكنه م ني بخ سارة م ر ة اأمام مناف سه ومل يح صل على أاكرث من %6 من االأ صوات. غري أان ه عاد يف عام 1988 اإىل االقرتاب من ال سيا سة الداخلية وانخرط يف حملة والده. ويف حفل لرجال ا أالعمال العرب االأمريكيني ونا شطني من احلزب اجلمهوري اأبرزهم جون سنونو )االأب( وهو من اأ صل فل سطيني وكان حاكما لوالية نيوهام شر وتولى إادارة حملة بو ش االأب االنتخابية التي بفوزه فيها اأ صبح سنونو رئي س هيئة موظفي البيت االأبي ض طلبت من سنونو مقابلة إاذاعية فف ضل اأن يقد م يل الرجل الذي اأح ضره ب صحبته ليقدمه اإىل العرب ا أالمريكيني وهو جورج االبن. انتحيت جانبا معه كانت اأ سئلتي كل ها ل سذاجتي عن العالقات العربية-االأمريكية وال سيا سة الدولية. وجاءت اإجابات ضيفي عن كل س ؤوال بعد صمت وترد د ثم بثقة بادئة كالتايل:»بابا سيعمل على اإحالل ا أالمن يف اخلليج«ثم»بابا سيعمل على إاحالل ال سالم يف ال شرق االأو سط«وهكذا. ال اأذكر هل بلغ طول املقابلة وقتها ع شر دقائق أاو خم س دقائق فقد مرت علينا دهرا. عاد إاىل م ضيفيه يف احلفل وعدت إاىل املركز ال صحفي الإعداد تقرير اإذاعي ومقابلة مهمة كنت قد وعدتهم يف وا شنطن ب أانني ساأح صل عليها يف احلفل. اأر سلت تقريرا من ثالث دقائق به نحو أاربعني ثانية فقط ملقطع صوتي البن املر شح للرئا سة عن لقائه العرب االأمريكيني ومل اأر سل املقابلة نف سها حتى االآن! مرتان بعدها كنت على و شك اإج راء مقابلة معه كرئي س. االأوىل بعد أاح داث سبتمرب/اأيلول 11 واإب ان حرب اأفغان ستان عام وقتها بد أا التن سيق ا أالمريكي-الربيطاين اإعالميا المت صا ص غ ضب ال شارعني العربي وامل سلم جتاه احلرب ويبدو اأن كل من بو ش وتوين بلري اتفق على اإج راء مقابلة مع اجلزيرة. بادر بلري مبقابلته يف لندن مع الزميل سامي حداد. يف وا شنطن علمنا من زمالئنا يف قناة» سي اإن اإن«باأن الرئي س بو ش سيعطينا مقابلة»غدا «وكانوا ي ستف سرون عنها مت صو رين علمنا بها. ومل مت ض ساعة حتى ات صل البيت االأبي ض ي ساأل إان كنا طلبنا من قبل مقابلة مع الرئي س فاأجبنا اأننا قدمنا طلبا كغرينا منذ أان توىل احلكم قالوا أار سلوه ثانية بالفاك س»االآن«! اعتربنا املقابلة م ضمونة. لكن بعد أان بثت اجلزيرة مقابلتها ال ساخنة مع بلري مل متر ساعات حتى جاءنا ات صال من البيت االأبي ض يوؤكد أانه حد د لنا موعد ظهر اليوم التايل يف مقابلة ولكن مع م ست شارة الرئي س ل أالمن القومي كوندليزا راي س من دون اأي اإ شارة اإىل مقابلة الرئي س! بدا وا ضحا اأن أا سئلة لقاء بلري كانت أا سخن مما يتحمله بو ش واعتربت مقابلة راي س»بروفة«للت أاكد من رقتي وح سن سلوكي يف ا أال سئلة. حاولت اأن اأكون ودودا وا ستخباريا فقط يف اأ سئلتي ب صفتها متهيدية للمقابلة التي اأريدها. لكن هذا مل يحدث بل اكتفوا باإغراقنا مبقابالت تالية مع رجال الرئي س كوزير دفاعه دونالد رام سفيلد وخارجيته كولني باول وغريهما. الحت فر صة ثانية و أاخرية ومن دون أان ندري بها ملقابلة الرئي س وذلك عندما انقلب االإعالم االأمريكي )قبل العربي( على إادارة بو ش بعدما ك شف عن صور اجلنود االأمريكيني وانتهاكاتهم يف سجن»اأبوغريب«يف العراق. جاءت مكاملة من البيت االأبي ض تدعو اجلزيرة اإىل مقابلة»بعد ساعات«مع م ست شارة الرئي س واأنها ستكون موجزة و ضمن لقاءات متعاقبة بكامريات «أاحدكم«نف سها مع العربية واحلياة/ إال بي سي. كنت مدركا وكان هذا اللقاء الرابع مع راي س مبا يف ذلك ح ضورها إاىل ا ستوديو برناجمي على الهواء من قبل اأن عهد املقابالت التمهيدية لطماأنة روع الرئي س قد ولى وبالتايل مل اأ ض ع فر صة ا أال سئلة املتعاقبة لها يف ال صميم عما إاذا كان أا سفهم والتحقيق الذي طلبوه جاءا بعد معرفتهم االنتهاكات قبل شهور أام ا آالن فقط بعد ك شفها إاعالميا انتحيت جانبا بعد مقابلتي وتالين زميلي من»العربية«الذي كان رقيقا يف مقابلته ا أالوىل معها ثم بعدنا زميلنا من»احلياة«الذي ركز على لبنان و سوريا. مل نكد جنمع كامرياتنا للمغادرة جميعا و إاذ بامل ست شار ال صحفي لل سيدة راي س الذي كان يدو ن مالحظاته خالل املقابالت وبعد اأن حتدث هم سا معها بعد اللقاء اأ شار إاىل زميلنا من»العربية«جانبا ليطلب منه احل ضور»غدا «إالجراء مقابلة مع الرئي س بو ش. من غري املعتاد اإذا كان الرئي س سيتحدث يف اليوم التايل للقناة نف سها أان يتحدث م ست شارون أاو وزراء دونه قبله اأو بعده بيومني. فهل كان اللقاء اختبارا الأي نا أاكرث رقة فكانت راي س اأ شبه مبن كانوا يتذوقون طعام امللك قبل تناوله حماية له من اأي سم وهل كان مطلوبا أان أاكون ودودا مع م ست شارة الرئي س و شر سا معه رمبا االأف ضل اأن تكون مهنيا باأ سلوب ودود و أا سئلة شر سة بغ ض النظر عمن تقابله فقد ال تكون هناك فر صة اأخرى! *مقدم برنامج ا ستوديو القاهرة يف قناة العربية مدير مركز أادهم لل صحافة التلفزيونية يف اجلامعة االأمريكية يف القاهرة 126 يوليو/ أغسطس العدد 06